لنحتضن صحافة العائلة بدفء المعرفة والتوجيه

علي الطالقاني

2024-03-02 06:25

يجمع علماء الإعلام والاتصال على أن تحولاً هائلاً يحدث في توجهات الإعلام والاتصال وعلى مختلف المستويات، بل أصبحت الوسائط الرقمية الجديدة جزءا من الحياة في المدن والقرى والأرياف، وتتحكم بتفاعلات الناس، وسرعان ما أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي التي تطورت كفرع من الوسائط الرقمية الجديدة الى مصدر كبير ومؤثر في التواصل مما أثار ذلك جدلاً حول تأثير وسائل الإعلام الجديد على الأنشطة والعلاقات الاجتماعية، وعلى القيم والمواقف وأنماط السلوك الاجتماعي في السياق الأسري.

في العصر الرقمي، تطورت الصحافة وتوسعت لتشمل مجالات متنوعة بحيث تلبي اهتمامات فئات مختلفة من الناس، أحد هذه المجالات هي صحافة العائلة، فمع انتشار وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت المعلومات مصدرا للقلق وتشعرنا بالحاجة إلى موثوقية هذه المعلومات والوقاية من التضليل الإعلامي، الأخبار الكاذبة، والتزييف العميق، وغسيل العقول، وغير ذلك من المخاطر.

مجتمع رقمي معقد

في عالم اليوم المشبع بوسائل الاتصال والإعلام، تنشط العائلات بشكل كبير في المساحات الرقمية، وبالنظر للثقافات الأسرية المختلفة في تلقيها للمعلومات، أصبح الآباء يتخوفون من حجم وقوة تعرض أفراد العائلة للمضمون سواء من ألعاب الفيديو، وتلفزيون الإنترنت، والمقاطع المصورة، وغير ذلك من محتوى قد يؤدي إلى التواصل السيئ وإخضاع العائلة لتأثيرات غير أخلاقية..

على سبيل المثال، أظهرت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد في ولاية كالفورنيا "هناك صعوبة في التمييز بين المحتوى الحقيقي عن غيره، وكذلك صعوبة تحديد معرفة التحيز الذي تحمله المعلومات."

ووجدت دراسة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في جامعة بمدينة كامبريدج حول انتشار المعلومات الكاذبة على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، فإن القصص الإخبارية المزيفة كانت يعاد نشرها بنسبة 70٪ مقارنة بالقصص الإخبارية الحقيقية.

وفي تعليق على ذلك يقول بوبي آيزنستوك، أستاذ الصحافة في جامعة نورثريدج بولاية كاليفورنيا "إن المعرفة الإعلامية هي مهارة حياتية أساسية وربما أصبح الأمر أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى لأننا نعيش في مثل هذا المجتمع الرقمي المعقد، فإن تكنولوجيا الوسائط تعمل على إعادة تشكيل الطريقة التي نتعلم بها، ونلعب، ونتفاعل، ونتواصل، وكيف ننخرط في الحياة اليومية."

وفي دراسة أجرتها جامعة كولومبيا عام 2017، تلقى أولياء الأمور في المدارس المتوسطة والثانوية رسائل أسبوعية حول درجات أطفالهم وغياباتهم والواجبات التي لم يتم تفويتها، مما أدى إلى زيادة بنسبة 18% في حضور الطلاب وانخفاض بنسبة 39% في حالات الفشل في المقررات الدراسية.

ووجدت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد عام 2014 أنه عندما تم إرسال رسائل نصية أسبوعية إلى آباء أطفال مرحلة ما قبل المدرسة تحتوي على نصائح لمحو الأمية يمكنهم ممارستها في المنزل مع أطفالهم، كانوا أكثر قدرة للقيام بذلك بنسبة 13%. كما تواصل الآباء أيضا بشكل أكبر مع معلمي أطفالهم، مما أدى إلى ارتفاع درجات القراءة والكتابة للطلاب.

الرقمنة بالأقوال

ومن خلال رصدنا الخاص لمجموعة أقوال لآباء وأمهات يتحدثون عن العالم الرقمي ومواجهة تحدياته نستعرض جملة من هذه الأقوال:

  1. الآباء والأمهات لا يعرفون كيفية التعامل مع التكنولوجيا بشكل جيد. (رجل 43 سنة)
  2. تعلم الأطفال التكنولوجيا بشكل سريع وليس بالتدريج. (رجل 49 سنة)
  3. غيرت وسائل التواصل الاجتماعي وبرامج تلفزيون وألعاب الفيديو مجتمعنا. (امرأة 49 سنة)
  4. يجب على الآباء استخدام الرقابة على التكنولوجيا. (امرأة 37 سنة)
  5. قبل 20 عاما، كانت العائلات تعيش بوقت كافي مع الأبوين، أما الآن فغالبا ما نجد أحدهم متواجد وقريب من العائلة بسبب الانشغال بالعمل. (امرأة، 31 سنة)
  6. لقد تطورت التكنولوجيا بحيث يمكن للأبوين معرفة الكثير من المعلومات. (رجل 34 سنة)
  7. تتوفر العديد من الموارد الثقافية والعلمية للآباء والأمهات مثل الكتب والمقالات، والخدمات النفسية. (رجل 35 سنة)
  8. المعلومات المتاحة مهمة لتثقيف أنفسنا. (امرأة 24 سنة)

خارطة طريق

تأتي أهمية الثقافة الإعلامية كعامل معرفة يساعد الآباء على كيفية التعامل مع وسائل الإعلام المختلفة وتمكينهم في النهوض بالثقافة والتعليم، فإن زيادة المستوى التعليمي لدى أولياء الأمور يؤدي إلى زيادة قدرتهم على التوجيه الصحيح.

أحد الجوانب الرئيسية لصحافة العائلة الاستفادة من رؤى الخبراء بما يعزز بناء ثقافة المعلومات بالاشتراك مع الجهات الفاعلة المتخصصة بشكل يبني أساسا لمواطنة رقمية قوية قائمة على العلم، فإن التمكين المعرفي هو أفضل طريقة لمحاربة المعلومات المضللة وخريطة طريق لمستقبل التثقيف.

تسمح الصحافة العائلية بتأثير إيجابي على حياة الآباء والمربين، من خلال الاستفادة من المعلومات الدقيقة والمهنية المتوافرة عبر المواقع المتخصصة، لذا نشير الى أهمية الصحافة العائلية التي يمكن أن تأخذ دورها عبر إتقان ومعرفة الخطوات أدناه:

  1. تعد الصحافة العائلية ذات اهتمام بالغ في عصر العلوم والتكنولوجيا والمعرفة.
  2. يسمح هذا النوع من الصحافة بإحداث تأثير إيجابي على حياة العائلات من خلال توفير معلومات دقيقة وتجارب ومعالجات.
  3. التعاون على حل الأزمات، واكتساب المعرفة، قد يخلق شعورا بالانتماء للمجتمع وخدمة للإنسان.
  4. هناك العديد من الفرص مثل الكتابة، والتدوين، والبث الصوتي وبقية الخدمات التي يمكن تعلم مبادئها على أقل تقدير من خلال التعليم والتدريب على الإنترنت وعبر المعاهد المتخصصة.
  5. تدريب الآباء في مجال التربية الإعلامية والمعلوماتية.
  6. عمل تطبيقات على الإنترنت تقدم تعليم محو الأمية الإعلامية مع مراعاة أي نوع من المدربين سيقومون بتقديم هذه الخدمة.
  7. تهيئة دليل للآباء، والذي يتكون من مواد داعمة سواء كانت مطبوعة أو عبر الإنترنت..
  8. تشجيع الاستخدام المسؤول، وفهم البيئة الرقمية، والاستفادة من الفرص التي توفرها التكنولوجيا ووسائل الاتصال.

خاتمة

في هذه المقالة، حاولنا أن نقدم الجوانب والموارد الثقافية التي تتوافر عبر المواقع المتخصصة وشبكات التواصل الاجتماعي التي تستضيف مجموعة كبيرة من التجارب الإنسانية، لكن الأهم من ذلك الانتباه لاستخدامات التكنولوجيا والاتصال، والحذر من الوقوع بمصيدة أصحاب النفوس الضعيفة الذين يستغلون مواطن الضعف.

نحن بحاجة إلى أن نكون مثقفين رقميا قدر الإمكان من أجل حمايتنا وتمكيننا من تغيير العالم في هذا العصر الرقمي المعقد. باعتبارنا آباء، من المهم أن نتذكر أننا يجب أن نكون قدوة لمجتمعاتنا وعائلاتنا.

* كاتب صحفي عراقي

ذات صلة

عدل اللّه تعالىدور مهارات إدارة الأموال في التنمية المستدامةهل نجحت الولايات المتحدة الأميركية في كبح التصعيد بين إيران وإسرائيل؟الحاجة الماسة للوعي المروريصمتُ الباطن بوصفه ثمرةً لصمت اللسان