الخروف الأسود

كمال عبيد

2021-11-08 08:26

يبدو انني سأبدأ من النهاية!، الانسان في القرن الواحد والعشرين انسان قلق، فما يعيشه من تراكم الازمات وتفاقم الصراعات على المستويات المختلفة، سواءً أكانت سياسية، اقتصادية، ثقافية، دينية، جعلت عصرنا الحالي في دوامة من الفوضى الكبرى، نتيجة لأهداف الهيمنة ذات المصالح البراغماتية، فضلا عن الحروب الناعمة والعولمة والحداثة متعددة المقاصد، جل هذه الامور تجسدت في أحداث القرن المعاصر، لتفرز إنسانا معاصرا لكنه أكثر قلقا بشأن مشاكله ومستقبل أبنائه.

المتفق عليه

خلق الانسان بطبيعته الجدلية شديد الميول للصراع، هذا الامر ينتج الاختلاف في الرؤى والتوجهات منها ما يكون بمقصد الخير، والوجه الاخر بمقصد الشر؛ هذا النوع الأخير ينتهج أساليب عديدة لتعميم الشر على الخير، وهنا يعمل بمنطق الغاية تبرر الوسيلة، أي انه يعمد الى تسقيط الاخر بكل الوسائل وخاصة غير المشروعة منها كالتضليل والشائعة والتشويه الفكري والحرب النفسية بأساليبها كافة.

ولأن للقدوة أثرا كبيرا في التغيير القيمي للأفراد والمجتمع، كما للمقدس تأثيرا معنويا وايجابيا عليه، تقوم الجهات المنحرفة بمحاربة القدوة وانتهاك المقدس عبر تسقطيها اجتماعيا ودينيا، كما حصل مع قضية حرق القرآن الكريم في السويد مؤخرا، وبحسب المتخصصين بالحرب النفسية، يستخدم القائمون بالدعاية من أجل إصابة هدفه، أساليب الدعاية بما يراها أحسن وأسرع الطرق إلى تحقيق التأثير المطلوب على سلوك الفرد واستجابته، وقد تكون هذه الأساليب في حدّ ذاتها فاسدة أو طيّبة، وقد يكون الغرض منها شرًا أو إصلاحًا.

اما الأساليب المتبعة من قبل الجهات التي تسعى الى تسقيط القدوة والمقدس فهي تهدف للتشويه والتضليل وتضمر اهدافا خفية لها انعكاسات غاية في الخطورة تصل الى حد تهديد السلم الاجتماعي وتشويه سمعة الاسر والنساء والرجال، وقد تؤدي الى القتل.

لذلك لابد أن يكون الانسان حريصا على ان يصون ويحفظ نفسه واسراره وسمعته حتى لا يسمح للآخرين ان يتصيدون زلاته وعثراته ولا يعطي ذريعة للآخرين؛ ان يتصيدوا هذه الزلات والعثرات وينشرونها بين الاخرين، وهذا الامر متفق عليه من قبل الكثيرين.

المختلف عليه

اما المختلف عليه فهو، من يثير الفتن؟ ويهدف الى التسيقط والتدمير في المجتمع، حتماً انه (كالخروف الأسود)! وهو مصطلح يستخدم لوصف عضو غريب أو سيئ السمعة في مجموعة ما، لذا لمواجهة عبثية "الخروف الأسود" الساعي للتسقيط عبر الحرب النفسية المضللة والتخريب الفكري والقيمي، الذي يمكن ان يضعه الطرف المقابل هدفاً لحربه النفسية، وهذا التحدي الاكبر الذي يواجهه الكثير من المسلمين في مختلف دول العام، لذا يمكننا كمسلمين اتباع خطوات عديدة تبدأ اولاً بتحديد المشكلات ومن ثم قياس شدتها واتجاهاتها ووصف الأدوات المستخدمة لتنفيذها عن طريق الرصد والتحليل والمتابعة وكالاتي:

* ان يركز القادة جهدهم لمساعدة لدفع المجتمع، لأن يخطو نحو التقدم بخطوات سريعة تنسجم مع التطور الحضاري.

* ان تسعى المؤسسات والمراجع الدينية لتقديم الإسلام بروحه الاصيلة، بكونه ديناً للود والتسامح والتعاون.

* تخصيص جهد أكبر في مجال نشر الوعي خارج المنطقة العربية والإسلامية لتحسين صورة المسلمين في البلدان غير المسلمة.

* على البعض المقتدرين من المسلمين، تغيير أساليب دعمهم المالي اخذين بنظرة الاعتبار معالم العصر الحالي، وذلك بتخصيص قدر من تبرعاتهم لنشر الوعي الإسلامي وتعميم الصورة الحقيقية عن المسلمين.

* ان يخصص جهد أكثر في وسائل الاعلام والتربية المحلي لتعزيز القيم والمعايير والتقاليد العربية والإسلامية التي تساعد على تحصين الانسان المسلم في المنطقة من تأثيرات المد الأجنبي غير الملائم.

* ان تتخلص المجتمعات الإسلامية وقادتها من موضوع التعامل على الأساس الفعل ورد الفعل مع الاحداث والتوجهات المقابلة وفي مجال الحرب النفسية التي تتفوق به الدول الكبرى على سبيل المثال لا يبغي التعامل على أساس المنع والتحريم المباشر وبدلاً عنه ينبغي التركيز على البناء النفسي القوي لإفراد المجتمع.

خلاصة الخلاصات، علينا التأكيد ان التسقيط أسلوب غير خلاقي وغير حضاري يهدف الى تشويه الاخر ويتم عبر اساليب الحرب النفسية التي باتت سلاحاً فعالاً تلجأ اليه او تمارسه العديد من الدول والجهات التي تهدف الهيمنة في وقتنا الراهن، بغية التأثير على المجتمعات المستهدفة صديقة كانت أم عدوة باتجاه إيجاد تقبل للأفكار وتكوين قناعات تؤمن مصالحها، فما نحتاج اليه تأسيس بدايات ناجحة حتى نصل الى نهايات ناجحة.

 

 

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي