هل اقتربت ساعة رحيل الغنّوشي؟

تتصاعد الدعوات لعقد مؤتمر النّهضة الحاسم

المونيتور

2020-01-02 04:30

بقلم: آمال الهلالي

بدأت أصوات من داخل "حركة النهضة" تنادي بضرورة الإسراع في التحضير لعقد مؤتمر الحركة الحاسم لانتخاب زعيم جديد لخلافة راشد الغنّوشي، بالتزامن مع قرب انتهاء عهدته القانونيّة، معتبرة أنّ الرجل بعد انتخابه رئيساً للبرلمان، لم يعد قادراً على تكريس الوقت لمهامه على رأس الحركة، التي تستوجب التفرّغ.

دعا عضو مجلس شورى "حركة النهضة" عبد اللطيف المكّي إلى ضرورة التعجيل في تنظيم المؤتمر الانتخابيّ عدد 11 للحزب، والمقرر في شهر أيّار/مايو القادم بعد أربع سنوات من عقد مؤتمرها العاشر في 20 أيّار/مايو من سنة 2016، والذي سيفضي إلى انتخاب رئيس جديد على رأس الحركة، لافتاً في تصريح للإذاعة الحكوميّة بـ12 كانون الأوّل/ديسمبر من عام 2019 إلى أنّ زعيم "النّهضة" راشد الغنّوشي لم يعد قادراً على الجمع بين مهمّته كرئيس للحركة ومهمّته على رأس البرلمان، بعد انتخابه بالأغلبيّة النيابيّة رئيسا لمجلس نواب الشعب لمدّة 5 سنوات مقبلة خلال أولى جلسات البرلمان الجديد في 13 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2019.

وأشار عبد اللطيف المكّي المحسوب على الجناح الإصلاحيّ داخل الحركة، إلى وجود بند في القانون الداخليّ لـ"النّهضة" ينصّ على أنّ رئيسها يجب أن يكون متفرّغاً لمهامه على رأس الحركة، لافتاً إلى أنّه في حال تمّ ترشيحه من داخل الحركة لخلافة راشد الغنّوشي فلا يرى مانعاً وسيدرس الأمر.

وينصّ الفصل 31 من النظام الأساسيّ المنقّح لـحركة "النّهضة" والمتعلّق بشروط انتخاب رئيس الحزب على أنّه لا يحقّ لأيّ عضو أن يتولّى رئاسة الحزب لأكثر من دورتين متتاليتين، وأن يتفرّغ رئيس الحزب فور انتخابه لمهامه على رأس الحركة.

وكانت "حركة النّهضة" ذات التوجّه الإسلاميّ، عقدت في 12 تمّوز/يوليو من عام 2012، مؤتمرها العلنيّ الأوّل في تونس، بعد عقود من العمل السريّ، جدّدت خلاله انتخاب رئيسها الغنّوشي على رأس الحركة لعهدتين متتاليتين، كلّ عهدة بأربع سنوات، من عام 2012 إلى عام 2020، بعد أن تحصّلت على الترخيص للعمل القانونيّ، إثر الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن عليّ في 14 كانون الثاني/يناير من عام 2011. حيث منعت في عهد الرئيس السابق بن علي من العمل السياسي واعتبرت تنظيما محظورا في 1991 إثر اتهام قياداتها بمحاولة قلب نظام الحكم.

وأشار عضو مجلس شورى الحركة محمّد بن سالم خلال حديث لـ"المونيتور" إلى أنّه آن الأوان لضخّ دماء جديدة في رئاسة الحركة، مشدّداً على أنّ المؤتمر الانتخابيّ المقبل المقرّر عقده في أيّار/مايو من عام 2020 سيكون محطّة فاصلة يتنحّى بموجبها الغنّوشي ليترك مكانه لقيادة نهضويّة جديدة، وفقاً لمقتضيات القانون الداخليّ الذي حدّد للرئيس عهدتين بأربع سنوات لكلّ واحدة.

واستغرب من تأخّر وصفه بالمتعمّد من رئاسة مجلس شورى الحركة والقيادة التنفيذيّة لمكتبها في التحضير للمؤتمر الانتخابيّ المقبل، ومن أصوات وصفها بالشاذّة من الموالين للغنّوشي تطالب ضمنيّاً بتنقيح القانون الانتخابيّ الداخليّ للحركة في مسعى لإبقائه والتمديد لعهدته، وقال: "يفصلنا عن المؤتمر أقلّ من 5 أشهر. وحتّى الآن، إنّ مكتب مجلس الشورى لا يزال يماطل في تكوين اللجان المنتخبة المتخصّصة في التجهيز له، وهو ما يؤكّد وجود نيّة مبيّتة لتأجيل عقده".

ويعد مجلس شورى النهضة أعلى سلطة في الحركة ويتكون من 150 عضوا ويتولى تحديد التوجهات العامة والسياسات الكبرى للحركة واختيار مرشحي الحركة لرئاسة الدولة أو رئاسة الحكومة أو رئاسة البرلمان.

واعتبر محمّد بن سالم أنّ أهميّة المؤتمر المقبل تكمن أيضاً في قيامه بمراجعة جذريّة لكلّ النتائج التي وصفها بالسلبيّة بالنّسبة إلى الحركة من تقهقر وتآكل فادح في خزّانها الانتخابيّ من مليون ونصف مليون ناخب سنة 2011 إلى 950 ألف ناخب في تشريعيّات 2014 إلى حدود 450 ألف في الانتخابات التشريعيّة 2019.

وكان عضو المكتب التنفيذي في "حركة النّهضة" رفيق عبد السلام قال لإذاعة "ديوان أف أم" المحليّة في 27 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2019: إنّ إمكانيّة تأجيل مؤتمر النّهضة أمر وارد، بالنظر إلى انشغال الحركة وزعيمها في أمور سياسيّة وطنيّة تتعلّق بتشكيل الحكومة.

وأكّد أنّ تأجيل المؤتمر من عدمه شأن داخليّ صرف يتعلق بالتقدير السياسيّ للحزب.

وعن إمكانيّة تنحّي الغنّوشي عن رئاسة "النّهضة"، أقرّ رفيق عبد السلام في التصريح ذاته بأنّه لا توجد شخصيّة أزليّة وبأنّ الأحزاب والهيئات والمؤسّسات فوق الأشخاص، لكنّه في المقابل لم يستبعد فرضيّة تعديل القانون الداخليّ للحركة بهدف التمديد لعهدة الغنّوشي وبأنّ كلّ ذلك سيكون محلّ نقاش في صلب هياكل الحزب.

تصريحات عبد السلام حول إمكانيّة تأجيل عقد مؤتمر الحركة الانتخابيّ، أثارت بدورها حفيظة أعضاء في مجلس شورى الحركة، حيث سارع العضو حمدي الزواري إلى الردّ عليه في تدوينة على "فيسبوك" بـ28 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2019، بالقول: إنّ المؤتمر المقبل يمثّل استحقاقاً ديمقراطيّاً بالغ الأهميّة ينتظره أبناء النّهضة للتقييم والمحاسبة والتجديد والتغيير. وشدّد على أنّ المؤتمر "لم يعد شأناً داخليّاً، بل وطنيّاً بامتياز".

ورأى الكاتب والمحلّل السياسيّ صلاح الدين الجورشي في حديث لـ"المونيتور" أنّ ما تعيشه الحركة من صراع بين قياداتها حول موعد المؤتمر، ليس إلاّ مقدّمة لبداية مخاض سياسيّ للتحضير لما بعد مرحلة الغنّوشي.

ولفت إلى أنّ "النّهضة" في موقف لا تحسد عليه بين تيّار يدعو إلى احترام القوانين الداخليّة المنظّمة لعمل الحركة ومؤسّساتها والتداول الديمقراطيّ للسلطة داخلها، وبين محاولات شقّ محسوب على الغنّوشي لإيجاد مبرّرات للتمديد لعهدته على رأس الحركة والتبرير لمزجه بين رئاسة البرلمان والحزب تحت غطاء المصلحة الحزبيّة واستقرار الحكومة.

ورجّح صلاح الدين الجورشي أن يطول أمد الخلاف بين قيادات الحركة، في ظلّ غياب بوادر جديّة لعقد مؤتمر الحركة الحاسم في موعده القريب، لافتاً إلى أنّ المسؤوليّة السياسيّة والأخلاقيّة للغنّوشي تستوجب منه التدخّل لحسم مسألة بقائه على رأس الحركة من دونها، تجنّباً لتأزيم الأوضاع داخل "النّهضة".

وبين تصريح قادة في "حركة النّهضة" بضرورة التعجيل في عقد المؤتمر وضخّ دماء جديدة على رأسها، وتلميحات آخرين في الحزب ذاته إلى إمكانيّة تأجيله والتمديد للغنّوشي في حال اقتضت المصلحة، يبقى السجال الداخليّ في صلب الحركة مفتوحاً على كلّ الاحتمالات.

https://www.al-monitor.com

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

ذات صلة

التقية المداراتيّةأثر التعداد السكاني على حقوق المواطنينبناء النظرية الدينية النقديةأهمية التعداد العام للسكان في داخل وخارج العراقالأيديولوجية الجندرية في عقيدة فرويد