فضائح الكنيسة تحت مجهر الاخلاق والمال
مروة الاسدي
2018-01-28 04:40
باتت الفضائح الجنسية من ابرز العلل المزمنة التي تنخر الكنسية والفاتيكان على الدوام خلال الاونة الاخيرة، وذلك بسبب حوادث التحرش الجنس المتكررة، خصوصا التي يتعرض لها أطفال يغتصبون من قبل رجال دين، الى جانب الفضائح الجديدة المتمثلة بإعلان بعض الكاهنة البارزين في الفاتيكان بأنهم مثلي الجنس، مما زاد من الانقسامات والخلافات داخل الكنيسة المسيحية الى جانب مواضيع جوهرية أخرى منها الطلاق والمثلية والمساكنة، لذا يواجه البابا فرنسيس في الفاتيكان السينودوس الثاني تحديات جما بسبب تدهور الاوضاع الحقوقية داخل العائلة المسيحية، مما يعني مواجهته لمهمة صعبة تتمثل بالحفاظ على التوازن إزاء مواضيع تشكل انقساما في الأراء داخل الكنيسة.
تعد اتهامات التحرش الجنسي بأطفال المعضلة الرئيسية، التي تواجهها الكنيسة، أذ في الوقت الذي يسعى الفاتيكان و مجموعة من زعماء الكاثوليك الى مكافحة استغلال الأطفال جنسيا وتبرئة الكنيسة من تهمة "التحرش الجنسي" بأطفال، يستمر مسلسل ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، ويواجه باروس اتهامات بحماية معلمه الأب فرناندو كاراديما الذي أدانه تحقيق أجراه الفاتيكان عام 2011 بارتكاب انتهاكات ضد صبية على مدى سنوات طويلة. ونفى كاراديما ذلك وقال باروس إنه لم يكن لديه علم بأي مخالفات.
لكن الفضيحة ألقت بظلالها على تشيلي فعلاوة على تزايد التوجهات العلمانية فقد أضرت الفضيحة بمكانة الكنيسة التي كان يشاد بها لدفاعها عن حقوق الإنسان أثناء فترة حكم الدكتاتور أوجوستو بينوشيه من 1973 إلى 1990.
على هذا الصعيد، وجه البابا فرنسيس انتقادات حادة جديدة لإدارة الفاتيكان قائلا إن ”خونة“ يقفون عقبة في طريق إصلاحاته ويجعلون أي تغيير صعبا كمحاولة تنظيف تمثال أبي الهول في مصر ”بفرشاة أسنان“.
وللعام الرابع على التوالي ينتهز فرنسيس فرصة تهانيه السنوية بمناسبة عيد الميلاد للإدارة المركزية للكنيسة الكاثوليكية ليعظ الكرادلة والأساقفة وغيرهم من كبار مسؤولي الكنيسة بشأن ضرورة التغيير.
وقال البابا الذي نقل اقتباسا يعود للقرن التاسع عشر من رجل دين بلجيكي ”إصلاح روما يشبه تنظيف أبي الهول في مصر بفرشاة أسنان“. ولم يقابل اقتباسه بالكثير من الضحك في قاعة كليمينتيا بالقصر البابوي في الفاتيكان، ومنذ انتخابه أول بابا للفاتيكان من أمريكا اللاتينية في 2013 يحاول فرنسيس إصلاح الإدارة المركزية التي يهيمن عليها الإيطاليون ليقرب بين إدارة الكنيسة ورعاياها وتطبيق إصلاحات اقتصادية وانتشال الكنسية من سلسلة الفضائح التي خيمت على فترة سلفه البابا بنديكت.
الى جانب فضائح الفساد الأخلاقي تأخذ فضائح الفساد المالي نصيبها أيضا، فبعد عامين من انفجار فضيحة سويس ليكس التي كشفت عن حسابات بنكية سرية للعديد من زعماء العالم والأثرياء في البنوك السويسرية، ما زالت هذه الوثائق المسربة تثير الفضائح.
ورغم الضجة التي تثيرها المعلومات التي تم الكشف عنها إلا أن المسؤولين عن الكنيسة يحيطون المعلومات حول ممتلكات الكنيسة بجدار من السرية، ورفض رجال الدين المسيحيون الذين ذكرت أسماؤهم في القضية تقديم معلومات للصحافة عما إذا كانت الكنيسة صرحت بهذه المبالغ لمصالح الضرائب المالية. ورفض كل من جون غابريال ديارا البالغ من العمر 71 سنة وسيبريان داكوو البالغ ستين سنة الحديث عن الموضوع.
وقد أثارت هذه القضية انتقادات في مالي، وبين صفوف المؤمنين بالدين المسيحي. وقال مسؤول بالشبيبة المسحية لجريدة لوموند الفرنسية "إن ضبابية كبيرة تحيط بتدبير أموال الكنيسة. هذا هو الحال منذ سنوات وقد بدأ الأمر يثير غضبنا. إنهم يستغلون سلبية المؤمنين، ويتجرؤون على تقديم الحسابات لأي أحد.، وفي مالي يعتبر المسيحيون أقلية. فهم يشكلون 2,4 بالمئة من السكان. بينما يعيش 51 بالمئة من الماليين تحت خط الفقر.
لكن يرى الكثير من المراقبين للشؤون الدينية ان ازدياد التجاوزات الجنسية وحالات الاغتصاب وخاصة من الاطفال، ناهيك عن إلحاد وإباحية داخل الجدران الكنسية، قد يشكل مقدمة حتمية لانهيارها مستقبلا؟.
انتهاكات جنسية جرحت الكثيرين
اعتذر البابا فرنسيس لضحايا الانتهاكات الجنسية على يد رجال دين في تحرك نادر للغاية لانتقاد الذات وأقر بأنه ”جرح الكثيرين“ بتعليقات دافع فيها عن أسقف في تشيلي يخضع للتدقيق، لكن بينما قال إنه يأسف على اختياره للكلمات ونبرة صوته عندما أجاب بحدة على سؤال وجهه صحفي يوم الخميس الماضي في تشيلي، أشار البابا إلى أنه متأكد من أن الأسقف خوان باروس بريء، وفي تعبير غير معتاد عن الندم، علق البابا يوم الأحد قائلا للصحفيين على متن الطائرة عائدا إلى روما بعد رحلة استمرت أسبوعا إلى تشيلي وبيرو ”علي أن أعتذر“ مضيفا أنه أدرك أنه ”جرح الكثيرين من الذين تعرضوا لانتهاكات“.
وقال البابا ”أعتذر لهم إن كنت قد جرحتهم من دون إدراك هذا، لكنه كان جرحا أحدثته دون قصد مني... هذا يؤلمني كثيرا جدا“، وفي أحدث تطور للقضية التي شهدتها تشيلي، قال البابا فرنسيس إن باروس المتهم بحماية شخص سيء السمعة يستغل الأطفال جنسيا سيبقى في موقعه بإبرشية أوسورنو نظرا لأنه لا يوجد في الوقت الحالي دليل له مصداقية ضده.
وكان صحفي من تشيلي تمكن يوم الخميس من الاقتراب من البابا في نهاية إحدى الفعاليات وصاح موجها سؤالا حول باروس، ورد البابا بنبرة جافة قائلا ”عندما يأتي اليوم الذي أرى فيه دليلا ضد الأسقف باروس، سأتحدث وقتها. ليس هناك دليل واحد ضده. كل ما هنالك هو تشهير. هل هذا واضح؟“، واعتُبرت تعليقاته محاولة لنفي المصداقية عن المدعين بالاتهامات ولاقت انتقادات واسعة من الضحايا ومناصريهم وفي افتتاحيات الصحف في تشيلي وفي الأرجنتين التي ينحدر منها البابا.
التحذير من الفساد السياسي
أقام البابا فرنسيس قداسا في الهواء الطلق لأكثر من مليون شخص يوم الأحد في ختام جولة شملت تشيلي وبيرو وتضمنت تصريحات صارمة من البابا بشأن الفساد السياسي، وغادر البابا بيرو بعد ذلك عائدا إلى روما في ختام جولته.
وفي الساعات الأخيرة من جولته التي استغرقت ستة أيام حذر البابا في تصريحات مرتجلة من أن أمريكا اللاتينية تواجه أزمة عميقة بسبب فضائح الفساد، وقال البابا إن ”السياسة في أزمة، في أزمة كبيرة جدا في أمريكا اللاتينية“ مشيرا إلى شركة أوديبريشت لمقاولات البناء، التي اعترفت بدفع مليارات الدولارات في شكل رشا، كمثال للجشع المستشري في القارة مسقط رأسه، وظهر بشكل كبير سجل الكنيسة الكاثوليكية فيما يتعلق بالانتهاكات الجنسية في كل من بيرو وتشيلي ولكن في تشيلي بشكل أساسي حيث أثار البابا غضبا بوصفه الانتقادات الموجهة لأسقف قام بتعيينه ويواجه اتهامات بحماية متحرش بالأطفال بأنها ”كلها افتراءات“.
وقال البابا للصحفيين في تشيلي إنه لا يوجد دليل ضد الأسقف مما دفع كردينال بوسطن شين أومالي للتعاطف مع الضحايا الذين شعروا بألم من تصريحات البابا في بيان جاف على نحو غير معتاد، وأومالي من كبار مستشاري البابا وكان يحضر القداس معه في قاعدة لاس بالماس الجوية في ظل شمس لافحة قبيل مغادر البابا إلى روما.
ودافع البابا فرنسيس بقوة بوصفه أول بابا يزور الأمازون منذ أكثر من 30 عاما عن السكان الأصليين وعن البيئة يوم الجمعة قائلا إنه لا يمكن السماح للشركات الكبيرة و”الجشع الاستهلاكي“ بتدمير موطن طبيعي مهم لكوكب الأرض كله.
وانتقل من إدانته للجشع إلى الفساد قائلا في إحدى المناسبات عندما كان يجلس بجواره رئيس بيرو بيدرو بابلو كوتشينسكي إنه يتعين على كل قطاعات المجتمع بما في ذلك الكنيسة العمل لمكافحة الفساد.
وفي بيرو وحدها اعتُقل رئيس سابق في الوقت الذي كاد فيه كوتشينسكي أن يُعزل في ديسمبر كانون الأول لعدم كشفه عن أن شركة كان يديرها كان لها نشاط مع شركة أوديبريشت. وينفي كوتشينسكي ارتكاب أي مخالفة، وبعد أيام من إفلاته من تصويت على مساءلته في الكونجرس أصدر كوتشينسكي عفوا عن الرئيس السابق البرتو فوجيموري قبل إكمال نصف مدة سجنه 25 عاما فيما فُسر على نطاق واسع بأنها صفقة سياسية للسماح لكوتشينسكي بالبقاء في السلطة، وأشار كوتشينسكي (79 عاما) إلى أنه أصدر العفو عن فوجيموري لأسباب صحية ونفى أن ذلك جزء من صفقة سرية.
المؤيدون لترامب
انتقد أسقف بريطاني الزعماء الدينيين المسيحيين، الذين يؤيدون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قائلا إنهم لا يمكنهم الدفاع عن صدق إيمانهم بالمسيحية، وفي مقابلة مع صحيفة الغارديان البريطانية، قال باول بايس، أسقف ليفربول، إن بعض الزعماء الدينيين الأنجيليين "يقبلون دون تمييز" الأشياء، التي يقولها ترامب وحلفاؤه، وقال بايس إن الأمر يرقى للتواطؤ، مع نظام حكم يبني جدرانا فاصلة بدلا من الجسور.
وأضاف بايس للصحيفة "بعض الأشياء التي قيلت من جانب زعماء دينيين تبدو وكأنها تواطؤ، مع نظام حكم يهمش الفقراء، نظام يبني جدرانا فاصلة بدلا من الجسور، نظام يقول إن الأشخاص المهمشين يجب استبعادهم من المجتمع، نظام يقول نحن لا نرحب بعد الآن بالأشخاص، الذين يرغبون في القدوم إلى بلدنا".
ويمنع حظر للسفر مواطني تشاد، إيران، ليبيا، الصومال، سوريا، واليمن من دخول الولايات المتحدة.
كما دعم الرئيس ترامب أيضا مراجعة لقواعد الهجرة، من شأنها أن تنهي التنوع الذي تتميز به تأشيرات اليانصيب، وتحد من أعداد اللاجئين، الذين يتوفر لهم فرصة الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة.
ورفض قضاة أمريكيون الشهر الماضي أمرا للرئيس ترامب، يقضي بخفض التمويل عن المدن الأمريكية، التي ترفض التعاون مع مسؤولي الهجرة، وكذلك الحظر الذي فرضته إدارته على انضمام المتحولين جنسيا إلى صفوف الجيش الأمريكي.
وقال بايس، الذي أصبح الأسقف الثامن لليفربول عام 2014، إن الناس أحرار في تأييد الشعبووية اليمينية، لكنه تساءل كيف يتوافق ذلك مع العقيدة المسيحية، وأضاف: "حين يقول الناس مثل هذه الأشياء، فإنهم بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على تبرير أنهم يقولونها باعتبارهم مسيحيين، وأنا لا اعتقد إن ذلك أمر مبرر"، لكن أسقف ليفربول أكد على أن ليس كل الإنجيليين مؤيدين لترامب، جاءت تصريحات الأسقف البريطاني بمناسبة إطلاق مؤسسة "أوزان"، وهي منظمة خيرية تهدف للقضاء على التمييز على أساس الجنس أو الميول الجنسية، وتأتي تصريحات أسقف ليفربول بعد موعظة عيد الميلاد، التي ألقاها جاستن ويلبي كبير أساقفة كانتربيري، وانتقد فيها "الزعماء الشعبويين"، دون أن يذكر اسم ترامب على وجه التحديد، وفي العام الماضي، شكك بابا الفاتيكان في العقيدة المسيحية لترامب، على خلفية دعوته لبناء جدار حدودي مع المكسيك.
مجلس اوروبا يدعو الفاتيكان الى تكثيف جهوده لمكافحة تبييض الأموال
دعت لجنة خبراء من مجلس اوروبا مكلفة التحقيق في السياسات المتبعة لمكافحة تبييض الأموال، في تقرير صدر الجمعة في ستراسبورغ"، الفاتيكان الى "تكثيف جهوده" على صعيد التصدي لتبييض الأموال وبدء ملاحقات قضائية.
وذكرت لجنة خبراء مانيفل، هيئة مجلس اوروبا المكلفة تقييم السياسات المطبقة ضد تبييض الأموال وتمويل الارهاب، ان السلطات القضائية في الفاتيكان قد تبلغت عددا كبيرا من الحالات المشبوهة، لكن "لم تتم بعد احالة اي قضية تبييض اموال الى محاكم الكرسي الرسولي"، وأبلغت سلطة المعلومات المالية، التي تضطلع بدور الرقابة المالية للكرسي الرسولي، السلطات القضائية الفاتيكانية، ب 41 حالة مشبوهة بتبييض الأموال، منذ الاول من تشرين الاول/اكتوبر 2015، كما اضاف التقرير.
إلا ان خبراء مانيفل اعربوا عن الأسف لأن "مبالغ مالية طائلة" ما زالت مجمدة، لكن "لم يؤد أي اجراء عقابي الى تبني قرارات بالمصادرة"، واوصوا باجراء التحقيقات بـ "طريقة استباقية"، ودافع الفاتيكان عن نفسه بالقول في بيان "ثمة هوامش لاحراز تقدم ممكن، وخصوصا على صعيد تطبيق القوانين وعلى الصعيد القضائي". واضاف البيان ان "الكرسي الرسولي ينوي اتخاذ التدابير الضرورية لتكثيف جهوده"، مرحبا بردود الفعل الإيجابية للجنة خبراء مانيفل على سلطة المعلومات المالية.
وذكر خبراء مانيفل ان السلطة "تعمل على ما يبدو بطريقة فعالة" وتلبي "طلبات التعاون الدولي". واعتبروا ان الكرسي الرسولي "احرز تقدما" منذ التقرير المرحلي الاخير في كانون الأول/ديسمبر 2015.
ومثالا على هذا التقدم، اشار خبراء مانيفل الى انشاء وحدة مالية في اطار الرقابة الفاتيكانية، وتعزيز الوسائل البشرية والمادية الممنوحة للسلطات القضائية، وتوقيع اتفاقية الامم المتحدة حول الفساد، وسيقدم الكرسي الرسولي تقريرا محدثا حول التدابير المتخذة لتطبيق توصيات اللجنة حتى كانون الاول/ديسمبر 2019، كما اوضح مجلس اوروبا. وسيليه تقويم جديد.
وفاة الكاردينال برنارد لو رمز فضيحة الانتهاكات الجنسية بالكنيسة الكاثوليكية
أعلن الفاتيكان وفاة الكاردينال برنارد لو، كبير أساقفة بوسطن السابق الذي أصبح رمزا لفضائح الانتهاكات الجنسية في الكنيسة الكاثوليكية في أنحاء العالم، عن 86 عاما، وكان لو يعيش في روما وتدهورت حالته الصحية في السنوات الأخيرة. ولم يكشف الفاتيكان عن سبب الوفاة إلا أن مصادر مقربة من لو الذي توفي في مستشفى في روما قالت إنه كان يعاني من مضاعفات جراء داء السكري ومن فشل كبدي وتجمع سوائل حول القلب.
وكانت استقالة لو من منصب كبير أساقفة بوسطن عام 2002 بعد أن شغل المنصب لمدة 18 عاما قد هزت الكنيسة وكشفت عن فضائح الانتهاكات الجنسية مع أطفال، وقبل البابا يوحنا بولس الثاني استقالة لو على مضض في 13 ديسمبر كانون الأول عام 2002 بعد عام صاخب في تاريخ الكنيسة.
وعرض لو الاستقالة عدة مرات في ذلك العام بعد أن كشف فريق العمل الاستقصائي بصحيفة بوسطن جلوب روايات مؤلمة توضح كيف تنقل قساوسة ارتكبوا انتهاكات جنسية مع أطفال من أبريشية إلى أبرشية لسنوات أثناء فترة تولي لو للمنصب، دون إبلاغ الأبرشيات أو سلطات القانون.
وعندما قبل البابا يوحنا بولس الثاني استقالة لو في النهاية، هز ذلك الكنيسة الأمريكية كما بدأت آثار الاستقالة تظهر في أنحاء العالم إذ تبين أن ما حدث من تغطية على الأحداث في بوسطن حدث أيضا في دول أخرى، وكان الوضع في بوسطن أشبه بقمة جبل جليد لفضيحة الانتهاكات والتغطية عليها إذ فضل رجال الكنيسة حماية سمعة الكنيسة على حماية الأطفال أنفسهم.
فشل المؤسسات في حماية أطفال تعرضوا لانتهاكات جنسية
أفاد التقرير النهائي للجنة تحقيق في قضية إساءات جنسية بحق أطفال في أستراليا إلى أن أربعة آلاف مؤسسة متهمة بحدوث انتهاكات فيها والعديد منها تديرها الكنيسة الكاثوليكية. وجاء في التقرير أن "المؤسسات الرئيسية في البلاد فشلت على نحو خطير" في حماية الأطفال من نحو 1800 مرتكب مفترض لهذه الانتهاكات، كما أوصى بإنشاء مكتب وطني لسلامة الأطفال.
أعلنت اللجنة الملكية للتحقيق في استجابة المؤسسات للانتهاكات الجنسية بحق الأطفال في أستراليا بتقريرها النهائي عن توصلها لنتيجة تفيد بأن المؤسسات الأسترالية "فشلت على نحو خطير" في حماية الضحايا من الأطفال الذين تعرض عشرات الآلاف منهم لانتهاكات جنسية على مدى عقود، واصفة الأمر بأنه "مأساة بالكامل".
وكانت الحكومة الأسترالية قد استجابت بعد سنوات من الضغوط للتقصي حول مزاعم عن حصول إساءات جنسية بحق أطفال في البلاد، وأمرت عام 2012 بتشكيل "اللجنة الملكية"، واتصل حوالي 15 ألف ضحية باللجنة وفصلوا أمامها مزاعمهم بتعرضهم لإساءات جنسية وهم أطفال. أما الأماكن التي كانت تحدث فيها هذه الانتهاكات فتراوحت بين المدارس ودور الأيتام والنوادي الرياضية والمجموعات الشبابية، وبعض هذه الانتهاكات يعود لعشرات السنين إلى الوراء، وسمعت اللجنة التي عملت على مدى خمسة أعوام حكايات مروعة خلال الجلسات الخاصة والمفتوحة، وبعضها كان منهكا عاطفيا. وبحسب التقرير النهائي فإن 4 آلاف مؤسسة بالإجمال متهمة بحدوث هذه الانتهاكات فيها، والعديد منها تديرها الكنيسة الكاثوليكية، وقال التقرير الذي أورد مئات التوصيات من أجل تحسين سلامة الأطفال والتأكد من عدم إفلات البيدوفيليين من العقاب إن "عشرات آلاف الأطفال تعرضوا للإيذاء الجنسي في العديد من المؤسسات الأسترالية. لن يكون بإمكاننا أبدا معرفة الرقم الحقيقي".
وأضاف "مهما كان الرقم، فإن هذا يعتبر مأساة وطنية ترتكب خلال أجيال داخل العديد من مؤسساتنا التي نثق بها". وأشار التقرير إلى أن القضية لم تكن مجرد "عدة تفاحات فاسدة". وأورد أن "بعض المؤسسات كان يوجد فيها عدد كبير من أصحاب هذه الميول الجنسية الذين وقع العديد من الأطفال ضحية لهم"، وقال "المؤسسات الرئيسية في البلاد فشلت على نحو خطير. وفي بعض الحالات تفاقم هذا الفشل بسبب عدم تقديم رد واضح وملائم للشخص الذي تعرض للاستغلال". وتابع "المشاكل منتشرة كثيرا وطبيعة الانتهاكات شنيعة جدا إلى درجة تجعل من الصعب فهمها".
ويوصي التقرير الذي يقع في 17 مجلدا بإنشاء مكتب وطني لسلامة الأطفال، ويطلب من المسؤولين الدينيين الإبلاغ عن الانتهاكات التي تصل إلى مسامعهم من خلال الاعترافات، وتبين للجنة من خلال جلسات الاستماع أن 7% من رجال الدين الكاثوليكيين اتهموا بارتكاب انتهاكات في أستراليا بين عامي 1950 و2010، لكن هذه الاتهامات المزعومة لم يتم التحقيق بها وتم تجاهل الأطفال الذين كانوا عرضة لها وأحيانا تمت معاقبتهم عندما تقدموا للإبلاغ عما حصل معهم، وأحصى التقرير وجود أكثر من 1800 شخص مرتكب مفترض لهذه الانتهاكات، ومعدل عمر الضحايا كان 10 أعوام للبنات و11 عاما للصبيان.
الفاتيكان يستدعي دبلوماسيا من واشنطن وسط تحقيق في مواد إباحية لأطفال
أعلن الفاتيكان أنه استدعى أحد دبلوماسييه من واشنطن بعدما قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن القس ربما انتهك قوانين حماية الأطفال من الاستغلال في مواد إباحية، وجاء في بيان أن الادعاء العام في الفاتيكان فتح تحقيقا في القضية وأن القس عاد إلى مدينة الفاتيكان.
وأضاف البيان أن وزارة الخارجية الأمريكية أبلغت الفاتيكان في أغسطس آب ”بانتهاك محتمل للقوانين المتعلقة بالصور التي تحتوي على مواد إباحية لأطفال من جانب أحد أفراد بعثة الفاتيكان الدبلوماسية لدى واشنطن“.
ولا يمكن محاكمة القس في الولايات المتحدة بوصفه عضوا ببعثة الفاتيكان الدبلوماسية لكن كان بوسعها طرده. ولم يتم الكشف عن اسم القس، وقبل عامين خضع سفير الفاتيكان السابق إلى جمهورية الدومينكان للمحاكمة بتهم تتعلق بالاستغلال الجنسي للأطفال في قضية اعتبرت مؤشرا على تصميم البابا فرنسيس على تطهير الكنيسة التي واجهت فضائح متكررة تتصل بانتهاكات جنسية.
وزير مالية الفاتيكان المتهم بتحرش جنسي باطفال يعود الى استراليا
وصل الكاردينال جورج بيل المسؤول الثالث في الفاتيكان الى استراليا حيث يفترض ان يدلي خلال اسبوعين بافادته في الشبهات بتورطه في اعتداءات جنسية، وكان الفاتيكان اعلن ان البابا فرنسيس وافق على طلب الكاردينال بيل المسؤول ايضا عن الشؤون الاقتصادية في الفاتيكان، الحصول على اجازة ليتيح له الدفاع عن نفسه.
واتهم القضاء الاسترالي في نهاية حزيران/يونيو الكاردينال بيل ب"جنح اعتداءات جنسية قديمة"، بدون ان يذكر اي تفاصيل عن وقائع هذه الحوادث او اعمار الضحايا. وقد دعي للمثول امام محكمة ملبورن في جلسة تمهيدية في 26 تموز/يوليو.
وقال الناطق باسم الكاردينال في بيان انه حط في سيدني وغادر المطار بسرعة. واضاف ان بيل لن يدلي باي تصريح لكنه اكد انه يشعر بالامتنان "لرسائل الدعم الكثيرة التي ما زال يتلقاها". واضاف "لذلك يفترض الا تشكل عودته اليوم مفاجأة".
وجاء اتهام رجل الدين في نهاية حزيران/يونيو بعد انتهاء تحقيق وطني طويل يتعلق باجراءات المؤسسات في استراليا حيال التجاوزات الجنسية التي تعرض لها أطفال، وطلبت الحكومة الاسترالية اجراء هذا التحقيق في 2012 بعد عقد من الضغوط التي مارسها ضحايا تجاوزات من هذا النوع، واجرت لجنة تحقيق ملكية تحقيقات استمرت اربع سنوات جمعت خلالها شهادات من آلاف الضحايا.
وكانت المحامية التي تقود التحقيقات غايل فورنس في شباط/فبراير الماضي ان سلطات الكنيسة الاسترالية ابلغت ب4444 واقعة متعلقة بتحرش جنسي باطفال، موضحة ان "سبعة بالمئة من الكهنة يشتبه بتورطهم" بتحرشات جنسية باطفال بين 1950 و2010، وكان الكاردينال بيل ادلى بافادته ثلاث مرات في اطار هذه التحقيقات واعترف امام لجنة التحقيق بانه "فشل" في ادارة ملف الكهنة الذي قاموا بمثل هذه الممارسات في ولاية فكتوريا في سبعينات القرن الماضي، وكان محققون من الشرطة الاسترالية زاروا في تشرين الاول/اكتوبر الى روما حيث استجوبوا الكاردينال بيل، اعلى مسؤول في الكنيسة الكاثوليكية في استراليا، بشأن شبهات بالاعتداء جنسيا على اطفال، ولكنه نفى كل تلك الاتهامات، وبدأ بيل حياته الكنسية مع سيامته كاهنا في روما في 1966 قبل ان يعود في 1971 الى استراليا حيث تدرج في الرتب الكهنوتية الى ان اصبح كبير اساقفة البلد، وفي 2014 عينه البابا فرنسيس وزيرا للمالية بهدف اضفاء مزيد من الشفافية على المسائل المالية في الكرسي الرسولي.
كيف خبأت الكنيسة الكاثوليكية في مالي 12 مليون يورو في بنك سويسري؟
كشف تحقيق صحفي دولي هذا الأسبوع عن فتح الكنيسة الكاثوليكية في مالي لسبعة حسابات سرية في بنك سويسري. وتبلغ قيمة المبالغ المودعة في بنك HSBC في جنيف، ما يعادل 12 مليون يورو حسب التسريبات المعروفة بـ"سويس ليكس". قضية تثير الجدل حول المؤتمر الأسقفي في مالي.
فقد كشف الكونسورتيوم الدولي للصحافيين الاستقصائيين أن الكنيسة الكاثوليكية في مالي فتحت حسابات بنكية ما بين 2002 و2007 في بنك "إتش سي بي سي"، بحسب الوثائق التي اطلع عليها الصحفيون المشاركون في الاستقصاء الصحفي.
ويتزامن الكشف عن المعلومات الجديدة مع تعيين البابا فرنسيس للأسقف جان زاربو، البالغ 73 سنة، كاردينالا، ويرد اسمه في الوثائق المسربة، وينتظر أن يتم تنصيب زاربو، وهو أبرز رجل دين كاثوليكي في مالي، رسميا في نهاية شهر يونيو/ حزيران الحالي، في الفاتيكان.
وأكدت الوثائق بحسب التحقيق الصحفي أنه قد فتح حسابات باسم الأسقف وباسم مسؤولين اثنين آخرين في الكنيسة، ونقلت مبالغ مالية قدرت بـ 12 مليون يورو (7 مليارات فرنك أفريقي) إلى الحسابات في جنيف خلال خمس سنوات.