الفيروس الغامض: رعب عالمي ينذر بحرب بيولوجية
مروة الاسدي
2020-01-25 06:17
شهدت الصين تفشي عدة أمراض خلال السنوات الماضية مثل سارس وإنفلونزا الطيور، وحاليا تشهد انتشارا لنوع جديد من فيروس كورونا أدى لوفاة 17 شخصا وإصابة نحو ستمئة. فلماذا يحدث هذا في الصين تحديدا، وأغلقت السلطات مدينة ووهان التي تعتبر مركز انتشار فيروس كورونا الجديد، في حين تسعى السلطات الطبية على مستوى العالم لمنع انتشاره وتحوله إلى وباء، ويخشى علماء أن يكون عدد الإصابات بفيروس غامض من سلالة فيروس "سارس" (متلازمة الالتهابات التنفسية الحادّة) ظهر في الصين مؤخرا، أكبر من العدد الذي أعلنته السلطات، فيما تتكثف التدابير في الخارج من أجل منع تفشي المرض.
لكن الفيروس انتقل، على الأرجح، إلى مئات الأشخاص، أي إلى أكثر بكثير من العدد الرسمي، بحسب علماء في مركز أبحاث "إمبيريل كوليدج" في لندن الذي يقدّم استشارات لمنظمات على غرار منظمة الصحة العالمية.
فيروس كورونا في الصين، من أين أتى؟ وكيف أصبح مميتا؟، ينتمي الفيروس، الذي أدى إلى سقوط عشرات الضحايا في الصين، إلى فئة من الفيروسات معروفة لدى الخبراء، بل ويخشاها الأطباء، ويشبه الفيروس اثنين من الفيروسات القاتلة، وهما "سارس" الذي تسبب في وفاة 9 في المئة ممن أصيبوا به و"ميرس" أو كورونا الشرق الأوسط الذي أدى إلى وفاة 35 في المئة ممن أصيبوا به.
فيما يلي نفصل سبب ظهور هذا النوع من الفيروسات بشكل مفاجئ وسر خطورتها، من أين أتى فيروس "كورونا" الخطير؟، من المعتقد أن السلالات التي تسببت في مرض "سارس" و"ميرس" والمرض المتفشي حالياً لم يكن مصدرها البشر، بل الحيوانات، ورغم أن الحيوانات تحمل فيروسات عدة خطيرة، فمن غير المعتاد أن تنتقل إلى البشر.
ويقول البروفيسور أندرو إيستون، وهو من كلية علوم الحياة بجامعة واريك، إنه "في معظم الحالات، يوجد حاجز، ولا يستطيع الفيروس عبوره"، ويضيف: "لكن في بعض الأحيان إذا تعرض الجهاز المناعي لشخص ما للضعف، أو إذا ظهرت بعض العوامل المهمة الأخرى التي من شأنها أن تتيح للفيروس فرصة للهجوم، فقد يصاب الشخص بمرض يسببه هذا الفيروس"، وغالبا ما يبدأ الخطر مع طفرة غريبة.
ويشير إيستون إلى أنه "عادة ما يتعين على الفيروسات أن تغير من نفسها بطريقة ما لتحصل على فرصة النمو بشكل صحيح في جسد العائل الجديد"، وفي هذه الحالات النادرة عندما ينتقل فيروس "كورونا" إلى الإنسان قد تصبح الأمور في غاية الخطورة.
وفي العموم، لا تعد الفيروسات التي تنتمي إلى سلالة "كورونا" خطيرة جدا، فالبشر يمكنهم التغلب على بعضها ولكن مكمن الخطورة في الفيروسات التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر.
لماذا يعد فيروس "كورونا" المنتقل من كائنات حية أخرى خطيرا؟، يقول البروفيسور إيستون: "عندما ينتقل فيروس من سلالة إلى أخرى، لا يمكنك التنبؤ مسبقًا بما سيفعله، لكن من المألوف إنه إذا وجد عائلا جديدا قد يصبح شديد الخطورة في مراحله المبكرة"، وذلك لأن جهازنا المناعي لم يختبر مواجهة هذه السلالة الجديدة من قبل، وبالتالي يمكن أن نكون ضعفاء للغاية عندما ينتقل فيروس كورونا فجأة من الحيوانات إلى البشر، وهناك مشكلة مماثلة عندما تعبر سلالات الأنفلونزا من الطيور إلى البشر، ويقول البروفيسور إيستون "مع انتشار وباء الأنفلونزا الذي ينتقل من الطيور إلى البشر، فإن القلق يكمن في أنه عندما يحصل هذا الانتقال إلى البشر ستزداد خطورة المرض".
ويُعتقد أن أسوأ تفش للأنفلونزا على الإطلاق، حدث ما بين (1918-1919)، كان مصدره الطيور، وقتل ما يصل إلى 50 مليون شخص، وليس هناك ما يشير إلى أن فيروس "كورونا" الحالي سيكون مميتاً، لكن تاريخ الأوبئة الناتجة عن فيروس ينتقل من الحيوانات إلى البشر يسبب قلقًا بالغًا للمجتمع الطبي.
هل يمكن لفيروس "كورونا" أن ينتشر بسرعة؟، الخبر الجيد هو أنه ليس من المعتاد - في البداية على الأقل - أن ينتقل فيروس إنسان لآخر بعدما انتقل أولا من الحيوانات إلى البشر، ويمكن لذلك أن يتغير بسرعة، وعندما يحدث ذلك، قد يصبح الموقف خطيراً للغاية.
ويشرح البروفيسور إيستون: "احتمال حدوث طفرة في فيروسات مثل كورونا مرتفع إلى حد ما"، وأي تغيير آخر في الفيروس يمكن أن يسمح له بالانتشار من شخص لآخر، مما يعني أنه سينتشر على نطاق أوسع بكثير، وحصل ذلك مع انتشار المرض في الصين حالياً، ولهذا السبب تم اتخاذ تدابير لمكافحة انتشاره، ويقول إيستون: "إذا كان ينتقل إلى شخص ما، على سبيل المثال، يعاني من ضعف المناعة، فقد يكون السبب في ذلك أن لديهم حالة مرضية تجعلهم أكثر عرضة للإصابة".
كيف يمكن التعامل مع تفشي فيروس كورونا؟، الخبر السيء أن الدواء غالباً ليس هو الحل، ويحذر البروفيسور إيستون: "هناك عدد قليل جداً من الأدوية الناجحة في مكافحة الفيروسات"، لكن هناك تدابير أخرى يمكن اتخاذها، ومن بينها أشياء بسيطة مثل غسل اليدين واستخدام المناديل، ويقول إيستون "النظافة الأساسية هي شيء جيد للغاية. إنها تحمي من كل شيء، وربما تكون السلاح الوحيد المتاح في الوقت الحالي، لأنه لن يكون لدينا أي أدوية لهذا الفيروس في المستقبل القريب".
وبصرف النظر عن إجراءات الوقاية، فإن كيفية تعامل السلطات مع الأشخاص الذين أصيبوا بالفيروس أمر بالغ الأهمية، ويقول إيستون: "الجانب الآخر هو تحديد الأشخاص المصابين في أسرع وقت ممكن حتى يمكن مساعدتهم، والتعامل معهم بشكل مثالي بطريقة تقلل من احتمال انتشار العدوى"، ولحسن الحظ، ففي أعقاب التفشي السابق لفيروس "سارس" اتخذ إجراءات حيز التنفيذ دوليا، ويشير إيستون: "لقد رأينا ذلك عدة مرات، لذلك تتخذ بعض التدابير، وعندما يكون من الضروري اتخاذ قرار، يتخذ بشكل أسرع"، ويأمل الوسط الطبي في جميع أنحاء العالم في أن تساعد الدروس المستفادة من التفشي السابق لفيروسات مماثلة "كورونا" في التعامل مع الفيروس الحالي وأي حالات تفشي أخرى مستقبلية.
حالة طوارئ عالمية
قالت منظمة الصحة العالمية إن من السابق لأوانه ”إلى حد ما“ إعلان فيروس كورونا الجديد حالة طوارئ عالمية في الوقت الذي منعت فيه الصين الملايين من السفر في ظل التفشي الذي أسفر عن وفاة 18 وأصاب أكثر من 630.
ويخشى المسؤولون بقطاع الصحة من تسارع انتقال العدوى في الوقت الذي يسافر فيه مئات الملايين من الصينيين في الداخل والخارج أثناء عطلة رأس السنة القمرية التي تبدأ يوم السبت وتمتد أسبوعا، وقال رئيس لجنة الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية ديديه حسين في جنيف ”من السابق لأوانه إلى حد ما اعتبار هذا (المرض) حالة طوارئ صحية عامة تدعو للقلق الدولي“، وأعلن المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم أن لجنة الطوارئ في المنظمة والمؤلفة من 16 خبيرا مستقلا كانت منقسمة فيما توصلت إليه.
وأضاف أدهانوم في مؤتمر صحفي في مقر المنظمة في جنيف ”دون أدنى شك، هناك حالة طوارئ في الصين... لكن الأمر لم يشكل بعد حالة طوارئ صحية عالمية. قد يصبح كذلك“، وذكر أن الصين اتخذت إجراءات تعتقد المنظمة أنها مناسبة، وأردف قائلا ”نأمل أن تكون فعالة وقصيرة المدة.. المنظمة لا توصي بفرض أي قيود على الحدود أو على السفر والتجارة في الوقت الراهن“، وقال بيتر بيوت، أستاذ الصحة العالمية ومدير كلية لندن للصحة الشخصية والطب الاستوائي، إن التفشي وصل إلى مرحلة حرجة.
وقال ”بصرف النظر عن القرار بعدم إعلان هذا (المرض) حالة طوارئ صحية عمومية تثير قلقا دوليا ، سيكون التعاون الدولي المكثف والمزيد من الموارد أمرا ضروريا لوقف هذا التفشي. ستحتاج السلطات الوطنية ومنظمة الصحة العالمية إلى متابعة التطورات عن كثب ”، وقال التلفزيون الرسمي الصيني في تحديث لحالات الإصابة في الصين إنه تم تأكيد 634 حالة، بينما أكدت مفوضية الصحة الوطنية في البلاد وفاة 17، وقالت السلطات الصحفية في إقليم خبي جنوبي بكين اليوم الخميس إن رجلا في الثمانين من عمره كان مصابا بالفيروس، توفي هناك، ليصبح أول حالة وفاة مؤكدة خارج هوبي، ويعتقد أن الفيروس الذي لم يكن معروفا من قبل ظهر في أواخر العام الماضي نتيجة تجارة غير مشروعة في الحيوانات البرية في سوق للحيوانات في مدينة ووهان الصينية.
وتوقفت أغلب وسائل المواصلات في مدينة ووهان، التي يعيش فيها 11 مليون نسمة، صباح يوم الخميس وطلبت السلطات من السكان والمقيمين عدم مغادرة المدينة. وبعد بضع ساعات أعلنت مدينة هوانغقانغ المجاورة والتي يقطنها سبعة ملايين نسمة إغلاقا مماثلا، وقال جودن جيليا ممثل منظمة الصحة العالمية في بكين لرويترز” إغلاق مدينة ووهان التي يقطنها 11 مليون نسمة يعد إجراء غير مسبوق في تاريخ الصحة العامة وهو بالتأكيد لم يتم بناء على توصية من منظمة الصحة العالمية“، ودق الفيروس الذي تم رصده في الآونة الأخيرة ناقوس الخطر بسبب كم الألغاز المحيط به. ومن السابق لأوانه معرفة مدى خطره ومدى سهولة انتقاله بين البشر، وليس هناك علاج معروف لهذا الفيروس الذي ينتقل عن طريق التنفس وتشمل أعراضه ارتفاع درجة الحرارة وصعوبة التنفس والسعال وتشبه أعراض أمراض الجهاز التنفسي وقد يسبب الالتهاب الرئوي.
آسيا في حالة "إنذار قصوى"
عززت عدة دول آسيوية تدابيرها الرقابية لمواجهة انتشار فيروس جديد غامض يشبه الفيروس المسبب لمرض السارس، وأسفر حتى الآن عن وفاة ستة أشخاص في الصين ويثير مخاوف من أزمة صحية عالمية.
ومن بانكوك إلى هونغ كونغ وسنغافورة وسيدني، عززت السلطات إجراءاتها الرقابية على الرحلات الواصلة من المناطق التي ينتشر فيها المرض، بعدما أكدت الصين أن هذا الفيروس المنتمي لعائلة فيروسات الكورونا قابل للانتقال بين البشر.
وأكدت الصين اكتشاف 77 حالة جديدة، ليصل عدد المصابين بالمرض إلى نحو 300 شخص، وأسفر الفيروس عن وفاة ثلاثة أشخاص إضافيين في ووهان (وسط الصين)، مركز انتشار الداء الذي انتقل إلى أشخاص آخرين في اليابان وكوريا الجنوبية وتايلاند.
ويخضع 922 شخصاً للمراقبة في المستشفيات الصينية، بحسب السلطات الصحية في البلاد، وتعقد منظمة الصحة العالمية الأربعاء في جنيف اجتماعا لتحديد ما إذا كان من الضروري إعلان "حالة طوارئ صحية ذات بعد دولي"، وفرضت السلطات في تايلاند اتخاذ إجراءات قياس حرارة الجسم للواصلين إلى مطارات بانكوك وشيانغ ماي وبوكيت وكرابي، من مناطق صينية تشهد انتشاراً للفيروس.
وفي بيان، أعلن وزير الصحة التايلاندي أنوتين شارنفيراكول أن المسافرين الواصلين يخضعون لهذه الإجراءات "دون استثناء"، ويوضعون تحت الرقابة في حجر صحي لمدة 24 ساعة إذا أظهروا مؤشرات بارتفاع حرارة الجسم.
تحالف عالمي لمكافحة الفيروس الغامض
قال تحالف عالمي تشكل لمكافحة الأمراض المعدية إن ثلاثة فرق بحثية منفصلة ستبدأ العمل على تطوير تطعيمات محتملة للوقاية من فيروس كورونا الذي بدأ في التفشي في الصين، وقال التحالف المعني بالجاهزية لمواجهة تفشي الأمراض المعدية (سي.إي.بي.آي) والذي يشارك في تمويل مشروعات الطوارئ إن الخطة تتضمن وجود تطعيم واحد محتمل على الأقل جاهز للتجارب السريرية بحلول يونيو حزيران.
وتسبب تفش لفيروس كورونا جديد، ظهر للمرة الأولى في مدينة ووهان الصينية، في وفاة 17 شخصا وأصابت العدوى نحو 600 أغلبهم في الصين لكن تم رصد حالات في دول أخرى منها شمل الولايات المتحدة، وقال ريتشارد هاتشيت الرئيس التنفيذي للتحالف ”ليس هناك ضمان للنجاح لكن نأمل في أن يشكل هذا العمل خطوة مهمة وذات مغزى في تطوير تطعيم للوقاية من المرض“.
ما هذا الفيروس الغامض؟
أُخذت عينات فيروسية من المصابين وخضعت لفحص معملي، وتوصلت السلطات الطبية في الصين ومنظمة الصحة إلى أنه من فيروسات كورونا.
وفيروسات كورونا هي عائلة كبيرة من الفيروسات، لكن ستة منها فقط هي المعروفة حتى الآن. (والتي تكون سبعة أنواع بعد إضافة الفيروس الصيني الغامض)، وتمتد الأعراض التي تظهر على المصاب بفيروسات كورونا من أعراض نزلات البرد، وهي أبسط الأعراض، وحتى الإصابة بمشكلات قاتلة في الجهاز التنفسي أو ما يُعرف باسم السارس الذي قتل 774 شخصا من إجمالي المصابين الذي بلغ 8098 شخصا أثناء انتشار العدوى التي اندلعت من الصين في 2002، وأظهر التحليل الوراثي للفيروس الغامض أنه قريب الشبه جدا من السارس أكثر من أي نوع آخر من فيروسات كورونا.
ماذا قال خبراء آخرون؟
قال جيريمي فارار، مدير مركز (ويلكم) الخيري للبحوث الطبية: "هناك الكثير الذي قد نكتشفه عن هذا الوباء"، وأضاف: "لا يزال هناك انعدام يقين وفجوات فيما لدينا من حقائق، لكن من الواضح أن هناك مستوى من مستويات الإصابة يتضمن انتقال العدوى من شخص لآخر"، وتابع: "بدأنا نسمع عن حالات في الصين ودول أخرى، ووفقا لما توضحه نماذج الانتشار، سوف تكون هناك في الغالب حالات إصابة أخرى في عدد من الدول،" وقال جوناثان بول، أستاذ الطب في جامعة نوتنغهام: "المهم أن نعي أنه من الصعب أن نحدد العدد الحقيقي للحالات المصابة حتى تنتشر الاختبارات المعملية لعينات من المشتبه في إصابتهم،" وأضاف: "لكن يمكننا أن نأخذ الأمر بجدية حيال الأرقام التقديرية الحالية حتى تتوافر لدينا معلومات أخرى. فمسألة انتقال العدوى من حيوان إلى الإنسان في 41 حالة أمر مبالغ فيه، وأعتقد أن ذلك يحملنا على أن نرجح أن هناك حالات إصابة أكثر من تلك التي تم اكتشافها حتى الآن."
"حرب بيولوجية" بين دول؟
وفي هذا السياق، ذكر تقرير لـ"منظمة العدل والتنمية في الشرق الأوسط"، ان فيروس "كورونا الجديد" في الصين، "تم تصنيعه واختلاقه في مختبرات طبية سرية في أوروبا"، وقال المتحدث باسم المنظمة غير الحكومية، زيدان القنائي، في تصريح لموقع "الحرة"، إن دوافع إعدادهم للتقرير المذكور، جاء "بعد اكتشافهم لمختبرات سرية في أوروبا، تعمل على تصنيع فيروسات، يتم توظيفها في حروب بيولوجية ضد دول بعينها".
المتحدث أفاد أيضا ان "شركات أدوية كبيرةـ ستعلن بعد أن يقتل الفيروس عددا هائلا من البشر، عن لقاح مناسب له، وذلك كخطة لتضخيم أرباحها من لقاحه"، وعن سبب ظهور الفيروس في الصين تحديدا، هذه المرة، قال المتحدث، إن ذلك "سيسرع في انتشار واسع للفيروس، نظرا للكثافة السكانية الكبيرة في الصين، والتي تقدر بالملايين، "وتوقع ان ينتقل الفيروس الجديد، إلى الهند أيضا، مع احتمال أن يقتل أعدادا كبيرة، بسبب ظاهرة التغير المناخي وتلوث الهواء، التي ستساعد في انتشار الفيروس هناك.
علميا.. هل يمكن اختلاق فيروسات؟
وحول ما إذا كان ممكنا علميا، اختلاق فيروسات وبائية خطيرة، في مختبرات خاصة، قالت الدكتورة أخصائية الصحة العامة، جزلة فضة، لموقع "الحرة"، انه "لا يمكن اختلاق فيروسات من العدم في مختبرات خاصة، وإنما يمكن التلاعب في فيروسات كانت موجودة في الطبيعة أصلا"، وأوضحت الأخصائية، إن "إمكانية التلاعب في مكونات الفيروس وجعله ضارا بالبشر بدل الحيوانات فقط، أمر ممكن علميا".
لكن أكدت "الاستحالة العلمية" لـ "انتاج فيروسات خاصة من العدم، في مختبرات خاصة ومن ثمة نشرها في كائنات حية"، إذ "لابد من وجود فيروسات في الطبيعة، لتبقى فيما بعد إمكانية التلاعب فيها"، وأشارت، إن هذا الأمر، "وارد جدا"، في إطار ما يسمى بـ"الحروب البيولوجية" بين الدول. لافتة الانتباه إلى قضية انتشار فيروس "انفلونزا الطيور"، التي أثير حينها انه يندرج في إطار "حرب بيولوجية"، بعد ان "كان الفيروس يصيب الطيور فقط، لكن فيما بعد صار يصيب الإنسان أيضا"، وهو ما قالت الأخصائية، ان "قد يكون بسبب تلاعب في الفيروس"، حتى صار يضر بالبشر.
حقائق عن الفيروس الغامض الجديد
توفي ستة أشخاص على الأقل حتى الآن في الصين بعد إصابتهم بفيروس جديد غامض يشبه الفيروس المسبب لمرض سارس، مع تسجيل 300 إصابة، ما يثير مخاوف من تفشيه مع اقتراب رأس السنة الصينية.
كما ظهرت حالات في اليابان وكوريا الجنوبية وتايلاند وتايوان. وفرضت دول آسيوية عدة والولايات المتحدة رقابة في المطارات للركاب الواصلين من مدينة ووهان الصينية التي تعد 11 مليون نسمة، وهي بؤرة الوباء.
في ما يلي ما نعرفه عن الفيروس:
فيروس جديد
وهذا الداء سلالة جديدة من عائلة فيروس كورونا التي تضم عددا كبيرا من الفيروسات. وقد تسبب هذه الفيروسات أمراضا غير مؤذية لدى الإنسان مثل الزكام، لكنها أيضا مصدر لأمراض أكثر خطورة مثل سارس (متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد).
وهذا الفيروس قريب من الوباء الذي تسبب بالسارس عامي 2002 و2003 وأسفر عن 744 حالة وفاة في العالم (بينهم 349 في الصين القارية و299 في هونغ كونغ) من أصل 8096 إصابة بحسب منظمة الصحة العالمية.
من الناحية الوراثية هناك "80% من أوجه الشبه بين الفيروسين" كما قال البروفيسور أرنو فونتانيه المسؤول عن وحدة علم الأوبئة للأمراض الجديدة في معهد باستور بباريس لوكالة الأنباء الفرنسية. وكلا الفيروسين يتسببان بالتهابات حادة في الجهاز التنفسي، وأطلعت الصين الأوساط العلمية الدولية على التسلسل الجيني للفيروس الجديد.
عدواه تنتقل بين البشر
واعتبرت منظمة الصحة العالمية الإثنين أنه يبدو أن حيوانا هو "المصدر الأولي الأكثر ترجيحا" للفيروس "مع انتقاله بشكل محدود بين البشر من خلال اتصال وثيق"، وكشف الفيروس في ووهان (وسط الصين) في كانون الأول/ديسمبر لدى مرضى يعملون في سوق لبيع الأسماك وثمار البحر بالجملة أغلق في الأول من كانون الثاني/يناير.
وأكدت الصين على لسان العالم جونغ نانشان العضو الذي يحظى بنفوذ في لجنة الصحة الوطنية أن الفيروس يتفشى بين البشر، تقول الطبيبة ناتالي ماكديرموت من جامعة كينغز كوليدج في لندن إن الفيروس يتفشى عبر قطرات صغيرة جدا تنتشر في الهواء عند العطس أو السعالن ونشر أطباء في جامعة هونغ كونغ الثلاثاء دراسة حول تفشي الفيروس مقدرين العدد المرجح للإصابات في ووهان بـ1343. وهذا الرقم مماثل للحالات التي قدرتها جامعة إمبيريال كوليدج في لندن الأسبوع الماضي، ويتخطى التقديران الأرقام الرسمية التي تشير إلى نحو 300 حالة مع مراقبة 922 مصابا في المستشفيات الصينية.
أقل خطورة من سارس
وعوارض هذا الوباء أقل خطورة من تلك الخاصة بسارس. يقول فونتانيه إن "خطورة هذا الفيروس أقل من سارس"، وبحسب سلطات ووهان، هناك 25 مريضا على الأقل بين الأشخاص الـ200 المصابين في المدينة غادروا المستشفى.
وأعلن العالم جونغ الذي ساعد في تقييم حجم تفشي وباء سارس في عام 2003 أنه "يصعب مقارنة هذا الوباء مع سارس". وأضاف "أنه خفيف والرئتان لا تتأثران كما يحدث مع سارس"، من جهته، صرح البروفيسور أنطوان فلاهو مدير معهد الصحة العالمية في جامعة جنيف لوكالة الأنباء الفرنسية "لكن هذا الأمر يثير قلقا أكبر" لأن الأفراد سيتمكنون من السفر قبل كشف العوارض.
وسيتنقل مئات ملايين الأشخاص في الصين للاحتفال مع أسرهم بعيد رأس السنة الذي يبدأ السبت، وقال الطبيب جيريمي فرار مدير مؤسسة "ويلكوم تراست" البريطانية إن "ووهان مركز رئيسي ومستوى اليقظة يجب أن يبقى مرتفعا لأن الاحتفالات برأس السنة الصينية الذي يقترب تعني السفر".
هل يشكل حالة طوارئ صحية عالمية؟
تعقد منظمة الصحة العالمية الأربعاء اجتماعا طارئا لتحديد ما إذا يجب إعلان "حالة الطوارئ الصحية العالمية" وهو ما حصل مع تفشي سارس. وهذا الأمر يستخدم فقط في حال تفشي الأوبئة الأخطر.
ولم تستخدم منظمة الصحة العالمية هذا التوصيف إلا في حالات نادرة لتفشي أوبئة تستلزم تحركا قويا عالميا كإنفلونزا الخنازير (إتش1 إن1) في العام 2009 وفيروس زيكا العام 2016 وحمى إيبولا التي ضربت غرب أفريقيا بين عامي 2014 و2016 وجمهورية الكونغو الديمقراطية منذ 2018.