القادم أشد فتكاً: ما علينا فعله لمواجهة العدو المتخفي كورونا؟

عبد الامير رويح

2020-12-14 08:06

على الرغم من البدء ببرامج التلقيح ضد فيروس كورونا المستجد في بعض دول العالم. فسيكون ايضاً على الجميع الالتزام بكافة التعليمات والارشادات الصحية السابقة، التي تقضي بارتداء الكمامات واستخدام المعقمات والالتزام بالتباعد الاجتماعي، لحين الانتهاء من هذه الحرب الصحية ضد هذا المرض الخفي، الذي بوفاة اكثر من مليون ونصف انسان في مختلف دول العالم منذ ظهوره في الصين نهاية ديسمبر 2019. وفي ظل تفشي هذا الوباء ماتزال البحوث والدراسات التي يقوم بها العلماء، مستمرة من اجل الوصول الى نتائج مهمة لتعرف على سلوك وطبيعة هذا المخلوق الفتاك والمختلف. حيث تكشف النتائج من حين إلى آخر عن بعض الأعراض الخفية والغريبة لهذا الفيروس الغامض الذي حير العلماء بشكل كبير.

وتشير بعض النتائج الى ان اللقاحات المطروحة ومنها لقاحا فايزر ومودرنا وكما نقلت بعض المصادر، غير المعروف حتى الآن ما إذا كان يوفران حماية تامة من العدوى أو فقط من الأعراض. وليكون القاح فعالا يجب على كل مقبل على التلقيح أن يلقح بجرعتين، وتأتي الجرعة الثانية من شركة فايزر بعد ثلاثة أسابيع من الجرعة الأولى، فيما الجرعة الثانية من لقاح مودرنا تكون بعد أربعة أسابيع، كما أن تأثير اللقاح ليس فوريا. ومن المتوقع أن توفر الجرعة الأولى مستوى معينا من الحماية في غضون أسبوعين، ولكن الحماية الكاملة قد لا تحدث إلا بعد بضعة أسابيع من الجرعة الثانية.

وتقول ديبورا فولر خبيرة اللقاح في جامعة واشنطن إن ذلك يعني أن الأشخاص الذين سيتم تلقيحهم قد يستمرون في نقل العدوى لآخرين رغم أن ذلك قد يكون بمعدل أقل. وحتى عندما تتوفر إمدادات اللقاح، قد يستغرف تلقيح ملايين الناس أشهرا. وتشير فولر أيضا إلى أن الأطفال لن يكون بإمكانهم الحصول على اللقاح، إذ أن تجارب حول سلامته وفعاليته لهم بدأت للتو. وتوقع منصف السلاوي، رئيس الجهود الأميركية لتطوير اللقاحات، أن البلاد يمكن أن تصل إلى مناعة القطيع في وقت مبكر من مايو، استناداً إلى فعالية لقاحي فايزر ومودرنا. ويبقى ذلك رهينا بعدم وقوع مشاكل في توفير اللقاح وإقبال الناس على التلقيح.

كما كشف الرئيس التنفيذي لشركة بيونتيك الألمانية، أوجور شاهين، أنّ أكبر تحد يواجهها وشريكتها "فايزر" الأميركية، بعدما تمت إجازة لقاح كوفيد-19 في الولايات المتحدة سيكون زيادة التصنيع لتلبية الطلب الضخم. وقال شاهين، إنّه "علينا حل مشكلة التصنيع، من الواضح جدا أن هناك حاجة لجرعات أكثر"، مضيفاً "نعالج هذه المسألة لكي ننتج جرعات أكثر". وأعلنت الشركتان أنّها ستنتج ما يصل إلى 1.3 مليار جرعة من اللقاح العام المقبل.

ومن بين الطرق التي يأمل شاهين أن يزيد بها المعروض تقديم موعد الحصول على مصنع بيونتيك الذي تبلغ طاقته 750 مليون جرعة سنويا، الذي تم شراؤه من شركة نوفارتيس في ماربورج بألمانيا. وقالت شركة بيونتيك إنها ستبدأ في صنع اللقاح هناك في النصف الأول من عام 2021 . وأوضح شاهين أنهم يعملون على تطويره وتشغيله وفقا لجدول زمني سريع.

الموجة الثالثة

وفي هذا الشأن توقع مبعوث خاص لمنظمة الصحة العالمية حدوث موجة ثالثة من الوباء في أوروبا في أوائل عام 2021، إذا كررت الحكومات فشلها في فعل ما هو مطلوب لمنع الموجة التالية من العدوى. وقال ديفيد نابارو من منظمة الصحة العالمية، في مقابلة مع صحف سويسرية: "فاتهم بناء البنية التحتية اللازمة خلال أشهر الصيف بعد أن وضعوا الموجة الأولى تحت السيطرة". وأضاف "لآن لدينا الموجة الثانية. إذا لم يبنوا البنية التحتية اللازمة، فستكون لدينا موجة ثالثة في أوائل العام المقبل". بحسب رويترز

وخلال شهور الصيف، تمتعت أوروبا لفترة وجيزة بانخفاض معدلات الإصابة التي ارتفعت الآن مرة أخرى، وأشار نابارو إلى أن سماح سويسرا بالتزلج حتى لو باستخدام الأقنعة، يمكن أن يؤدي بالبلاد إلى "مستوى مرتفع للغاية من الاصابات والوفيات". ونقلت صحيفة "سولوتورنر تسايتونج" عن نابارو قوله "بمجرد أن تنخفض معدلات الإصابة، وسوف تنخفض، عندها يمكننا أن نكون أحرارًا كما نريد. لكن الآن؟ هل يجب فتح منتجعات التزلج؟ في ظل ظروف ما؟". وأشاد نابارو باستجابة الدول الآسيوية مثل كوريا الجنوبية، حيث أصبحت الإصابات منخفضة نسبيًا الآن، وقال "الناس يشاركون بشكل كامل، ويتخذون سلوكيات تجعل من الصعب على الفيروس. إنهم يبقون على بعد، ويرتدون أقنعة، ويعزلون عندما يمرضون، ويغسلون الأيدي والأسطح. إنهم يحمون الفئات الأكثر عرضة للخطر".

تراجع المناعة

في السياق ذاته تشير دراسة أجريت على مئات الآلاف من الأشخاص في جميع أنحاء إنجلترا إلى أن المناعة ضد فيروس كورونا تتلاشى تدريجياً على الأقل وفقاً لمقياس واحد. ووجد الباحثون الذين أرسلوا اختبارات وخز الإصبع إلى أكثر من 365000 شخص تم اختيارهم عشوائياً في إنجلترا انخفاضاً بنسبة 26 ٪ في الأجسام المضادة لـ "كوفيد-19" على مدار ثلاثة أشهر فقط.

وكتب الفريق: "نلاحظ انخفاضاً كبيراً في نسبة السكان الذين لديهم أجسام مضادة يمكن اكتشافها على مدى ثلاث جولات من المراقبة الوطنية، بعد 12 و 18 و 24 أسبوعاً من الذروة الأولى للعدوى في إنجلترا". وأضاف أن "هذا يتوافق مع الدليل على أن المناعة ضد فيروسات كورونا الموسمية تتراجع على مدى 6 إلى 12 شهراً بعد الإصابة والبيانات الناشئة عن "SARS-CoV-2" التي كشفت أيضًا بمرور الوقت عن انخفاض في مستويات الأجسام المضادة لدى الأفراد الذين تم متابعتهم في الدراسات الطولية".

ونشرت الدراسة من قبل "إمبريال كوليدج" لندن وشركة "Ipsos MORI" للأبحاث. وفي بداية الدراسة، في يونيو، كانت نسبة 6٪ ممن أجروا الاختبارات لديهم استجابات من الأجسام المضادة "IgG" لفيروس كورونا. وبحلول أيلول (سبتمبر)، 4.4٪ منهم فقط وجدت لديهم. وبالنسبة للعاملين في مجال الرعاية الصحية، بقيت المعدلات كما هي تقريبًا. والأجسام المضادة هي البروتينات التي يولدها جسمك بشكل طبيعي لمحاربة العدوى. ووجدت فرق بحثية أخرى أن أنواعًا أخرى من الأجسام المضادة قد تستمر لفترة أطول من "IgG".

