المواطن العراقي بين العمل في القطاع الخاص والعام
زهراء حسن
2015-04-08 08:48
يتعايش القطّاعان العام والخاص في اقتصاديات جميع الدول، إلاّ أنه يختلف من حيث الدور والحجم لكل منهما من دولة الى اخرى، تبعاً لطبيعة النظام الاقتصادي المتبع في هذه الدولة أو تلك، وقد احتل القطّاع العام في الدول النامية ومنها العراق أهمية كبيرة من حيث حجمه وسيطرته على مفاصل الاقتصاد، إذ لا يخفى على المتتبعين للتطور الاقتصادي الحديث ان الدول النامية بعد حصولها على استقلالها السياسي لجأت الى السيطرة على أهم القطاعات الاقتصادية لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية، فرضتها الظروف في حينها، منها تحقيق العدالة الاجتماعية في توفير السلع والخدمات الاساسية للمواطنين بأسعار معتدلة، والاسهام في زيادة النمو وتحسين مستوى المعيشة من خلال تنفيذ مشاريع البنى التحتية، والابقاء على مستوى معقول من التشغيل وتوفير فرص العمل وتوجيه الموارد نحو انشطة الاستثمار الرئيسية التي تخدم المصالح العامة والتأثير الإيجابي على الصادرات.
لم يتخلف العراق عن التوجه للقطاع الخاص بعد عام 2003 إذ ان السياسة الاقتصادية للعراق الجديد هي اعتماد اقتصاد السوق، وقد اكد الدستور العراقي بالمادة 25 منه على تشجيع القطاع الخاص وتنميته، كذلك تطور الحياة الاجتماعية وحاجة العائلة العراقية الى تعدد الموارد دفع بالكثير الى العمل في القطاع الخاص، لزيادة الموارد بما يتناسب مع الاحتياجات المتزايدة للعائلة، ولكن هناك من يفضل العمل في دوائر الحكومة، وهناك العكس يفضلون العمل في القطاع الاهلي، وكل طرف له اسبابه، ولكن يبقى العمل في القطاع الخاص أكثر أهمية من العام، كونه يفسح المجال للابداع والتطور اكثر من العام بحسب رأي الخبراء.
وقد قامت (شبكة النبأ المعلوماتية) باستطلاع آراء بعض الاشخاص في قضية العمل والمفاضلة بين القطاعين الخاص او العام، فكان سؤالنا، أين تفضّل العمل في القطاع الخاص أم العام، وما هي المزايا التي يقدمها كل منهما؟:
القطاع الخاص وتدنّي الأجور
الاجابة الاولى عن سؤالنا كانت للسيدة نور النصراوي (مُدرّسة لغة فرنسية في مدرسة اهلية) فقالت في هذا الشأن: القطاع الخاص في العراق هو عبارة عن ابتزاز وامتصاص لطاقة ومجهود الشخص مقابل اجور زهيدة جداً جداً مع سوء المعاملة هذا بالاضافة الى متاعب العمل العادية، لكن في اوربا وامريكا يعتبر العمل في القطاع الخاص فرصة جيدة، لان الاجور تكون عالية ويوجد هناك تقييما منصفا للعمل. اما بالنسبة للافضل فالقطاع العام افضل لانه يعتبر ضمان لمستقبل الشخص. في حين لا يوجد ضمان في القطاع الخاص في البلدان المتأخرة او النامية كالعراق، واقول هذا الكلام عن تجربة، لاسيما أن المدرّس مثلا يواجه مشكلة عند تدخل أولياء الامور بالصغيرة والكبيرة وسواء كانوا على حق أو من دون حق، اما اذا كان العمل في مؤسسة حكومية فلا يتدخل احد في عملي. ولكن هناك ايجابيات للعمل في القطاع الخاص تتمثل في سد الفراغ وممارسة الاختصاص واكتساب الخبرة.
ساعات العمل في القطاع الخاص
السيدة نسرين حسين (موظفة في دائرة الموارد المائية) كان لها رأي آخر إذ تقول: القطاع العام افضل من القطاع الخاص، لأنني أرى أن هناك حالات استغلال لمن يعمل في القطاع الخاص بسبب سوء الاوضاع وعدم توفر العمل في القطاع العام، فغالبا ما يكون الاجر في القطاع الخاص قليل مقارنة مع عدد ساعات العمل.
وكذلك قد يتعرض العامل في القطاع الخاص الى التهديد بالطرد في اية لحظة، وقد يكون ذلك بسبب افلاس رب العمل او عدم رغبة رب العمل بوجود ذلك العامل بسبب مصالح شخصية، او قد يكون رب العمل غشاش والعامل لا يقبل الغش، علما لا توجد ضوابط وقوانين تضمن حق العامل في القطاع الخاص من مزاج ورغبة رب العمل، الذي يبحث عن الربح اولا حتى لو كان ذلك على حساب حقوق العامل.
اما القطاع العام فالأجر ثابت وليس هناك خوف من الطرد او فقدان العمل، إلا في حالة انتهاء المشروع، اذا كان العمل في المشاريع المؤقتة، اما المشاريع الدائمة فيكون ثابتا ويتجدد في كل فترة، كما هو الحال في الاجور اليومية في اغلب دوائر الدولة، حيث يتجدد العقد كل ثلاثة اشهر، اما القطاع الخاص في العراق لا يوجد تقاعد او دخل ممكن ان يعيش منه الانسان في حال انه أصبح عاجزاً عن العمل، وهذا يتطلب تشريعات قانونية ملزمة تحمي العمالة في القطاع الخاص، حتى يكون هناك توجّه ورغبة للعمل في هذا القطاع، خاصة انه يمتلك دورا كبيرا في تطوير البلاد. وفي اكثر دول العالم هناك نظام يدعى بالاستقطاعات التقاعدية حتى في القطاع الخاص، يفرض على اصحاب العمل حيث يتم أخذ جزء من الراتب من اجل مرحلة التقاعد لكن للأسف هذا النظام غير مفعّل في العراق.
التعيين يقتل الابداع
من ناحية اخرى هناك رأي آخر للسيد محمد مصطفى (مدير مفوض سابق في شركة سياحة وسفر) إذ يقول : لا شك أن القطاع الخاص افضل من العام، وذلك بسبب حرية التحرك وحرية التجارة والاستثمارات ويكون راتب القطاع الخاص اعلى من راتب القطاع العام، وذلك لان راتب القطاع العام يكون ثابتا ومحدودا بينما في القطاع الخاص يكون اعلى، وذلك لكوني مدير لشركة فكان دخلي جيد جداً. ولكن القطاع الخاص في العراق دوره متراجع وذلك لعدم وجود الضمان الاجتماعي، اما القطاع العام الميزة الوحيدة فيه التقاعد وهي تؤمن حياة المتقاعد وعائلته، ولكن القطاع الخاص لا يوجد اي تأمين، وذلك فقط في العراق بسبب الظروف التي يمر بها. علماً ان التعيين في القطاع العام يقتل الابداع والروتين الاداري.
واخيرا نرى أنه لابد من ان يتم اتخاذ الخطوات الصحيحة لمعالجة النواقص في القطاع الخاص، ضمن تشريعات واضحة وملزمة، لاسيما أن دور القطاع الخاص يمكن أن ينقل الدولة والمجتمع من حال الى حال، ولكن بسبب الظروف التي يمر بها العراق يستلزم من القطاع العام القيام بدور فاعل وان يقود عملية اعادة الاعمار والتنمية من خلال توفير الخدمات اللازمة، ومع ذلك من الخطأ إهمال القطاع الخاص.