كيف ينظر المجتمع الكربلائي الى قيادة المرأة للسيارة؟

مروة حسن الجبوري

2015-06-10 06:27

هل انت مع المرأة عندما تحتل بسيارتها مساحة من الشوارع العامة، وهل يشعر الرجل بالغيرة من ذلك، أو المضايقة؟، وهناك تساؤلات موجّهة هل المرأة نفسها، هل هي على ثقة تامة بنفسها عندما تقود سيارتها بين الرجال؟ أم انها قلقة من حصول حادث او ما شابه؟؟

في الحقيقة الشوارع في مدينة كربلاء المقدسة أثبتت أن المرأة تحتل مساحتها من استخدام الشوارع العامة جنبا الى جنب مع الرجل، ويرى بعضهم (من الرجال) أن المرأة اكثر اتزانا والتزاما من الرجال لا سيما الشباب منهم، في استخدام الشوارع، لذلك قد تعتبر هذه القضية (قيادة المرأة للسيارة) قضيه رأي عام في المجتمع العراقي، وقد تبقى متأرجحة بين القبول والرفض حسب الظروف التي يمر بها البلد، فالبعض ينظر لهذه القضية على أنها غير لائقة بالمرأة، ولا يصح لها ان تقود السيارة وتنزل الى الشوارع بوجود الاخ او الاب او الزوج!! والبعض الاخر ينظر لهذه القضية بمنظار آخر مناقض، حيث يرى أن الامر يتعلق بالحرية الشخصية التي ينبغي أن لا يقيدها المجتمع وتقاليده، فضلا عن كونها وسيلة أمينة لحركة المرأة في المدينة من اجل العمل او التسوق وما شابه.

أول إجازة سوق لامرأة عراقية

من جهة اخرى يُشار الى أن قيادة المرأة للسيارة ليست جديدة، ولا هي ظاهرة حديثه، بل منذ حوالي اكثر من 70 سنه حصلت المرأة العراقية على شهادة السياقة في بغداد عام 1908 وكانت تلك المرأة هي السيدة المحامية (أمينة علي الرحال) فهي اول امرأة عراقية حصلت على اجازة سياقة، فكانت خطوة ايجابية للمرأة وتميز، ولا تزال المرأة العراقية الى يومنا هذا تدخل الشوارع، فقد ذكرت احصائية عامة نسبة تزايد اقبال النساء في كربلاء على السياقة، اكثر من اية محافظة اخرى من محافظات العراق، وهي اقل نسبة للحوادث من الرجال، كما ذكرت احصائية عالمية، أن المرأة اليوم تشارك الرجل في كل شيء وتدخل عالمه ما يساعد على تقدم المجتمع وازدهاره.

(شبكت النبأ المعلوماتية) طرحت هذا الموضوع على الجهة الرسمية التي تنظم عملية المرور في شوارع مدينة كربلاء المقدسة، ممثلة برجل المرور (عدنان) الذي كان ينظّم مرور السيارات في احد تقاطعات الطرق بمركز المدينة فأجاب بالقول: إن قياده المرأة الكربلائية للسيارة شيء يبعث على الاعجاب والفخر، فهي اولا ملتزمة بقواعد السياقة وآدابها، وعندما نتذكر القول المعروف (السياقة فن واخلاق وذوق) فإن هذا القول يتم تطبيقه بحذافيره من قبل المرأة التي تلتزم دائما بحجابها واتزانها فضلا عن التزامها بضوابط استخدام الطريق، والسير بسرعة قانونية معتدلة، مع مراعاة اشارات المرور واستخدامها الجيد للاشارات الضوئية لسيارتها ايضا، وهذا القول لا ينطبق على امرأة واحدة معينة، بل على معظم النساء اللواتي يقدن السيارات بمهارة والتزام وتوازن، وانا شخصيا لم أرَ لحد الآن اي حادث مروري تسببت به امرأة، وهذا ما يؤكد تقدم المرأة وانضباطها في هذا المجال، وهو ما ينعكس إيجابا على المجتمع الكربلائي عموما.

الآنسة (مريم 24 سنة) صاحبه سيارة تقول عن سياقة المرأة: أنها تعاني أحيانا من تحرش بعض الشباب، وهذا يحدث نوعا من المضايقة لها في الشارع، لكنها مع ذلك مصرّة على الاستمرار بالسياقة على الرغم من هذه المضايقات. وأضافت مريم، إن الفوائد التي احصل عليها من استخدامي للسيارة تفوق تلك المضايقات، ثم انني احاول انا اعالج ذلك باسلوب متوازن، وعلى العموم تبقى السياقة حاجة ملحة للمرأة في العراق عموما، ولها منافع تكاد لا تحصى، ولهذا نجد عدد النساء السائقات في شوارع مدينة كربلاء المقدسة يتزايد يوما بعد آخر.

السائق الجيد هو الذي يتخلص من الحادث

ومن جملة الذين أعطوا رأيهم في هذا الموضوع الدكتورة (هبة) وهي طبيبة متخصصة، وقد قالت انها تقود السيارة منذ ثلاث سنوات ولم تتعرض لأي حادث كان كونها تضع قاعدة سياقة مهمة في قيادتها للسيارة وهي (السائق الجيد ليس من لا يسبب حادث وانما هو من يتخلص من حادث يتسبب به الآخرون)، كذاك قالت انها لم تتعرض لمضايقة او (معاكسة) من الرجال، كما أن المجتمع عموما قد تقبّل هذه الخطوة واعتبرها حالة تقدم لصالح المرأة الكربلاىية.

في حين يرى المحامي (ابو عبد الله 60 سنة) ان ظاهرة قيادة المرأة في المجتمع باتت أمرا واقعا ومقبولا وليس مفروضا، وقلما نجد من يعترض عليه، لذلك حتى في الاحاديث الفردية او الخاصة التي تتعلق بنقد الظواهر الاجتماعية او غيرها، لا نجد شخصا رجلا كان او امرأة يرفض قيادة النساء للسيارة، وهذه في الحقيقة تمثل مظهرا من مظاهر التطور في البلد، وبدلا من ان يعترض الرجل (الزوج، الأب، الأخ) صار يحث المرأة بنفسه كي تتعلّم السياقة في الدورات التدريبية المخصصة لذلك، بل اصبح كثير من الرجال هم يبادرون لتعليم زوجاتهم او بناتهم على السياقة، لان الطابع العملي العام ومشاركة المرأة الفعالة في العمل بالتدريس والصحة والدوائر الخدمية وسواها، بات معروفا للجميع، لاسيما أن دور المرأة في مجال العمل اصبح أمرا واقعا وعلى نطاق واسع.

وعندما سألت (شبكة النبأ المعلوماتية) المحامي نفسه السؤال التالي: هل ترافعت في قضايا دهس او حوادث سيارات وما هي نسبة المرأة فيها؟؟ فأجاب: نعم كثيرة هي حوداث السيارات كالتصادم والدهس وسواها، وغالبا ما يكون اصحابها اقصد المتسببين بها والمتضررين منها هم رجال، بل في الحقيقة لم امسك حتى الان قضية حادث مروري تسببت به امرأة، وهذا دليل على انها ملتزمة بآداب السياقة والمرور، على الرغم من اعداد النساء المتزايدة في هذا المجال.

والخلاصة نقول أننا تابعنا فعلا تزايد عدد النسوة اللواتي يقدن سيارات في شوارع المدينة، ولاحظنا بالفعل توازن وهدوء النساء في قيادة السيارة، وهذا التوازن يجعلها محط اعجاب الجميع، ويسمح لتطور هذه الظاهرة لصالح المرأة، خاصة انها صارت تحتاج التنقل من مكان الى آخر بحكم دورها المجتمعي العملي المتنامي، هي حينما تتنقل بسيارتها الخاصة افضل لها واكثر امنا واكثر اعتمادا على نفسها بدلا من الاعتماد على الرجل، ليس من باب عدم التعاون، وانما من باب إعطاء المرأة فرصة افضل في ادارة شؤونها وحياتها والاعتماد على نفسها وجهدها الشخصي اكثر فأكثر.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي