برنامج تلفزيوني رمضاني يفضح بذخ نواب البرلمان العراقي على موائد إفطارهم

وكالات

2015-07-19 12:35

(فرانس 24): يكشف برنامج "مسؤول صايم" الذي يعرض على قناة البغدادية العراقية، أسلوب حياة نواب البرلمان العراقي في شهر رمضان ويصور موائد إفطارهم التي تتميز بالترف والإسراف، ما أثار صدمة لدى المواطنين الذين يعيشون الفقر والخصاصة والتشرد.

تصور الكاميرا نوابا عراقيين، تدخل منازلهم الفخمة، ترافقهم أثناء تبضعهم، وتصورهم جالسين إلى موائد عارمة، ضمن برنامج تلفزيوني رمضاني يثير جدلا في بلاد يعاني فيها الملايين العوز والتهجير جراء أعمال العنف.

وينقل برنامج "مسؤول صايم" (صائم) الذي تعرضه قناة "البغدادية" أسلوب الحياة الباذخ لنواب يتقاضون رواتب قياسية، ويتهمهم العراقيون بالفساد والتبذير، بينما يقول معدو البرنامج إن هدفه فضح النواب أمام ناخبيهم.

ويقول مدير القناة محمد حنون إن الهدف من البرنامج "تسليط الضوء على حياة النائب (...) هو ليس للبهرجة، أو لنظهر النائب بأحلى ملابس وأحلى أكل، لكنها رسالة للناس أن هذا هو مستوى الأشخاص الذين انتخبتموهم، هذا مستوى تفكيرهم".

وتبث القناة البرنامج الذي تقارب مدته الساعة، عدة أيام في الأسبوع. وتبدأ الحلقة باستقبال النائب مقدمة البرنامج شيماء المياحي في باحة منزله، قبل الانتقال إلى غرفة الجلوس حيث تحاوره بمسائل شخصية كالمستوى التعليمي والعائلة.

وبعدها ينتقل النائب مع المقدمة إلى السوق حيث يقوم بالتبضع، غالبا في متاجر أو أسواق لا يظهر فيها أي متبضع آخر، ثم يعودان إلى المنزل قبل موعد الإفطار، لينضما سويا إلى مائدة تضم أطباقا كبيرة منوعة، كالأرز واللحم والأسماك، إضافة إلى اللبن والعصير والتمور والفاكهة.

ويلاقي البرنامج انتقادات واسعة في بلد تجاوز عدد النازحين فيه جراء أعمال العنف ثلاثة ملايين شخص منذ مطلع العام 2014، والذي تخلله هجوم كاسح لتنظيم "الدولة الإسلامية". ويمضي عدد كبير من هؤلاء النازحين رمضان في مخيمات تحت الشمس الحارقة، ويقتصر إفطارهم على وجبات متواضعة تقدمها منظمات إغاثة دولية أو مؤسسات محلية.

ويقول ضياء محمد مهدي، وهو ميكانيكي يعمل في شركة خاصة، إن ما يقدمه البرنامج "استخفاف وقلة أدب بحق الشعب. فقر، مجاعة، نازحون، ناس مشردون والمئات يقتلون بالمفخخات (السيارات المفخخة) وغيرها (...) دون ذرة إحساس من هؤلاء اللصوص". كما حفل موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي بانتقادات مماثلة.

وكتب مستخدم اسمه عمر عبد "مسؤول صايم ونص اللي انتخبو (نصف الذين انتخبوه) نايمين بالشوارع، مسؤول صايم ونص اللي انتخبو قتلوا بالمعارك"، ليضيف "لا قبل الله صومك ولا صلاتك".

وعلق مستخدم باسم أشرف السعداوي، بأن البرنامج "استخفاف بمشاعر الشعب الفقير وظهور السياسي بكل صلافة ودون خجل".

ويعد العراق من الدول الأربع الأكثر فسادا في العالم بحسب منظمة الشفافية الدولية. ولا يخفي النواب نمط حياتهم الباذخ، حيث يتقاضى كل منهم راتبا شهريا يقدر بنحو عشرة آلاف دولار أمريكي، إضافة إلى بدل إيجار يقارب 2500 دولار شهريا، ومخصصات لحراس وسيارات مصفحة.

ففي إحدى الحلقات، سألت مقدمة البرنامج ضيفها النائب عن محافظة ديالى عبدالله الجبوري "هذا البيت الحلو الكبير المرتب، ملكك؟"، أجاب "لا والله ليس ملكي، هذا إيجار. أنا بيتي كان أكبر من هذا حقيقة"، مشيرا إلى أن ذاك المنزل تعرض للتدمير على يد تنظيم القاعدة في العام 2006.

أما النائب عن صلاح الدين شعلان الكريم، فأكد أنه اعتاد الحياة المترفة منذ صغره. وقال إن منزل جده "كان بيتا كبيرا، قصرا كبيرا، لذا أنا معتاد أن يكون البيت واسعا، ولا أقدر أن أعيش في شقق"، موضحا أن إيجار منزله الحالي في بغداد هو عشرات آلاف الدولارات سنويا.

نواب يدافعون عن أنفسهم

في المقابل، حاول نواب آخرون الدفاع عن أنفسهم بمواجهة الانتقادات. فقد كتبت النائبة شروق العباجي على صفحتها على "فيسبوك"، "لمن انتقد فخامة المائدة التي قدمتها في برنامج مسؤول صائم على شاشة البغدادية، أرجو التمعن في محتوياتها جيدا، ستجدونها عبارة عن صحون مليئة بالسلطة والطرشي (المخللات) والشوربة والتمر واللبن، وهناك صحن كباب وآخر لسمكتين صغيرتين، وكان هذا عشاء عمل البغدادية الذي اشتغل لعدة ساعات لإخراج هذا البرنامج من أجل ترفيه المواطنين في شهر رمضان".

إخفاء جوانب شخصية

وفي حين لم يجد معظم النواب حرجا في كشف وضعهم المالي، حاول بعضهم إخفاء جوانب من حياته الخاصة، لاسيما تعدد الزوجات. وتقول مقدمة البرنامج شيماء المياحي إن نائبا فضلت عدم تسميته "رجاني عدم طرح سؤال عن زواجه من امرأته الثانية لئلا تحدث مشاكل عائلية"، وإن نائبا آخر "رفض المشاركة أساسا، وقال لي بصراحة إنه متزوج من ثلاث نساء، إلا أن أيا منهن لا تعرف بالأخرى".

وتوضح أن العديد من النواب الذين حرص معدو البرنامج على أن يكونوا من انتماءات متعددة، رفضوا المشاركة "لسبب أساسي هو الخوف من كشف مستواهم المادي وبحبوحة العيش التي أصبح الكثير منهم يتمتع بها".

رغم ذلك، يبدو معدو البرنامج مقتنعين بأنهم أوصلوا رسالة للناس.

ويقول حنون أن الجدل سببه "إظهار السياسيين على حقيقتهم من البذخ والإسراف (...) أعطينا رسالة من حيث لا يدري السياسيون تتلخص بالقول +هذا مستوى نواب الشعب وهذا مستوى تفكيرهم+".

ويبدو أن الرسالة وصلت للبعض، ومنهم ياسر الصفار، صاحب متجر في بغداد.

ويقول "البرنامج يحمل فكرة جميلة جدا ورسالة للمواطن الأعمى وللنازح الذي شرد وترك بيته، وللمقاتل الذي يدفع حياته: هؤلاء هم اللصوص الذين انتخبتموهم. الآن أصبحتهم تعرفونهم وتعرفون حياتهم".

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي