الاليات القانونية لاسترداد الاموال المهربة الى خارج العراق في ملتقى النبأ الاسبوعي
عصام حاكم
2016-03-09 10:44
عقد مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات حواره الفكري في ملتقى النبأ الأسبوعي، والذي ناقش فيه الأسباب والمعالجات القانونية والقضائية المتعلقة بالأموال المهربة الى خارج العراق، بمشاركة مجموعة من الباحثين والأكاديميين والقانونيين في مقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام.
حيث تطرق مدير الجلسة الفكرية الباحث في الشأن الحقوقي لمركز آدم والتدريسي في جامعة كربلاء الدكتور علاء الحسيني إلى خلفيات تلك الورقة، كونها جاءت لتناقش تفاصيل الاليات القانونية لاسترداد الاموال العراقية المنهوبة التي سربت للخارج ايام النظام السابق والنظام الحالي وان قائمة الفساد المالي والاداري الذي رافق الدولة العراقية لا ينحصر في حدود تلك الفترة بل يمتد الى ابعد من ذلك الى تسعينيات القرن الماضي، والذي أخذ أشكال وصور متعددة، إلا إن القواسم المشتركة التي تجمع بينهما هو استنزاف خيرات هذا البلد وتهريب العملة الصعبة ولطالما اكدت التقارير المالية ان هناك 40 مليار دولار لأعوان النظام السابق على شكل ودائع بنكية في الخارج ومثلها بشكل عقارات مسجلة بأسماء لها صلة بأعوان واقارب النظام السابق.
أما ما بعد سقوط النظام فجميع الدوائر السياسية العاملة في العراق كانت تحمل على عاتقها هم تقسيم الكعكة وهذا لا يتحقق ما لم يتم استلام حقيبة وزارية كي يبدأ النهب على اعتباره حالة اعتيادية تمارس في وضح النهار وبدون خشية او رقابة حقيقة فاغلب الصفقات والعقود شابها شائبة الفساد المالي والإداري، والاخطر من ذلك المشاريع التي تلكأت والتي أقامتها الحكومة الاتحادية في جميع وزارتها او التي عملت عليها الحكومات المحلية انها تعود لأحزاب وأشخاص متنفذين، وان قيمة العقود التي ابرمت هي اضعاف مضاعفة للقيمة الحقيقة للعقد او الصفقة، وهذا الامر وظف بهدف الحصول على مال سياسي ووظف ايضا في الانتخابات والأخطر من هذا ان غالبية تلك الأموال هربت للخارج وسجلت بأرصدة بنكية مختلفة، سيما وان هولاء المفسدين اجتهدوا في اخفاء معالم جرائمهم وبالاستعانة بوسائل غير اعتيادية. الا ان الدولة لم تأتي على ذكر استرداد تلك الاموال وان اسباب تلك الظاهرة اسباب متعددة لكن تقف في مقدمة هذه الأسباب: العوامل السياسية، العامل الأمني، ضعف التنظيم القانوني المتعلقة بمحاسبة المفسدين، ضعف في الاجراء القضائي، دور الدبلوماسية العراقية، غياب الوعي المجتمعي وغياب المؤسسات.
يستدرك قائلا: اما ما يتعلق بمحور المعالجات، فمنها ما يقوم على الجانب القضائي والقانوني ومنها ما يحتاج إلى تدخل دولي وتنشيط الاتفاقات والمعاهدات الدولية، ومن اجل تفعيل باب الحوار طرح السؤال التالي:
السؤال الأول: ما هي الاسباب الحقيقية التي تقف حائلا دون تحرك حقيقي للسلطات الثلاث في العراق لاسترداد الاموال؟
وجاءت المداخلات بالنحو التالي:
الحاج جواد العطار عضو مجلس نواب سابق وقيادي في المجلس السياسي للعمل العراقي يقول "وقد فسر الفساد المالي على انه الوجه الاخر للإرهاب، وان السبب الحقيقي الذي يحول دون استرداد الاموال فالكل مشترك ومساهم ومبتلي بهذه المحنة، لذلك من الصعب ان تشترك الرئاسات الثلاثة بسن تشريع او موقف سياسي او اي الية لاسترداد هذه الاموال، الصراع في العراق اليوم صراع على السلطة وليس كسب رضى الناس، اما المعالجات المطروحة فهي تتركز حول تفعيل قانون الاحزاب، تفعيل من اين لك هذا، اعادة النظر في قانون الانتخابات".
من جهته الاستاذ حمد جاسم محمد تدريسي وباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية: "اكد على ان هذه المشتركات تكاد تكون عامة فغالبية رؤساء دولة العالم الثالث، عندما ينتزع منهم كرسي الحكم يتهمون بسرقة المال العام، والامر هنا مرتبط تلقائيا بالشأن العراقي وعندما يكون المسبب الرئيسي قائم وهو المحاصصة الحزبية فلا تستطيع ان تحاسب اي مفسد خاصة وان الجميع مشترك في الفساد المالي والاداري، المحاكم الدولية تحتاج لقرائن وادلة كافية لإدانة المتهمين هناك صعوبة وصعوبة كبيرة في استرداد الاموال".
من جانبه الدكتور حيدر حسين آل طعمة التدريسي في جامعة كربلاء "شخص الفساد على انه الثقب الذي ابتلع الموارد التي حصل عليها العراق، الى جانب ذلك هو يعتقد بان الاتفاقات السياسية كانت وستبقى سبب في التغطية على الكثير من الملفات، وهذا ما تم تشخيصه حيال التجاوزات المتكررة من قبل الاقليم على اقتصاد البلد، والمشكلة تكمن في تركيبة العملية السياسية في البلد.
الاستاذ حيدر الجراح مدير مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث أجاب قائلا: "العامل الأمني والقانوني هو نتاج العامل السياسي وهذا يعيدنا الى حقيقة بنية السلطة داخل العقل السياسي العراقي، ما يتعلق بقانون الاحزاب ووضع شفافية البنية المصرفية في داخل العراق ففي دول العالم هناك شفافية عالية في رصد حركة الاموال، اضف الى ذلك الطبقة السياسية الفاسدة هي التي وضعت القوانين ومنها قانون الاحزاب، اما ما يتعلق بجزئية المعالجات فمسألة استرداد الأموال لا يتكفل بها العراق وانما امريكا سوف تأخذ على عاتقها كشف حسابات السياسيين منذ 2003 والى الان".
وعلى نفس السؤال علق الأستاذ عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية " قضية ضياع الاموال وحالة الفساد في العراق شيء غير اعتيادي، مخرجات العملية السياسية مشوهة وغير سليمة أين هي المؤسسات النظيفة كي ننطلق من خلالها، باعتقادي وصلنا الى مرحلة اليأس من العملية السياسية والعودة الى المربع الاول واصلاح الدستور وحتى قضية الانتخابات يجب ان تجرى تحت اشراف اممي ومتابعة دولية، واخيرا انى لا أخشى على الاموال في الخارج بل كل خوفي على الاموال التي داخل البلد".
احمد جويد مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات علق قائلاً "نهب المال العام فعل مستشر ويكاد يكون في جميع دول العالم، الا إن التقرير الأخير لمنظمة الشفافية العالمية يضع العراق في المراكز الاولى بين الدول الاكثر فساد والاكثر نهبا للمال العام، وهذا بسبب الفوضى والتراكمية التي جاءت على أنقاض النظام السابق والى الآن تمارس الطبقة السياسية شهوة الاستيلاء على المال العام دون وجه حق. وأضاف، من يحاسب المختلس للمال العام والقضاء العراقي ضعيف ولا يستطيع محاسبة اي مفسد؟، السلطات الثلاثة تعيش تتفق مصالحها، والغريب أن تتم مناقشة الحسابات الختامية لعام 2007 في العام 2016 فكيف يكون ذلك؟!!".
من جانب آخر الأستاذ على الطالقاني مدير مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام" يصف فكرة استحداث دوائر جديدة للقيام بدور المراقبة، ليس بالشيء الجديد ولا يشكل اضافة تحد من ظاهرة الفساد، بل لابد أن نتساءل عن كيفية حصول السرقة وايها اقرب للاختلاس وللتلاعب بالمال العام، وكل مجريات تلك العملية تتم عبر الصفقات والعقود المتبادلة فيما بينهم وعند ذاك من يستطيع ان يوفر العقود والصفقات يستطيع ايضا يوفر عليه المحاسبة، غياب الصحافة المسؤولة هو الاخر عنوان كبير خاصة وان غالبية الصحف تعود لأحزاب ولشخصيات سياسية متنفذة".
السؤال الثاني: هل تتوقع نجاح العراق بمهمة استرداد الاموال، وما هي الالية التي تقترحها لاسترداد هذه الاموال؟
الحاج جواد العطار "يرى اننا نحتاج الى ارادة سياسية ومع وجود تضخم عالي في إعداد الدوائر والمؤسسات الرقابية، بالإضافة إلى اعتبارات الدعم الديني والشعبي الذي يتوفر لدى القيادة السياسية ".
الأستاذ حمد جاسم محمد "يعتقد بان الامر مرهون بعوامل مختلفة ابتداءً من تغيير المنظومة السياسية وحصول الانتفاضة من الداخل او بتدخل خارجي والخيار الاخير يتوقف عند تشكيل محكمة شبيهة بمحكمة الحريري".
في السياق ذاته تحدث الدكتور حيدر حسين آل طعمة:" يجب ان نسعى الى ضبط الإنفاق العام من جهة والبحث عن الأموال المسروقة من جهة ثانية، الحالة التي يمر بالعراق يصعب عليه ان ينتج منظومة لاسترداد الاموال او محاسبة المفسدين".
من جانبه حيدر الجراح "اثار قضية مهمة كون العامل العقائدي والشخصي يجب لا يتدخل في سمات تشريع وسن القوانين". هناك بعض التسريبات توكد بضرورة الالتفاف حول العبادي بمسألة الاصلاحات وبضغط ثقافي".
الى ذلك يرى الاستاذ عدنان الصالحي "ضرورة تنظيم الوضع الداخلي والاقتصادي، ولابد ان يتوفر خط سياسي ناشئ ينمو تدريجيا، وهذا الاحتمال وارد فمن غير المعقول لا توجد ايادي بيضاء ونظيفة من ضمن الكتل السياسية الموجودة الان، وهنا لابد ان تتكاتف تلك الجهود وبدعم ديني ملحوظ من اجل تحديد خياراته".
الأستاذ احمد جويد" قال لابد أن نتفاءل ونبتعد عن شبح اليأس سيما وان الاموال التي اهدرت هي اموال عائدة للشعب العراقي، اليوم نحن شعب محطم وبلا معنويات، ان سبب ما وصلنا يعود للطبقة السياسية ونحن مطالبين للدفاع عن اموالنا المنهوبة وحتى لو نسترد جزء بسيط منها وبنسبة 50% وفق الاليات القانونية المحلية والدولية.
وفي الختام توصل الحاضرين الى حقيقة تشكيل فرق عمل ميدانية من اجل رصد الاموال المهربة واتباع الطرق القضائية والقانونية لاسترداد هذه الاموال".