الخوف من تقدم العمر حرب الانسان مع نفسه

عزيز ملا هذال

2021-07-04 07:50

الكثير منا يقلقه تقدمه بالعمر وترتفع حدة القلق كلما زاد يوماً اضافياً سيما عند النساء فأن الامر يمثل لهن نوع من الفوبيا فقد يصل بهن الامر الى رفض التصريح بأعمارهن في محاولة لتناسي هذا الشبح المزعج، ونقوم نتيجة لهذا الخوف بشن حروباً ضد الزمن تارة وضد انفسنا تارة اخرى لأننا لم نحقق ما كنا نطمح اليه وسلاحنا في هذه الحرب الشعواء عمليات التجميل والترميم على مستوى الشكل فقط، فجراحات التجميل لم تعد مقتصرة على النساء، فحتى الرجال أغرتهم موضة الظهور بمظهر شبابي وجمالي ونجدهم يملئون العيادات التجميلية مثلهم مثل النساء، ناكرين لحقيقة ان الاعمار ماهي الا ارقام والمقصد من ذلك أنك قد تحيا حياة شبابية طوال عمرك ان شئت او تنغص عليك حياتك.

في واقعنا نجد الكثير من الناس تظهر عليهم ملامح التقدم في العمر ونخطئ في تقدير اعمارهم الحقيقية رغم صغرهم لكونهم حملوا انفسهم هموماً اكثر مما تستطيع حمله، فبدت عليهم ما كان يفترض ان يبدو في بعد سنوات طويلة، وهم بذلك فقدوا لذة الشباب وعاشوا الشيخوخة قبل ان تحين.

الخوف من تقدم العمر ربما يكون شيئا طبيعيا، فأغلبنا ان لم يكن جميعنا نخاف من شبح الموت ونشعر بقربه كلما كبرنا ومع ايماننا بأن الأعمار بيد خالقها، إلا أن هذا الخوف ظاهرة يعكس ضعف مهارات مجارات الواقع والاستمتاع في مراحل العمر المختلفة، فعلى سبيل المثال ان قلق المرأة يبلغ اقصى درجاته في سن الخمسينيات ومصدر قلقها هذا هو وصولها الى (سن اليأس) ولا اعرف من اتى بهذه المصطلح فمن المؤكد أن ثمة خطأ في التسمية فهو مصلح علمي يعني صعوبة او استحالة الحمل والولادة وليس نهاية الحياة او قرب نهايتها، فالمرأة في الخمسينيات تدخل مرحلة جديدة لها ميزاتها ولا تعني فقدان الحياة والعاطفة ابداً كما هو الفهم الخاطئ.

ومن الخطأ ايضاً ان يرتبط مفهوم السعادة والامن النفسي مع الاطمئنان بالأعمار، والاجدر هو ان ننجح في ملئ سنوات حياتنا بالحيوية والفعالية التي تبقينا اصحاء نفسياً، كما ربط سعادة الانسان بكم ما يملك من عقارات واموال خطأ جسيم نرتكبه بحق انفسنا فمشاعر السعادة تتأتى من انجازنا ودورنا في حياتنا وكم هو حجم التأثير بمن حولنا ولا ينحصر خيار الراحة بقشور لا تغني ولا تسمن من جوع، والإنسان لديه خيارات كثيرة وما عليه سوى الانسجام مع النفس، وكلما تمكنا من ان نكون في حالة انسجام وتصالح من انفسنا، كلما اصبحنا اكثر استقرار نفسي، فمن اكثر ما يصادر سعادة الانسان هو عدم فهمه لذاته ومن لا يفهم ذاته يعجز عن فهم الآخرين ويشعر بالتعاسة في مراحل العمر المختلفة.

ما الأسباب وراء الخوف من الشيخوخة؟

العديد من الاسباب التي تجعل الفرد يخشى التقدم في العمر وهذه الاسباب تختلف من شخص لآخر تبعاً للظروف القائمة والشخصية والادوار التي يشغلها الفرد، لكن اكثر الاسباب تشابهاً بين من يخشى تقدم العمر وهي كالآتي:

اولاً الخوف من تغيير الشكل وتحوله الى غير مقبول في بعض الاحيان هذا السبب ينتشر بشكل مرعب بين النساء بالطبع يوجد من الرجال ما يعاني منه فالكثير منا لا يتسيغ فكرة ان يصبح يوماً ما شيخا كبيرا مختلف الملامح عما كانت عليه في ايام الشباب ويعد الامر بالنسبة اليه امر غير مريح على الاطلاق سيما عند النظر الى وجهه في المرآة.

ثاني الاسباب هو الخوف من ترك العمل وهذ الامر هو الاخر يجهد تفكير الكثير من الناس حينما يرون ان زملاء لهم اصغر منهم سناً قد يأخذون مكانهم في يوماً ما سيما اذا قل انتاجهم بفعل تباطئ حركته او اقترابه من سن التقاعد، فعلى الرغم من وجود كل هذه المبررات الا انه لا يتخيل ترك مكانه وهو ما يسبب له نوبات قلق مزعجة.

وثالث الاسباب هو خوف الانسان من المرض ويمثل اكثر الاسباب ارتباطاً بالخوف من تقدم العمر فيقف البعض مذعوراً من فكرة المرض ودخوله المشفى وتناول العلاجات وغيرها مما يجري على اغلب المرضى، هذه بأختصار اكثر ثلاث عوامل تؤدي الى الاصابة بالخوف من تقدم العمر لدى الانسان.

اما ما يجب ان نؤمن به لكي نتجنب او نخفف وطئة الخوف من تقدم العمر فهو ان جمال الانسان ليس بشبابه فقط بل لكل مرحلة جمالها المميز فالإنسان جميل ان اخذ دوره بجديه في هذه الحياة وكان نافعاً لنفسه ولمن حوله، كما من الاهمية بمكان ان يكمل بعضناً البعض في المجالات المهنية والحياتية عموماً ونبعد فكرة اشغال مناصبنا او اماكنا فطبيعة الحياة انها تمنح ادوار وتسلب اداور ولكل مرحلة دور للانسان عليه القبول به شاء ام ابى، واخيراً لا داعي للخوف الكبير من المرض لانها سنة الله في خلقه، فجميعنا نمرض ونموت ويأتي من يتمم المشوار ولا مفلت من ذلك، ان آمنا بهذا سنعيش سعداء مطمئنين.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي