كيف نتخلص من إنفلونزا الشتاء المزعجة؟

مروة الاسدي

2021-12-11 08:33

مع تغير المناخ في فصل الشتاء، تزداد الإصابة بأمراض مختلفة، وخصوصاً نزلات البرد التي تستغرق وقتا محددا لتزول سواء مع اللجوء للأدوية الطبية أو بدونها. غير أن استخدام بعض العلاجات المنزلية المتواجدة في الصيدلية الطبيعية للمنزل، قد يكون جيداً للتخفيف من شدة الأعراض التي ترافق نزلات البرد كالسعال والعطس والحمى، والصداع وغيرها. وربما قد يكون أفضل ما يمكن أن تفعله، هو ألا تفعل شيئاً!

قد تتذكر كلام الجدة أو والديك عند إصابتك بنزلة برد، "عليك بالأعشاب"، ويحضرون إليك مباشرة شاي البابونج الساخن، أو الميرمية، أو الزنجبيل بالليمون، فضلاً عن الشال، الذي تدفئ به عنقك لعدة أيام قادمة، غير أنك لن تقتنع بهذه التوصيات إلى أن يوصيك الطبيب حرفياً بهذه الأشياء، عوضاً عن تناول الأدوية الكيميائية. وكل ذلك، لأن نزلة البرد تستغرق وقتها. إذ يبدأ الجسم بتحديد العدو، وتفعيل الخلايا المناعية، ومحاربة المهاجمين، وإصلاح الخلايا التالفة، الأمر الذي قد يستغرق مدة زمنية تترواح بين 4-7 أيام، أو حتى قد تستمر لأسبوعين.

ماذا نتجنب، عندما تصاب بنزلة برد، تنسد أنفك وتدمع عيناك وتشعر بصداعٍ في رأسك. في هذه اللحظات ربما تشتهي الطعام أو تأنف منه. ولكن عندما تشعر بالجوع، ستجد الكثير مما يُقال عما يتعين عليك تناوله وما ينبغي أن تتجنبه. وفي غالب الأحيان، ستجد من يقترح استبعاد منتجات الألبان على الأخص من على طاولة طعامك.

ويقول البعض إن من الضروري الابتعاد عن تناول البوظة والجبن، وفوق هذا وذاك تجنب شرب الحليب. السبب الذي يقدمه هؤلاء لنصيحتهم هذه، ليس بالمبهج على أي حال، إذ أنهم يقولون إن تناول منتجات الألبان سيزيد إفراز المخاط. ولكن هل هذا صحيحٌ حقاً؟

رغم أن الحديث عن المخاط في حد ذاته يجعلنا نميل إلى الشعور بالاشمئزاز، فإن هذا لا يمنع من أنه يلعب دوراً مهماً في ما يتعلق بعمل وظائف الجسم كله. فالأغشية المخاطية تحمي الأنسجة من التهيج أو التلف في أجزاء عدة من جسم الإنسان، بما في ذلك القصبة الهوائية والرئتان والمريء والمعدة. يعني ذلك أننا بحاجة إلى المخاط، حتى وإن كنا بطبيعة الحال لا نريد وجود كميات أكثر من اللازم منه، خاصةً وأنه يكون هناك إفراز كثير من هذه المادة نتيجة للإصابة بنزلة البرد.

اما العلاج، فتغطية صدرك بالورق البني، أو استخدام الخل، أو نقع قدميك في المياه الساخنة، أو ارتداء جوارب مبللة؛ هذه الطرق العلاجية القديمة لنزلات البرد يمكن أن تبدو مضحكة من وجهة نظر الطب الحديث.

غير أن المنافع الظاهرة للعيان للكثير من تلك العلاجات التي نأخذها كمسلمات اليوم مثل تناول كميات من الفيتامينات أو تجرع الماء المالح دفعة واحدة كلها تتبخر في الهواء عند فحصها بدقة. إذن ما الذي يجدي وما الذي لا يجدي من تلك الطرق العلاجية؟

نزلات البرد الشائعة قد تصبح شيئاً من الماضي

توصل فريق من جامعة نابير، في العاصمة الأسكتلندية إدنبرة، إلى علاجٍ لنزلات البرد الشائعة، التي رغم كونها مجرد أمر مزعج لمعظم الناس، فإنَّها قد تصبح أكثر خطورة بكثير لمن يعانون مرض الانسداد الرئوي المزمن.

ويُعرَف الفيروس المتسبب في معظم نزلات البرد الشائعة باسم الفيروس الأنفي، ولا يوجد حالياً دواء أو لقاح متاح لعلاج هذا الفيروس لدى المصابين به، بحسب النسخة البريطانية من "هاف بوست".

غير أنَّ هذه الدراسة، التي أجريت على مدار 5 سنوات، ركَّزت على دور جزيئات الببتيدات المضادة للميكروبات، وهي أحماض أمينية لديها الإمكانية لاستخدامها كمضادات حيوية، والتي توجد طبيعياً في الجهاز المناعي للإنسان والحيوان، ويزداد عددها عند اكتشافها إصابة الإنسان بمرض، وقد وجد الباحثون أنَّ جميع هذه الأحماض الأمينية المضادة للميكروبات كانت لديها الصفة المميزة المشتركة بأن تكون قادرة على مقاومة الفيروس الأنفي، وبالتالي يمكن تحويلها إلى صورة عقارات وأدوية لتقوية المناعة في أوقات الحاجة.

وقال بيتر بارلو، أستاذ علم المناعة في جامعة نابير: "إنَّه اكتشافٌ مثير، وستكون خطوتنا التالية هي تعديل الأحماض الأمينية لتصبح أفضل في القضاء على الفيروس"، وأُجرِيت بعض التجارب على خلايا رئوية مصابة بالفيروس الأنفي لبعض الحيوانات التي لديها جهاز مناعي مماثل للبشر مثل الأغنام والخنازير، ومراقبة إن كانت سلاسل الأحماض الأمينية المعدلة لديها القدرة على مقاومة الفيروس المُسبِّب للبرد.

وكانت أبحاث سابقة قد أكَّدت أيضاً قدرة بعض الأحماض الأمينية أو كما تسنى بـ "الببتيدات" على علاج فيروس الإنفلونزا من النوع "أ"، وقال بارلو: "لا يزال هذا البحث في مراحله المبكرة، لكن هدفنا سيكون في النهاية هو البحث في تطوير علاجات دوائية لديها القدرة لعلاج نزلات البرد الشائعة"، ووفقاً للإحصاءات الحكومية، فإنَّ الأمراض البسيطة مثل السعال، ونزلات البرد، والإنفلونزا هي السبب الشائع في ضياع نحو 131 مليون يوم عمل هباءً في المملكة المتحدة كل عام.

أدوية الزكام التي نتناولها دون وصفة طبية خطيرة

تقريباً، كلنا نظن أن الأدوية التي تباع من دون وصفة طبية في الصيدليات هي الأقل خطورة، لكن هل هي كذلك بالفعل؟

قامت مجلة "60 مليون مستهلك" الفرنسية بدراسة حول 62 دواء يباع دون وصفة طبية من بين أكثر الأدوية مبيعاً، فيما توصلت المجلة إلى نتائج مثيرة للقلق، إذ تبين أن 45% من هذه الأدوية تمثل علاقة سيئة بين الفعالية والأثر الجانبي، وكانت أدوية الزكام هي الأكثر خطورة، وبحسب نتائج الدراسة الذي نشرت في الـ14 من نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 فإن هذه الأدوية غالباً ما تُباع بثمنٍ جد مرتفع، ويكون أكثر ارتفاعاً عندما تكون قابلة للتعويض.

من بين الأدوية التي سُلط عليها الضوء، نجد دواء أكتفيد للزكام ودوليرهيم، ونوروفين، ورينادفيل، "أكتفيد" صنفته المجلة بأنه "جذاب لكن خطير"، بسبب العديد من المخاطر التي تتمثل في مواده الفعالة، حتى إنها أكدت ضرورة حظر بيعه نظراً لمخاطره.

أما دواء "دوليرهوم" و"الباراسيتامول" و"السودوإيفيدرين" فهي متشابهة، نظراً لاحتوائها المشترك على الباراسيتامول ومضيق الأوعية، اللذين يمكن أن تكون لهما آثار جانبية خطيرة، ووفقاً للباحثين القائمين على هذه الدراسة، فإن دواء "نوروفين" المخصص للزكام، الذي يجمع بين إيبوبروفين والسودوإيفيدرين غير ملائم لمعالجة سيلان الأنف، إذ تغلب مخاطره على فوائده، أما دواء "رينادفيل" بدوره لا يجب أخذه أو التوصية به في حالات الزكام البسيطة، نظراً لقائمته الطويلة من موانع الاستعمال وآثاره الجانبية.

شملت النتائج دواء Humexlib Paracétamol Chlorphénamine كذلك، وبحسب ما جاء في المجلة التي تندد بوجود مضاد هيستامين يحتوي على هذا الكم الهائل من الآثار الجانبية - فإنه من الأفضل عدم أخذه.

وتنصح المجلة بقراءة النشرة المرافقة لجميع الأدوية التي تباع دون وصفة طبية لتجنب التفاعل الذي قد يطرأ بين مجموعة من المركبات الفعالة، كما أنها توصي بتجنب أو الحد من المشروبات الكحولية، عند أخذ هذه الأدوية نظراً لدخول الكحول في الغالب في تكوينها.

ما هي طرق العلاج المجدية؟

يقول مايكل آلان من جامعة ألبرتا في كندا، والذي دقق في الأدلة الخاصة بأشهر أنواع العلاج: "أول شيء يجربه الكثير من الناس هو اللجوء إلى فيتامين سي، وفيتامين دي كمكملات غذائية بجانب ما يتناولونه من أطعمة". بحسب البي بي سي.

لكن الأدلة مروعة بالنسبة لهؤلاء، فتناول فيتامين سي أثبت أنه يحمي بدرجة بسيطة الذين يتعرضون لضغط بدني كبير مثل المشاركين في مسابقات العدو من المرض، ولكن بالنسبة للشخص العادي فإنه يقلل من خطر المرض بنسبة ثلاثة في المئة فقط.

ويقول آلان: "إذا أصيب شخص بالغ بالبرد مرتين في العام، فإنه يتجنب الإصابة بالبرد مرة واحدة كل 15 عاماً"، ويقول أيضا إن المعينات الغذائية من الزنك لها أثر أكثر رسوخاً، فبعد ثلاث تجارب سريرية تبين أن الأطفال الذين يتناولون الزنك في صورة عناصر غذائية مكملة بشكل منتظم يعانون من نزلات برد بشكل أقل، وذلك بنسبة مرة إلى مرة ونصف تقريباً في العام في المتوسط، بالمقارنة بنحو ست إلى ثماني مرات في المعتاد بالنسبة لأقرانهم، وهناك أيضاً بعض الأدلة على أن الزنك يقلل من فترة نزلة البرد بمقدار يوم واحد أو ما إلى ذلك. وبالنظر إلى أن الزنك طعمه حاد وغير محبب، وعليك أن تتناوله طوال العام كي تحصل على كامل الفائدة، فإن آلان غير متأكد ما إذا كان بوسعه أن يوصي به للاستخدام العام، لا تتناول المضادات الحيوية لكن تناول الحبوب المخففة لنزلات البرد.

يقول آلان لنضع الأمر بكل وضوح وجرأة ليس هناك أي سبب يدعو إلى الاعتقاد بأن المضادات الحيوية تساعد، فهي تستهدف البكتيريا، بينما الذي يسبب البرد فيروس، ومن هنا فليس هناك أي فائدة ترجى من المضادات الحيوية في هذا الإطار.

ويضيف آلان أن المضادات تزيد من خطر الأعراض الجانبية السلبية مثل الإسهال، وأن مضادات الهستامين مع المسكنات التي تستخدم لعلاج انسداد الأنف أو مسكنات الألم تساعد في التخفيف من بعض الأعراض الأكثر مضايقة للبالغين (ليس الأطفال)، ولكن حتى في هذه الحالة المنافع غالباً ما كانت متواضعة، وربما تختلف بين الناس وكذلك تختلف حسب أنواع معينة من العدوى التي يعانون منها كما يقول الان.

العلاجات بالأعشاب، بصفة عامة، مثل الاشناسيا أو حبوب الثوم تفشل في إحداث الأثر الطيب والمرجو. والعلاج الوحيد الواعد هنا هو عسل النحل. وتناول ملعقة من العسل قبل النوم مباشرة، كما ثبت، تخفف من السعال كما جاء في ثلاث دراسات مختلفة.

وثبت كذلك أنه أفضل من المشروبات السكرية ومشروبات السعال. وقد جرب هذا العلاج على الأطفال (رغم أن إحدى الدراسات أشارت إلى أن مزيجا من العسل والقهوة يمكن أن يساعد في التخلص من السعال المستمر لدى البالغين) وهذه الآلية أبعد ما تكون عن الدليل القاطع، لكن في ظل وجود أبحاث جيدة تدعمها، فمن المنطقي والمعقول تجربتها.

ما الجديد؟

يُصاب معظمنا بنزلات البرد المزعجة، وخاصة في فصل الشتاء عند انخفاض درجات الحرارة، وما يزال العلماء يبحثون حتى الآن عن العلاج المثالي، وكشف باحثون بريطانيون في جامعة إدنبره نابيير، عن علاج جديد "مثير"، يقوم على أساس جزيئات مكافحة العدوى الموجودة بشكل طبيعي عند البشر.

ووجدت دراسة استمرت 5 سنوات، أن الببتيدات المضادة للميكروبات المستخرجة من ثدييات مختلفة، تحوي خصائص تجعلها قادرة على مقاومة فيروس الأنف، المسؤول عن عدوى البرد الشائعة.

ويعد هذا الاكتشاف هاما ومفيدا بشكل خاص للأشخاص الذين يعانون من أمراض الرئة، بما في ذلك الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن. كما يمكن أن يقدم الأمل للملايين من أولئك الذين يصابون بنزلات البرد كل عام.

ويصاب الشخص العادي بـ 200 نزلة برد في حياته، حيث يعاني الأطفال من عدوى البرد بمعدل 4 إلى 8 مرات سنويا، ولا يوجد حاليا علاج أو لقاح للمرض الشائع، فالعلاجات المستخدمة حاليا تقتصر على مسكنات الألم، وشرب الكثير من السوائل لتخفيف الأعراض، وقال الدكتور بيتر بارلو، الأستاذ المشارك في علم المناعة والعدوى: "لا بد من تطوير علاجات فعالة لفيروس البرد، الذي يسبب التهابات في الجهاز التنفسي ويمكن أن يكون خطرا جدا على بعض الأشخاص، مثل أولئك الذين يعانون من البرد".

وتتمثل الخطوة التالية في الدراسة، بتعديل الببتيد ليصبح أفضل وأقوى في عملية القضاء على الفيروس، ما يتيح إمكانية تطوير أدوية قادرة على علاج نزلات البرد، وتجدر الإشارة إلى أن الببتيدات المضادة للميكروبات، تشكل جزءا من الجهاز المناعي في جسم الإنسان، حيث توجد في أماكن معينة مثل الجلد والفم والرئتين، وتلعب دورا حاسما في درء العدوى، حيث حددت البحوث السابقة الببتيدات التي هاجمت فيروس الإنفلونزا.

أدوية طبيعية بسيطة من المطبخ المنزلي:

بالنسبة للسعال الناتج عن البرد، عادة ما يتوقف بعد أسبوعين أو ثلاثة دون تناول دواء، غير أن تحضير مهدئ طبيعي بسيط، مثل الزعتر، والميرتول، يقاوم السعال، ويخفف من حدته. وهنا بعض التوصيات:

- توصي منظمة الصحة العالمية بتناول العسل: الذي يستخدم في ثقافات مختلفة لمحاربة نزلات البرد. إذ يحتوي العسل على مضادات أكسدة، التي تعمل على تقوية المناعة، وتساعد على تهدئة السعال.

- أن لا تفعل شيئاً: من أهم الأمور التي تساعد على علاج نزلات البرد بسرعة أكبر. إذ يطلق الجسم عند وجود برد إفرازا يعمل مباشرة على مركز النوم. لذا يحتاج الجسم للنوم لمحاربة الفيروسات وتقوية جهاز المناعة.

- تناول الفواكه والخضار وخصوصاً البرتقال، والليمون، والغريب فروت، التي تحتوي على نسبة عالية من فيتامين سي، الذي يقوي المناعة ويساعد على التخلص من الأعراض بسرعة أكبر.

- كما يعرف الزنجبيل: بفعاليته القوية في علاج نزلات البرد، فضلاً عن استطبابات أخرى، كالصداع، والروماتيزم، ويفضل استهلاك الزنجبيل الطازج، وليس المجفف.

- تناول حساء التمر الهندي: لما يحتويه التمر الهندي من مضادات أكسدة، وأملاح معدنية مفيدة لجسم الإنسان. وينصح بتناول حساء الدجاج أيضاً، والإكثار من شرب السوائل بشكل عام.

- كما يوصي الأطباء بغسيل الأنف بمحلول ملحي، والذي يساعد في حالة انسداد الأنف، حيث يصب المحلول بفتحة أنف واحدة، ليخرج من الفتحة الأنفية الأخرى، وبذلك يساعد على تنظيف الجيوب الأنفية، وهناك المزيد من العلاجات المنزلية لنزلات البرد، متواجدة، ومتوفرة، وبسيطة، والأهم أنها آمنة.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي