تحديات اعلام تطبيقات التراسل الفوري
مهند حبيب السماوي
2017-03-07 09:23
استعان الصحفيون، كما اشرنا في الجزء الاول من هذه المقالة، بتطبيقات التراسل الفوري المختلفة من اجل خدمة اغراضهم المهنية التي تتلخص في الحصول على الاخبار من خلال مصادرها الرسمية وبطريقة سهلة جدا تجنبهم عناء البحث والجهد الذي كانوا يقومون به قبل ظهور هذه التطبيقات او، بمعنى ادق، قبل ظهور خاصية انشاء المجاميع داخل هذه التطبيقات.
ويجب ان لا يغيب عن موضوعنا ملاحظة هامة يجب الاشارة لها فيما يتعلق بهذه التطبيقات قبل الخوض ببعض التفاصيل، وهي ان هذه التطبيقات ليست متشابهة في صفاتها او على نمط واحد من حيث المميزات التي تتمتع بها، بل هي مختلفة المزايا وكل واحدة منها تتمتع بسمات مغايرة عن التطبيقات الآخرى.
فنجد مثلا ان المجموعة التي تتشكل في الواتساب تختلف في خواصها عما هو موجود في مجموعات تطبيقي الفايبر والتيلغرام وغيرهما، كما ان ميزة انشاء القناة هي خاصية فريدة بتطبيق التيلغرام ولا تجد لها نظير في بقية تطبيقات التراسل التي يعتمد عليها الصحفيون في تلقي الاخبار، وهي السمة التي تعتبر استثنائية من حيث عدد المشتركين بالقناة وصفة الخصوصية، فضلا عن امكانية تعديل النص حتى بعد ارساله للمشتركين الذين امسوا يعتمدون، على نحو كَبِير، على هذه التطبيقات.
ونتج عن هذا الاعتماد على هذا النوع من التطبيقات تراجع اهتمام الصحفيين بالمواقع الالكترونية للمؤسسات الحكومية التي امست مهجورة من قبل الصحفيين الذين لجأوا الى هذه التطبيقات وقاموا بتنصيبها على هواتفهم لدرجة هددت تواجد هذه التطبيقات، بصورة جدية، بقاء وجدوى وجود المواقع الالكترونية الرسمية وأهميتها.
وقد تم طرح هذا الموضوع والحديث عنه في بعض الاوساط السياسية والحكومية في بعض الدول العربية، كالمملكة العربية السعودية، كما اشارت الى ذلك بعض التقارير الصحفية التي ذكرت بان القائمين على المواقع الالكترونية الحكومية يشتكون من عدم وجود اهتمام بها ويؤكدون على توجه المستخدمين نحو مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن خلال ملاحظتي الشخصية وتتبعي لما يحدث في هذه العوالم الافتراضية، وجدت ان التهديد الذي تتضمنه هذه التطبيقات لا يقتصر على المواقع الالكترونية فحسب، بل امتد تأثيره ايضا الى مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وتويتر التي تسنمت زمام المبادرة في عصر التواصل والثورة الرقمية بحيث اضحى الناس عموما يعتمدون عليها، بالنسبة لتلقي الاخبار، بنسبة 60٪ كما هو الحال لدى الشعب الامريكي، ومع ذلك فقد لاحظت في الفترة الاخيرة قلة اهتمام وعدم وجود تفاعل حقيقي مع صفحات التواصل الاجتماعي الحكومية الرسمية في مقابل تزايد الاقبال على تطبيقات التراسل الفوري.
قد يُرجع بعضهم قلة الاهتمام وتراجع متابعة صفحات الفيسبوك الرسمية من قبل الصحفيين الى سياسة الفيسيوك الجديدة التي بدأت بتطبيقها في الاشهر الاخيرة، والتي بموجبها تجد ان المعجبين بالصفحة لايشاهدون بالضرورة كل المنشورات التي يتم نشرها في الصفحة وبذلك قد لايحصل الصحفي على البيانات التي تنشرها المكاتب الإعلامية، فضلا عن عدم وجود تنبيه يُرسل للمستخدم يخبره بوجود خبر او منشور جديد كما يحدث في تطبيقات التراسل الفوري مالم يدخل المستخدم لتطبيق الفيسبوك نفسه ويتابع اخبار المكتب الإعلامي المعين من خلال الاليات المعروفة سواء عبر خاصية التنبيه داخل التطبيق او سمة المشاهدة أولا.
نعم اذا ما قام اصحاب صفحة الفيسبوك الرسمية بعمل تطبيق على الهاتف وتم تفعيل ميزة التنبيهات، فان المستخدم حينها سيحصل على هذا التنبيه ولكنه ايضا لن يكون بمثل النص الذي يصل لنفس المستخدم في تطبيقات التراسل الفوري من حيث امكانية وسهولة النسخ واستخدامه للتحرير في المؤسسة الصحفية التي يعمل بها الصحفي.
القواعد العامة
اتضحت الان، بعد جزأين من المقالة، أهمية تطبيقات التراسل الفوري بالنسبة للصحفي وكيف يمكن لها ان تُساعده في مهمة الحصول على آخر المستجدات والاخبار التي يترقبها من اجل العمل بعد ذلك على تحريرها ونشرها في المؤسسة الإعلامية التي ينتسب لها.
وبغية اكمال التصور الكامل المتعلق بهذا الموضوع لابد من الانتقال للقواعد العامة التي ينبغي ان تحكم عمل هذه المجموعات التي باتت، في الاشهر الاخيرة، من اهم مصادر الصحفي في مسألة تلقي الاخبار من المصادر الرسمية.
مبدئيا يجب التمييز بصورة حادة بين المجموعات الرسمية والاخرى غير الرسمية التي يشكلها بعض الصحفيين لتبادل الافكار وعرض الآراء ونشر الاخبار وتبادلها، لان هذا التمييز سوف يجعلك تتعرف على طبيعة ما يتم نشره في هذه المجموعات من قبل المشرفين عليها، فضلا عن كيفيّة تصرّف الصحفي المشترِك فيها.
وفي الجزء الثالث من هذه السلسلة سيكون التركيز منصباً حول ادارة العمل في المجموعات الرسمية التي تقع على عاتق المسؤولين عن ملف السوشل ميديا في المكاتب الاعلامية للمؤسسات الرسمية والتي تضم صفحة الفيسبوك وحساب تويتر وقناة التيلغرام، وفي بعضها الاخر، اليوتيوب والانستغرام والگوگل بلس.
المهمة التي تقع على عاتق المُشرف على هذا النوع من المجموعات ليست سهلة ولا تخلو من الصعوبة وتقتضي الحذر والصبر والتعامل السليم مع الصحفيين، خصوصا ممن يعشقون المماحكات والجدل، ويحاولون اثبات ذواتهم من خلال الاستعراضات المعرفية او التسويق لمؤسساتهم الصحفية، مع التأكيد على ان هنالك عدد كبير من الصحفيين ممن يتحلون بمهنية واحترافية عالية وانضباط كبير فيما يتعلق بالالتزام بقواعد المشاركة في هذه المجاميع الرسمية. وهذه النماذج الصحفية الاصيلة، بالإضافة الى الادارة الاحترافية، هي التي تمنح تلك المجاميع جواز المرور نحو النجاح والاستمرارية والتطور.
في هذه المجاميع... حدث خروج واضح عن النمطية التي اعتدنا عليها في العلاقة بين الصحفي والمكاتب الإعلامية للمسؤولين، وهو انعكاس جلي لتطور الاعلام الجديد وتخليه عن مناهج واساليب وطرق الاعلام التقليدي، حيث أصبح الصحفي في مواجهة مباشرة مع المكاتب الاعلامية للمسؤولين، فالمجموعة توفر فرصة للصحفي لم يجدها سابقا حينما كان يتلقى الاخبار من خلال البريد الالكتروني او الرجوع للموقع الرسمي.
وفي سياق العمل في هذا النوع الجديد من الاعلام، تبرز حاجة ملحة للدقة في العمل لأنه حالما يتم نشر الخبر في المجموعة فانه سيكون لدى الصحفي وحينها لاينفع التعديل والتغيير في النص اذا اقتضت الضرورة وخصوصا مع مجاميع الواتساب التي لازالت، الى موعد كتابة هذه المقالة، تخلو من سمة تعديل النص بعد ارساله للمجموعة بل وحتى في الحوارات الشخصية.
وحتى لو توفرت هذه السمة فان بعض الصحفيين يركز على الخبر الاول ولا يعود للتعديل، او انه يقوم بذلك التعديل بعد نشر الخبر الخطأ وارساله كعواجل من تطبيق الوكالة التي يعمل بها، وبكل الاحوال فان الخطأ، الذي يتحمله المشرف على المجموعة أولا واخيرا، فد يُكلف الاخير نتائج قد لا تحمد عقباها.
ومع اختلاف اهداف وغايات المجاميع الرسمية التي تتواجد على المنصات الرقمية، فان هنالك مجموعة من القواعد العامة التي وضعتها شخصيا من خلال ادارتي واشرافي على هذا الملف في أحد المكاتب الرسمية، وهذه القواعد يجب ان يطلع عليها أي مشترك في هذه المجموعات، وهي كما يلي:
اولا؛ عمل المجموعة ينحصر بنشر بيانات واخبار مكتب المسؤول او المؤسسة الرسمية فَقَط.
ثانيا؛ الاخبار والبيانات التي توضع في المجموعة يجب ان توجد أيضاً في الصفحة الرسمية للمكتب الاعلامي على الفيسبوك وحساب المكتب على التيلغرام والموقع الالكتروني وحساب تويتر ايضا وعلى نحو يختلف بحسب اختلاف طبيعة النشر في كل من هذه المنصات الرقمية.
ثالثا؛ ينبغي من الاعضاء عدم نشر اي خبر من اي مصدر آخر او تداول اي معلومة حتى لا يحصل خلط وتشويش بينها وبين اخبار المكتب الرسمية.
رابعا؛ الاسئلة المطروحة حول تفصيلات بعض الاخبار وحيثياتها يمكن الرجوع فيها الى المتحدث الرسمي للمكتب، وليست من وظائف هذه المجموعة الاجابة عليها والدخول في تفاصيلها.
خامسا؛ عدم الخوض في اي حوارات ونقاشات تُربك الغاية الرئيسية من انشاء هذه المجموعة التي غرضها خدمة الصحفيين وتسهيل ايصال الاخبار لهم.