مشروع تشغيل الخريجين: مبادرة طلابية لمكافحة البطالة بتنشيط القطاع الخاص

زهراء وحيدي

2016-12-31 05:45

في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها العراق، والصراع الذي يعيشه المواطن بين سندان الأزمة المالية، ومطرقة البطالة، هنالك الكثير من طلبة الجامعات يرسمون آمالاً مزهرة، ويصيدون الهواء في الشبك من اجل نيل فرص العمل التي باتت شبه معدومة في القطاعات الحكومية خصوصاً مع ترهل الوضع الأمني والسياسي الذي لعب دورا كبيراً في تراجع اقتصاد البلد.

وفي الحديث عن طرق كيفية حل البطالة التي سجلت نسبة 25% بالوقت الحالي، إضافة الى معالجة بنية الإقتصاد الوطني واصلاحاته الراهنة فإننا نجد البطالة امام مفارقات عديدة بين الحلول والمعالجات، تعتمد على عوامل مهمة مثل إرادة التنفيذ، وتوارد الأفكار الجديدة لتنشيط القطاع الخاص.

خصوصاً بعد ضعف القطاع الحكومي الذي لا زال مستمراً في تراجعه، بسبب سوء الوضع الأمني والإقتصادي الذي مر به البلد منذ دخول داعش الى الان.

ومن غير المعقول ان تلقي تبعات وتكاليف معالجة البطالة وضعف الإقتصاد على قطاع ما بعينه دون بقية القطاعات الأخرى، حيث انه كما معروف في علم الإقتصاد ان جميع القطاعات المنتجة للسلع والخدمات بشقيها العام والخاص ترتبط بمصير مشترك تؤثر وتتأثر فيما بينها. وعليه فان طرق معالجة البطالة تتقاسمها جميع القطاعات دون استثناء لان الجميع تقع عليه واجبات والتزامات كما لهم من حقوق.

ومن الممكن ان يتم ذلك عن طريق إحياء المشاريع ذات نسبة النجاح العالية، وفتح فرص عديدة في إستثمار رؤؤس أموال تنهض بالواقع الإقتصادي والإجتماعي عن طريق جهود فردية ومشاركة بعض التجار والمؤسسات الأهلية...

فالفكرة الإبداعية والقيادة المتمكنة اضافة الى التمويل الجيد والخبرة الواسعة، تعتبر من العوامل المهمة التي من الممكن ان تحقق إنجازاً باهراً يؤثر في رفع اقتصاد البلد ويوفر فرص عمل لذوي الطبقات المختلفة من المجتمع، وخصوصاً الشريحة الطلابية.

وفي هذا الإطار قامت مجموعة طلابية بترويض فكرة جديدة، لتفعيل الشريحة الطلابية في الأعمال الحرة، تمزج بين تعليمهم وخبرتهم النظرية التي تلقوها في الجامعات مع الخبرة العملية، لرفع المستوى الاقتصادي في السوق والقضاء على البطالة.

هذه الفكرة تم تطبيقها في جامعة كربلاء المقدسة، قسم الادارة والاقتصاد... والفكرة هي مجهود طلابي بحت، تعود بالفائدة على الطلاب أنفسهم.. ولمعرفة تفاصيل اكثر عن فكرة المشروع، التقينا مع صاحب الفكرة الطالب "مصطفى جواد" الذي وضح اهداف المشروع وكيفية تطبيقه حيث قال: "هدف البرنامج هو هدف واسع وسامي، يشمل توظيف الطلاب الجامعيين والنهوض بالواقع الإقتصادي، في ربط التطبيق النظري مع الواقع الإقتصادي الحالي، لكوننا نسعى الى توظيف الأفكار والمهارات في آن واحد.

والمشروع يبدأ بطرح أفكار مختلفة من الطلاب ودراستها بصورة واقعية تلائم الظرف الإقتصادي والإجتماعي الذي يمر به البلد، من قبل اصحاب الإختصاص الموجودين في قسم العلوم المالية، وبعدها يتم ترشيح المشاريع الناجحة وطرحها على التجار واصحاب المؤسسات الأهلية والبنوك لتبني المشروع وتقديم قروض تكفي للعمل بها، والطلاب الذين سيعملون على المشروع هم في مرحلة تطبيقية خلال الفترة الدراسية، ومن الممكن ان يتطور ويتوسع المشروع الى ما بعد الدراسة.

واذا نجحت هذه الفكرة، ستكون الشرارة الاولى لتطبيقه في كافة الجامعات العراقية للمساهمة في رفع إقتصاد البلد ومكافحة البطالة".

وشاهدنا ترحيب واسع ودعم معنوي كبير من قبل الأساتذة، في تبني دراسة المشاريع وتقديمها في دراسة جدوى، وطرح كل الايجابيات التي ستعود بالنفع على الطالب والمجتمع، كما ان هنالك كسب خبرة للطالب، ستضيف على سيرته الذاتية وتساعده في فتح مشاريع مستقبلية مستندة على التطبيق العملي.

وبعض الأفكار الطلابية التي قدمت في الندوة الأولى كانت كالتالي:

1- انشاء شركة سياحية

2- تنمية الثروة الحيوانية (تربية العجول)

3- مشروع تطوير المواهب والتنمية البشرية

4- فكرة المكاتب الاستشارية

5- مشروع تربية النعام

6- انشاء مكتب تنسيق حفلات

7- فكرة تداول الاسهم على الفوركس

8- انشاء مجمع سكني للطلاب

9- انشاء معمل تمور

وهنالك افكار اخرى قدمت في الندوة بإشراف الاساتذة والمختصين، والتي سيتم دراستها بشكل أوسع، لتقييمها واختيار الافضل.

وكان للدكتور "كمال" كلمة في هذا المنظور حيث قال: إن المبادرة الخاصة هي جزء من القطاع الخاص، تعتمد على القدرات الذاتية في تقديم افضل الأفكار والمشاريع المتميزة، ونحن بدورنا نستقبل جميع الأفكار، عن طريق دراسة آليات المشروع وتكاليفه وخبراته وننظر اليه من الباب الواقعي لنجد اي منهم قابل للتطبيق على ارض الواقع، واختيار اشخاص كفوئين يعملون بها، هذه المبادرة بمثابة الحافز للإرتقاء بآلية التفكير عند الطلاب وربط الخبرات مع الجانب النظري، وحقيقة هنالك منافذ كبيرة جداً لأكثر من ست محافظات من الممكن ان تكون منظر للقطاع السياحي والصناعي والزراعي في العراق، واذا لم يستطع القطاع العام من استيعابه من الممكن فتح المجال للقطاع الخاص للخوض في مشاريع تنمي الإقتصاد الوطني.

ولتفاصيل أكثر حول مسألة التمويل قال الدكتور "هاشم الحسيني": "من المعروف إن رحلة الألف الميل تبدأ بخطوة، اذاً ما يهمنا هو تنشيط الفكر الطلابي، عن طريق تقديم المشاريع الابداعية، امّا مسألة التمويل تعتمد على واقعية المشروع ومستوى نجاحة، وسيتم إستضافة العديد من التجار واصحاب المؤسسات الأهلية إضافة الى اصحاب النفوذ والبنوك الاهلية، والطالب (صاحب المشروع) بدوره سوف يُقْدِم على طرح مشروعه بكافة التفاصيل، ليحصل على الدعم والإسناد المادي الكامل من الجهات المذكورة، كما ان التمويل غير محدد بقيمة معينة، بل يعتمدعلى تكلفة المشروع، وتبقى الخبرة والعمل على الطالب نفسه في بذل كامل جهده لإنجاح المشروع وتطويره".

وشاهدنا خلال الندوة ترحيب فكري عميق من قبل الطلاب، لأنها تعتبر من الفرص الذهبية التي من الممكن ان تقدم للطالب الجامعي خلال الفترة الدراسية، تحت جناح إشراف المختصين والتي تتركز على توفير فرص عمل للطالب، إضافة الى كسب الخبرة التي ستعود في كل الحالات بالنفع عليه.

وفي ظل البطالة التي يعشها الشاب العراقي، لابد من التحرك وصرف الطاقات الذاتية من اجل النهوض بالمستوى الاقتصادي الهابط، فالقطاعات الحكومية حالياً تواجه أزمة كبيرة امام الظرف الإقتصادي الصعب الذي يمر به العراق، خصوصاً بعد دخول داعش، ونزوح العوائل العراقية.. وهنالك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الجهات الخاصة والمؤسسات الاهلية في دعم المشاريع الفردية التي ترسم مستقبلا مشرقا لإقتصاد العراق، والتي تتم عن طريق تطبيق العمل النظري في الواقع، ومكافحة البطالة وتوفير فرص متنوعة تخدم الطالب الجامعي وتضمن له عمل جيد يتوافق مع تحصيله الدراسي لأنه يعد بمثابة التطبيق العملي لما درسه في المرحلة الجامعية، وقد أعلن القرآن الكريم دعوته الأكيدة على ضرورة العمل، والتعاون والكسب، وبذل الجهد، قال اللّه سبحانه وتعالى : "فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض ، وابتغوا من فضل اللّه ، واذكروا اللّه كثيراً لعلكم تفلحون" (سورة الجمعة، آية10).

إذا مكافحة البطالة والنهوض بالواقع المعيشي والاقتصادي، كما ألمحنا سابقاً ليس شأناً قطاعياً خاصا بل هو هم مجتمعى شامل، تتقسم مسؤولياته على كافة القطاعات وحتى المؤسسات الأهلية واصحاب النفوذ.

وحيث لا يُتوقع أن يتمكن رأس المال الكبير والتي تتركز على القطاع الحكومي، من خلق فرص العمل الكافية لمواجهة تحدى البطالة، وذلك نظراً لتركيزه على الأنشطة الاقتصادية كثيفة رأس المال وخفيفة العمالة.

فيتعين توفير البنية المؤسسية المواتية لقيام المشروعات الصغيرة، التي من الممكن ان تتبناها المؤسسات الأهلية، من القطاع الخاص، وتقوم بدور مهم فى خلق فرص العمل مع تخليق تضافر فعال بين المشروعات التي تكون متناهية في الصغر وقطاع الأعمال الحديث.

ويطلب تحقيق ذلك الهدف، من تمكين عموم الناس خاصة الشريحة الطلابية، في الحصول على التسهيلات القانونية وتأمين البيئة الإدارية للقيام بالمشاريع الصغيرة، وتقديم الدعم المادي، وإزاحة العوائق التمويلية والإدارية والتسويقية، للمساهمة في تقليل ظاهرة البطالة ورفع المستوى الاقتصادي للبلد.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي