مشروبات الطاقة.. تأثير مزيَّف يهدر طاقة الإنسان
عبد الامير رويح
2015-01-01 01:41
أثبتت العديد من الدراسات والبحوث العلمية مدى التأثير السلبي والخطير لمشروبات الطاقة التي تتسبب بحدوث ضرر كبيرة في أجهزة الجسم المختلفة، ومشروب الطاقة وكما تشير بعض المصادر هو منتج جديد ظهر مؤخرا في الأسواق، يسوق على أنه يعمل على رفع مستويات النشاط الذهني والجسدي. هي مشروبات تشبه نوعا ما في تركيبها المشروبات الغازية مع بعض الإضافات، واهم ما تحتويه هذه المشروبات كما أشار موقع ويب طب هو: كميات كبيرة جدا من الكافيين، العديد من المنبهات مثل الجينسنغ والجوارانا والكارنتين، بعض الأحماض الامينية كالتورين ، بعض الأحماض الذهنية والدهون، سكريات بسيطة كالسكروز والفركتوز، الفيتامينات مثل ب 2 (B2)، ب 6 (B6) ، ب 12 (B12)، العديد من المعادن مثل الصوديوم والكالسيوم والفوسفور .
تأثير سلبي خطير
ظهرت أول علامة تجارية لهذا المشروب عام 1977 في الولايات المتحدة الأمريكية وازدهرت صناعته واتسع انتشاره حتى وصل إلى أكثر من 500 علامة تجارية مختلفة في عام 2006. يستهدف هذا المنتج فئة الشباب من عمر 18 إلى 35 وقد حذرت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية في تقرير صدر عام 2007 أن بعض الشركات المنتجة له تروج للمنتج على أنه بديل قانوني للمخدرات.
وقد أثبتت الدراسات مدى التأثير السلبي والخطير لمشروبات الطاقة، فهي قد تودي إلى الإدمان اذا ما زادت عن حدها، بالإضافة الى كونها مشروبات منبهة أكثر من أنها مشروبات تمد الجسم بالطاقة والسعرات نتيجة احتوائها على نسب عالية من الكافيين والمنبهات، ويختلف تأثر الأشخاص بالمنبهات من شخص لأخر، ولتأثيرات السلبية لمشروب الطاقة تكمن في زيادة الاستهلاك التي قد تصل إلى الإدمان، وهو ما قد تؤدي إلى حدوث خلل في هرمونات الجهاز الهضمي وزيادة الافرازات الحمضية في المعدة الذي يتسبب بحدوث تقرحات والتهابات في جدر المعدة والمريء والاثني عشري. وقد يؤدي مع الوقت لضعف صمام المريء وبالتالي سهولة عودة الطعام والأحماض من المعدة عكسيا إلى المريء.
واحتواء مشروبات الطاقة على كمية سكر عالية وخاصة السكريات الصناعية قد يؤدي الى تدمير بعض الفيتامينات وخاصة فيتامين (B) مما قد يؤدي الى عسر الهضم. كما ان كثرة المحليات الصناعية تؤدي الى الإسهال. احتوائها على نسبة عالية من السكر والكربوهيدرات قد يؤدي أيضا إلى حدوث زيادة الوزن والسمنة مما قد يجعلها احد المسببات للإمراض المزمنة من سكري وكولسترول وإمراض القلب والضغط .
قد تؤدي مشروبات الطاقة للإصابة بمرض السكري النوع الثاني حيث أثبتت بعض الأبحاث دورها في خفض استجابة الأنسجة لهرمون الأنسولين، وهي أيضا مضرة بصحة القلب حيث يؤدي مشروب الطاقة الى زيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم، كما وأظهرت دراسة جديدة ان مشروبات الطاقة تسبب تقلصات قوية في عضلة القلب، والتي يمكن ان تفاقم الخطر وخاصة عند المصابين بإمراض القلب وقد تودي بهم للإصابة بالسكتة القلبية. وقد تؤدي للإصابة بهشاشة العظام و تسوس الأسنان على المدى القصير نتيجة احتوائها على بعض الأحماض الفسفورية.
ووجدت بعض الأبحاث ان بعض انواع مشروبات الطاقة قد تكون سببا للصداع الشديد او للصداع النصفي فعدد كبير جدا من مشروبات الطاقة يمكن ان يؤدي الى الصداع الشديد كنتيجة لانسحاب الكافيين من الجسم كما أنها قد تكون سببا في حدوث حالات الأرق والقلق والتوتر و العصبية.
المراهقون هدف للتدمير
وفي هذا الشأن وبحسب ما جاء في صحيفة الشرق الأوسط فقد أشارت أحدث دراسة تناولت أخطار مشروبات الطاقة، شارك فيها باحثون من 6 جامعات من الولايات المتحدة، إلى أن الإفراط في استخدام مشروبات الطاقة من قبل المراهقين في الأغلب يكون مصحوبا باللجوء إلى الأطباء أو المستشفيات للحصول على وصفات طبية لمستحضرات هي عبارة عن محفزات للمخ، بطريقة غير قانونية. ونشرت الدراسة في مجلة رابطة التعليم الطبي والأبحاث في إدمان المواد المخدرة وتناولت المراهقين والشباب.
وجرى، من خلال الإنترنت، ملء استبيان حول مدى استخدام هؤلاء الشباب لمشروبات الطاقة، واستخدامهم لمحفزات أو منبهات كيميائية للمخ عن طريق وصفات طبية سواء كانت هذه المحفزات قانونية أو غير قانونية (جرى الاستبيان دون طلب البيانات الخاصة من المشاركين والتي تظهر هويتهم الحقيقية، بهدف توخي الصدق في الإجابة).
وأوضح الاستبيان أن استهلاك المواد الكيميائية المحفزة للمخ غير القانونية كان نحو 3 أضعاف أكثر لدى الطلاب الذين اعتادوا شرب مشروبات الطاقة قبل الاستبيان بنحو شهر. كما تبين أن استهلاك هذه المواد الكيميائية أو الأدوية الطبية دون وصفة طبية يتناسب تناسبا طرديا مع كل يوم استهلاك من مشروبات الطاقة، بمعنى أن المراهقين الذين تناولوا المشروبات بشكل يومي تأثروا أكثر من أقرانهم الذين تناولها ولكن بشكل غير منتظم، بالإضافة إلى أن النسبة زادت تبعا لليوم الواحد وكمية المشروبات التي تم تناولها وكذلك الكمية التي تم تناولها في المرة الواحدة.
كما أن معظم الطلبة الذين أفادوا بأنهم يتناولون أدوية محفزه للمخ بوصفات طبية قانونية كانوا يتناولون الأدوية مع مشروبات الطاقة، وهو ما يمثل خطورة طبية، وذلك لزيادة احتمالية الأعراض الجانبية والمخاطر، كما أن هناك احتمالية أن يحدث تفاعل بين المواد المكونة لهذه المشروبات والأدوية المحفزة (interactions) يمكن أن تؤدي إلى مخاطر صحية. وعلى سبيل المثال فإن مادة مثل «الجانسن» يمكن أن تتفاعل مع الأدوية المضادة للاكتئاب وتزيد من ماده السيروتنين بشكل حاد (serotonin syndrome) مما يمكن أن يزيد من ضربات القلب وفي بعض الأحيان يمكن أن يؤدي إلى تشنجات.
ويقع الخطر الأكبر على المراهقين والشباب من إمكانية حدوث التعود والاعتماد (dependency) على هذه المشروبات، بل والوصول إلى إدمان الأدوية المحفزة نتيجة للاستهلاك المبالغ فيه وزيادة المطالب الإدراكية للحث على زيادة الجرعات، بمعنى أن المراهق يتعود على أن يكون في حالة تركيز أعلى لإنجاز دراسته أو للسهر لفترة أطول.
كما أن مشاعر البهجة التي تسببها تلك المحفزات تجعل الشباب يقبل عليها نتيجة للتأثير العصبي لمكونات مشروبات الطاقة، مثل زيادة مادة الدوبامين والسيروتنين اللتين تحسنان المزاج، وهذه المواد تشبه إلى حد كبير المواد العصبية الموجودة في الأدوية المحفزة للمخ.. كما أن المواد مثل الكافيين والتورين (taurine) تؤثر على التركيز وأيضا على طريقة التفكير.
ولا يقتصر الأمر على إدمان الأدوية المحفزة فقط (على خطورته)، لكن يمكن أن يمتد أيضا إلى أن يدمن المراهق الكحوليات، وهو الأمر الذي أشارت إليه دراسة حديثة أوضحت أن النسبة الكبيرة التي تشرب مشروبات الطاقة من المراهقين والتي تقدر بنحو ثلث المراهقين في الولايات المتحدة يمكن أن تؤدى إلى زيادة مدمني الكحوليات والمخدرات والتدخين بطبيعة الحال، حيث إن الشعور الذي يحصل عليه المراهق جراء الإفراط في تناول هذه المشروبات يجعله على استعداد لأن يقوم بتجربة مواد أكثر قوة وذات تأثير أكبر مثل الكحوليات أو المواد المخدرة.
وكانت الدراسات التي تناولت هذا الموضوع خلصت إلى أن المراهق ينتابه إحساس بالإقدام على تجربة مواد أخرى (risk orientation) بعد الإفراط في تناول هذه المشروبات، بالإضافة إلى أن العديد من المراهقين اعترفوا بأنهم يستخدمون مشروبات الطاقة مع الكحول طمعا في تقليل آثار الكحول بالشكل الذي يحافظ على توازنهم ويقظتهم. وعلى الرغم من أنه ليس بالضرورة بطبيعة الحال أن المراهق الذي يتناول مشروبات الطاقة سوف يحاول تناول الكحوليات أو المخدرات، فإن الخطر موجود ويسترعي الانتباه. وأفادت هذه الدراسة بضرورة نشر التوعية الكافية بين الآباء والمراهقين والمدرسين والقائمين على الصحة المدرسية لمحاولة تلافي أخطار الإفراط في هذه المشروبات، مما قد يؤثر بالسلب لاحقا على هؤلاء المراهقين.
أطفال الطاقة المزيفة
على صعيد متصل كشفت دراسة علمية حديثة أصدرتها جمعية القلب الأمريكية، عن تسبب مشروبات الطاقة بمشاكل صحية خطيرة لدى الأطفال. ووجد الباحثون أن نسبة 41 في المائة من أصل 5 آلاف مكالمة وردت إلى مراكز السموم بسبب تعرض الأطفال تحت سن السادسة للتسمم نتيجة تناول مشروب الطاقة، أو المعاناة من آثار جانبية مثل تزايد نبضات القلب بشكل غير طبيعي.
وركز المشرف على الدراسة، ورئيس قسم طب الأطفال في جامعة "واين ستايت" الأمريكية، الدكتور ستيفن ليبشلتز، على حالات الأطفال الذين أصيبوا بأمراض نتيجة تناول مشروبات الطاقة، في الوقت الذي تعتبر فيه الدراسات حول تأثير الكافيين محدودة. وقال ليبشلتز إنّ تناول الأطفال كمية من الكافيين تقل عن مائة ميليغراماً يتسبب بآثار صحية سلبية.
ويذكر، أنّ بعض مشروبات الطاقة تحتوي على أكثر من 300 ميليغرام من الكافيين، وهي عبارة عن مزيج من الكافيين الذي يتم إعداده في مختبرات الصيدلة بالإضافة إلى منكهات طبيعية. وأظهرت دراسة سابقة أنّ مزيج الكافيين قد يسبب مزيداً من المشاكل الصحية. ويعتقد ليبشلتز أن عدد الأطفال الذين أصيبوا بالسموم نتيجة مشروبات الطاقة قد يزيد عن الرقم الذي ذكرته الدراسة، بسبب ذهاب الأهل مباشرة إلى غرفة الطوارئ، بدلاً من الاتصال بالخط الساخن.
وأوضح المدير الطبي لعيادة طب القلب الوقائي في مركز "إيموري" للرعاية الصحية في مدينة أتلانتا الأمريكية، الدكتور لورنس سبيرلنغ أن هذه النتائج تدعو للقلق، مشيراً إلى ضرورة تحمل الأهل المسؤولية بمنع أطفالهم من تناول مشروبات الطاقة. ولم تضع إدارة الدواء والغذاء الأمريكية معياراً يحدد كمية الكافيين الآمنة للأطفال، ولكن نصحت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بعدم تناول الأطفال أي مشروبات تحتوي على الكافيين، بينما ذكر أحد التقارير الصادر عنها أن 73 في المائة من الأطفال يتناولون الكافيين يومياً. بحسب CNN.
وأظهرت الدراسة أيضاً أنّ عدد الأطفال والمراهقين الذين يتناولون الكافيين يتزايد بشكل متسارع. واقترحت إدارة الأغذية والعقاقير بتناول الأشخاص البالغين الأصحاء كميات معتدلة من الكافيين تتراوح بين مائة و 200 ميليغراماً يومياً، من أجل تفادي أي مشاكل صحية خطيرة. وأشار الباحثون إلى ضرورة اتخاذ التدابير القانونية اللازمة والتي تفرض على الشركات المصنعة لمشروبات الطاقة أن تدرج معلومات حول كمية الكافيين في قائمة المكونات الموجودة على العبوات. وأوصت جمعية المشروبات الأمريكية بضرورة أن ترفق شركات مشروب الطاقة، تحذيراً حول خطورة مشروب الطاقة على الأطفال، والنساء الحوامل والمرضعات، والذين يعانون من الحساسية.
الكافيين وضغط الدم
من جانب آخر قال أطباء استراليون إن عشرات المراهقين ينقلون إلى المستشفيات مصابين بآلام في الصدر وارتعاش ومشكلات قلبية أخرى مشتبه بها بعد تناولهم مشروبات طاقة تحتوي على نسبة عالية من مادة الكافيين. ودعا خبراء طبيون إلى إطلاق تحذيرات صحية من المشروبات التي تحتوي على نسبة عالية من الكافيين مثل مشروب "ريد بول"، على غرار التحذيرات التي تتعلق بأقراص الكافيين المنبهة.
وقال أخصائيا السموم نارين غونغا وجاريد براون في مقالة نشرت في المجلة الطبية الاسترالية: "ينبغي على السلطات المعنية بالصحة رفع الوعي تجاه هذه المشكلة وتحسين دقة شرح محتويات العبوات ووضع حدود لنسبة الكافيين بها". كما أشارا إلى أن "خلط مشروبات الطاقة بالكحوليات والمنبهات الأخرى يحدث بوضوح، ويمثل خطورة شديدة".
رفض مجلس مصنعي المشروبات الأسترالي نداءات الرابطة الطبية الاسترالية بتوضيح نسبة الكافيين على العبوات. وقال رئيس المجلس في بيان: "إذا كان الإفراط في استهلاك الكافيين هو ما يزعج الباحثين حقا، فإنه ينبغي أن تمتد التعديلات المقترحة لتفصيل محتويات المشروبات وشروط التداول إلى كل فنجان قهوة أو شاي أو حتى حلوى الشوكولاتة. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
من جانب آخر قال باحثون أمريكيون إن عبوة واحدة من مشروب الطاقة تحتوي على 505 ملغ
من الكافيين أو ما يعادل الكمية الموجودة في 14 عبوة الكولا. وقالت الباحثة ستيفاني بالارد وزميلاها في جامعة نوفا ساوث إيسترن، جنيفر ويلبورن كيم وكيفن كلوسون ان مشروبات الطاقة تحتوي على الكافيين ومزيج مكونات أخرى، مثل السكروز والتورين والجنسينغ ونياسين وغيرها، لكن تأثير تحسين الأداء يرتبط بشكل رئيسي بكميات الكافيين.
وقالت بالارد: ثمة أدلة متضاربة حول تأثير مشروبات الطاقة في خسارة الوزن، بالرغم من ان ثمة بيانات تشير إلى ان الربط بينها وبين التمارين الرياضية يمكن أن يحسن قدرة الجسم على التخلص من الدهون. وأضافت ان: زيادة حرق الوحدات الحرارية وخسارة الوزن تتراجع عندما يعتاد من يشربها تدريجياً على الكافيين. وأشارت بالارد إلى ان إدارة الأغذية والدواء الأميركية تحدد كمية الكافيين المسموحة في المشروبات غير الكحولية ب71 ملغ في كل 12 أونصة من السوائل، لكن مشروبات الطاقة تحتوي ما يزيد عن 505 ملغ في عبوة واحدة. وقالت ان الكافيين يمكن أن يتسبب بالنعاس والتوتر العصبي وترقق العظام وأمراض القلب والأوعية الدموية وتعقيدات في الحمل والولادة، إلى جانب المشاكل في الأمعاء وحتى الوفاة.
على صعيد متصل كشفت دراسة أجريت في الولايات المتحدة أن مشروبات الطاقة يمكن أن تزيد من ضغط الدم. ونصحت الدراسة من يعانون من ارتفاع ضغط الدم بالابتعاد عن تناول هذه المشروبات. وعلى مدار عدة أيام أعطى الباحثون بجامعة وين ستيت في مدينة ديترويت كبرى مدن ولاية ميشيجان الامريكية مرضى لا يعانون من ضغط الدم علبتين من مشروبات الطاقة تحتويان على 80 ملليجرام من الكافيين وألف مليجرام من حمض تورين العضوي. وفي اليوم الأول ارتفع ضغط الدم بعد ساعتين من تناول المشروب بنسبة 7.9 في المائة. بينما بلغ ارتفاعه في اليوم السابع من الدراسة بنسبة 9.6 في المائة.