إذا كان ترامب سيلتقي كيم، فلمَ لا يلتقي روحاني؟

المونيتور

2018-03-21 06:09

بإمكان البيت الأبيض أن يوعز إلى القائد السعودي محمد بن سلمان في أنّ الوقت قد حان لإعطاء الدبلوماسيّة فرصة لإنهاء الحرب في اليمن وسوريا.

إذا كان الرّئيس الأميركي دونالد ترامب مستعدًّا للقاء زعيم كوريا الشّماليّة كيم جونغ أون، فربّما يكون الرّئيس الإيراني حسن روحاني التالي.

تبدو فكرة اجتماع ترامب وروحاني أمرًا مستبعدًا للوهلة الأولى. فترامب وصف إيران بـ"النظام القاتل"، وقال إنّ خطّة العمل المشتركة الشاملة الهادفة إلى تقييد برنامج إيران النووي هي اتّفاقيّة مليئة بالعيوب. لكن في سابقة من نوعها، سعى ترامب، صاحب النزعة الدراميّة، للقاء روحاني بالفعل على هامش الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة في نيويورك في شهر أيلول/سبتمبر، من خلال الرّئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، إلا أنّ الوفد الإيراني ردّ طلبه.

يبرز تساؤل عمّا يمكن أن يكون النموذج أو المعيار للاتّفاقيّة مع كوريا الشماليّة الهادفة إلى الحدّ فعليًا من برنامجي بيونغ يانغ للصّواريخ الباليستيّة العابرة للقارات والأسلحة النوويّة، لا سيّما أنّ إدارة ترامب ترى خطّة العمل المشتركة الشاملة مليئة لهذه الدرجة بالعيوب. قال مدير وكالة المخابرات المركزية مايك بومبيو، الذي جرت تسميته خلفًا لريكس تيلرسون على رأس وزارة الخارجيّة، يوم 11 آذار/مارس إنّ الولايات المتّحدة ستتفاوض مع كوريا الشماليّة من "موقع قوّة هائلة"، على عكس الطّريقة التي عالجت فيها إدارة أوباما خطّة العمل المشتركة الشّاملة، وإنّ أيّ اتّفاقيّة مع كوريا الشّماليّة ستحرص على عدم ترك كوريا الشماليّة وفي حوزتها قدرة اختراق نوويّة، كما جرى مع إيران.

وخلافًا للمفاوضات النوويّة الإيرانيّة، ستسعى الولايات المتّحدة إلى إجبار كوريا الشّماليّة على التّخلي عمّا تملكه بالفعل، وهذا طلب أصعب بكثير من خطّة العمل المشتركة الشاملة. فإيران لا تمتلك أسلحة نوويّة ولا برنامج صواريخ باليستيّة عابرة للقارّات. أمّا كيم، على النقيض من ذلك، فيمتلك الاثنين، وقد هدّد الولايات المتّحدة بهجوم نووي. أتى تقييم مجتمع الاستخبارات الأميركي على النحو الآتي: "إنّ بيونغ يانغ ملتزمة بتطوير صاروخ طويل المدى ذي قدرة نوويّة قادر على تشكيل خطر مباشر على الولايات المتّحدة". وكتب كلّ من مارك فيتزباتريك ومايكل ايلمان من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجيّة في وقت سابق من الشّهر الحالي أنّ "أيًا من الصّواريخ التي تطوّرها إيران لا يقترب من إمكانيّة ضرب الولايات المتّحدة، ولا هو قادر حتّى على بلوغ أوروبا ما بعد زاويتها الجنوبيّة الشّرقيّة".

تُبذَل بالفعل جهود دبلوماسيّة كبيرة بشأن مجموعة من القضايا التي يمكن تشكّل موضوع نقاش أوّلي بين واشنطن وإيران. نرى إجماعًا جديدًا بين الولايات المتّحدة وحلفائها الأوروبيّين على أنّ منع إيران من تطوير صواريخ باليستيّة عابرة للقارّات قد يكون أحد القضايا المطروحة على الطّاولة لدى مراجعة خطّة العمل المشتركة الشّاملة.

وفي ما يتعلّق باحتمال التّصعيد على الحدود الإسرائيليّة – السّوريّة، شرحنا الشّهر الماضي في هذا العمود كيف أنّ الدبلوماسيّة المكوكيّة التي يضطلع بها القائم بأعمال مساعد وزير الخارجيّة الأميركي ديفيد ساترفيلد بين إسرائيل ولبنان في مسألة التنقيب عن الغاز المتوسّطي في البلوك 9، فتحت شكلاً من أشكال القنوات الخلفيّة إلى حزب الله الذي يمسك بملفّ إسرائيل في بيروت كما يعرف الجميع. وكتبنا أنّه "لا يمكن الحديث عن البلوك 9 بدون مناقشة مسألة الخطّ الأزرق الذي يمثّل الترسيم الحدودي المتنازع عليه بين إسرائيل ولبنان، والذي لا يمكن فصله عن مسألة سوريا التي ترتبط بدورها بالعلاقات بين الولايات المتّحدة، وإسرائيل وإيران. إذًا قد تقدّم مهمّة ساترفيلد، وإمكانيّة فتح قناة خلفيّة إلى حزب الله وإيران، عبر الحكومة اللّبنانيّة، نافذة لخفض حدّة النزاع المحتمل على الحدود الإسرائيليّة، مع البدء بالعمل الأوّلي اللازم لتسوية نهائيّة للمسائل الحدوديّة بين لبنان وإسرائيل". وشرح عقيفة ايلدار في وقت سابق من هذا الشّهر أنّ إسرائيل عليها أن تبني على هذه المحادثات لإجراء مناقشات مباشرة مع إيران في نهاية المطاف.

قد يسّهل المسار الدّبلوماسي شروط خروج حزب الله من سوريا وتوقيت هذا الخروج، وكذلك دوره في لبنان. وقد قال الرّئيس اللّبناني ميشال عون الأسبوع الماضي إنّ أسلحة حزب الله ستتم مناقشتها في أعقاب انتخابات 6 أيار/مايو؛ علمًا أنّ الرّئيس ما كان ليدلي بمثل هذا التصريح لو لم يحصل على الضوء الأخضر من حزب الله، وهذا أمر يستحقّ النظر فيه. في العام 2013، أي قبل ثلاث سنوات من تولّيه الرئاسة، قال عون للمونيتور، "أعتقد أنّ إيران كانت تستعمل حزب الله للضّغط على إسرائيل. ولدى حلّ المشكلة، لن يعود الإيرانيّون بحاجة إلى حزب الله. لا شكّ في أنّ العلاقات ستبقى طيّبة، وهذا لا يضرّ بنا. نحن نرغب في أن تكون علاقاتنا جيّدة مع الجميع. لكن بطبيعة الحال، لا أعتقد أنّ إيران ستنفق الأموال اللازمة للحفاظ على هذه القوّة، لأنّها مكلفة للغاية".

خامسًا، إنّ الموقّعين على خطّة العمل المشتركة الشاملة، وهم الولايات المتّحدة، وإيران، وروسيا، والصين، والمملكة المتّحدة، وفرنسا، وألمانيا والاتّحاد الأوروبي، يستطيعون تقديم إطار ومكان للاجتماع. عقدت الدّول عددًا كبيرًا من الاجتماعات على مستوى وزراء الخارجيّة، ويمكن توحيد هذه المجموعة من جديد من أجل التّحضير للقاء بين ترامب وروحاني ، سواء أكان هذا اللّقاء متعدّد الأطراف أم ثنائيًا.

تكمن الخطوة المثاليّة التالية في قيام إدارة ترامب بإجراء محادثات مباشرة هذا الأسبوع مع وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان أثناء زيارة هذا الأخير إلى الولايات المتّحدة. مع أنّ المملكة السعودية قد لا تميل لتقديم أيّ عرض دبلوماسي لإيران، ربّما يبحث الأمير عن مخرج في اليمن الذي تحوّلت الحرب فيه إلى مستنقع موحل وبات موضع انتقاد دولي بسبب الحصار الذي أدّى إلى تفشّي الكوليرا واستفحال الجوع والمعاناة على نطاق واسع.

كتب بروس ريدل أنّ "علاقة مقرّبة تجمع بين السّعوديّة وطاقم ترامب، وهي الأقرب منذ عهد جورج بوش الأب وتحرير الكويت". لكنّ الأمر لم يسلم من الجدل. يقول ريدل إنّ "الرّئيس الأميركي دونالد ترامب دعم حملة الأمير لمحاربة الفساد في شهر تشرين الثاني/نوفمبر المنصرم، ولكنّ الإعلام الغربي اعتبرها هفوة ابتزاز تفتقد إلى الشرعيّة. ومن المتوقّع أن تكشف المسألة برمّتها مزيدًا من الأمور غير المستحبّة. لفت نشطاء حقوق الإنسان إلى أنّ عمليّات الإعدام تضاعفت في المملكة منذ أن تولّى بن سلمان ولاية العهد، وتأجّل طرح أسهم أرامكو للاستثمار الأجنبي حتى العام 2019، وهي خطوة طال انتظارها تشكّل أساس 'رؤية 2030'".

ويكمل ريدل بقوله إنّ "موقع المونيتور أفاد بأنّ الأصوات المعارِضة للدّعم الأميركي للحرب في اليمن تعلو في مجلس الشيوخ. إنّ الديمقراطيّين الذين كانوا يتردّدون في انتقاد موقف الولايات المتّحدة عندما كان باراك أوباما رئيسًا، يجدون أنفسهم الآن أقلّ تقيّدًا وأكثر تنبّهًا للكارثة الإنسانيّة التي خلّفتها الحرب. نجح السعوديّون في حجب أغلبيّة التغطية الإعلاميّة للحرب، ولكن حتّى البيت الأبيض حذّر السعودية ودعاها إلى تخفيف الحصار".

كتب مراسل المونيتور، "في حين قد يتساءل كثيرون عمّا إذا كان من الممكن أن تتّجه طهران والرياض يومًا إلى تسوية إقليميّة مربحة للطّرفين، تؤكّد نتيجة الحرب اليمنيّة يومًا بعد يوم أنّ الطّرفين لا يفوزان بل يتكبّدان خسارة مزدوجة تستنزف القوّتين الإقليميّتين في مختلف الميادين. مع ذلك، إنّ السعوديّة هي التي تدفع المبلغ الأكبر من الأموال وتشارك بشكل مباشر في الحرب، في حين تتمثّل الكلفة الرّئيسيّة لإيران في اليمن بالضغط الدولي الإضافي الذي تتعرّض له نتيجة تزويد حلفائها في أنصار الله بأسلحة وخبرات من دون المشاركة مباشرة في القتال".

الفكرة هنا هي أنّ المسار الدبلوماسي مع إيران ليس خيانة لإسرائيل والسّعودية، نظرًا إلى تشكّي القدس والرياض من خطّة العمل المشتركة الشّاملة. سيشكّل اللّقاء بين ترامب وروحاني فرصة للدفع قدمًا بسبل منع المواجهة بين إسرائيل وإيران وحزب الله، والسّماح للسعوديّة بالخروج بكرامتها من الكابوس الذي تعيشه في اليمن. قد تكون هذه النتائج طموحة وغير مضمونة، لكن ما من فرصة أخرى من دون القيادة الدّبلوماسيّة الأميركيّة. وإنّ شعبي اليمن وسوريا، اللذين عانى كلاهما بما فيه الكفاية، قد يشجّعان أيضًا الحملة الدّبلوماسيّة الأميركيّة.

http://www.al-monitor.com

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي