كورونا دلتا: يعكّر صفو انخفاض الإصابات
علي عواد
2021-07-07 04:00
يشهد المنحنى الوبائي الخاص بفيروس «كورونا» في لبنان انخفاضاً مهماً، إذ تراجعت أرقام الإصابات اليومية من نحو 3500 حالة عدوى و50 وفاة في شهر نيسان (أعلى الأرقام اليومية)، إلى 185 إصابة جديدة سجّلت، يوم أمس، 38 منها وافدة من الخارج، بالإضافة إلى ثلاث وفيات. وعلى المقلب الآخر، بات عدد من تلقى الجرعة الأولى من اللقاح حتى يوم أمس، أكثر من 932 ألف شخص، في حين أن عدد من تلقّوا الجرعة الثانية أكثر من 464 ألف شخص. وتشير أرقام وزارة الصحة العامة الى وجود 53 شخصاً في غرف العناية المركزة، و16 حالة مع تنفس اصطناعي.
وفيما تبدو الأمور جيدة، وتبعث على بعض التفاؤل، بات المتحوّر الجديد من الفيروس «دلتا»، الذي اكتشف وجوده لأول مرة في الهند، يشكل خطراً عالمياً بسبب سرعة انتشاره وانخفاض فعالية اللقاحات ضده. فما الذي يقوله الخبراء عن هذا المتحوّر؟ وكيف يمكن لهذا البلد أن يتجنّب موجة ثالثة من الوباء، في ظل كارثة اقتصادية من بين الأصعب في العالم؟
من على موقعها الرسمي على الإنترنت، تضع منظّمة الصحة العالمية متحوّر «دلتا»، في خانة «المثير للقلق». وتشير إلى أنه متحوّر له خصائص تزيد من قابلية انتشاره وضراوته، كما أنه قد يخفّض من فعالية التدابير الصحية والوقائية والتشخيص الطبي، بالإضافة الى تخفيض فعالية اللقاحات والعلاجات المتاحة.
في تقرير نشرته شبكة «سي إن إن»، تقول فيه إنه عندما خرجت بريطانيا من واحدة من أطول عمليات الإغلاق ضد فيروس كورونا وأكثرها صرامة في العالم في نيسان، كانت تعتقد أن أسوأ ما في الوباء قد انتهى. في حينها، روّج رئيس الوزراء، بوريس جونسون، بالنجاحات التي حققتها حملة التطعيم في البلاد، ووعد بخريطة طريق «حذرة، ولكن لا رجعة فيها» ستبلغ ذروتها في 21 حزيران، عندما ترفع البلاد جميع القيود تقريباً وتعود في الغالب إلى طبيعتها.
إلا أن بريطانيا اليوم، تتجه نحو موجة ثالثة محتملة من كوفيد ــ 19، إذ تم الإبلاغ عن ما يقرب من 120 ألف حالة إصابة في الأسبوع الماضي، بزيادة 48 ألفاً عن الأيام السبعة السابقة، كما أن حالات الاستشفاء والوفيات آخذة في الارتفاع. أما ما يقف خلف ذلك، فهو المتحوّر «دلتا»، الذي بات يمثل تقريباً كل إصابة حالية في بريطانيا.
الوضع الوبائي في لبنان مريح، حالياً، لكن لا شيء يضمن عدم تحوله إلى بريطانيا أخرى، يقول الدكتور فادي عبد الساتر، الباحث في الجامعة اللبنانية، وأستاذ العلوم البيولوجية، في اتصال مع «الأخبار». ويوضح عبد الساتر أن سبب انخفاض عدد الوفيات في لبنان نتيجة كوفيد ــ 19، هو حملة التطعيم التي بدأت مع الفئات الأكبر سناً.
لكنه لا يستطيع تفسير سبب انخفاض نسبة الإصابات اليومية بالفيروس، سوى أن لبنان تمكن من تحصيل مناعة مجتمعية نتيجة انتشار الفيروس ويقدر أنها تعدّت الـ 70 في المئة (أرقام اللجنة التنفيذية للقاح كوفيد ـــ 19، حتى الـ 27 من الشهر الحالي، تفيد بأن نسبة من تلقّى جرعتَي اللقاح هي 11.6 في المئة من السكان). ويشير إلى أن معظم المصابين سابقاً، لم يتّبعوا الإجراءات الوقائية. أما النسبة التي لم تصب بالفيروس، فكانت بأغلبيتها من الأطفال أو الأشخاص الذين اتبعوا كل الإجراءات الوقائية.
ولأنها مناعة أتت من الإصابة بالفيروس، وخاصة عند الأكثرية غير الملتزمة بالإجراءات الوقائية وليس من اللقاح، يقدّر أستاذ العلوم البيولوجية أنها لن تدوم طويلاً، مضيفاً إن البلاد «قد تكون أمام موجة ثالثة من الوباء خلال الصيف أو مطلع الخريف». في حين أن الخوف الأكبر حالياً، هو من عدد حالات الإصابة بين الوافدين إلى لبنان، والتخالط الذي يحدث خارج بهو المطار.
قلق عبد الساتر هنا، آتٍ من كونه المسؤول الميداني عن فحوصات الـ PCR في مطار رفيق الحريري. والتي تجرى في مختبرات كوفيد ـــ 19 في الجامعة اللبنانية. لكنه أكد لـ«الأخبار»، أن إجراءات جديدة ستبدأ للحد من النتائج الخطرة التي قد تتأتى عن تلك المخالطات والأخطاء الفنية التي كانت تحدث عند تسجيل أسماء وأرقام هواتف الوافدين. وعلى سبيل المثال، سيتسلم فريق كبير من الجامعة اللبنانية (معظم العاملين في قسم الـ pcr بالمطار هم من طلاب وخريجي الجامعة اللبنانية) بدءاً من الأسبوع المقبل، تسجيلات المسافرين عبر المطار (سابقاً كانت بحوزة شركة MEA)، ما يتيح للفريق العمل بمهنية ومسؤولية للحدّ من الاكتظاظ في المطار ولتفادي الأخطاء بالتسجيل والرسائل المرسلة للوافدين.
من ناحية أخرى، يقوم المختبر بشكل روتيني بفحوصات إضافية للحالات الإيجابية لتحديد وترصد المتحورات القادمة إلى لبنان من الخارج من خلال تطوير بسيط لفحوصات الـ PCR. ويقوم المختبر بالتواصل اليومي مع وزارة الصحة التي تتابع الحالات الإيجابية والحرص على التزامها بقواعد الحجر الصحي، وهذا الأمر بحاجة إلى جدية مطلقة. ويكشف الباحث في الجامعة اللبنانية أن عدداً كبير من الوافدين الى لبنان، يحملون نتائج PCR سلبية، لكن بعد فحصهم يتّضح أنهم مصابون بالفيروس. والنظام الصحي اللبناني، في ظل الكارثة الاقتصادية، يستوجب إحساساً بالمسؤولية أكبر من الوافدين، أقلّه من أجل حماية أقربائهم.
يوم الجمعة الماضي، حثّت منظمة الصحة العالمية الأشخاص الذين جرى تطعيمهم بالكامل على الاستمرار في ارتداء الكمامة، والحفاظ على مسافة آمنة، وممارسة تدابير السلامة الوبائية الأخرى لكوفيد - 19. حيث ينتشر متحوّر «دلتا» شديد العدوى بسرعة في جميع أنحاء العالم.
وقالت الدكتورة ماريانجيلا سيماو، مساعدة المدير العام لمنظمة الصحة العالمية للوصول إلى الأدوية والمنتجات الصحية، خلال إفادة صحافية من المقر الرئيسي للمنظمة في جنيف «لا يجب أن يشعر الناس بالأمان لمجرد أنهم أخذوا جرعتَي اللقاح، ما زالوا بحاجة إلى حماية أنفسهم».
من جهته، يوضح عبد الساتر أن خطر «دلتا» لا يتمثّل فقط بسرعة انتشاره، بل بعوارضه المختلفة، وهي شبيهة بتلك التي تأتي مع الرشح أو الإنفلونزا، في إشارة إلى احتمال ورود خطأ في تشخيص الإصابة، التي هي جزءٌ من أزمة الواقع الوبائي حالياً في بريطانيا.
وبالنسبة إلى سبل الحماية، وعلى الرغم من انخفاض فعاليتها تجاه متحوّر «دلتا»، يشدد عبد الساتر على أن اللقاحات هي السلاح الأكثر فعالية من أجل منع حصول إصابة شديدة بالعدوى من كوفيد - 19، ومهما كان المتحوّر. بالإضافة إلى إبقاء الالتزام بقواعد إجراءات التعامل مع وباء كورونا، حتى لو كان الشخص قد تلقى جرعتَي اللقاح.
«دلتا» حول العالم
روسيا
سجّلت روسيا، اليوم، حصيلة وفيات يومية قياسية جراء فيروس كورونا لليوم الثاني على التوالي، في وقت تشهد فيه البلاد تفشّياً واسعاً للنسخة المتحوّرة «دلتا»، بالإضافة الى حملة تلقيح بطيئة. وهذا بحسب ما نشرته وكالة «رويترز».
البرتغال
يمثّل متحوّر «دلتا» الآن أكثر من 70 في المئة من الحالات الجديدة في منطقة لشبونة، وفقاً للسلطات البرتغالية، و51 في المئة من الحالات على مستوى البلاد. وذلك بحسب شبكة «سي إن بي سي».
اليونان
قال خبراء الصحة إن متحوّر «دلتا» سيكون على الأرجح السلالة السائدة في اليونان بحلول منتصف آب، وحذّروا من أن الإغلاق المحلي الصارم قد يكون ضرورياً خلال الصيف في المناطق ذات التغطية المنخفضة للتطعيم والتي تشهد زيادة في الحالات، نقلاً عن شبكة «سي إن بي سي».
إسبانيا
العديد من المناطق الإسبانية، بما في ذلك كتالونيا، تسجّل بالفعل 20 في المئة من حالات «دلتا»، ويتوقع مسؤولو الصحة الإقليميون أن السلالة الأكثر عدوى يمكن أن تصبح مهيمنة في غضون أسبوعين إلى أربعة أسابيع. نقلاً عن «سي إن بي سي».
كيان الاحتلال
أعادت سلطات الاحتلال فرض وضع الكمامة في الأماكن المغلقة، بعد ارتفاع في عدد الإصابات بفيروس كورونا في كيانٍ تفاخر بأنه أول من تجاوز الوباء بفضل حملة تطعيم واسعة النطاق.
وحذرت السلطات الصحية في الأيام الأخيرة من ارتفاع جديد في عدد الإصابات عائد على الأرجح إلى المتحورة «دلتا» الشديدة العدوى. نقلاً عن وكالة «رويترز».