ليلة القبض على بلاتر وتبخر أحلام الامبراطور

وكالات

2015-05-28 04:20

اعتقد السويسري جوزف بلاتر بأن انتخابه لولاية خامسة على رأس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" سيكون مسألة روتينية كما جرت العادة خلال الانتخابات الاربع السابقة رغم وجود الامير علي في وجهه، لكنه استيقظ صباح الاربعاء على زلزال قضائي تسبب بارتفاع الاصوات المطالبة برحيله.

وفي ما يتحضر بلاتر لافتتاح الجمعية العمومية من اجل انتخاب رئيس للسلطة الكروية العليا الجمعة في زوريخ، جاء موقف الشركات الراعية لفيفا من اجل زيادة الضغط على السويسري ومن يدور في فلكه.

فشركات مثل كوكا كولا واديداس وماكدونالد وفيزا دفعت ملايين الدولارات من اجل رعاية فيفا وبطولاته ولا تريد ان "تلوث" سمعتها من خلال ارتباط اسمها بمنظمة يشوبها الفساد، ولذلك طالبت فيفا بان "ينطف" نفسه.

وقالت شركة فيزا انها ستعيد تقييم ارتباطها بالاتحاد الدولي الا في حال قام الاخير بإعادة بناء نفسه ضمن ثقافة تعاونية، وان "تكون الممارسات الاخلاقية القوية" في قلب كل ما يقوم به.

ورغم الزلزال الذي هز السلطة الكروية العليا والتوقيفات السبعة التي قامت بها السلطات السويسرية بطلب من القضاء الاميركي الذي وجه بدوره تهمة التآمر والفساد الى تسعة مسؤولين منتخبين في الاتحاد الدولي وخمسة مسؤولين كبار بسبب مخالفات ارتكبها المتهمون على مدى الاعوام الـ24 الاخيرة، اكد فيفا بان الكونغرس والانتخابات الرئاسية سيقامان في الموعد المحدد.

ويأتي تشبث الاتحاد الدولي رغم مطالبة العديد من الشخصيات والمنظمات الفاعلة في كرة القدم العالمية بتأجيل الانتخابات وعلى رأسها الاتحاد الاوروبي لكرة القدم، ورغم الانتقادات اللاذعة لبلاتر في وسائل الاعلام العالمية ورغم ما صدر عن النائبة العامة الاميركية لوريتا لينش التي قالت في مؤتمر صحافي حاشد في نيويورك ان مسؤولي الاتحاد الدولي "افسدوا" اللعبة.

واعتبرت لينش ان مسؤولي "فيفا" حصلوا على رشاوى في التصويت لمنح كأس العالم لجنوب افريقيا عام 2010، وهو ما اعتبره الاتحاد المحلي مجرد مزاعم، وتحدثت عن النسخة المئوية من "كوبا اميركا" 2016 والمقررة في الولايات المتحدة بحصول رشاوى فيها تقدر بنحو 110 ملايين دولار.

وبطبيعة الحال، كان الانكليز من المطالبين برحيل بلاتر بعد ان خسرت بلادهم حقق استضافة مونديال 2018 لمصلحة روسيا، وقال رئيس الاتحاد الانكليزي لكرة القدم غريغ دايك: "سيب بلاتر يجب عن يرحل... لا توجد هناك اي طريقة لإعادة بناء الثقة بفيفا في حال بقي بلاتر في مكانه... فيجب عليه اما ان يستقيل، او يخسر في التصويت (في انتخابات الجمعة ضد الامير علي) او يجب ان نجد طريقه ثالثة". يحسب فرانس برس.

ومن جهته طالب الاتحاد الاوروبي لكرة القدم بعد اجتماع مكتبه التنفيذي في وارسو بتأجيل انتخابات رئاسة الفيفا 6 أشهر، وقال امينه العام جياني انفانتينو "ان الاتحاد الاوروبي يعتبر ان كونغرس الفيفا يجب ان يؤجل وان انتخابات الرئاسة يجب ان تحصل خلال ستة اشهر".

وواصل "هذه الاحداث تظهر مجددا بان جذور الفساد عميقة في ثقافة فيفا"، محذرا بان اعضاء الاتحاد القاري قد يقاطعون الكونغرس الذي قد يتحول الى "مهزلة".

اما نجم البرازيل السابق روماريو الذي اصبح لاحقا سيناتور، فأمل ان تتسبب الهزة التي حصلت الاربعاء بخسارة بلاتر، مطالبا بـ"قائد جدير" لادارة اللعبة، مضيفا "امل ان يتسبب ذلك بتغيير شيء ما، وهناك امل، على اقله بالنسبة لي شخصيا، بان يتم ايقاف بلاتر".

لكن فيفا وعلى لسان مسؤوله الاعلامي والتر دي غريغوريو اكد الاربعاء في مؤتمر صحافي بان بلاتر والامين العام جيروم فالكه ليسا متورطين في قضية الفساد، لكن قد يكون ذلك "حتى اشعار اخر" لان كيلي كوري، المدعي العام الفدرالي في بروكلين بالوكالة، قال بان الاتهامات الـ14 "هي بداية جهودنا وليس نهايتها".

اما النائبة العامة الاميركية لوريتا لينش فتحدثت عن ان الرشاوى امتدت الى حملة انتخابات رئاسة الاتحاد الدولي 2011 والى "اتفاقات حول رعاية المنتخب البرازيلي لكرة القدم من شركة ملابس اميركية كبرى".

واشارت السلطات الاميركية الى ان ستة اشخاص اخرين اقروا بالذنب في هذا الملف بين تموز/يوليو 2013 وايار/مايو 2015 بينهم الاميركي تشاك بليرز امين عام اتحاد كونكاكاف السابق وعضو اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي سابقا بالاضافة الى نجلي جاك وارنر رئيس اتحاد كونكاكاف سابقا.

واوضح تشارلز ويبر المسؤول عن الضرائب في الولايات المتحدة ان بليزر لم يصرح في 19 عاما عن 11 مليون دولار اميركي مضيفا "هذه كأس العالم للاحتيال. لقد رفعنا اليوم البطاقة الحمراء".

اما بالنسبة لمنافس بلاتر في انتخابات الجمعة الامير علي بن الحسين فاعتبر بان الازمة لا يمكن ان تستمر بهذا الشكل في الفيفا، مشيرا الى ان الاخير في حاجة الى قيادة تتقبل تحمل المسؤولية لافعال المؤسسة وعدم القاء اللوم على الاخرين.

وقال الامير علي في بيان رسمي: "لا يمكن لازمة الفيفا ان تستمر بهذا الشكل، انها ازمة مستمرة منذ فترة ولا تتعلق فقط باحداث اليوم".

واضاف "يحتاج الفيفا الى قيادة تحكم، تعتني وتحمي اتحاداتنا الوطنية. قيادة تتقبل تحمل المسؤولية لافعال مؤسستها ولا تحمل المسؤولية الى الاخرين. قيادة تعيد الثقة الى مئات الالاف من انصار اللعبة حول العالم".

اما بلاتر نفه، فأقر بان الفيفا يعيش "وقتا صعبا" وتعهد بطرد المسؤولين المذنبين من اللعبة.

وفي اول رد فعل له، قال بلاتر الاربعاء في بيان: "هذا وقت صعب لكرة القدم، المشجعين والاتحاد الدولي كمنظمة. نتفهم خيبة الامل التي عبر عنها كثيرون واعرف ان احداث اليوم ستؤثر على نظرة الناس الينا".

وتابع: "دعوني اكون واضحا، سلوك مماثل لا مكان له في عالم كرة القدم وسنعمل على ضمان وضع الضالعين بهذا الامر خارج اللعبة".

ورغم الزلزال الكبير التي حصل الاربعاء وستتواصل تداعياته لاشهر وربما اعوام مقبلة، جدد الاتحاد الاسيوي دعمه لبلاتر ورفض اي تحرك لتأجيل الانتخابات.

وجاء في بيان للاتحاد الاسيوي: "ان الاتحاد الاسيوي يعرب عن خيبة امله وحزنه لاحداث اليوم (امس) في زيوريخ، لكنه يرفض اي تأجيل لانتخابات رئاسة الفيفا".

ولم يمر ورود اسم مونديال روسيا 2018 في الشبهات مرور الكرام عند الروس الذين دعوا بدورهم الولايات المتحدة الى وقف محاولاتها لفرض العدالة خارج حدودها.

واصدرت وزارة الشؤون الخارجية في روسيا بيانا جاء فيه "ندعو واشنطن باصرار لوقف محاولاتها بفرض العدالة بعيدا عن حدودها وفقا لمعاييرها القانونية، وباتباع الاجراءات القانونية الدولية المقبولة بشكل عام".

بدوره يكرر رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الفرنسي ميشال بلاتيني منذ عام أن الفيفا "بحاجة إلى "هواء نقي" متهما بلاتر بالتمسك بالسلطة "خوفا من الفراغ". ودفع الإجراءان القانونيان المدويان اللذان ضربا الفيفا أمس الأربعاء بسبب الفساد على مستوى عال، الاتحاد الأوروبي للعبة إلى إخراج أسلحته الثقيلة.

فمن وارسو حيث كان كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي يحضرون المباراة النهائية لمسابقة يوروبا ليغ، طلب رواد اللعبة في القارة العجوز تأجيل مؤتمر الفيفا وانتخاباته الرئاسية. ومن المبكر جدا معرفة ما سيؤول إليه هذا الطلب.

قبل أربعة أعوام وخلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة وحده الاتحاد الانكليزي عارض التصويت. لكن المجتمِعين وافقوا على التصويت صباح انعقاد الكونغرس مستبعدين طلب الاتحاد الانكليزي. أمس الأربعاء، طلب رئيس الاتحاد الانكليزي غريغ دايك من سيب بلاتر التنحي عن منصبه. وقال "ليس من الممكن استعادة الثقة داخل الفيفا في حال بقاء بلاتر على رأسها".

وسيكون الخميس يوما جديدا مميزا في زيورخ. الاتحاد الأوروبي سيعقد اجتماعه التقليدي قبل الكونغرس على غرار ما تقوم به عادة معظم الاتحادات القارية المنضوية تحت لواء الفيفا، لكنها ستكون بالتأكيد خاصة هذا العام كونها ستعقد على وقع فضيحة مدوية.

كما درج التقليد على أن يلقي بلاتر رسالته على الاتحادات في هذا الإطار. السويسري صاحب ال79 ربيعا قد يتخلى عن هذا التقليد على الأرجح. وكان رئيس الفيفا منذ عام 1998 قد استغنى عن الحديث أمام اتحادات أوقيانيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية بالأمس لان اليوم لم يكن ملائما بعد التسونامي الإعلامي لمداهمات الشرطة لأحد الفنادق الفاخرة التي يرتادها المسؤولون عن الفيفا ولمقر الهيئة الدولية، في إجراءين قضائيين منفصلين.

في العام الماضي في ساو باولو، عندما قام بلاتر بزيارة الاتحاد الأوروبي، تم استقباله ببرودة. رئيس الاتحاد الهولندي مايكل فان براغ أخذ الكلمة ليقول له أن فكرة ترشحه لولاية جديدة هي فكرة سيئة وحمله مسؤولية "الصورة السيئة" للفيفا. وتقدم فان براغ بترشيحه هذا العام ضد بلاتر، قبل أن يسحبه الأسبوع الماضي على غرار اللاعب الدولي البرتغالي السابق لويس فيغو، وليعلن دعمه للمنافس الوحيد لبلاتر: الأمير علي بن الحسين، أحد نواب رئيس الفيفا.

ويحظى الأمير الأردني بالدعم المطلق لبلاتيني.

كما درج التقليد عشية كل مؤتمر للفيفا، والمقرر هذه المرة غدا الجمعة، سواء كان انتخابيا أم لا، أن يقوم رئيس الفيفا بإلقاء خطاب قصير مساء قبل أن يعلن انطلاق حفلي الافتتاح وعشاء فاخر. بحسب فرانس برس.

وبما أن المؤتمر سيعقد في موعده كما هو مقرر حتى الآن، فهل سيلمح "سيب" إلى الوضع الحالي؟ وهل سيستخدم الاستعارات التي استعملها خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، في زيورخ أيضا؟ وقتها وصف بلاتر نفسه بـ"القبطان الذي لا يمكنه ترك السفينة في بحر هائج".

هل ستكون إعادة انتخابه هذه المرة مبنية على وعد بتنظيف كبير للهيئة الدولية؟ الكلمة الأخيرة استخدمها مدير الاتصال في الفيفا والتر دي غريغوريو، خلال تعليقه على الوضع عندما صدرت الإجراءات القانونية المختلفة الأربعاء.

وقال المتحدث باسم الاتحاد الدولي: "الرئيس بلاتر والفيفا بإمكانهما التنظيف (تنظيف الفساد) إلى حدود معينة، لكن بعد ذلك نحن بحاجة إلى مساعدة من العدالة".

وأضاف "لن تصدقوني، ولكن كل ما يحدث هو جيد للفيفا، ليس من أجل صورته، وليس من أجل سمعته، بل من أجل تسليط الضوء" على الفساد. لكن الفيفا لن يرغب دون شك أن يعيش يوما مماثلا.

وبعدما لزم الصمت طوال يوم خرج بلاتر عن سكوته مساء ببيان قال فيه "هذا وقت صعب لكرة القدم، المشجعين والاتحاد الدولي كمنظمة. نتفهم خيبة الامل التي عبر عنها كثيرون واعرف ان احداث اليوم ستؤثر على نظرة الناس الينا".

وتابع: "دعوني اكون واضحا، سلوك مماثل لا مكان له في عالم كرة القدم وسنعمل على ضمان وضع الضالعين بهذا الامر خارج اللعبة".

من جهته انتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين توقيف مسؤولين كبار في الاتحاد الدولي لكرة القدم ضمن تحقيق اميركي حول الفساد معتبرا انه محاولة من واشنطن "لمنع اعادة انتخاب" سيب بلاتر رئيس الفيفا في ولاية خامسة.

وصرح بوتين في تعليق متلفز تم بثه الخميس "انها محاولة واضحة لعرقلة اعادة انتخاب بلاتر رئيسا للفيفا وهي انتهاك لمبادئ عمل المنظمات الدولية"، متهما الولايات المتحدة ب"محاولة فرض قوانينها على دول اخرى".

 

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي