لا تكرر ذريعة الاسلحة النووية في حرب العراق في مواجهة ايران

مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية

2017-08-12 05:20

بقلم: مارك فيتزباتريك-Foreign Policy Lobe Log /الولايات المتحدة الاميركية.
آب 2017
ترجمة: وحدة الترجمة في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية.

 

عندما غزت الولايات المتحدة الامريكية العراق قبل خمسة عشر سنة كنت وكيلاً لمساعد وزير الخارجية الامريكي، ومتمكناً من الوصول الى اجراءات اتخاذ القرارات الداخلية. ناقش زملائي في مكتب الاستخبارات والابحاث برنامج اعادة تشكيل اسلحة الدمار الشامل العراقية الذي كان تبريراً للغزو الامريكي.

لم أكن مجبراً على اتخاذ موقفهم، بإعتقادي ان الرئيس ومستشاريه الكبار لا بد ان تتوفر لديهم معلومات خاصة تتحكم في اتخاذهم القرار. وعندما اتضح الامر، تبين انه كان خطأً مأساوياً.

كان الغزو قراراً سياسياً تسانده معلومات استخبارية هشة من الهاربين العراقيين، فضلا عن اجندات خاصة بالإدارة الاميركية. كانت كلفة التخبط، اضافة الى نصف مليون ضحية عراقية او اكثر، مقتل 5000 جندي امريكي وانفاق اكثر من ترليوني دولار من الخزينة الامريكية، واغراق المنطقة بالاضطراب بحيث اصبحت ايران هي الرابح الوحيد.

كان هذا درساً حارقا يتعلق بسبب لماذا لا تستند السياسة الامريكية على تقييمات غير منحازة للحقائق. والشيء الغريب ان العديد من صناع القرارات وناقديهم لا يتذكرون الأمر.

يبدو الآن ان الولايات المتحدة الامريكية تتجه الى وضع مشابه بالنسبة الى ايران. فالافتراضات التي لا أسس لها، والادعاءات الكاذبة والاحكام المخضبة بالعقائديات تدفع بأفكار المواجهة الى احتمالات حرب اخرى في الشرق الأوسط، ولكن هذه المرة ضد عدو متماسك تماماَ.

وقد سمعت مرارا في الدوائر السياسية المحافظة افكاراً تصل الى مرحلة الحقيقة التي لا نقاش بها ان ايران تخرق اتفاق تموز 2015 الخاص بخطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي)، وانه من الضروري اتخاذ خطوات قوية ضدها قبل ان تتمكن من التسلح نووياً. وادعاءات الخرق هذه خاطئة، كما سبق ان كتبت هنا وهناك.

في وضع الحالة العراقية، وفرت فرق التفتيش الدولية أسباباً لإثارة الادعاءات حول نشاطات برنامج اسلحة الدمار الشامل. ففي 7 آذار 2003 اورد هانز بلكس (رئيس فرقة الامم المتحدة الخاصة في العراق) ومحمد البرادعي (المدير العام لوكالة الطاقة النووية الدولية) لمجلس الامن التابع لمنظمة الامم المتحدة انهما لم يجدا برامج للأسلحة النووية اوالكيماوية او البيولوجية فعالة, وان عمليات التفتيش مستمرة والتي لم يتعاون صدام حسين معها، وبالتالي سيكون من الممكن لاحقا توثيق وضع القدرات العراقية، الا ان ادارة الرئيس بوش رفضت هذه الاكتشافات وقامت بعد 12 يوماً بالغزو الذي خطط له سابقاً.

في وضع الحالة الايرانية اليوم، يحوم قرار مسبق اخر في اجواء السياسة الاميركية والذي يشمل ايضاً عمليات التفتيش. فقد جرى ذكر ان ادارة الرئيس ترامب ترغب ان تقوم وكالة الطاقة الذرية بالدخول الى المواقع العسكرية الايرانية وان تستخدم الرفض الايراني المحتمل بإعتباره عدم الانصياع مع خطة العمل المشتركة الشاملة، وبالتالي سيكون الطريق الذي ستتبعه سياسة البيت الأبيض هو التجاوب مع قرار الرئيس ترامب المسبق الذي سيعلن عدم التزام ايران بالاتفاق النووي، حتى ولو ان الحقائق تقول عكس ذلك.

واذا جرى تقييم الاكتشافات مسبقاً فإنه سيكون خرقاً في اتخاذ القرارات الخاصة بإنهاء العقوبات الامريكية بموجب خطة العمل المشتركة الشاملة. وبالتالي فإن محاولة قتل الصفقة النووية بهذا الاسلوب سيعطي المتشددين داخل ايران اسبابهم الخاصة في اسناد وتأييد عمليات التخصيب النووي، مما سيؤدي الى خلق أزمة قد تؤدي الى اندلاع الحرب. وفي ضوء هذا التصور فإن ذلك هو مقصد الرئيس ترامب، وسينضم الحلفاء القليلين الى الاستراتيجية الامريكية.

إذا كان للولايات المتحدة الامريكية او اي من الدول الأخرى المعلومات حول الخروقات الايرانية في المواقع العسكرية، عليهم ان يتشاركوا بها مع وكالة الطاقة الذرية من اجل توجيه عمليات وجهود التدقيق. واذا لم تعلن الخروقات المزعومة بأية وسائل اخرى، فإن لوكالة الطاقة الذرية اسبابها الجيدة التي تطلب بها اجراء التحقيقات.

ومن ناحية اخرى، يهدف الطلب بإجراء التحقيقات الى ان تقع ايران في فخ القيام بالتخريبات، وبالتالي فإن وكالة الطاقة الذرية لن توافق ابداً على مثل هذا الطلب الذي لا مبرر له.

على الرغم من ان خطة العمل المشتركة الشاملة لا توفر اي نوع "في اي وقت او اي مكان" نمط التفتيش الذي طبق في العراق بعد خسارته في حرب الخليج الثانية، الا انه هناك امكانية في توفير المجال المطلوب للدخول. ويتم هذا من خلال طلب التفتيش المستعجل الخاص "الوصول المستعجل" للمواقع حيث يكون لوكالة الطاقة الذرية الاسئلة المشروعة حول النشاطات النووية المحتملة او مشابهاتها في الدولة التي قدمت المعلومات.

وفي الوقت ذاته، سخر ناقدو خطة العمل المشتركة الشاملة من مسألة الانتظار لمدة 24 يوماً لتقديم مثل هذا الطلب والاجابة عليه بدون اتفاق، بأن هذا يعني انه لا يوجد سقف زمني بتاتاً.

وأضافت خطة العمل المشتركة الشامل تحديداَ مهماَ يتجاوز جميع اتفاقيات منع الانتشار الشامل الذي يمنع اربعة انواع من فعاليات التفتيش التي تساهم في تطوير وسائل التفجير النووية.

كيف يكون لغياب هذه النشاطات (القسم ت في الملحق رقم واحد للخطة) امكانية التحقق منها وبالتالي تركت غير معلنة. ويدعي بعض النقاد انه اذا لم تسمح ايران بتفتيش مواقعها العسكرية، لا يمكن التحقق من القسم ت.

ومن اجل التأكد، لا يجب ان تكون المواقع العسكرية الايرانية خارج نطاق وكالة الطاقة الذرية، وبالتالي، في الحقيقة، قام المفتشون بزيارة المواقع العسكرية الايرانية عشرات المرات، الا انهم لم يفعلوا ذلك خلال العامين الماضيين بموجب خطة العمل المشتركة الشامل. واستطاعت وكالة الطاقة الذرية من تنفيذ عملياتها التفتيشية بواسطة اساليب اخرى، الا انه من الضروري عدم السماح لمثل هذا الغياب ان يكون قاعدة عامة.

على كل حال، ستكون حاجة وكالة الطاقة الذرية لزيارة المواقع العسكرية ضرورية من اجل الوصول الى "نتائج واسعة" بموجب البروتوكول الاضافي الذي فرض ان جميع النشاطات النووية في ايران يجب ان تكون للأغراض السلمية. ونظرا لرغبة ايران ان تتوفر شرعية في الوصول الى النتائج، فلها سبب للتعاون مع وكالة الطاقة الذرية في السماح بزيارة المواقع العسكرية، وبالتالي جعل مثل هذه الزيارات روتينية. ان جعل مطالب التفتيش جزء من الخطة المحددة مسبقاً للعثور على عدم التزام ايران بالاتفاقية هو الامر المعاكس للاتجاه التعاوني المطلوب في هذه الحالة.

* مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية/2004-Ⓒ2017
www.fcdrs.com

.............................
رابط المقال:
http://lobelog.com/dont-repeat-the-iraq-war-false-wmd-claims-with-iran/#more-40497

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا