فيسبوك.. أخطبوط افترضي يتربع على عرش العصر الرقمي

عبد الامير رويح

2015-09-03 09:50

لا تزال شركة فيسبوك أكبر شبكات التواصل الاجتماعي في العالم، تواصل تطوير نفسها من اجل توسيع انتشارها في العالم الافتراضي، من خلال اعتماد خطط وخدمات وتقنيات جديدة ومنافسة لباقي الشركات الأخرى، خصوصا وإنها اليوم تضم أكثر من 1.5 مليار مستخدم حول العالم، هذا بالإضافة إلى توسيع نفوذها المالي والإداري من خلالها شراء وامتلاك شركات ومواقع عالمية منافسة لم تستطع مقاومة ونجاح فيس بوك كما يقول بعض الخبراء. الذين اكدوا على ان جميع المؤشرات تفيد بان هذه الشركة ستحقق نجاحا كبيرا في السنوات القادمة وربما ستهيمن على العديد من القطاعات، خصوصا وانها قد دخلت في ميدان المنافسة مع شركات صناعية أخرى خارج قطاع الاتصالات والانترنت.

وقد سجل العملاق الأمريكي لشبكات التواصل الاجتماعي فيس بوك رقما قياسيا حيث تخطى عتبة المليار مستخدم في يوم واحد، ما يعني أن شخصا واحدا من أصل سبعة على الأرض استخدموا فيس بوك ذلك اليوم. وكتب مارك زاكربرغ مؤسس "فيس بوك" ومديرها التنفيذي على صفحته "اجتزنا مرحلة مهمة، فللمرة الأولى، استخدم مليار مستخدم فيس بوك خلال يوم واحد". وأضاف أن "شخصا واحدا من أصل سبعة على الأرض لجأ إلى فيس بوك للتواصل مع أصدقائه وأقربائه".

تقنية جديدة

وفي هذا الشأن فقد أعلنت شركة فيسبوك استخدام تقنية جديدة لمنع سرقات مقاطع الفيديو ونشرها على الموقع. وترصد التقنية الجديدة نشر أي مقطع فيديو على الموقع وترسل تنبيها لصاحب الفيديو الأصلي بأن هناك مستخدما آخر بث الفيديو على الموقع بدون إذنه. وكان المدون الشهير ونجم موقع "يوتيوب" هانك غرين قد انتقد في وقت سابق "رد الفعل البطيء" لفيسبوك لمواجهة تلك السرقات. ورغم الاجراءات الجديدة، أعرب برادي هاران، الذي يدير سلسلة من القنوات على موقع "يوتيوب" عن شكوكه في مدى فاعلية هذه الاجراءات لمعالجة تلك المشكلة.

ويسعى فيسبوك لتوسيع مجال أعماله، فقد أعلن في يوليو / تموز الماضي عن خططه لمنح منتجي مقاطع الفيديو التي تبث على الموقع نسبة من أرباح الإعلانات. ولكن منتجي مقاطع الفيديو مثل هانك غرين وجهوا انتقادات شديدة للموقع لفشله في مواجهة سرقة المقاطع. وكشفت نتائج بحث أجرته وكالة "اوغلفي" للإعلان في يونيو / حزيران عن أن 73 في المئة من أشهر مقاطع الفيديو على موقع فيسبوك نقلت من مواقع الكترونية أخرى.

وقال فيسبوك إن "التقنية الجديدة ستقوم بتحليل ملايين من مقاطع الفيديو ومضاهاتها بسرعة ودقة، وإذا عثرنا على مقاطع نشرت في مواقع أخرى سيتم إبلاغ المستخدم صاحب الفيديو فورا وإذا طلب منا مسح المقطع سنفعل ذلك". وأوضح الموقع أن "التقنية الجديدة ستكون متاحة لمجموعة محدودة من شركائه" حتى يتم تحسين الخدمة.

والتقنية الجديدة ستتمكن من رصد أي مقتطفات مسروقة من مقاطع كاملة بالإضافة إلى رصد مقاطع الفيديو التي يتم تحميلها من مواقع أخرى. ولكن خلافا لما يقوم به موقع يوتيوب من وقف بث أي مقطع فيديو، سيبلغ فيسبوك أولا صاحب المقطع أو منتجه بنتيجة البحث وسيطلب منه إذا ما كان يريد وقف بث الفيديو. بحسب بي بي سي.

وقال هاران، صاحب قنوات تعليمية على يوتيوب يتابعها أكثر من مليوني شخص إنه "لأمر محبط أن ترى يوميا شركات غنية تستخدم إنتاجك دون موافقتك". وأوضح هاران أن " الساعات الأولى لتحميل أي مقطع فيديو هي وقت الذروة لمتابعته. وأي حل يتضمن إخطارات وانتظار الرد يعني محاولة إصلاح الخطأ بعد فوات الأوان". وتعهد موقع فيسبوك بالتخطيط لإطلاق "نظام شامل" لمواجهة القرصنة على مقاطع الفيديو.

خدمة المساعدة الرقمية (إم)

الى جانب ذلك تشترك خدمات المساعدة الرقمية مثل آبل سيري، وكورتانا الخاص بميكروسوفت، وغوغل ناو في خاصية أساسية، وهي أن فائدتها تزيد كلما زادت معرفتها بك. وربما كان هذا هو السبب وراء طرح موقع فيسبوك لخدمة المساعدة الرقمية الخاصة به، والتي يُطلق عليها (إم) M، لبضع مئات من المستخدمين في المنطقة المحيطة بمقر الشركة في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة.

ويوضح ديفيد ماركوس رئيس خدمة ماسنجر للرسائل في فيسبوك "إم هو مساعد رقمي خاص داخل خدمة ماسنجر، ينجز المهام ويبحث عن المعلومات بالنيابة عنك. ويعمل عن طريق نظام للذكاء الصناعي، يدربه ويشرف عليه بشر".

ويضيف ماركوس "بخلاف الخدمات التي تعتمد على الذكاء الصناعي المتاحة في السوق، يمكن لنظام (إم) إنجاز المهام بالنيابة عنك بالفعل. بإمكانه شراء أغراض، وتوصيل الهدايا إلى أحبائك، وحجز طاولات في المطاعم، وإنجاز ترتيبات السفر، وتحديد المواعيد، وغير ذلك الكثير". وعمل ماركوس سابقا في شركة (باي بال) PayPal لخدمات دفع الأموال عبر الانترنت. لذا، يبدو واضحا أن خبرته تُستخدم في جعل فيسبوك منصة أكبر في ما يتعلق بدفع الأموال.

وفي حوار مع مجلة (وايرد)، قال ماركوس إن الهيكل التجاري لفيسبوك واضح "فنحن نجمع كل نواياك فيما تريد أن تفعل. وعادة ما تؤدي النوايا إلى شراء غرض، أو تحويل مادي، وهي فرصة لنا للكسب المادي مع الوقت". وبعيدا عن خدمات الدفع عبر الانترنت، فإن فيسبوك في موقف قوي للدخول في سباق تطوير خدمة المساعدة الرقمية، إذ أنه يعلم عن مستخدميه أكثر من أي موقع آخر للتواصل الاجتماعي.

فهو بالطبع يعلم عنا أكثر من آبل ومايكروسوفت. ونقطة الضعف في كل من سيري وكورتانا هو الإدراك الذي يجب أن تمنحه فعليا للنظام قبل أن يصبح مفيدا. والأمر الاستثنائي بدرجة أكبر هو أن عنصر الذكاء الصناعي في خدمة (فيسبوك إم) "خاضع لإشراف البشر". وبالرجوع إلى فيسبوك، قالوا إن الأمر ليس به إضافة كبيرة "فالمزيد من أعمال إم سوف تصبح إلكترونية بمجرد أن يتعلم الجهاز (المدخلات). وسيساعدنا ذلك في التوسع في الخدمة، والإسراع من أدائها، وتقديمها للمزيد من الناس".

ويمكن من هذا استنتاج أن خدمة (إم) لها خلفية بشرية تتمثل في فريق من الأشخاص الذين يتعاملون مع الاستفسارات الأكثر تعقيدا وصعوبة. ويفسر ذلك ضرورة جعل المزيد من المهام إلكترونية حتى يمكن إتاحة (إم) لمزيد من الناس. ووفقا لرؤية ماركوس، كما نُشرت في مجلة (وايرد)، سيكون بوسعي أن أطلب من نظام (إم) أن يتولى شأنا كاملا لصالحي. وبدلا من اضطر لأداء مهمة في الرابعة فجرا بسبب فارق التوقيت مثلا، سيقوم "مدرب إم" بإنجازها من أجلي.

وقال ماركوس للمجلة "مدربو إم لديهم خبرة في مجال خدمة العملاء. سيجرون المكالمات التي تحتاج إلى مهارة بدرجة أكبر، وتنفيذ المهام التي لا يمكن للبرنامج تنفيذها". وبحسب ماركوس فإنه كلما زادت قدرات الذكاء الصناعي، قلت الحاجة لمدربي نظام (إم). وكلما تعددت المهام التي بوسع الذكاء الصناعي القيام بها، قلت الحاجة لموظفي فيسبوك. لكن من الواضح أن شركة فيسبوك تهتم بوجود لمسة بشرية في الخدمات التي يقدمها (إم).

ويطرح هذا الأمر إمكانية ظهور مركز اتصالات عالمي قد يكون بمثابة تغيير في التوجه، وذلك في ظل المخاوف التي تسود في أرجاء العالم من أن ما تطرحه شركات التكنولوجيا من مخترعات قد يؤدي إلى اختفاء الوظائف التي لا تحتاج إلى مهارات فائقة. وقد يكون هذا النظام الجديد هو نهاية ساعات من الانتظار على الهاتف، والأسئلة الأمنية المختلفة، والقوائم التي يتم تشغيلها بأوامر صوتية عبر الهاتف.ىالجانب السلبي بالطبع هو أنك ستكون مضطرا لمشاركة بياناتك مع فيسبوك أكثر من أي وقت مضى. وعادة ما يذكرنا المتخصصون أن فقد عناصر الخصوصية هو ثمن للتمتع بالخدمات المجانية. فهل يمكن أن تتخلى عن بيانات في مقابل التخلص من رسائل خدمة العملاء المزعجة؟

عالم الأخبار

على صعيد متصل وكما تنقل بعض المصادر الاعلامية، تعكف مجموعة فيسبوك على تطوير تطبيق خاص بخدمة الأخبار العاجلة، في سعي لاقتحام غرف الأخبار وللاستثمار في خدمات مشابهة تقدمها شركات منافسة في مقدمتها تويتر. وحسبما كشف موقع Business Insider، فإن التطبيق الذي لا يزال في مراحل تطويره الأولية، سيسمح للمستخدم بتحديد وكالات الأنباء والمواقع الإخبارية التي يرغب في متابعتها والحصول منها على أخبار عاجلة وإشعارات.

وعند ورود أي خبر عاجل مصدره وكالات الأنباء والمواقع الإخبارية"شركاء النشر" التي يحددها فيسبوك سيتلقى المستخدم إشعارات مكونة من 100 حرف كحد أقصى بالإضافة لرابط للخبر المنشور. ولم يصدر أي تعليق من إدارة موقع التواصل الاجتماعي لنفي أو تأكيد هذه المعلومات، فيما قال متحدث باسم المجموعة المتخصص في أخبار التكنولوجيا، إن "فيسبوك لا تعلق على الشائعات والتكهنات". وأمام الغموض الذي يلف تفاصيل الفكرة والمشروع الإخباري القادم لفيسبوك، تشير معلومات استقاها موقع Business Insider إلى أن التطبيق وصل إلى مرحلة الاختبار Alpha.

من جهة اخرى كشفت شركة فيسبوك انها تريد خلال الفترة القادمة أن تمكن المستخدمين من تبادل أفكارهم معا والتواصل عن طريق تكنولوجيا حديثة تمكنهم من مشاركة ما يفكرون به داخل عقلهم مع أصدقائهم، بدلا من التواصل فقط عن طرق الصور والرسائل وهى تقنية معروفة باسم "توارد الخواطر". وأعلن مارك زوكربيرج خلال جلسته المعتادة عبر حسابه الشخصي عن question and answer. وهي تكنولوجيا جديدة ستستخدم لأول مرة فى العالم، وكشف زوكربيرج عن خطته لاستخدامها من خلال سماعات الواقع الافتراضى التى تنتجها الشركة.

وقال إن يوما ما سنتمكن من إرسال ما نفكر فيه مباشرة إلى أصدقائنا فى نفس اللحظة، وهذه التكنولوجيا المتطورة من شأنها إفساح الطريق لتقاسم تجربتنا الحسية والعاطفية الكاملة مع الناس المقربين. وبخصوص الواقع الافتراضى الخاص بفيسبوك قال مارك زوكربيرج إن الهدف من الـVR هو إعطاء القوة للمستخدمين لاستكشاف أي شىء حولهم بطريقة غير معتادة.

مراسلة الزبائن

في السياق ذاته أطلقت فيسبوك ميزات تتيح للشركات التجارية التواصل بشكل خاص مع الزبائن عبر رسائل، وذلك في إطار توجه شركة شبكة التواصل الاجتماعي على الإنترنت نحو جعل تطبيق المراسلة (ماسنجر) منصة مستقلة بذاتها. وبوسع الشركات التجارية الآن تضمين زر (إرسال رسالة) في إعلاناتها التي تظهر على الصفحة العامة للموقع تتيح لمستخدمي فيسبوك الضغط على زر وإرسال رسائل تكون خاصة. وإذا نشر المستخدمون تعليقا على صفحة الشركة التجارية بفيسبوك يمكن حينها للشركة التجارية أن ترسل رسالة خاصة لهذا الشخص.

وهذه الميزات جزء من جهود فيسبوك؛ لإقناع مزيد من شركات الأعمال الصغيرة والمتوسطة -خاصة تلك القائمة في الأسواق الناشئة مثل الهند والبرازيل وإندونيسيا- بالإعلان عبر الموقع. وتأمل أكبر شبكة تواصل اجتماعي من خلال إتاحة الوصول المباشر للزبائن أن تظهر بأن الإعلان عبر فيسبوك يؤدي مباشرة لزيادة المبيعات. ومن أجل تشجيع التجاوب السريع ستمنح فيسبوك شارات (متجاوبة جدا مع الرسائل) لصفحات الشركات التي ترد على 90 بالمئة من الرسائل، وترد في غضون خمس دقائق. ورغم ذلك سيظل بوسع الأفراد حجب الرسائل الخاصة القادمة من الشركات التجارية. بحسب رويترز.

وكتبت فيسبوك في تدوينة على الإنترنت أن الميزات ستتاح بشكل خاص في جنوب شرق آسيا. ويستخدم نحو ضعفي عدد المستخدمين في تايلاند وسنغافورة رسائل فيسبوك في التواصل مع الشركات التجارية كل شهر، ويتابع معظم المستخدمين في جنوب شرق آسيا صفحات الشركات على شبكة التواصل الاجتماعي. وقالت فيسبوك إنها تستضيف أكثر من 40 مليون صفحة لشركات تجارية صغيرة ومتوسطة ناشطة تسجل ما يفوق مليار زيارة تصفح كل شهر.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا