الحرب على البدانة.. خسائرها تفوق الصراعات الدامية

عبد الامير رويح

2015-05-02 12:10

يبدو أن الحرب ضد البدانة وكما يقول بعض الخبراء سوف تستمر لفترة طويلة، خصوصا وان التقارير الخاصة تشير الى إن عدد الأشخاص الذين يعانون من السمنة يصل حاليا إلى اكثر من 2مليار شخص، أي 30% من عدد سكان العالم، كما يتوقع أن تنمو المشكلة في السنوات المقبلة لأبعاد إضافية، ووفقا للبيانات الحالية يتوقع أن يصاب نصف البالغين في العالم بالسمنة بحلول عام 2030، وهو ما ستكون له الكثير من النتائج السلبية على الصحة والاقتصاد، حيث تقدر كلفة هذه المشكلة الصحية على الاقتصاد العالمي بنحو ترليوني دولار سنويا، وتظهر الأبحاث أن تكلفة البدانة في العالم تماثل تكلفة التدخين أو النزاعات المسلحة وأنها أكبر من كلفة ادمان الكحول والتغير المناخي. وتؤدي البدانة إلى أمراض ينتج عنها خسارة في أيام العمل وفي الناتج العام كما انها تتسبب في نحو خمسة في المائة من حالات الوفاة عالميا.

ومشكلة السمنة كما تذكر بعض المصادر مشكلة معقدة لها العديد من الاسباب من اهمها توفر "الوجبات السريعة" الرخيصة التي تزيد فيها نسبة الدهون والسكريات والأملاح ذات السعرات العالية وأيضا طبيعة الحياة التي تقل فيها الحركة، هذا بالإضافة الى المسببات الاخرى التي دعت الخبراء الى اجراء بحوث ودراسات اضافية في سبيل الحد من تفاقم هذه المشكلة الخطيرة.

الرياضة لا تكفي

وفي هذا الشأن قال أطباء إن النشاط البدني يساهم بدور بسيط في علاج السمنة، مشيرين إلى أنه ينبغي التركيز بشكل مباشر على عدم تناول الطعام غير الصحي. وفي افتتاحية الدورية البريطانية للطب الرياضي، قال ثلاثة خبراء دوليين إن الوقت قد حان "لتحطيم خرافة" ممارسة الرياضة. وقال الخبراء إنه بالرغم من أن ممارسة الرياضة تلعب دورا هاما في الوقاية من الأمراض، مثل السكري وأمراض القلب والخرف، فإن تأثيرها في خفض السمنة محدود. وبدلا من ذلك، يلعب السكر الزائد والكربوهيدرات دورا أساسيا في السمنة.

وألقى الخبراء، بما في ذلك طبيب القلب بالعاصمة البريطانية لندن عاصم مالهوترا، باللوم على صناعة المواد الغذائية لأنها تروج للاعتقاد بأن ممارسة الرياضة يمكن أن يبطل التأثيرات الناتجة عن تناول الطعام غير الصحي. وقالوا إن هذه الطريقة "تشبه الأساليب المروعة" التي تعتمد عليها شركات صناعة التبغ بشأن التدخين، مطالبين بعدم الترويج للاعتقاد بأن ممارسة الرياضة قادرة على علاج مفعول المشروبات السكرية والوجبات السريعة.

وأشار الخبراء إلى أن هناك أدلة على أن نحو 40 بالمئة ممن هم في نطاق الوزن الطبيعي يعانون من مشاكل في التمثيل الغذائي كالتي يعاني منها المصابون بالسمنة. لكن على الرغم من أن هذه الرسائل الصحية العامة تركز "بشكل غير مفيد" على الحفاظ على وزن صحي من خلال عد السعرات الحرارية وأن مصدر هذه السعرات هو الشيء الأهم، فقد أظهرت الأبحاث أن مرض السكري يزيد أحد عشر ضعفا لكل 150 سعر حراري إضافي من السكر مقارنة بالسعرات الحرارية من الدهون.

وأشاروا إلى أدلة لمجلة "لانسيت" البريطانية تظهر أن الشخص الذي يتناول طعاما غير صحي يتأثر سلبيا أكثر من الشخص الذي يمارس النشاط البدني ويتناول الكحول ويدخن. وقال مالهوترا: "الشخص الذي يعاني من السمنة ليس في حاجة للقيام بأي تمرينات رياضية لإنقاص الوزن، لكنه في حاجة إلى تناول كمية أقل من الطعام. أكثر شيء يثير قلقي هو أن الرسائل التي يتلقاها العامة تقول لهم إنه بإمكانهم أن يأكلوا ما يريدون طالما أنهم يمارسون الرياضة." وأضاف: "هذا شيء غير علمي وغير صحيح. لا يمكن غض الطرف عن نظام غذائي سيء." بحسب بي بي سي.

ومع ذلك، قال آخرون إنه لا ينبغي التقليل من دور دور ممارسة الرياضة. وأشار مارك بيكر، من المعهد الوطني للصحة والرعاية المتميزة، التي توصي باتباع "نظام غذائي متوازن جنبا إلى جنب مع النشاط البدني"، إلى أنه من "الحماقة" أن نستبعد أهمية النشاط البدني. وقالت متحدثة باسم اتحاد الطعام والشراب البريطاني: "فوائد النشاط البدني ليست شكلا من أشكال التهويل أو المؤامرة من جانب شركات صناعة الأغذية، كما يشار، لكن نمط الحياة الصحي ينبغي أن يمزج بين اتباع نظام غذائي متوازن وممارسة الرياضة في نفس الوقت."

النظام الغذائي

الى جانب ذلك قال أطباء بارزون إن نظاما غذائيا من منطقة البحر المتوسط قد يكون أفضل في علاج البدانة من أنظمة تقليل الوزن من خلال حساب السعرات الحرارية. وفي "دورية الدراسات العليا الطبية"، أوضح الأطباء أن النظام الغذائي الخاص بمنطقة البحر المتوسط نجح في التقليل سريعا من احتمالات الإصابة بالأزمات القلبية والسكتات الدماغية.

وأشاروا إلى أن هذا النظام قد يكون أفضل من الأنظمة الغذائية التي تعتمد على تناول أطعمة ذات كمية منخفضة من الدهون لتقليل الوزن بصورة مستدامة. وأوضحت المقالة الافتتاحية للدورية الطبية التي أعدها الأطباء البارزون أن التركيز على نوعية الطعام هو السبيل الأفضل في التعامل مع البدانة، لكنها حذرت من وجود أضرار للإنقاص السريع للوزن من خلال اتباع نظام مكثف في وقت قصير.

ومن بين الموقعين على هذه المقالة رئيس "أكاديمة الكليات الملكية الطبية" تيرنس ستيفنسون، والطبيب ماهيبن ماروثابو الذي كان مسؤولا بارزا في هيئة الخدمات الصحية البريطانية. وانتقد الأطباء الهيئات العاملة بمجال إنقاص الوزن بسبب التركيز على الحد من تناول السعرات الحرارية بدلا من التركيز على "الغذاء الجيد". وأكد الأطباء أهمية اتباع نظام غذائي لمنطقة البحر المتوسط يشمل الفاكهة والخضروات والمكسرات وزيت الزيتون.

ودلل الأطباء على هذا ببحث يشير إلى أن هذا النظام يقلل سريعا من احتمال الإصابة بالأزمات القلبية والسكتات الدماغية، وأنه قد يكون أفضل من الأنظمة الغذائية التي تقوم على تناول كميات قليلة من الدهون من أجل فقدان الوزن بصورة مستدامة. وأوضح كبير المشرفين على الدراسة وطبيب القلب الدكتور عاصم مالهورتا أن الأدلة العلمية على مدى فاعلية هذا النظام قوية جدا. وقال إن "المسؤولية الأكبر هي أن نطلب من الناس التركيز على تناول أطعمة مليئة بالمواد المغذية".

وأضاف "سيكون (لهذا النظام) تأثير على صحتهم سريعا جدا. نعلم النظام الغذائي التقليدي بمنطقة البحر المتوسط - والذي أثبتت تجارب على عينات عشوائية احتواءه على نسبة أعلى من الدهون - يقلل خطر الإصابة بأزمة قلبية أو سكتة دماغية حتى في غضون أشهر من اتباعه". وأوضح الأطباء في المقال أن تبني نظام غذائي للبحر المتوسط عقب التعرض لأزمة قلبية يكون فعالا في تقليل عدد الوفيات بما يعادل ثلاث مرات تقريبا تناول عقار ستاتين لخفض نسبة الكوليسترول. بحسب بي بي سي.

وقال الدكتور اليسوت تيدستون كبير أطباء التغذية في هيئة الصحة العامة في انجلترا إنه لا يوجد حل واحد سحري لعلاج البدانة. وأضاف أن "الإرشادات التي تقدمها الحكومة (البريطانية) تتمثل في ضرورة تناول الكثير من الخبز والأرز والبطاطس والمعكرونة والأغذية النشوية الأخرى، والكثير من الفاكهة والخضروات وبعض الحليب ومنتجات الألبان واللحوم والأسماك والبيض والفول وغيرها من مصادر البروتين غير الألبان". ومضى قائلا إن "الأغذية التي تحتوي على كميات كبيرة من الأملاح والدهون والسكر يجب تناولها بوتيرة أقل وبكميات قليلة، وإذا كنت تعاني حاليا من زيادة في الوزن فإنك تحتاج إلى التقليل من تناول الطعام لتحقيق وزن صحي وتكون نشطا في إطار نمط حياة صحي".

في السياق ذاته أشارت نتائج دراسة حديثة استمرت عاما الى ان أولئك الذين ركزوا فقط على تناول 30 جراما يوميا من الأغذية المحتوية على ألياف فقدوا وزنا يعادل تقريبا من اتبعوا حمية غذائية معقدة. وقال يونشينج ما كبير المشرفين على الدراسة بكلية الطب جامعة ماساتشوسيتس إن الاكتفاء ببرنامج غذائي يتضمن زيادة الأغذية المحتوية على ألياف ربما يكون أكثر فائدة من خطة أخرى قد تتضمن مثلا الإقلال من الدهون المشبعة.

ويقول "اخترنا التغذية على الألياف لانها تنطوي على فوائد اكلينيكية تشمل عدة مكونات من متلازمة التمثيل الغذائي منها محيط الخصر وتوازن الجلوكوز والدهون في الجسم والتحكم في الانسولين علاوة على وزن الجسم وتنظيم دلالات معينة خاصة بالالتهاب". وفي هذه الدراسة قام ما وزملاؤه بتقسيم 240 بالغا يعانون من السمنة ومتلازمة التمثيل الغذائي لمجموعتين تناول أفراد المجموعة الاولى أغذية وفقا لبرنامج الجمعية الامريكية للقلب والثانية تحتوي على 30 جراما على الاقل يوميا من الاغذية التي بها ألياف.

ويعاني نحو 25 في المئة من البالغين في العالم من متلازمة التمثيل الغذائي ومن بين أعراضها زيادة محيط الخصر وارتفاع ضغط الدم وزيادة نسبة السكر في الدم وانخفاض مستوى الكوليسترول المفيد عالي الكثافة وزيادة مستوى الدهون الثلاثية وهي أعراض تزيد من مخاطر الاصابة بأمراض القلب والاوعية الدموية وداء السكري. ويوصي برنامج جمعية القلب الامريكية الغذائي بأن يأكل البالغون من 25 الى 30 جراما يوميا من الاغذية المحتوية على ألياف ومنها الخضروات والبقوليات والحبوب الكاملة رغم ان الامريكي العادي يتناول نحو 15 جراما فقط منها يوميا. ويحث البرنامج الغذائي للجمعية على زيادة كميات الخضر والفاكهة والحبوب الكاملة او الاغذية المحتوية على نسبة عالية من الالياف والمواد البروتينية الجافة والاقلال من السكر والصوديوم والكحول والدهون المشبعة والدهون المتحولة والكوليسترول وتناول الاسماك مرتين اسبوعيا.

10 أغذية فعّالة

من جانب اخر يبقى هاجس التخلص من الوزن الزائد واحدا من أهم الهواجس الصحية خاصة لدى النساء، ويرتبط أساسا بسوء عادات الأكل غير المتوازنة، لذا يجب التركيز على بعض الأغذية التي تساعد على تفادي زيادة الوزن، والتي تقوم بحرق الدهون أو تقليص الإحساس بالجوع، لما تحتويه من ألياف أو بروتينات، فما هي هذه الأغذية التي تساعد على حرق الدهون؟ وماذا تحتوي؟

الدهون هي مجموعة من المركبات الكيميائية التي تحتوي على الأحماض الدهنية، وهي جزء من الأطعمة التي تحتوي على نكهة، فمذاق الطعام يأتي من جزيئات الدهون الموجودة فيه، وعندما يقوم الجسم بتخزين الطاقة فإنه يخزنها على شكل دهون. ويوجد نوعان من الدهون: المشبعة التي تحتفظ بصلابتها في درجة حرارة المكان الموجودة فيه. والنوع الثاني هو الدهون غير المشبعة والتي تكون في الحالة السائلة في درجة حرارة المكان الموجودة فيه، ويفضل استهلاك الأطعمة التي تحتوي على الدهون غير المشبعة.

ومن أهم الأغذية المضادة والحارقة للدهون نذكر: مشتقات الحليب: وبالخصوص تلك الخالية من المواد الدسمة والغنية بالبروتينات التي تتطلب طاقة لهضمها وتعطي إحساسا بالشبع، يفضل تناولها في فطور الصباح حتى لا نشعر بالجوع قبل الغداء ولسد الجوع بالنهار. نخالة الشوفان: تعطي إحساسا بالشبع، وهي غنية بالألياف التي تمتص الدهنيات. ونخالة الشوفان تعطي إحساسا بالشبع، وفي نفس الوقت تجعل مستوى الأنسولين مستقرا في الجسم ما يجنب الإحساس بالجوع ويجنب تخزين الدهون.

الشاي الأخضر مضاد للدهون ومزيل للسموم: بفضل مفعول التنحيف الذي يتميز به الشاي فإن خلاصة الشاي تساعد على استهلاك الطاقة إضافة لاحتوائه على مادة تسمى العفص والتي تقلص تراكم الدهون. يفضل استهلاكه في كل أوقات النهار بالتناوب مع المياه المعدنية. الليمون صديق الكبد: يحتوي على حامض السيتريك الذي يساعد على تحويل الدهون والبروتينات في المعدة. يفضل استهلاكه في الصباح قبل فطور الصباح بعشرين دقيقة مثلا لتفعيل إفرازات المرارة ولتحضير الكبد لهضم أغذية اليوم.

الخل بطل مضادات التخزين: بفعل حمض الخل الذي يحتويه، يساعد الخل على ضبط معدل السكر في الدم ويمنع تخزين الدهون في الجسم. يفضل وضعه في السلطات وفي المقبلات إن أمكن. الفلفل الحريف: وهو فلفل حار ويعتبر من أبرز الأغذية المنشطة للجسم، يرفع حرارة الجسم الداخلية ما ينشط عملية التحول، يرش على الحساء والمأكولات لكن باعتدال لأنه حار جدا.

اللحوم الخالية من الدهون والسمك والبيض: تحتوي على البروتينات التي تعتبر مركبات معقدة تتطلب طاقة لهضمها. يحبذ استهلاكها في كل وجبة، فالبروتينات ضرورية لتوليد الطاقة اللازمة للهضم. التفاح مصيدة الدهون: غني بالبروتينات وبالألياف القابلة للذوبان يحتجز جزءا من الدهون على مستوى المعدة. وبالتالي لا تتحول هذه الدهون ولا تندمج داخل الجسم، وإنما تزال مباشرة. يفضل استهلاكه خلال وجبة خفيفة أو بعد الطعام. بحسب فرانس برس.

القرفة بهار مضاد للجوع: تساعد القرفة على تقليص معدل السكر في الدم، وتفادي تحوله لدهون وتقلص الرغبة في الأكل. يفضل رشها بدل السكر على اللبنة والحلويات … القهوة لحرق الدهون: الكافيين يحرق الدهون لكن يستحسن عدم شرب أكثر من 3 أكواب في اليوم لأن المبالغة في شربها تسبب التوتر والإرهاق التي تعتبر إحدى عوامل تخزين الدهون. المواظبة على استهلاك هذه الأغذية يساهم في تقليص كمية الدهون في الجسم والتخلص منها إلا أن ممارسة الرياضة بالتوازي مع وجبات غذائية متوازنة قد يعطي نتيجة أنجح وأسرع كالمشي لمدة 30 دقيقة على الأقل يوميا.

مكون غذائي جديد

في السياق ذاته طور علماء بريطانيون مكونا غذائيا يحدث إحساسا بالشبع وقالوا إن الاختبارات الأولية على أشخاص يعانون من زيادة الوزن أثبتت أنه نجح في مساعدتهم على وقف الزيادة في أوزانهم. وطور هذا المكون باحثون في إمبيريال كوليدج بلندن وجامعة جلاسجو وهو يحتوي على البروبيونات وهي مادة طبيعية تحفز القناة الهضمية على ضخ هرمونات تؤثر على المخ وتقلل الشعور بالجوع.

ويفرز الجسم البروبيونات بشكل طبيعي حين تخمر الميكروبات الموجودة في القناة الهضمية الألياف الغذائية لكن المكون الجديد (إنولين-بروبيونات إستر) أو (آي.بي.إي) يؤدي إلى إفراز كمية من البروبيونات أكبر مما يفرزها جسم الإنسان خلال تناوله وجبة طعام معتادة. وقال جاري فروست من إدارة الدواء في إمبيريال كوليدج الذي أشرف على الدراسة "جزيئات مثل البروبيونات تحفز إطلاق هرمونات الهضم التي تسيطر على الشهية لكنك تحتاج أن تتناول كميات هائلة من الألياف حتى تحقق تأثيرا قويا." واستطرد "أردنا أن نتوصل إلى طريقة فعالة أكثر لتوصيل البروبيونات إلى القناة الهضمية." بحسب رويترز.

وفي دراسة نشرت في دورية (جات) أعطى فريق فروست لعشرين متطوعا (آي.بي.إي) او إنولين وهو من الألياف الغذائية ثم سمحوا لهم بأن يأكلوا الكميات التي يشتهونها من الطعام. وخلص الباحثون إلى أن من تناولوا (آي.بي.إي) أكلوا بنسبة تقل 14 في المئة في المتوسط كما ارتفعت لديهم تركيزات الهرمونات في الدم التي تقلل الشعور بالجوع.

البرقوق الأسترالي

من جانب اخر بدأ الحديث عن الأغذية العالية القيمة غذائيا (superfood) في تسعينيات القرن الماضي، ونمت لتشمل مجموعة مذهلة من الأطعمة، بداية من حبوب الكينوا في بيرو وحتى اللفت الأوروبي القديم، ولكن لا يتفق الجميع على أننا بحاجة إلى تلك الأطعمة. ويرى مزارعو برقوق "عقيق الملكة" في أستراليا - وهي فاكهة تحتوي على مستويات عالية للغاية من الأنثوسيانين - أن هذه الفاكهة تساعد على النحافة وأن هذه حقيقة لا يرقى إليها الشك. والأنثوسيانين هي المادة الصباغية التي تعطي الخوخ والفراولة والعنب البري لونها الأحمر. وهي أيضا فئة من مضادات الأكسدة - وهو مركب يقلل الإجهاد التأكسدي في الخلايا الحية، والتي يعمل الباحثون على دراسة دورها في الوقاية من الأمراض أو المساعدة في علاجها.

وزاد الحديث عن برقوق "عقيق الملكة" عندما أذيعت أغنية عن فوائد تلك الفاكهة في برنامج "لاندلاين" الشهير على تليفزيون "إيه بي سي". وتحدث البرامج بالتفصيل عن بحث جديد أجرته جامعة جنوب كوينزلان، التي أثبتت أن هذه الفاكهة تساعد في فقدان الوزن. وأعقب ذلك موجة من التقارير الصحفية الإيجابية، مما أدى إلى زيادة طلب المستهلكين على برقوق "عقيق الملكة". ويمكن قياس أهمية الأغذية العالية القيمة الغذائية من خلال أسعارها بالدولار، ويكفي أن نعرف أن الطلب الاستهلاكي الغربي على الكينوا، على سبيل المثال، أدى إلى ارتفاع أسعار التصدير بشكل حاد في بيرو.

ويحذر الخبراء من أنه لا توجد مادة غذائية واحدة تعمل كدواء شاف لجميع الأمراض، مشيرين إلى أن هناك سلسلة طويلة من الأغذية التي كان يعتقد أنها عالية القيمة الغذائية لكن ثبت أن ذلك لم يكن صحيحا. وخير مثال على ذلك توت "ماكوي" الشيلي، وتوت القوجي الصيني، إذ كان المنتجون يربطون بين تلك الأطعمة القديمة وفوائد صحية لا تعد ولا تحصى، وأحيانا مشكوك فيها.

لكن قصة برقوق "عقيق الملكة" تختلف بعض الشيء، إذ اكتشفت فوائده بالصدفة عن طريق المزارعين في محاولة لإيجاد نسخة مقاومة للأمراض من البرقوق الياباني الشهير تباع لحكومة كوينزلاند قبل عقد من الزمن. وبعد ذلك عمل الباحثون في جامعة جنوب كوينزلاند على دراسة الخصائص الإيجابية للبرقوق، وأعطوا الفئران أغذية تحتوي على كميات عالية من الدهون والكربوهيدرات حتى أصبحت تعاني من السمنة المفرطة.

ثم أضافوا بضع قطرات من عصير برقوق "عقيق الملكة" على المياه التي يشربها الفئران. وفي غضون ثمانية أسابيع، فقدت الفئران معظم الزيادة في وزنها. ولكن ما مدى الاعتماد على نتائج البحث العلمي الذي أجرى على الفئران؟ تقول ليندساي براون، أستاذة العلوم الطبية الحيوية بجامعة جنوب كوينزلاند، التي قادت فريق البحث، إن النتائج تعد سندا قويا للمزاعم حول الفوائد الصحية لبرقوق "عقيق الملكة"، ولمزيد من التمويل لإجراء تجارب على الإنسان. وأضافت "جميع التغييرات التي حدثت للفئران التي كانت تعاني من السمنة - مثل مستويات الغلوكوز ووظائف القلب والأوعية الدموية والالتهاب - تحدث بنفس الطريقة مع البشر". بحسب بي بي سي.

واكتشفت فوائد برقوق "عقيق الملكة" بالصدفة عن طريق المزارعين في محاولة لإيجاد نسخة مقاومة للأمراض من البرقوق الياباني الشهير. ومع ذلك، كان البعض أكثر حذرا، إذ يقول ماني نواكس، مدير أبحاث التغذية والصحة في وكالة العلوم الأسترالية، إن نتائج البحث ليست قاطعة. وأضاف: "إنه بحث جيد للغاية ومثير جدا للاهتمام، لكن هناك اختلاف كبير بين البشر والقوارض. يمكنك اتباع نظام غذائي كامل مع الفئران لاختبار فرضية معينة، ولكن هذا لا يعني أنك سوف تحصل على نفس النتائج على البشر". وأردف: "من الصعب القول بأن طعاما واحدا قادر على أن يحدث فرقا في وزن الأشخاص. ولسوء الحظ، هذا شيء يحدث كثيرا عندما يتعلق الأمر بتعزيز الفوائد الصحية للغذاء. وثمة مزاعم مماثلة لأحد الأبحاث التي أجريت على الحيوانات عن طريق تناول بذور العنب بشكل يومي".

ذات صلة

لماذا لا يدفعون الثمن؟التنفيذ المركزي واللامركزي في العراق.. التخصيصات الاستثمارية مثالاًالتفكيرُ عراقيَّاًفكرة المشروع الحضاري في المجال العربي.. التطور والنقدالإرهاب الصامت