وتؤكد النتائج أيضًا الدراسات السابقة التي أظهرت أن الأشخاص الذين لم تظهر عليهم أعراض فيروس كورونا، من المحتمل أن يفقدوا الأجسام المضادة التي يمكن اكتشافها في وقت أقرب، بدلاً من أولئك الذين أصيبوا بعدوى أكثر حدة. ووجد الباحثون أن الأشخاص الأصغر سناً الذين تعافوا من فيروس كورونا يعانون من فقدان أبطأ للأجسام المضادة، مقارنة بالأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 75 عامًا والذين نجوا من العدوى. ومع ذلك، لا يُعرف ما يكفي لتحديد ما إذا كانت الأجسام المضادة توفر أي مستوى فعال من المناعة لفيروس كورونا، أو إلى متى يمكن أن يكون الأشخاص لديهم مناعة ضد الإصابة مرة أخرى بفيروس كورونا.

كما أنه من غير الواضح الدور الذي ستلعبه مناعة الخلايا التائية واستجابات ذاكرة الجسم لتهديدات مثل فيروس كورونا في توفير الحماية إذا تعرض شخص ما مرة أخرى لفيروس كورونا. وهناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم المخاطر المستمرة للعدوى مرة أخرى بشكل أفضل. والدراسة لها حدود. ولم يتم أخذ العينات من نفس الأشخاص مرارًا وتكرارً، ولكن من أشخاص مختلفين بمرور الوقت. وقال الباحثون إنه من المحتمل أن الأشخاص الذين تعرضوا للفيروس كانوا أقل احتمالا للمشاركة بمرور الوقت، وربما يكون ذلك قد أدى إلى انحراف الأرقام.

وقالت هيلين وارد، وهي عضو في كلية الطب في إمبريال كوليدج لندن، في بيان: "أظهرت هذه الدراسة الكبيرة جدًا أن نسبة الأشخاص الذين لديهم أجسام مضادة يمكن اكتشاف أنها تتراجع بمرور الوقت". وأضافت وارد التي عملت على الدراسة: "لا نعرف حتى الآن ما إذا كان هذا سيترك هؤلاء الأشخاص عرضة لخطر الإصابة مرة أخرى بالفيروس المسبب لـ"كوفيد-19"، ولكن من الضروري أن "يستمر الجميع في اتباع الإرشادات لتقليل المخاطر على أنفسهم والآخرين".

وسجلت استطلاعات الانتشار الوطنية السابقة التي حددت عدد الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس كورونا في أيسلندا استجابة دائمة للأجسام المضادة على مدى أربعة أشهر من وقت الإصابة. وأظهرت دراسات أخرى أن العوامل المختلفة قد تؤثر على سرعة انخفاض الأجسام المضادة. ويبدو أن العمر، والأمراض المصاحبة، والشدة الأولية للمرض تلعب دورًا. ووصف وزير الصحة البريطاني، اللورد جيمس بيثيل، الدراسة بأنها "قطعة بحث مهمة" يمكن أن تساعد في إعلام الحكومة البريطانية بكيفية اتخاذ الإجراء الصحيح للسيطرة على انتشار فيروس كورونا.

وقال بيثيل في بيان صحفي: "من المهم أيضًا أن يعرف الجميع ما يعنيه هذا بالنسبة لهم - ستساعد هذه الدراسة في مكافحتنا للفيروس، لكن الاختبار الإيجابي للأجسام المضادة لا يعني أنك محصن ضد كوفيد-19". وأضاف أنه "بغض النظر عن نتيجة اختبار الأجسام المضادة، يجب على الجميع الاستمرار في الامتثال للإرشادات الحكومية بما في ذلك التباعد الاجتماعي والعزل الذاتي وإجراء اختبار إذا كانت لديك أعراض". بحسب CNN.

وتعتقد الدكتورة كلوديا هوين، المتخصصة في الأمراض المعدية للأطفال في مستشفيات جامعة كليفلاند، أن الدراسة كانت ممتعة ومشجعة، لأنها تشير إلى أنه على الأقل فيما يتعلق بالأجسام المضادة، فإن هذا الفيروس يعمل مثل فيروسات كورونا الأخرى. وكما هو الحال مع الزكام، تتضاءل الأجسام المضادة، ويمكن أن يصاب الناس بالبرد أكثر من مرة. وكما هو الحال مع نزلات البرد، فإن الأشخاص الذين لديهم أجهزة مناعية قوية، وعادة ما يكونون أصغر سناً، لا يرون عادةً انخفاضًا سريعًا في الأجسام المضادة كما هو الحال مع الأشخاص الأكبر سنًا.

الاكثر عرضة للإصابة

الى جانب ذلك أشارت دراسة أجريت على 18 مليون شخص إلى أن الأشخاص السود البشرة هم أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا من الأشخاص البيض بمقدار الضعف. ويشير البحث أيضا إلى أن الأشخاص الآسيويين هم أكثر عرضة للإصابة من الأشخاص البيض بـ1.5 مرة، وربما يحتاجون أكثر منهم إلى رعاية مركزة. ويقول الباحثون إن النتائج التي توصلوا إليها ذات "أهمية عاجلة للصحة العامة" وإنها تثير أسئلة حول أولويات إعطاء اللقاحات ضمن المجموعات المعرضة للخطر.

وتأتي الدراسة التي نشرت في دورية "إي كلينيكل ميديسين" لتدعم ما ذهبت إليه نتائج دراسات أخرى. وهناك أدلة متزايدة على أن الأشخاص الذين ينتمون إلى أقليات عرقية معرضون بشكل أكبر لخطر الإصابة بـ"كوفيد-19". ولكن لا يزال غير مفهوم تماماً ما إذا كانت المخاطر تتمحور حول تزايد احتمالية الإصابة بالمرض أو مواجهة أعراض أكثر خطورة بسبب الفيروس. ودرس الباحثون في جامعتي ليستر ونوتنغهام بيانات من ثماني دراسات بريطانية و42 أمريكية. ووجدوا أن بعض الأدلة الأولية تشير إلى أن الآسيويين قد يكونون أكثر عرضة للوفاة من المجموعات الأخرى.

لكن الباحث الرئيسي الدكتور مانيش باريك قال إن هناك القليل من الأدلة على أن المخاطر كانت مدفوعة بالعوامل الوراثية. وأضاف أن الأشخاص الذين ينتمون إلى أقليات عرقية كانوا أكثر عرضة للعمل في وظائف الخطوط الأمامية والعيش في أسر كبيرة مع أجيال عدة. وقالت الباحثة الرئيسية الزميلة الدكتورة شيرلي سزي: "إن الدليل الواضح على زيادة خطر الإصابة بالعدوى بين الأقليات العرقية له أهمية ملحة في الصحة العامة". "يجب أن نعمل على تقليل التعرض للفيروس في هذه الفئات المعرضة للخطر من خلال تسهيل وصولهم في الوقت المناسب إلى موارد الرعاية الصحية واستهداف الفوارق الاجتماعية والبنيوية التي تسهم في عدم المساواة الصحية". بحسب CNN.

ويشير الباحثون إلى أن "العنصرية والتمييز البنيوي قد يسهمان أيضاً في زيادة خطر حدوث نتائج سريرية أسوأ داخل مجتمعات الأقليات العرقية". ويأتي ذلك بعدما أشار مستشار علمي للحكومة في وقت سابق إلى أن العنصرية لا تفسر الخطر المتزايد على الأشخاص المنتمين إلى أقليات عرقية. وقال الدكتور راغب علي، في حديثه في إحاطة لتقرير حكومي حول التباينات الناتجة من فيروس كورونا، إنه لا ينبغي استخدام العرق للحكم على ما إذا كان الناس معرضين لخطر أكبر للإصابة بالفيروس. وأضاف أن التركيز على جميع الأشخاص المعرضين لخطر أكبر بسبب العوامل الأساسية، مثل الوظائف والإسكان، سيساعد المزيد من الأشخاص بشكل عام، من جميع المجموعات العرقية.

كورونا والانفلونزا

على صعيد متصل قال باحثون أوروبيون قاموا بدراسة تجارب المرضى، إن فقدان حاسة الشم الذي يمكن أن يصاحب فيروس كورونا فريد ومختلف عن ذلك الذي يعاني منه شخص مصاب بنزلة برد أو بإنفلونزا. عندما يعاني مرضى "كوفيد-19" من فقدان الشم، يكون ذلك مفاجئاً وشديدا. ومعظم المصابين بفيروس كورونا يمكنهم التنفس بحرية، حيث لا يعانون في العادة أنفاً مسدوداً أو مزكوماً أو سائلاً. الشيء الآخر الذي يميزهم عن غيرهم هو فقدانهم "الحقيقي" للتذوق. ويقول الباحثون في مجلة Rhinology، إن الأمر ليس أن حاسة التذوق لديهم ضعيفة إلى حد ما، ولكنها معطلة تماما.

إن مرضى فيروس كورونا الذين فقدوا حاسة التذوق لا يمكنهم التمييز بين المر أو الحلو. ويعتقد الخبراء أن السبب في ذلك هو أن الفيروس الوبائي يؤثر على الخلايا العصبية المرتبطة مباشرة بحاسة الشم والتذوق. الأعراض الرئيسية لفيروس كورونا هي:ارتفاع في درجة الحرارة، سعال جديد ومستمر وفقدان حاسة الشم أو التذوق ويجب على أي شخص يعاني هذه الأعراض عزل نفسه والترتيب لإجراء اختبار المسحة للتحقق مما إذا كان مصاباً بالفيروس. كما يجب عزل أفراد أسرهم والمخالطين أيضاً لمنع الانتشار المحتمل.

وأجرى الباحث الرئيسي، البروفيسور كارل فيلبوت، من جامعة إيست أنغليا، اختبارات الشم والتذوق على 30 متطوعاً: عشر مصابين بـ"كوفيد-19" وعشر مصابين بنزلات البرد وعشر أشخاص أصحاء لا يعانون من أعراض البرد أو الأنفلونزا. وكان فقدان حاسة الشم أكثر عمقًا لدى المصابين بفيروس كورونا. كانوا أقل قدرة على التعرف إلى الروائح، ولم يكونوا قادرين على تمييز المذاق المر أو الحلو على الإطلاق.

وقال البروفيسور فيلبوت الذي يعمل مع مؤسسة "فيفث سانس" الخيرية التي تم إنشاؤها لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الشم والتذوق: "يبدو أن هناك بالفعل سمات مميزة تميز فيروس كورونا عن فيروسات الجهاز التنفسي الأخرى". وأضاف "هذا مثير للغاية لأنه يعني أنه يمكن استخدام اختبارات الشم والتذوق للتمييز بين مرضى "كوفيد-19" والأشخاص المصابين بنزلات البرد أو الأنفلونزا العادية".

وقال إنه يمكن للناس إجراء اختبارات الشم والتذوق بأنفسهم في المنزل باستخدام منتجات مثل القهوة والثوم والبرتقال والليمون والسكر. وشدد على أن اختبارات تشخيص الحلق ومسحة الأنف لا تزال ضرورية إذا اعتقد شخص ما أنه مصاب بفيروس كورونا. وأضاف أن حاستي الشم والذوق تعود في غضون أسابيع قليلة لدى معظم الأشخاص الذين يتعافون من فيروس كورونا. البروفيسور أندرو لين خبير في مشاكل الأنف والجيوب الأنفية في جامعة "جونز هوبكنز" في الولايات المتحدة كان هو وفريقه يدرسون عينات الأنسجة من الجهة الخلفية للأنف لفهم كيف يمكن أن يتسبب فيروس كورونا بفقدان حاسة الشم، وقد نشروا النتائج في مجلة (European Respiratory Journal) وحددوا مستويات عالية للغاية من الإنزيم الذي كان موجوداً فقط في منطقة الأنف المسؤولة عن الشم. بحسب بي بي سي.

ويُعتقد أن هذا الإنزيم ، المسمى (ACE-2 ) الإنزيم المحول لأنجيوتنسين II، هو "نقطة الدخول" التي تسمح لفيروس كورونا بالدخول إلى خلايا الجسم والتسبب في حدوث عدوى الأنف هو أحد الأماكن التي يدخل فيها الفيروس "سارس-كوف-2" المسبب لـ"كوفيد-19" إلى الجسم. قال البروفيسور لين: "نقوم الآن بإجراء المزيد من التجارب في المختبر لمعرفة ما إذا كان الفيروس يستخدم بالفعل هذه الخلايا للوصول إلى الجسم وإصابته". "إذا كان الأمر كذلك، فقد نكون قادرين على معالجة العدوى بعلاجات مضادة للفيروسات يتم توصيلها مباشرة من خلال الأنف."

تحذيرات مستمرة

من جانب اخر حذّرت منظمة الصحة العالمية من أي تهاون في تدابير الحيطة في مواجهة فيروس كورونا المستجدّ الذي يتفشى بوتيرة سريعة ولا سيما في الولايات المتحدة رغم التفاؤل الذي يثيره التوصل إلى لقاحات. وتواجه الولايات المتحدة طفرة جديدة من الوباء مع 225 ألف إصابة جديدة و2500 وفاة إضافية خلال 24 ساعة، بعد بضعة أيام من تنقل الأميركيين في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر للاحتفال بعيد الشكر.

من جهتها، تجاوزت كندا المجاورة عتبة 400 ألف إصابة، بعد أسبوعين من تخطيها عتبة 300 ألف إصابة، ما ينذر بارتفاع مفاجئ في عدد الإصابات بالمرض. وفي مواجهة الخطر، يرتقب الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن حفل تنصيب في كانون الثاني/يناير عبر الانترنت بناء على "توصيات الخبراء". وقال الرئيس الديموقراطي البالغ 77 عاماً "من غير المرجح إذاً أن يكون لدينا مليون شخص في المول" الجادة الكبيرة في وسط واشنطن المؤدية إلى مبنى الكابيتول.

ودعا خبراء منظمة الصحة العالمية إلى عدم تخفيف اليقظة جراء التفاؤل الذي أثاره التوصل إلى لقاحات. وأكد مدير برنامج الحالات الصحية الطارئة في المنظمة مايك رايان أن "اللقاحات لا تعني صفر كوفيد" مطالباً "الناس بمواصلة بذل الجهود". وحذّر من أن "التلقيح سيضيف أداة مهمة وقوية إلى مجموعة الأدوات المتاحة لنا" لمكافحة الوباء لكن "وحدها لن تقوم بالمهمة". وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس إن مع التقدم المتعلق باللقاحات "نبدأ برؤية نهاية الوباء"، محذّراً من أن الفيروس سيواصل ممارسة ضغط هائل على المستشفيات.

وفي بريطانيا، "ترجّح" السلطات الصحية تراجعاً كبيراً للوباء "بحلول الربيع" بفضل حملات التلقيح. إلا أنها تستعدّ أولاً لارتفاع عدد الإصابات بعد فترة عيد الميلاد. وأصبحت المملكة المتحدة، وهي الدولة الأكثر تضرراً من الوباء في أوروبا (أكثر من 60 ألف وفاة)، أول دولة غربية ترخص استخدام لقاح ضد كوفيد-19 بإعطائها الضوء الأخضر للقاح فايزر/بايونتيك. وحذت البحرين حذو بريطانيا فأصبحت ثاني دولة في العالم تمنح مثل هذا الترخيص.

وأصاب الوباء أكثر من 65 مليون شخص في العالم وتسبب بوفاة أكثر من 1,5 مليون شخص. ويواصل الوباء تفشيه خصوصاً في إيطاليا وسجّلت أميركا اللاتينية والكاريبي ارتفاعاً في عدد الإصابات بنسبة 18% خلال أسبوع. وبحسب منظمة الصحة العالمية، أُجريت تجارب على 51 لقاحاً مرشحاً على الإنسان، وباتت 13 من بينها في المرحلة الأخيرة من التجارب. وتتوقع بلجيكا وفرنسا وإسبانيا إطلاق حملات التلقيح في كانون الثاني/يناير عبر التركيز أولاً على الفئات الأكثر ضعفاً.

ومع الوصول المرتقب لهذه اللقاحات المضادة لكوفيد-19 التي يُفترض أن تّخزن في بعض الأحيان في درجات حرارة منخفضة جداً، تحضّر شركات أميركية الأرضية. إذ إن شركة "يو بي اس" الأمريكية العملاقة للخدمات اللوجستية طوّرت ثلاجات محمولة تسمح بحفظ اللقاح في حرارة تراوح بين 20 و80 درجة مئوية تحت الصفر. وطلبت شركة "فورد" المصنعة للسيارات ثلاجاتها الخاصة لتقديم اللقاحات لموظفيها، في وقت أعربت شركة "سميثفيلد" الأميركية العملاقة للحوم عن استعدادها لوضع الغرف الباردة في مسالخها في الخدمة.

ولم يبقَ سوى إقناع السكان بتلقي اللقاح على خلفية شعور بانعدام الثقة في لقاحات تم تطويرها في مدة قياسية. وتعهّدت شخصيات بارز بتلقي اللقاح بشكل علني لتصبح نموذجاً، على غرار بايدن والرؤساء الأميركيين السابقين باراك أوباما وجورج بوش وبيل كلينتون. وبانتظار وصول اللقاحات، قد تسرّع التجمعات بمناسبة عيد الميلاد ورأس السنة وتيرة تفشي الوباء، بما في ذلك الاندفاع إلى المتاجر عند انتهاء تدابير العزل في بعض الدول لشراء أغراض وهدايا العيد.

وفي البرازيل، سُمح للمراكز التجارية في ريو دي جانيرو بفتح أبوابها 24 ساعة في اليوم لمحاولة تجنّب الاكتظاظ لشراء أغراض العيد. وسجّلت البلاد قرابة 700 وفاة جديدة في 24 ساعة، ما يرفع حصيلة الوفيات الإجمالية إلى نحو 176 ألف وفاة. وبين العزل والتباعد الاجتماعي، أُرغم التجار وأصحاب المطاعم على ابتكار أفكار جديدة لإبقاء محالهم مفتوحة. وتقوم كاتيا هيندلماير الشريكة في ملكية حانة في برلين، بتسليم مشروبات تُصنع في محلها على متن دراجات مباشرة إلى الزبائن. وقالت "نفضل العمل مقابل مدخول قليل على عدم القيام بأي شيء" مشيرةً إلى أنها متمسكة بـ"الحفاظ على نشاط موظفيها". بحسب فرانس برس.

وفي الولايات المتحدة، تراجع معدّل خلق الوظائف بشكل حاد في تشرين الثاني/نوفمبر ما يؤكد تباطؤ النمو ويزيد الضغط على الكونغرس للتصويت على خطة جديدة للدعم الاقتصادي. والوقت يدهم إذ إن العديد من المساعدات للعاطلين عن العمل والعائلات تنتهي مدّتها في 26 كانون الأول/ديسمبر. وفي وقت يرخي الوباء بثقله على النمو والنفقات العامة، فرضت الأرجنتين ضربيه استثنائية على الثروات الكبيرة تعني حوالى 12 ألف شخص، بهدف مساعدة الأشخاص الأشدّ حاجة والشركات الصغيرة.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي