حزب الله والسعودية: صراع مفتوح على كل الاحتمالات
قاسم قصير
2017-11-22 05:05
دخل الصراع بين حزب الله والمملكة العربية السعودية الى مرحلة جديدة ولا سيما بعد الاستقالة المفاجئة للرئيس سعد الحريري من الرياض والتي تضمنت هجوما قاسيا على الحزب وايران، وقد تفاجأت قيادة حزب الله بهذه الاستقالة في هذا التوقيت وبهذا الشكل، مع ان الحزب كان على اطلاع على الضغوط التي يتعرض لها الحريري من القيادة السعودية من اجل الوقوف بوجه الحزب وايران.
وقد شن الوزير السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان حملة قاسية ضد الحزب خلال الاسابيع القليلة التي سبقت الاستقالة وكان قد طلب من الحكومة اللبنانية والرئيس سعد الحريري القيام بهجوم ضد الحزب والوقوف بوجه سياساته وسياسات ايران، لكن الحريري كان حريصا على حماية الحكومة والحفاظ على الاستقرار الداخلي، رغم التباين السياسي الكبير بينه وبين الحزب وخصوصا على صعيد دور الحزب الخارجي وعلاقته بايران.
فكيف تعاطت قيادة حزب الله مع الاستقالة؟ والى اين تتجه المعركة بين حزب الله والسعودية؟ وهل هناك امكانية للتوصل الى تسوية جديدة؟ ام اننا ذاهبون الى صراع مفتوح على كل الاحتمالات؟
تعاطي حزب الله مع الاستقالة
بداية كيف تعاطت قيادة حزب الله مع الاستقالة المفاجئة لرئيس الحكومة سعد الحريري ومواقفه التصعيدية ضد الحزب وايران؟
تقول اوساط مطلعة على اجواء حزب الله: رغم المفاجأة الكبرى لاستقالة الرئيس سعد الحريري والحملة القاسية التي قادها ضد الحزب وايران، فقد حرصت القيادة على التعاطي بهدوء مع الاستقالة والمسارعة للتنسيق والتعاون مع مختلف القيادات اللبنانية من اجل تحديد الموقف المطلوب، واعتبر حزب الله ان مضمون الاستقالة لا يعبر عن مواقف الحريري بل هو تعبير عن مواقف السعودية وما تريده من الحزب وايران.
وقد سارع امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في الاطلالة الاعلامية الاولى له بعد الاستقالة لتحديد الموقف مما جرى الى التركيز على ظروف الاستقالة ووضع الحريري ومصيره، وقد اتسمت تعليقاته بالهدوء والحرص على طمأنة اللبنانيين ورفض اثارة المخاوف من حروب وتطورات سلبية. ورفض الرد على ما تضمنته الاستقالة من اتهامات معتبرا ان المشكلة مع السعودية وليست مع الرئيس الحريري.
ومن اجل استيعاب تداعيات الاستقالة جرى الاتفاق بين حزب الله والقيادات اللبنانية على رفض الاستقالة والتركيز على مصير الرئيس سعد الحريري والمطالبة بعودته والتعبير عن التضامن مع عائلته وتيار المستقبل والتركيز على مسؤولية السعودية عن التطورات الجارية والضغط لإطلاق الحريري وعائلته، وعدم بحث اي موضوع قبل العودة واعتبار ان كل مايقوله الحريري في السعودية يتم تحت الضغط، وانه يعبر عن المواقف السعودية وليس عن مواقف الحريري الشخصية.
وقد نجح المسؤولون اللبنانيون ولا سيما الرئيس العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري والوزير جبران باسيل وحزب الله، من خلال الخطة التي اعتمدوها، باستيعاب مفاجأة الاستقالة والتخفيف من انعكاساتها السياسية والشعبية والاقتصادية والامنية، ومن ثم التعاون مع الجهات الدولية لفرض اعادة الحريري الى الواجهة السياسية والاعلامية والدبلوماسية ومن ثم عودته مع عائلته الى فرنسا ولاحقا الى بيروت.
وبعد ذلك ركز حزب الله على خطة الهجوم المضاد من خلال شن حملة قوية ضد السعودية واتهامها بالعمل للتخطيط لشن حرب على لبنان بالتعاون مع الكيان الصهيوني، وكانت المواقف التي اطلقها السيد حسن نصر الله في احتفال يوم الشهيد مؤشرا مهما على نجاح الحزب في خطته الاستيعابية والهجومية، واصبح موضوع مصير الحريري وعودته الى لبنان يتقدم على كل شيء، ورغم اجراء الحريري للمقابلة التلفزيونية مع الزميلة بولا يعقوبيان للرد على مواقف الحزب والسيد حسن نصر الله، فان هذا المقابلة ساهمت في تأكيد مسؤولية السعودية عما جرى.
صراع مفتوح ام تسوية
لكن ماهي الاحتمالات المتوقعة للصراع بين حزب الله والسعودية؟ وما هي الخيارات المستقبلية التي قد يعتمدها حزب الله بعد عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت سواء عاد عن استقالته او استمر بها؟ وهل سيقبل الحزب بالشروط التي يطرحها الحريري لعودته؟ وماذا عن المخاوف الامنية والعسكرية والاقتصادية؟
حول الافاق والخيارات المستقبلية لحزب الله تجاه السعودية والتطورات المختلفة، تجيب الاوساط المطلعة على اجواء الحزب: يبدو ان الصراع مع السعودية مفتوح وقد يصل الى مواجهة شاملة في المنطقة من خلال التحالف بين السعودية والكيان الصهيوني واميركا، وان لا حلول في الافق المنظور الا اذا حصلت تسوية شاملة لكل الملفات في المنطقة، وفي الشأن اللبناني حزب الله غير مستعد نهائيا لتغيير طبيعة التسوية التي تمت مع الرئيس سعد الحريري والتي ادت لانتخاب الرئيس العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية وعودة الحريري لرئاسة الحكومة، فالأوضاع السياسية لم تتغير والسياسات التي يعتمدها الحزب تجاه الاوضاع الداخلية والخارجية كانت قائمة عندما تولى الحريري رئاسة الحكومة وقد وافق عليها، وهذه الاوضاع مستمرة منذ عدة سنوات وقد جرى الحفاظ على الاستقرار الداخلي خلالها.
وتضيف الاوساط: قيادة الحزب تنتظر عودة سعد الحريري الى بيروت وتحديد مواقفه النهائية لتحديد الموقف النهائي، وان كان الحزب يرفض تشكيل حكومة تكنوقراط او حكومة حيادية وهو سيكون شريكا في اية حكومة مقبلة، والاولوية للحزب الحفاظ على الاستقرار الداخلي ومواجهة التحديات المختلفة بالتعاون مع جميع الفرقاء في الداخل والخارج.
وحول المخاوف من حصول تطورات عسكرية او امنية او المزيد من الضغوط الاقتصادية تجيب الاوساط: حزب الله مستعد لكل الاحتمالات والخيارات وان كانت قيادة الحزب تستبعد حاليا حصول حرب سعودية او اسرائيلية على لبنان لعدم توفر الشروط الميدانية، وفي حال حصل اي هجوم سيواجه بقوة، واما على صعيد الاوضاع الامنية فهي تحت السيطرة وليست هناك مخاوف جدية مع ضرورة الاستمرار في اتخاذ الاجراءات المناسبة لحماية الوضع الامني.
واما لجهة الضغوط الاقتصادية وفرض المزيد من العقوبات او طرد اللبنانيين من الخليج فان ذلك يستدعي اتخاذ الخطوات المناسبة لتحصين اوضاع البلد وحتى الان الاوضاع تحت السيطرة.
وبالإجمال فان قيادة حزب الله تعتبر ما حصل شكل خسارة للملكة السعودية وتيار المستقبل والرئيس سعد الحريري واهانة للبنان وحكومته، واما الحزب فهو مطمئن للمستقبل وهو جاهز لمواجهة كل الخيارات والتطورات المستقبلية.