ماذا لو كنتِ الزوجة الثانية؟

اخلاص داود

2017-03-23 09:19

ما أن صرحت النائب جميلة العبيدي، الأحد 12-3-2017، مطالبة من مجلس النواب بتشريع قانون يسمح بتعدد الزوجات، مع صرف حوافز مادية لتشجيع الازواج، حتى تناقلتها جميع وسائل الاعلام بين مؤيد ومعارض، وناقم وصامت احتدمت الاراء وتصادمت، ونزلت المنشورات بصفحات التواصل الاجتماعي بحس الفكاهة ومن باب المزاح والجد، ادلى كلٌ بدلوه في التعليقات، وكثر الكلام واللغط عن تصريح الجميلي واتهمها البعض انها دعاية انتخابية ويرى البعض انها وضعت يدها على الجرح اما الاخر ففسرها انها اخطأت في تصويب الحل، لا سيما ان احدى إفرازات الحروب والويلات التي مر بها العراق زيادة الأرامل والمطلقات والتي تبلغ 4ملايين حسب تصريح النائب الجميلي.

لهذا ولمعرفة اراء النسوة بهذا الخصوص وماهي اسباب النساء المؤيدات من الرافضات وهل فعلا تعدد الزوجات للرجال يعتبر حل جذري ام مؤقت أم يجر معه تبعات اكبر على المجتمع العراقي وللرد على هذه التساؤلات قامت (شبكة النبأ المعلوماتية) بتحقيق بهذا الخصوص ولم تكن مناكفة سياسية بقدرماهو تحقيق يكشف جانب من اراء النسوة تحديدا.

بدأنا رحلتنا من كلام السيدة ام بهاء الغريب والمثير للشك على الاقل بالنسبة لنا حين قالت بكل ثقة: لا مانع عندي ان يتزوج زوجي بعشرة اخريات بشرط ان يوفر لي مسكن مريح يأويني انا واولادي بدل (الخرابة) التي نسكن بها مع خبزة حلال هانئة، فماذا تفعل زوجة لها اربعة اطفال وتعيش بفقر وعوز مادي بزوج عاطل عن العمل بسبب اهمال الدولة لشريحة البسطاء، وفاقد لحس المسؤولية، وبخيل بالكلمة الطيبة، فالزوج ليس عظمٌ وجلد متحرك فقط انما عطاء مادي ومعنوي واذا كانت النائب العبيدي ترى ان زوجي يستطيع ان يكون واحداً ممن يساهم بحلول مشاكل الدولة ، فلتزوجه عشرة وتعطيني مقابله بيت وراتب.

السيدة ام رقية وهي ارملة وام لبنت واحدة قالت مستغربة: لا اعرف لماذا كل هذا الهجوم والسخط على قرار قد ذكره الله سبحانه وتعالى منذ بداية التاريخ الاسلامي لكن انانية النساء غفلت عنه رغم فائدته الكبيرة في صون سمعت المرأة وكرامتها وحتى لا تصبح عرضة للمساومات وعن نفسي انا ما زلت شابة وزوجي توفي في حادث سير فهل ابقى بدون زواج علما ان الشاب غير المتزوج وحسب اعرافنا وتقاليدنا ينبذ فكرة الزواج بأرملة لكن المتزوج شيء طبيعي ان يتزوج من الارملة او المطلقة، وهذا قانون ليس غريب على المجتمع العراقي ففي الحرب العراقية الايرانية اقر هذا القانون وشجع على الزواج بنساء الشهداء مع مبالغ مادية تشجيعية.

طالبة الماجستير قسم علوم حياة سهاد فالح لها راي مختلف حين قالت: لماذا نربط سعادة المراة ونجاحها بالزواج وننسى انها مخلوق قوي ويحمل نفس مواصفات الرجل في الارادة والعزم والذكاء وووو..الخ، ونجاح المراة في المقام الاول في دراستها وعملها ومبادرات انسانية كثيرة تجعلها في قمة السعادة والارتياح، فلا يبني الانسان ويسعده غير عقله، اما الارتباط مع شخص من اجل السعادة والنجاح فيأتي بالدرجة الثانية.

لهذا انا لا اوافق السيدة العبيدي جملة وتفصيلا، وكان الاحرى بها ان تشجع الشباب بالطرق المادية والمعنوية وتوفير فرص عمل من اجل الزواج وبناء حياة اسرية صحية وبهذا تكون قد عالجت ظاهرة العنوسة، وايضا الطلاق لاسيما ونحن نعاني من حالات طلاق تتزايد ومن اسبابها العوز المادي.

ام محمد تملك مجمع تجاري تبلغ من العمر ثلاث وخمسون عاما قالت: بعد ان انجبت له ابنتان وزواج دام 20 سنة تزوج زوجي بامراة تصغرني بالعمر ورغم تشجيع اخوتي لي على الطلاق رفضت ان اترك بناتي وبيتي، ولكني حملت عتب وحزن على زوجي وقدري البائس، و دارت الايام وخفت من الوحدة وانا ارى بناتي قد تزوجن، لكن ضرتي رزقت بولدين عوضنا الله بهم وحين مات زوجي استعنت بهم رغم صغر سنهم في العمل، وصبحوا ينادوني (ماما) فانا امهم التي ربتهم كون ضرتي قد اصابتها طلقة في راسها في احتدام بين الشرطة واحد الارهابيين في منطقتنا السكنية لكنها بعيدة فلم تقتلها، وانما اثرت على ذاكرتها فهي تتذكر احداث ساعة ثم تنسى ماكان قبله، اليوم انا سعيدة بأولادي المطيعين لي واحبهم ويحبوني وكذلك اكسب الاجر والثواب الاعتنائي بضرتي واحمد الله واشكره ان لي اولاد سيعتنون بي في كبري ويديرون العمل بعد وفاتي، وكما قال تعالى :( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ). [البقرة: 216[.

وبعد تجربتي اقول ليس الضرة ضررا دائم على الزوجة الاولى، ربما تكون منفعة خفية، وانا مؤيدة لكلام السيدة العبيدي بشرط ان يكون الزواج بطريقة صحيحة ولا ظلم اوتفرقة يلحق الزوجة الاولى في حين ان الناشطة في حقوق الانسان سهام العلي لها راي اخر حيث تقول: كما يقول المثل (سكتت دهرا ونطقت كفرا) وهذا ينطبق على العبيدي تلك النائب التي لم نسمع لها صوتاً مطلقا في كثير من المشاكل، برغم ان العراق عبارة عن كتلة من المشاكل تكلمت اخيرا وياريتها لم تتكلم !!، كان من الاجدر بها ان تطالب بمساعدات مادية وتوفير ورش عمل وتخصيص درجات وظيفية في كل وزارة لهذه الشريحة لتكتفي ذاتيا ومعنويا ثم تختار الشخص الذي يناسبها وليس (خذ وهاك ) وعلى اسس غير سليمة، لتكون المراة التي لم يحالفها الحظ ولا تجد انسجاماً مع ذلك الزوج ارملة من الاول ومطلقة من الثاني.

السيدة ام قيس تقول :ان الانسان بطبيعته اناني وربما المراة اكثر انانية من الرجل خصوصا لو تعلق الامر بشيء تحبه او يخصها فتلغي كل شيء حتى التعاليم الدينية السمحاء وعن نفسي لي بنت مطلقة ولا امانع بتاتا ان تتزوج برجل متزوج بشرط ان يملك اخلاق طيبة وميسور الحال ، لكنني ارفض رفضاً قاطعا ان يتزوج زوجي بأخرى،فانا واثقة ان الزوجة الاخرى ستتسبب بتفكك اسرتي وابتعاد زوجي عني وعن اولادي فالمشكلة بنا نحن النساء نرضاها لغيرنا ونرفضها على انفسنا، ومع ذلك فأنا مع تصريح النائب جميلة العبيدي واهنئها على شجاعتها حين دعت زوجها ليطبق الشريعة الاسلامية السمحاء والزواج بمثنى وثلاث ورباع.

هيفاء عبد الله مدرسة في ثانوية للبنات من كربلاء قالت:وفق الشر ع ان الله سمح للرجال الزواج بمثنى وثلاث ورباع وما ملكت ايمانهم ، ومانتمناه على بنات حواء ان ينظرن بعين الانسانية والحب لنظيراتهن خصوصا ان الاعداد بتزايد مخيف وله تبعات واثار سلبية على المجتمع والمراة كائن لطيف وودود ويستمد قوته من الرجل سواء كان (اخ، اب، زوج ) مهما حاولت ان تبين قوتها وعدم احتياجها له.

ختاما، نرجو من الحكومة الاهتمام الحقيقي بهذه الشريحة وايجاد حلول مستدامة لا تجر باذيالها مشاكل وتبعات تلقي بظلالها على المجتمع العراقي وتسهم بإضعاف رباط الاسرة و تفكيك نسيجه وتقطيع اواصره وان تقوم بدراسة شاملة على يد خبراء من مختلف الحقول الانسانية والعلمية لجعل هذه الشريحة معززة مكرمة في بلادها من خلال قوانين وقرارات تذلل لهن العقبات التي تواجههن والعنصر المادي من اهم العناصر والمحرك الرئيس بجعل المراة لا تقدم تنازلات وتهدر كرامتها، ولا نريد ان ننسى ان الزواج الناجح ذلك الذي يبنى على اساس الحب والاحترام والتفاهم وليس من اجل حاجة مادية او مصلحة.

ذات صلة

التنمية المتوازنة في نصوص الإمام علي (ع)أهمية التعداد السكاني وأهدافهالموازنة في العراق.. الدور والحجم والاثرفرصة الصعود في قطار الثقافةموقع العراق في سياسة إدارة ترامب الجديدة