مرض النشر على التواصل الاجتماعي

مصطفى ملا هذال

2024-08-24 04:19

ابتليت مجتمعاتنا بظاهرة خطيرة وهي انتشار مواقع التواصل الاجتماعي واتساع مديات استخدام هذه المواقع، وانماطه واساليبه حتى اخذت مظاهر هذا الاستخدام تختلف من شريحة الى أخرى ومن فرد الى آخر، ومن غرض الى آخر، وظهرت من بين هذه الشرائح شريحة المرضى المتعلقون بشبكات التواصل الاجتماعية.

من منا ليس لديه أصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي ينشرون بشكل يومي بصرف النظر عن طبيعة ومناسبة المنشور؟

جميعنا لدينا هذا النوع من الأصدقاء الذين لا يفوتون يوم دون النشر او التعليق على حادثة او موضوع غير مهم، كأن يكون شراءه لأكله لذيذة لوجبة العشاء، او تناوله لكوب من الشاي في مقهى مع الرفاق وهكذا بقية الأشياء البسيطة التي لا تستحق النشر.

ولا ضير في نشر النشاطات الخاصة بالشخص، على الرغم من عدم وجود ضرورة لاطلاع المتابعين على الحياة الخاصة لهؤلاء الأشخاص، لكن الإشكالية المغالطات التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي والتي اعتمدها المستخدم على انها معلومات رصينة غير قابلة للنقد.

فكثيرا ما نتعرض ونحن نستخدم تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي الى رسائل صوتية ومكتوبة عن مختلف الأمور واخطرها، اذ يقوم مدعي المعرفة بنشر اخبار وأفكار خطيرة سواء كانت أخباراً مغرضة أو نصائح طبية أو غذائية أو رياضية وغيرها.

وما جعل الأمر أكثر خطورة نسبة الجهل العالية بين مستخدمي الشبكات الاجتماعية، وميلهم شبه الفطري إلى تصديق أي كلام او معلومة تم نسخها من مواقع دون تدقيق، مع عزوف واضح عن بذل ولو كان مجهوداً بسيطاً، والبحث عن مدى صحة أو حقيقة ما استمعوا إليه، أو سبق أن قرأوه.

وقد ينتشر مقطع فيديو لاحد الهواة عن نصيحة طبية غير حقيقية وغير منطقية أيضا، كأن يشرح مضمون الفيديو عدم فوائد المشي في التقليل من السمنة، والعرف الجاري والمعلومة السادة تقول ان المشي أحد اهم الطرق للتخلص من الوزن الزائد، ويأتي من يخالف هذا الطرح بفكرة غريبة.

الفكرة الغريبة تقول ان المشي غير مفيد كعلاج لهذه الظاهرة (السمنة)، مستمدة قوتها من احدى الدراسات المنشورة على مواقع لا نعرف مدى دقة معلوماتها وصحتها، ولا نعرف ما إذا كانت هذه المعلومات خاضعة للتدقيق من قبل مختصين ام غُرفت من محيط الويكيبيديا. 

ويأتيك آخر بخبر أكثر خطورة يتعلق بالجوانب الأمنية، ولا يجهل أحد ما للجانب الأمني من أهمية لدى المواطنين، نتيجة ما عانته البلاد من أوضاع امنية هشة على مدى أكثر من عقد، وبالتأكيد فان أي خبر يتعلق بهذا الخصوص يأخذ مأخذه في الأوساط.

فعلى سبيل المال روجت صفحات واشخاص لتحرك مريب تقوم به المجموعات الإرهابية في صحراء نينوى، فهل تتصور حجم الرعب والذعر الذي يمكن يحدثه انتشار هذا الخبر، لاسيما وان جميع العراقيين لديهم صور مأساوية مخزونة في ذاكرتهم من الحرب على الإرهاب التي حصدت أرواح الأبرياء من الشباب.

بعد قراءة هذه الاخبار يبقى الجمهور في حالة ترقب وشكوك عن حقيقة ما يدور في صحراء الموصل، ويبقى بانتظار الرواية الصحيحة من الجهات الأمنية والناطقين الرسميين.

كثرة النشر غير الموثوق على مواقع التواصل الاجتماعي، يمكن ان نعزيه الى المرض النفسي لبعض المستخدمين، وهنا تقضي النصيحة بتوخ الحذر وعدم تصديق كل ما تتلقى أو تسمع أو تقرأ على وسائل التواصل، فإن الباحثين عن الشهرة، ومدّعي المعرفة، وحتى الكذبة والمرضى النفسيين، في ازدياد عظيم.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا