اختلاف نتائج الفحوصات في المختبرات الطبية يؤرق المرضى ويستنزف ميزانياتهم
انتصار السعداوي
2015-03-30 11:43
أصبح اختلاف نتائج الفحص المختبري للحالات المرضية هاجسا يؤرق المرضى وذويهم، ويستنزف ميزانياتهم ويضاعف من تكاليف علاجهم. مما يؤثر سلبا على حالة المريض النفسية والصحية ويؤخر مراحل علاجه، فضلا عن بعض النتائج الخطيرة الخاطئة التي قد تعرض المريض إلى خطر الموت، مثل النتائج المختبرية الخاصة بالأورام السرطانية أو فحص الحمل، أو الفحوصات الهرمونية. وكثيرة هي الآهات والحكايات التي صرح بها المرضى لـ "شبكة النبأ المعلوماتية" عن هذا الموضوع.
أخطاء قاتلة !
السيدة إيلاف كانت سعيدة جدا بظهور علامات الحمل لديها بعد عامين من زواجها ونصحتها طبيبتها ان تؤخر فحصها عشرة أيام لتقطع الشك باليقين وفعلا ذهبت إلى مختبر خاص (فأخبرها إن النتيجة سلبية ولا يوجد حمل). وتحت أعباء المهام المنزلية الصعبة وعدم اهتمامها بصحتها أجهضت طفلها وطلبت منها الطبيبة ان ترى تقرير الفحص الذي يقول إنها لم تكن حاملا وتأكدت منه ونصحتها الطبيبة بأن تقدم شكوى على المحلل وتقاضيه، لكنها لم تفعل لان زوجها لجأ إلى تسوية الموضوع عشائريا.
وفي منطقة الإسكان التقيت بالسيدة أم رزاق/60 سنة وقالت إن السكر غير منتظم لديها واضطر الطبيب أن يرسلها إلى عدة مختبرات ولم يحصل على نتيجة مقنعة ولتتضح لديه الصورة طلب مني أن أقوم بفحوصات وتحاليل أخرى للدم وقياس الضغط وفحوصات كثيرة لان الضغط يرتفع أحيانا وينخفض أحيانا أخرى وتضطرب حالتي كثيرا وتتساءل أم رزاق: إلا يوجد مختبر جيد في كربلاء ممكن ان يعطي نتائج دقيقة لجميع التحليلات والفحوص بدل التجوال على المختبرات مما يجعل حالتي الصحية والنفسية تسوء أكثر؟.
السيدة سهيلة/50 سنه تقول: كتلة صغيرة في الثدي الأيمن أثارت شكوكي وشكوك الكادر الطبي في مركز الفحص المبكر لسرطان الثدي فقررت الطبيبة فحص عينة من الدم للتأكد واظهرت نتائج الفحص الاولي ان الكتلة حميدة وقام بسحب العينة دكتور متخصص من مختبر مدينة الحسين الطبية فقرر الطبيب الجراح استئصال الكتلة (الحميدة) واخذ عينة منها للزرع النسيجي فأكدت نتائج الزرع في مختبر المستشفى ان الورم حميد ولا داعي للخوف، واحتفلت بهذه المناسبة وفرحت كثيرا وبعد اشهر شعرت بأعراض ومتغيرات كثيرة اثارت شكوكي فأخذت العينة من مختبر المستشفى وذهبت الى مختبر متخصص في الحارثية فأظهرت نتائج الفحص وجود خلايا سرطانية وبعد مامررت به من صدمة نفسية مريعة قرر الجراح استئصال كامل الثدي مع الغدد اللمفاوية وهذه المرة في مستشفى أهلي وذهبت العينات الى مختبر اهلي ايضا وأفادت النتائج بعدم وجود خلايا سرطانية. فاستغرب الطبيب الجراح ساخرا لماذا اذن استأصلنا الثدي؟ واقترح لي مختبر ذو سمعه جيدة لإعادة قراءة نفس النموذج. واكدت النتائج وجود خلايا سرطانية علما ان الفحص والقراءة تتم على نفس العينة (واضبارتي/معلوماتي الطبية) في المركز فيها جميع التحاليل وتثبت صحة كلامي.
وأتساءل: هل الزرع النسيجي فيه مجال للاجتهاد والشك والاختلاف؟؟ وهل احتمال الخطأ وارد؟
المحلل رائد غانم/بكلوريوس أحياء مجهرية وصاحب مختبر جانبي يقول أن أكثر التحليلات التي تحتمل الخطأ هي تحاليل السكر في الدم وتحاليل الحمل وذلك يعود لعدة أسباب منها اختلاف وقت التحليل واختلاف الشخص الذي يقوم بالفحص وحالة المريض اذا كان صائم او لا، ونوع التقنية المستعملة او نوع الأجهزة الطبية المستعملة في التحليل وفي أحيان نادرة تكون المواد المستعملة في التحليل منتهية الصلاحية. ويضيف رائد ان كل ما سبق هي عوامل تؤثر على نتيجة التحليل أو الفحص المختبري وبالتالي تؤدي إلى اختلاف النتائج المختبرية، ولكن هذا الاختلاف غير مقبول إلا ضمن حدود معينة. فمثلا اذا كانت نتيجة فحص السكر في مختبر معين ولمريض معين وبعد فترة صيام لمدة 12 ساعة هي (100 مغم/ ديسيلتر) فان الاختلاف المقبول بين مختبر وآخر هو ان تكون النتيجة في مختبرا آخر لفحص السكر هي بين 95- 105 أي في حدود اختلاف 10% بشرط ان تكون العينات مأخوذة تحت نفس الظروف ( أي أخذ عينة واحدة لنفس المريض وتقسيمها في أنبوبين وإرسالها الى مختبرين مختلفين )، ولكن تكون النتيجة غير مقبولة إذا كانت في مختبر مثلا 100 وفي الآخر 150 أو 200. فالنتيجة الأولى طبيعية والثانية تعني أن الشخص مريضا بالسكري وان أحدى النتيجتين خاطئة. ومن النتائج الخاطئة وغير المقبولة على الإطلاق وليس لها أي تبرير طبي مخبري أن تكون نتيجة فحص الحمل ايجابية في مختبر ما وسلبية في الآخر دون وجود فارق زمني كبير بينهما.
ويعتقد الدكتور حيدر جبر من مختبر مستشفى الحسين ان اختلاف القراءة وارد وحسب كفاءة الشخص وهذا الموضوع يحتمل اختلاف في وجهات النظر حسب القارئ وحسب التصميم العالمي الذي يعتمد عليه الطبيب فالتصنيفات القديمة تعتبر الورم حميد والتصنيفات الحديثة تعتبره (نفس الورم من نفس العينة ) خبيث.
ضوابط عمل المختبرات
من دائرة صحة كربلاء تحدث الدكتور محمد صالح مدير شعبة المختبرات بإسهاب عن ضوابط فتح المختبرات ومنح الإجازات الصادرة من وزارة الصحة. وقسمها إلى مختبرات أهليه متخصصة مستقلة ومختبرات جانبية وهي المختبرات الصغيرة التي تفتح بجانب عيادة كل طبيب ويشترط فيها عمل الفحوصات المطلوبة من قبل الطبيب المشرف حصرا وعدم نقل نماذج أو عمل فحوصات غير مقررة الى مختبر آخر.
وأوضح إن في كربلاء وإطرافها يوجد 150 مختبر جانبي و25 مختبر أهلي وتحدد الوزارة عدد الأجهزة ونوعها الواجب توفرها في المختبر الأهلي أو الجانبي ولا تشترط التعليمات بتحديث الأجهزة أو تحديد مناشئها وتفتقر مختبراتنا للأجهزة الحديثة والدقيقة وذلك لارتفاع أسعارها.
ومن الشروط المطلوب توفرها بالفاحص أو طالب الإجازة للمختبر الجانبي هو أن يكون خريج معهد قسم المختبرات وله خدمة فعلية 5 سنوات ويسمح للحاصل على بكلوريوس علوم أحياء مجهرية او كيمياء بعد دخول دورة مختبرات ولا يسمح للعمل المختبري في المختبرات الأهلية الا للحاصلين على شهادة البورد او ما يعادلها او طبيب حاصل عل الدبلوم العالي في الباثولوجي السريري او ما يعادلها ولحاصلين على الدكتوراه او الماجستير او ما يعادلها في احدي المختبرات السريرية. ويسمح للمختبر بتسلم العينات غير المسموح بفحصها على ان يتم إرسالها إلى مختبر مجاز بتلك الفحوص وتصدر النتيجة باسم المختبر الذي أجرى الفحوص.
اين تقدَّم الشكوى؟
وبين دكتور محمد للمريض المتضرر من الأخطاء الحاصلة في التحاليل ان يقدم شكوى في قسم التفتيش والشكاوي ويقدم الأوراق اللازمة التي تثبت تضرره ونصح بعدم اللجوء إلى الحلول العشائرية لانها تضعف شرعية شكواه ويذكر أن جميع صفحات التعليمات والضوابط سالفة الذكر للمحللين والفاحصين لم تحدد أسعار التحاليل بين الدم والنسيجية والهرمونات وغيرها ولم تتضمن تعليمات وضوابط للتخلص من النفايات الطبية للمختبرات وبالتالي فان كل محلل او فاحص يحرق نفاياته بطريقته الخاصة.