٢٠٢٠ عام التحولات الكبرى في التكنولوجيا؟
دلال العكيلي
2020-01-01 08:35
وصلت التكنولوجيا في أيامنا هذه إلى مرحلة أصبحت فيها جزءاً لا يتجزء من حياتنا اليومية، وما أن لا أحد منا يستطيع الاستغناء عنها، تستمر التكنولوجيا في التسارع، مع دخولنا في عقد جديد قادم، ومن المحتمل أن نرى تطورات هائلة في الرحلات إلى الفضاء، والحوسبة الكمية، كما سنشهد زيادة ملحوظة في انتشار البرمجيات في حياتنا اليومية، يبدو أن كل شيء حولنا في العصر الحديث في تغير وتحسن مستمرين، لذلك قد يكون من الصعب معرفة الاتجاهات التي سنشهدها قريباً، دعونا نلق نظرة على توجهات التكنولوجيا التي من المحتمل أن تحقق نمواً كبيراً في مجال الابتكار في العام والعقد القادمين.
توجهات جديدة
يتوقع الخبراء، أن يشهد عام 2020، تحولات كبرى في التكنولوجيا يمكنها أن تغير العالم وفي 2019، كان التركيز على جمع البيانات حول سلوك المستخدم، ولكن في 2020، سيُركز على ترجمة هذه الإحصاءات إلى رؤى قابلة للتنفيذ لتشكيل روابط أصلية ودائمة مع العملاء، ووضعت شركة "إي ماركتر"، قائمة في الاتجاهات الرقمية المتوقعة في 2020، في مجالات التسويق الرقمي، والإعلام، والتجارة وتشمل هذه الاتجاهات الرئيسية افكاراً عديدة منها، ستتجاوز تقنيات الصوت الحديثة السماعات الذكية لتصل إلى إمكانيات البحث المرئي.
وستبقى "غوغل" منصة البحث المهيمنة كما كان الحال في السنوات الأخيرة، لكن بعض المستخدمين قد يتحولون إلى منصات بحث أخرى، وكذلك ستفقد العديد من خدمات التلفزيون التقليدية عملاءها لصالح خدمات بث المحتوى عبر الإنترنت، مثل "نتفليكس" و"هولو" وغيرها، مما يدفع القائمين على هذا القطاع لإعادة التفكير في استراتيجياتهم، ستعمل العلامات التجارية المباشرة للمستهلك على زيادة وجودها عبر الإنترنت، من خلال تقديم متاجر تقليدية لدعم أعمالهم، وستتسبب مخاوف الخصوصية في إبعاد منافذ الأخبار والمنصات الاجتماعية عن ممارسات استهداف البيانات التي لن يتم استقبالها بشكل جيد من قبل جماهيرها، وستستمر قاعدة بيانات مستخدمي فيس بوك في التراجع، وقد يتجه العديد من المعلنين إلى منصات أخرى للترويج لبضائعهم.
كيف ستغير التكنولوجيا 2020 وما بعده؟
من المنتظر أن توفر شبكات الجيل الخامس سرعات تصل إلى 10 جيجا بايت/الثانية، لتجعلها بذلك أسرع بمقدار 100 مرة من شبكات الجيل الرابع ويجدر القول إن صناعات بأكملها سوف تشهد تحوّلات جذرية، فيما ستنشأ صناعات أخرى جديدة وستستمر الشركات في إطلاق المرحلة التالية من الجيل الخامس، والتي ستشمل شبكات خاصة مصممة لمواقع التصنيع، بما يمكّن من تعزيز إنتاجية الموظفين بشكل أفضل والكفاءة للأجهزة وزيادة الربحية.
أجهزة قابلة للطي
سوف يستمر المسئولون عن الأعمال في توفير تقنية أكثر ذكاءً، مثل شاشات العرض القابلة للطي، التي تتيح التكامل السلس بين متطلبات العمل/ الحياة، أو تخلفها عن ركب منظومة أكثر تسارعاً وفي الوقت الذي تزداد الاحتياجات في السفر والعمل عن بُعد بشكل أكبر، وتحول الشركات إلى العالمية بشكل متزايد، سوف يسعى الموظفون إلى الوسائل التكنولوجية التي تتيح تجارب سريعة وفعالة وسهلة، لا تشكّل عبئاً في طريقة عملها وحجمها.
تزايد دور تقنيات الذكاء الاصطناعي
فى عام 2020، وفي ظل تراجع حدة الضجيج والقلق، سنلاحظ أن الذكاء الاصطناعي لم يعد أحدث اتجاهات التكنولوجيا، بل هو عامل تمكين ينشط من وراء الكواليس لتوفير حلول تعمل على تحسين مستوى المعيشة وعمليات وأماكن العمل والخدمات فعلى سبيل المثال، تتوقع مؤسسة IDC أنه بحلول عام 2024 سوف تتضمن أكثر من 60% من الفنادق الفخمة في جميع أنحاء العالم مساعداً ذكياً يتعامل مع العملاء بحيث يعزز مستوى الذكاء الاصطناعي لتحقيق تجربة أفضل للعملاء.
الخصوصية ستتصدر مطالب المستهلكين
كشفت نتائج دراسة أجراها المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2019 أن 57% من المستهلكين غير مطمئنين إلى طريقة تعامل الشركات مع بياناتهم وعلى العكس من ذلك، يكشف تقرير صادر عن شركة الخدمات المهنية KPMG أن 78٪ من المستهلكين في دولة الإمارات لا يمانعون من مشاركة بياناتهم مع شركات التجزئة وغيرها من المؤسسات الأخرى، حيث تتصدر المؤسسات الحكومية قائمة الجهات الأكثر ثقة من قبل المستهلكين في الإمارات.
وسائل جديدة يتبناها الموظفون للتواصل
في عام 2020، سوف تستمر علاقة الشراكة بين العاملين في المجال الإنساني وقدرات الأجهزة في النمو، مما يمكننا من تحسين تسير العمل، وتوفير الوقت والتواصل بشكل أكثر فعالية وتساعد التقنيات الناشئة الأشخاص على الاستعداد للعمل واستكشافه والمشاركة فيه بطرق لم يسبق لها مثيل من قبل.
الأمن التنظيمي سيبقى أولوية رئيسة
ستواصل المؤسسات ضبط نهجها لمراعاة المزيد من وسائل الأمان ويتم إنجاز المهام على نحو متزايد من مواقع خارج المقرات التقليدية، مع التركيز على توظيف أفضل المواهب والسماح بالمرونة بشأن المكان والطريقة ويبدأ الأمان القوي من خلال امتلاك الأدوات التي تتيح متابعة الأجهزة، بغض النظر عن الموقع والقدرة على اتخاذ إجراءات على هذه الأجهزة.
انتقال الأعمال الذكية من السحابة إلى الحافة
سيظهر مستوى تكنولوجي جديد تماماً، وهي الحافة Edge، كمصدر مكمل للبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، ما يدعم العديد من التقنيات المبتكرة التي بشّرت بتوسيع استخدام التكنولوجيا وتأثيرها بالكامل في مجالات جديدة ومع وجود أكثر من 20 مليار جهاز وعنصر من المتوقع أن يتصل بالإنترنت بحلول عام 2020، فإن المزيد من الشركات ستنقل تحليلات البيانات والتطبيقات التي تعمل بنظام الذكاء الاصطناعي من الحوسبة السحابية إلى الحوسبة المتطورة لتقليل زمن الوصول، وتخفيف أحمال الخادم الأساسية، وتحسين العمليات التجارية.
التحول فى تجربة الرعاية الصحية للمريض
توفر الشبكة المتنامية لأجهزة وخدمات إنترنت الأشياء الطبية المتنقلة المراقبة اليومية، والتحليل، والعلاج الضروري لتعزيز صحة أفراد المجتمع بفضل ما ستوفره هذه التقنيات من رعاية شخصية وفعالة. وتلبي الأسواق هذه المستويات المتزايدة من الطلب والعرض.
توغل تقنيات الواقع الافتراضي
في مجال التعليم، توفر تقنيتي الواقع المعزز والافتراضي (AR / VR) تجربة غامرة لكل من المعلمين والطلاب على حد سواء، ما يؤثر إيجابياً على مستويات الفهم والاحتفاظ بها.
الألعاب السحابية
في عام 2020، سوف تتزايد شهية المستهلكين الشغوفين بالألعاب السحابية، لا سيما الألعاب حسب الطلب من أي مكان تقريباً وسوف يشهد العام إقبال المستهلكين ليس على اللعب على هواتفهم الذكية والأجهزة اللوحية فحسب، بل أيضاً على أجهزة الكمبيوتر المحمولة فائقة الصغر.
آفاق تقنيات جديدة للسيارات
تجري شركة "ثاتشام" البريطانية لحماية السيارات من السرقة مسابقة في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل لاختبار أفضل تقنيات جديدة يمكن أن تحملها سيارات عام 2020 ورشح خبراء الصناعة عشر تقنيات يمكنها الفوز بالجائزة لما تحققه من جوانب أمان أو تواصل للسائقين ومن المتوقع أن تفوز واحدة من هذه التقنيات بالجائزة، ويشرح مدير قسم الأبحاث في شركة "ثاتشام"، ماثيو إيفري، أن الجائزة تمنح لتقنية جديدة تغير قواعد المعادلة في مجالات الأمان والراحة وتعزيز مناخ السلامة للسائق. وأضاف أن الصناعة تعيش في فترة تحول جذرية سوف تؤثر فيها تقنيات السنوات الخمس المقبلة أكثر مما كان التأثير في آخر 50 عاماً.
التغييرات الظاهرة في الصناعة تشمل التحول نحو الدفع الكهربائي وتعزيز القيادة الذاتية لأجيال السيارات الجديدة ولكن الشركات تعمل أيضاً على العديد من التقنيات المساعدة التي تمنع الصدمات القاتلة وتراقب درجة انتباه السائق وتحميه قبل وبعد التصادم وتوفر له مشاهد خلفية واضحة بالكاميرات بدلاً من المرايا وتكشف له المناطق العمياء على جانبي السيارة بالإضافة إلى تحذيره من مغادرة حارة السير إلى مسار سيارات أخرى.
وتدخل هذه التقنيات إلى سيارات 2020 وقد وصل بعضها إلى الأسواق بالفعل وبعض هذه السيارات تعمل بالدفع الكهربائي وبعضها الآخر يستخدم تقنيات هايبرد أو محركات بترولية عالية الكفاءة وتدخل إلى اختبارات سلامة السيارات جوانب جديدة مثل أنظمة مراقبة السائق والمكابح الأتوماتيكية للطوارئ وسوف يكون وجود هذه الأنظمة من شروط الحصول على درجة خمس نجوم في اختبارات السلامة الأوروبية في المستقبل، التواصل الصوتي مع السيارات سوف يصبح حقيقة واقعة بحيث يمكن طلب تحديد أقرب مطعم أو محطة شحن أو وقود على مسار السيارة، وسوف تتصل سيارة المستقبل بالإنترنت وتتواصل مع السيارات الأخرى ومع شبكة المرور الحية لتجنب اختناقات المرور على بعض الطرق، وهناك العديد من التقنيات التي لا يعرفها السائق العادي بعد تعمل عليها الشركات حالياً، بعضها لن يدخل الأسواق قبل سنوات من الآن منها عجلات ذكية تغير عرضها وضغطها وفق حالة الطريق وكاميرات تحت قاع السيارة للتعامل الذكي مع سطح الطريق وزجاج النوافذ الذكي الذي يمكن التحكم في درجة قتامته ونظام مراقبة الدراجات الهوائية عند الانعطاف بالسيارة.
المخاطر التكنولوجية في 2020
تحتل مخاطر الأمن السيبراني المركز الثاني في مؤشر المخاطر للسنة الرابعة على التوالي، ولطالما كانت المخاطر السيبرانية مصدر قلق كبير للخبراء بالنظر إلى التأثير الاقتصادي السلبي المحتمل للهجوم السيبراني الناجح، وتتمثل المخاطر الرئيسية في إيقاف الخدمات الأساسية، وتعطيل البنية التحتية، إلى جانب الجرائم الإلكترونية المختلفة، خاصة وأن التكنولوجيا تتطور بسرعة، وترتبط بشكل متزايد بالمخاطر الجيوسياسية والمجتمعية، وتؤكد دراسات الحالة حول مستقبل تنظيم البيانات، وتحديات الذكاء الاصطناعي وآفاق تكنولوجيا الكم "كوانتم تكنولوجي Quantum Technology، أهمية السياق الجيوسياسي في تحديد المخاطر التكنولوجية الناشئة، حيث تؤدي المنافسة على التقنيات الحديثة إلى مزيدٍ من سلاسل التوريد المفتتة، مما يؤدي إلى ارتفاع التكاليف التي تتكبدها الشركات، ومن شأن هذه التطورات أن تخلق مخاطر جديدة، إلى جانب التهديدات التي قد تتعرض لها الحوسبة الكمية Quantum Computing.
ويسعى الاتحاد الأوروبي لتطبيق اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR)، والتي تؤثر على قوانين خصوصية البيانات في العديد من الدول، حيث يهدف إلى دمج المبادئ الأخلاقية في عملية تطوير ونشر الذكاء الاصطناعي، ومع ذلك يمكن أن يؤدي التعارض بين توطين البيانات بين الدول أو التنظيم المفرط لها، إلى الحد بشكل كبير من التدفق الحر للبيانات، مما يؤثر سلبًا على أعمال الشركات، ويخنق الابتكار في مجال التطبيقات التكنولوجية المختلفة التي تعتمد على البيانات.