المرأة العاملة في رمضان: بين تحقيق التوازن واستثمار التغيير

مروة حسن الجبوري

2017-06-07 05:27

في هذا الشهر المبارك ومع ارتفاع درجات الحرارة، تبدأ المرأة العراقية يومها بالذهاب الى العمل الوظيفي (موظفة، معلمة، صحفية، عاملة...إلخ) حيث تعمل في الدوائر والمؤسسات الحكومية كالتربية والتعليم والمراكز الطبية والدوائر الأخرى، وما أن تنتهي من الدوام الرسمي، حتى تعود الى عمل ثان قد يكون اكثر ثقلا من الأول، فتكون المسؤولية اكبر على عاتق المرأة العاملة، ويعاني النساء العاملات من هذا الأمر وقد يلجأن إلى تحضير الطعام وتجهيزه مسبقا، لكسب رضا الزوج والأبناء، فتراها تعمل كالنحلة، لا تمل ولا تهدأ، من الواجب الوظيفي الى الواجب الأسري، تشمّر عن ساعديها وتدخل في معركة مع الوقت لتخرج بأجمل وأشهى الأطباق، ومع شعورها بالعطش والجوع فتثقل حركتها، لكنها سرعان ما تنهض لتكمل ما بقي من أعمال، حتى لا تقصر في أداء عملها المنزلي، ولا يكون ذلك ذريعة بسبب العمل الوظيفي.

وهناك نساء لا يستطعن تحمل تلك الأعباء أثناء الصيام، فيلجأن إلى ترتيب موعد الإجازة السنوية في هذا الشهر، فيكون هذا هو الحل الأمثل للتغلب على مصاعب المسؤوليات التي تثقل كاهلها في شهر رمضان، وفي المقابل ترى ربات البيوت أن هذا الشهر الكريم لا يمثل أي عبء أو مسؤوليات زائدة، ولكنه يحتاج إلى تنظيم وجدولة للمسؤوليات المطلوبة منها تجاه بيتها وأبنائها حتى لا تُتهم بالتقصير.

ورغم هذه المعاناة استطاعت المرأة العراقية أن توازن بين العملين المنزلي والوظيفي، وتفوقت على الرجال من حيث الأداء والحضور، ولم تجعل من الوظيفة شماعة لتقصيرها في تربية الأبناء والقيام بواجباتها، وقدمت راحة أسرتها على راحتها، وليس بالشيء الغريب على العراقية ان تقدم ذلك، فقد قدمت الكثير من التضحيات في المواقف التي كان لابد منها، وأثبتت للكلّ ان المرأة العراقية ساندت المجتمع في بناء الوطن، فكانت مسؤولة وقادرة على التوفيق بين حياتها العائلية والعملية، وأثبتت بأنها هي المجتمع وليست نصفه.

إن الحرب على داعش والوضع الاقتصادي الذي يمر فيه البلاد، يتطلب من المرأة العمل لمساعدة أسرتها، ففي السنوات الأخيرة تدهورت أوضاع البلاد وخلف القتال مع داعش الكثير من الأرامل والعاجزين عن العمل، مما اضطرها للخروج إلى العمل لتوفر لهم لقمة لعيش، والمواظبة على الذهاب كل يوم إلى العمل فهنا يعتبر العمل من الضروريات، وأفضل لها من أن تثقل على الآخرين.

وقد شاركت السيدة (إيلاف القريشي، موظفة في القطاع الخاص) في هذا الموضوع وقالت في حديثها: لا يخفى على الجميع ان شهر رمضان هو شهر الطاعة والاعمال، واغلب العوائل يتجمهرون حول مائدة رمضان، نعم الجهد يكون اكبر واحيانا نضطر الى اخذ اجازة زمنية لإنهاء الاعمال المنزلية من إعداد الطعام، وتجهيز الضيافة، وترتيب البيت، وكل هذه الامور يتطلب مني عدم التقصير في واجبات اسرتي او وظيفتي، والحمد الان رغم انني ام لولدين إلا انني محافظة على نظام الوقت وتجهيز كل شيء قبل وقت، وما ينقصني هو تقصيري اتجاه عبادتي فبعد يوم شاق من العمل، تضعف قوتي اتجاه ربي واكثر الاعمال المستحبة لا اقوم بها لانشغالي بهذه الامور، علما أن الوضع الاقتصادي يتطلب المرأة أن تعمل حرج البيت لتسهم في توفير مورد مالي إضافي للأسرة.

من جهتها تقول (رافدة علي/ موظفة): إن مسألة عمل المرأة في شهر رمضان المبارك، تستحق ان تكرم على ما تقدمه من خدمات للمجتمع ولأسراتها، فلا تجد عاملا يقوم بوظيفته من الساعة 8 حتى ساعة 2 والنصف بعد الظهر كما تفعل المرأة، وبعدها تباشر الدوام المنزلي من الساعة 3 الى وقت الفطور، مع كافة الخدمات من الطعام وغسل الثياب، ومراعاة الصغار، ومتابعة الواجب مع الاطفال ويزداد ذلك في أوقات الامتحانات، وتقوم بتأدية الواجب مع الأقرباء، وحين يبدأ أذان المغرب ترى الجميع يجلسون حول المائدة من دون أي نقص يذكر، فكان الله في عون كل امرأة بذلت نفسها وراحتها من اجل أسرتها.

وقد استطلعت شبكة النبأ المعلوماتية رأي الأستاذة (طيف/ باحثة اجتماعية) حول هذا الموضوع فقالت: (شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن) من هذه الآية نشعر ان هذا الشهر له مكانة خاصة عند الله لذلك جعل نزول القرآن فيه، ما نراه اليوم في بلاد المسلمين هو شهر ملء البطون، وان كثرت محافل القرآن الكريم والتجويد، لكن يبقى الطعام هو فرح الصائم كما هو في مضمون الحديث، وكل عمل يقوم يضاعف له، فكيف بعملين؟ سؤال يراودني كثيرا ما حال المرأة العاملة في هذا الشهر؟ جاء في سورة الأحزاب: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)، في هذه الآية شاركت المرأة والرجل، في الواجب العبادي، اما في العمل فكانت الآية: (وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)، عمل المرأة في شهر رمضان مع ارتفاع درجات حرارة، أمر متعب جدا، وان اغلب النساء يتعرضن الى وعكة صحية في هذا الشهر من اثر الضغوط، فتراها تعمل في الدوام، وتعود الى البيت وتعاود العمل، وهذا الامر يجهدها كثيرا، وخاصة ان كانت ذات مسؤولية كبرى منها الاولاد والزوج واهل الزوج ان كانت تسكن معهم، وكي لا تشعرهم بقصورها او تتفادى المشاكل معهم، تعمل كل ما يطلبون منها، ولا تشعر بطعم السعادة في رمضان كغيرها فتبدأ فترة تجهيز الطعام لأهل المنزل من الظهيرة حتى قبل أذان المغرب ، الأمر الذي يكلف المرأة وقتاً أطول في المطبخ، فعن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال: (وأيما امرأةٍ ناولت زوجها شربةً من ماءٍ فكأنما أعتقت رقبةً، وسقاها الله من الكوثر سبعين شربةً قبل أن تدخل الجنة، وألبسها حلةً من حلل الجنة)، فكيف ان كانت برقبتها عائلة كاملة ماذا سيكون اجرها، وحديث اخر (وأيما امرأةٍ وضعت مائدةً بين يدي زوجها كتب الله لها بذلك عبادة سنةٍ، وكتب لها بكل رغيفٍ وضعته بين يدي زوجها عشر حسناتٍ، ورفع لها عشر درجاتٍ، ووضع على رأسها تاجًا من نورٍ مكلل بالدر والياقوت)، فلولا عطاءها لما جاء التكريم.

وهناك بعض الوصايا للمرأة العاملة .

- اتبعي تنظيم الوقت وعدم هدره. واستغلي اوقات فراغك بقراءة القرآن والاعمال المذكورة في هذا الشهر، حتى يزداد رصيد اعماك.

- عدم تكلفة النفس في ما لا قدرة لكِ عليه، ( ولنفسك عليك حق) من خلال الطبخ والحلويات واجعلي قائمة في اعداد الطعام حتى لا تشعرين بالحيرة والقلق ماذا اطبخ، او تجهيزه من قبل يوم.

- استعيني بالتسبيح من خلال وقوفك في المطبخ ليسهل الامر.

- تعاوني مع اسرتك في اعداد الطعام من السلطة والعصائر سيخفف عنك لو كان قليلا.

- خذي قسطا كافية من الراحة بعد الفطور حتى لا تتعرضين لازمة صحية.

- في يوم العطلة انجزي ما هو متوقف من الاعمال ولا تنسين الراحة والنوم في هذا اليوم.

- اشعري نفسك بالسعادة وحاولي استغلال هذا الشهر لتغير مسار حياتك.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي