فيروسٌ يقاوِم فيروساً: علاج محتمل للوباء؟

علي عواد

2020-03-12 06:11

دواء «ريميدسيفير» الذي طورته شركة «جيليد» الأميركية (وفشل في علاج فيروس إيبولا سابقاً) يبدو واعداً في علاج المصابين بفيروس «كورونا، بحسب مقالة نشرها موقع «نيتشر»، مشيراً الى نتائج الاختبارات التي أُجريت على مصاب بفيروس «سارس-كوف-2» في واشنطن جاءت إيجابية، «لكنه من غير الواضح ما إذا كان الدواء سيكون فعالاً لدى استعماله على المصابين بالفيروس».

وعزت ذلك الى أن هؤلاء قد يكونون مصابين بأشكال مختلفة من الفيروس، بعدما أظهر تحليل لـ 19 عينة من الفيروس أُخذت من مصابين من الصين وأوستراليا والولايات المتحدة اختلافاً في تسلسل الفيروس.

بمعنى آخر، ليس كل المصابين بـ«كورونا» لديهم شكل الفيروس نفسه. وأوضح الباحثون أن «الأدلة المستخلصة من عيّنات المرضى تشير إلى أن فيروس سارس -كوف-2 يكتسب طفرات جديدة قد تمكنه من مقاومة الأدوية المضادة للفيروسات، ما يثير تحدّياً حقيقياً لتطوير العقاقير التقليدية واللقاحات. وتنطبق هذه المحدودية على فيروسات «RNA» الفتّاكة الأخرى، مثل «سارس» أو «متلازمة الشرق الأوسط التنفسية»، «مِيرس».

الحلّ، بحسب الورقة البحثية، موجود في تكنولوجيا طبية جديدة: «CRISPR-Cas13d»، وهي تقنية تسمح للعلماء بتعديل الجينات. وقد تمّت تجربة نوع من هذه التقنية التي تسمح بتعديل الحمض النووي، على يَد عالم الفيزياء الحيوية الصيني، هي جياكو، الذي أعلن عن تعديله جينيّاً لأجنّة زرعها في امرأتين صينيتين، أنجبت إحداهما رضيعتين توأمين أواخر عام 2018. يحاجج هذا العالم أنه تم تصميم هذه التعديلات لتعطيل جِين يرمّز إلى بروتين يسمح لفيروس نقص المناعة البشري HIV بدخول الخلايا المناعية، وأن ما فعله كان لحماية هؤلاء البشر المعدّلين جينياً من الـ HIV. لكن محكمة الشعب لمقاطعة نانشان في شنزن الصينية غرّمت العالم مبلغ 430 ألف دولار، فيما حكمت بالسجن على مساعدين اثنين له، بثلاث سنوات سجناً لقيامهم بتعديلات جينية على البشر.

على عكس «CRISPR-Cas9» التي تستهدف تعديل الحمض النووي «DNA»، تستهدف «CRISPR-Cas13d» الحمض الريبي النووي «RNA»، وللأخير أدوار بيولوجية مختلفة في ترميز الجينات وفك شيفرتها وتنظيمها والتعبير عنها. ولأن «سارس-كوف-2» يُعدّ من سلالة فيروسات «كورونا» ــــ وهي فيروسات من نوع RNA وليس DNA ــــ فإن تقنية «CRISPR-Cas13d» قد تمثّل حلاً للقضاء على المرض الجديد. ولكن كيف؟ ستقوم هذه التقنية باستهداف الـ RNA الموجود داخل الفيروس و«التهامه»، ما يؤدي إلى الحدّ من قدرته على التكاثر. ومن أجل تعطيل الفيروس، سيستخدم الباحثون gRNA وهو حمض ريبي نووي موجَّه، يستهدف توازياً تيجان الفيروس وإنزيم التكاثر لديه. يقول الباحثون إن هذه الميزة الفريدة في تقنية «CRISPR-Cas13d»، تلاقي متطلبات التطور السريع للحمض الريبي النووي الموجّه، لاستهداف أنواع مختلفة من الفيروسات التي تتطور ويمكن أن «تهرب» من العقاقير التقليدية، وهو ما يجعل هذه التقنية أكثر فعاليةً للتخلُّص مِن الفيروسات ومنع مقاومتها للأدوية. ويخلص الباحثون إلى أن تقنية «CRISPR-Cas13d»، نهج جديد مباشر ومرن وسريع، من المحتمل أن تكون علاجاً ومانعاً للعدوى من فيروسات «RNA» المختلفة. ولكن هناك حاجة لدراسات مستقبلية تحدد سلامة وفعالية هذا النظام في القضاء على فيروس «سارس-كوف-2» والفيروسات الأخرى في النماذج الحيوانية قبل تطبيقه على البشر.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا