مأزق الاخلاق والمعنى في ظل الحداثة
حاتم حميد محسن
2017-12-12 04:30
في اواسط القرن التاسع عشر جرى التعبير بقلق عن تجربة الحياة الحديثة من قبل الروائيين مثل فلوبيرت flaubert، والفلاسفة مثل كيركيجارد، والسوسيولوجيين مثل ماكس ويبر. في هذا المقال سننظر في الاتجاه الذي مثّله ويبر، وذلك عبر فحص مشاكل الحداثة من خلال ربطها بطريقة التفكير. (نشير الى ان هذا المقال يركز كليا على مشاكل الحداثة فقط دون النظر الى انجازاتها الكبيرة).
مخطط عام
قبل الدخول الى التفاصيل، سنعرض هنا وصفا عاما للمشكلة. في المجتمع الحديث نحن نعيش في مأزق اخلاقي : مع الزيادة في رفاهيتنا المادية في المجتمع، ترافق ذلك مع انسلاخ المعنى عن تجربتنا. حياتنا الفكرية اصبحت تحت هيمنة العقلانية العلمية، اما حياتنا التطبيقية فقد خضعت ايضا الى هيمنة العقلانية البيروقراطية (هاتان القوتان للعقل متشابهتان)، وعلى الرغم من انهما جيدتان في ضمان وسائل الحياة، لكنهما يسلبان من هذا العالم "مصادر المعنى والأهمية اللذان رسخا تقليديا الممارسات الاخلاقية": الله، الجماعة، الطبيعة. (الاقتباس من كتاب العقلانية والاخلاق للكاتب M.Bernstein، 2001). لذا فان النتيجة النهائية لهذين الشكلين من العقلانية وتعبيراتهما المؤسسية في سياستنا ومجتمعاتنا، كانت تجاهل وإضعاف كل من الاخلاق والمعنى.
التحليل الرئيسي عن كيفية بروز هذا الموقف جاء من السوسيولوجي الالماني ماكس ويبر (1864-1920). هو اطلق على هذا الموقف بالاحباط او عدم الرضا disenchantment. لكن اول شخص عالج هذه المشكلة وبقوة هو فردريك نيتشة (1844-1900) في أواخر القرن التاسع عشر. افكار نيتشة جرى التعبير عنها احيانا بهذه العبارات: القيم الأعلى تحط من ذاتها، ولا جواب هناك للسؤال "لماذا"؟ هذا الضياع في المعنى والاخلاق يسميه نيتشة "العدمية" nihilism و"موت الاله" لأن تأثير الاخلاق المسيحية التقليدية على المجتمع الاوربي كان في انحسار.
وصف نيتشة ظروف المجتمع الواسع بنتيجة فكرية ووجودية معقدة : حالما انتهج المجتمع الحقيقة العلمية والعقلانية، فان الناس وجدوا ان القيم والمثل الاخرى تبدو وبشكل متزايد اقل عقلانية. وبالتالي هم بدأوا يشكّكون بالمُثل والقيم الاخلاقية التي بدورها فقدت قوتها التحفيزية ومن ثم تراجعْ قدراتنا في فهم وارشاد حياتنا بعقل تطبيقي. هذا بدأ يهدد "المعنى الاخلاقي والوجود الانساني" (Bernstein,p.6). نشير الى ان المشكلة هنا ليست مجرد مشكلة اخلاق، وانما مشكلة العقل ذاته:"العقل الحديث والعلماني بدأ يتداعى ذاتيا" (ص5). حتى المنطق والحقيقة يبدوان الآن محل شك من جانبنا، ونحن لا نعرف لماذا يجب منحهما قيمة.
بعض الملاحظات عن مولد الحداثة
ما سنقوم بوصفه الآن هو ليس نقدا للعلم ذاته وانما ملاحظة التأثير السيء لنجاح العلوم. بمرور الزمن، طور العلم رؤية عن الطبيعة خالية كليا من المعنى: هي مجرد سلسلة من العمليات التي تحدث طبقا لقوانين الفيزياء. الرياضيات والفيزياء الرياضية تصفان هذه الحقيقة موضوعيا. وبهذا فان هذه المواضيع جرى اعتبارها مثالا لكل المعرفة والمنطق، ببساطة لأن العلم الحديث اثبت نجاحه بوضوح وتطور بسرعة. هذا المنطق الان يُنظر اليه كأنه يحتاج الى نقد مستمر للاساطير وغيرها من الافكار السابقة للعلمية. ومن وجهة نظر المجتمع التنويري الحديث، يمكن للمرء القول "في وقت ما انا اعتدت على التفكير بالاسطورة، انا اقوم الان بإعادة التفسير، في وقت ما انا اعتدت على الدين، انا الان علماني، في وقت ما انا اعتدت على اعتبار الطبيعة تنشد القيم الموضوعية، انا الان انظر موضوعيا".
المشكلة في هذه الرؤية للعقل هي ليس شكوكه – الشكّية مظهر ضروري وباطني للعقل. المشكلة هي في اجتماع الشكية مع الادّعاء بالكفاية الذاتية. هنا المنطق ينكر انه بحاجة الى اي شيء عدى ذاته. النتيجة النهائية هي ان نعتبر اي منظور انساني متميز هو تشويه للصورة الموضوعية للكون المادي الموجود بشكل مستقل عن الانسان. وبهذا، يبدأ العقل بنقد القيم الاخلاقية كفشل للموضوعية، كمجرد ايمان خاص وفردي، كرأي ذاتي وليس كحقيقة. نحن الان واعون بالافتراض ان عقائدنا الاخلاقية يجب ان لا تُفرض على الاخرين. هذا بالضبط لأنها تُعتبر كعقائد خاصة. طالما القيم هي خاصة، وتفتقر الى الموضوعية ومن ثم الى الحقيقة، فمن الصعب الاصرار بان على الاخرين وجوب اتّباعها. كامل مشروع الاخلاق سيبدو ساحة لإبراز المزايا الذاتية. اذا كان هذا تفكيرنا في القيم الاخلاقية فمن غير المدهش ان نرى التراجع في الحوافز الاخلاقية. سنبدأ برؤية ماذا وراء ملاحظة ويبر بان الاخلاق اتسمت بغياب القيم العليا عن الميدان العام.
أطلق ويبر على هذا النوع من العقلانية الخالية من القيمة بـ التفكير الفعال instrumental reason. التفكير الفعال يسأل فقط عن الوسائل الاكثر فعالية لغايات معينة، هو لا يقرر الغايات بذاتها ولا يقيّمها. القيم كما يُعتقد ليست عرضة للحكم العقلاني. انها ليست عقلانية وانما هي فقط افضليات شخصية.
في موازاة العقلانية العلمية الفعالة في الميدان الفكري، اتسمت حياتنا التطبيقية بالتفكير البيروقراطي الفعال. حاليا، هذه النزعة، ليست مطلقة، وانما هي نزعة قوية. مؤخرا. تقول احدى العاملات في جماعة خبراء (think tank) ان السياسة المرتكزة على القيم ليست بحاجة للدليل. المرء اما يؤمن بتلك القيم او لا يؤمن. هذا الشيء يُعتبر حقيقة في اوساط خبراء صنع السياسة. والى مدى معين تتولى اشكال من المجتمع بالتفكير والشعور لنا، وذلك من خلال ما تقوم به من تنظيم تجاربنا وخلق امكاناتنا وتحديد توقعاتنا وتمثيلنا في الخيارات. ان طبيعة خبرتنا عن العالم تتسم وبعمق بالعلوم والتكنلوجيا والتنظيمات الاجتماعية التي تخلق فعالية علمية لايمكنها الاّ ان تؤثر على ذواتنا. هذا التأثير يساعد في توضيح لماذا منذ عام 1840 فصاعدا اصبح الضجر والانهاك واسع النطاق، لأنه في هذا الوقت اصبحت البيروقراطية الحديثة اكثر رسوخا كوسيلة في حكم كل من الدولة والشركات الخاصة، اما العلوم والتكنلوجيا بدأت تسيطر على الحياة اليومية خاصة في مجال القطارات وساعات التوقيت.
قبل ظهور القطارات كانت هناك فقط سرعة الانسان او سرعة الحصان، والسفر استلزم علاقة مختلفة مع البيئة. الآن اصبح في محل المتعة المقاسة للمكان المنفتح، يواجه مسافرو القطار مقدارا متزايد جدا من المحفزات التجريبية. ممارسة الزمن والمكان تغيرت بعمق كما ذكر احد المراقبين. قبل انتشار الساعات الزمنية، كانت"الساعة" مجرد نسبة من فترة النهار، وطبقا لذلك، تغير طول الساعة طبقا للموسم. بالمقابل، نجد الزمن المقاس بالساعات هو منتظم وخطي وغير مرتبط باي ايقاع بايولوجي او موسمي. حتى عندما استُخدمت الساعات، لم تكن هناك حاجة لتنسيق الوقت بين مسارات العالم البعيدة. ولكن بعد عام 1850 ومع الانتشار السريع للقطارات وخدمات اللوجستك، برزت الحاجة لنمذجة (وضع مقياس)الوقت عبر مسافات كبيرة. (بريطانيا وضعت توقيتا وطنيا فقط منذ عام 1880).
بعد هذا التاريخ ومع اتساع العلوم في المجتمع وتنظيمه على خطوط بيروقراطية، اصبحت العقلانية البيروقراطية والعلمية اكثر هيمنة وبهذا جرى تبنّيها بسرعة كانطباع للعالم.هذا السياق الاجتماعي خلق مشكلة للفرد. ايّ نوع من الالتزام يمكن ان اتبنّاه تجاه اخلاقي اذا كانت تفتقر للحقيقة التامة؟. كلما كان لدي اصرار اكبر تجاهها كلما اصبحت بحاجة اكبر للظهور بمظهر دوغمائي. الشيء المثير للاهتمام هو ان هناك شكل جديد من التفكير غيّر حياتنا العاطفية، انها طريقة جديدة للتفكير اعادت ترتيب تجاربنا وحتى هويتنا، لكنها تصبح فيما بعد عادية وغير مرئية.
هذا الشكل المحبط من العقل يخلق نوعا من الشك العاطفي، او الفجوة العاطفية حتى عندما نظن اننا نعرف ما يجب عمله.على سبيل المثال، معظمنا واثق ان جريمة القتل خاطئة لكنناغير متأكدين لماذا، هناك ليس فقط فجوة فكرية وانما عاطفية ايضا. التعددية المطلقة للرؤى الاخلاقية تخلق ترددا وحالة مؤقتة حول رؤيتنا وان كانت اساسية لما يجب ان نكون عليه.
احدى الالغاز المحيرة والمستمرة لفلسفة الاخلاق الحديثة هي مشكلة الالتزامات والحوافز الاخلاقية. النظريتان المسيطرتان على الاخلاق الحديثة هما النظرية النفعية (1) ونظرية الواجب الاخلاقي(2) deontology. النفعية تعلن ان الفعل يكون صائبا متى ما انتج اعظم صافي منفعة. اما نظرية الواجب فهي تعرّف الفعل الصحيح كواجب – اي يتطلب الانجاز حالما يتم ازالة جميع المصالح الانانية. كلا النظريتان تتطلبان من الافراد العمل بطرق تتجاهل افضلياتهم الذاتية او القيم او الخطط – وبالنهاية ذواتهم. وبدلا من الحكمة العملية للحكم المطلوب للفعل، تقدم النظريات اما تطبيقا لصيغة حسابات او منطق عالمي هو ذاته لكل شخص. وبكلمة اخرى، فان المجتمع الحديث عند استعماله العقل الفعال، يخلق فجوة تحفيزية بين الايمان والفعل، وان جميع النظريات التي طورها المفكرون في الفترة الحديثة للتعامل مع هذه الفجوة انتهت بالمساهمة فيها لأنهم يستخدمون شكلا من العقل يخلق المشكلة في المقام الاول.
العقل والحوافز
هل الطريقة التي آمنّا بها حول الاخلاق في المئتين سنة الاخيرة جعلت الاخلاق اكثر صعوبة لأنفسنا؟
ان التفكير الاخلاقي(3) يواجه نوعين من الاختبارات: تماسك منطقي وقبول. الاختبار الاول يتطلب ان تعرض رؤانا معيارا للانسجام، اما الاختبار الثاني هو الاعتقاد بان التفكير الاخلاقي لكي يكون تفكيرا اخلاقيا يجب ان يصبح جزءا من حوافزي. لكي نرى هذا، لننظر في البديل الآخر حينما يكون التفكير الاخلاقي ملزم فقط منطقيا. هذا مساوي للقول "هذه القاعدة الاخلاقية الملزمة منطقيا يجب ان تكون جزء من حوافزك". ولكن ما هي قوة "ينبغي"؟ انها لاتزال منطقية، وليست تحفيزية. نحن الان نتراجع الى الموقف الذي فيه التفكير المتماسك منطقيا فقط وليس التحفيزي منْ يحكم الفعل (M Bernstein, Recovering Ethical life,1995)
مثال توضيحي حول هذا، في مدرسة للاطفال ذوي الاضطراب الذهني، تحدّث الاستاذ مع احد الطلاب الذي رفض مساعدة زميله. ذكر الاستاذ للطالب ان هذا ليس السلوك الأمثل. كان جواب التلميذ "انا لا اهتم"، "انا لا اريد فعل اي شيء معه". كانط جادل ضد هذه الحالة بالقول ان الناس لايمكنهم دائما رفض مساعدة الاخرين، لأنه ربما ستحتاج انت ايها التلميذ لشخص ما ينقلك الى المستشفى اثر حادث مؤسف؟ اجاب التلميذ "لكني لا اريد مساعدة اي شخص"، "انا اريد من الناس ان يتركوني لوحدي وانا اتركهم لوحدهم". يجب القول ان جواب التلميذ هذا منسجم منطقيا. الاستنتاج، باختصار، هو ان كل المنطق في العالم سوف لن يحفزك اذا كنت غير مهتم بذلك. حسنا، لنرى الان اي نوع من التفكير يكون تفكيرا تحفيزيا؟ هو ذلك النوع الذي ينشغل ليس فقط بالفكر وانما في التأثيرات التي تمارسها العواطف، "التفكير الذي هو جزء من هويتنا، من احساسنا بالذات، هو ضروري لمعظم المشاريع التي نرى انفسنا منخرطين فيها.ان القواعد التحفيزية تأتي من المهارات الضمنية اللامباشرة التي نتعلمها من ثقافتنا ومن شكل الحياة. ان التجربة الاخلاقية تسبق النظرية الاخلاقية، وبكلمة اخرى، ان عقولنا التحفيزية تعتمد على شكلنا من الحياة.
لذلك فان النظرية الاخلاقية واجهت خيارين: اما استعمال العقلانية العلمية المكتفية ذاتيا مع عدم القدرة على ربط الاخلاق بالتحفيز (الحافز الاخلاقي هو التزام شخصي بالفعل الاخلاقي وقبول المسؤولية عن النتيجة)، او جعل الاخلاق عقلانية وتحفيزية في ان واحد ولكن مع التخلي عن الرؤية للعقلانية كموضوعية ومستقلة. وبشكل عام، النظرية الاخلاقية الحديثة تبنّت الاستراتيجية الاولى. النتيجة يمكن التعبير عنها بالشكل التالي: في اعمق مستوى، تكون الاهمية في ارشاد السلوك فقط للعقل وليس للحقائق او التجارب. ولكن هناك شيء ما مربكا جدا حول انكار اعتماد العقل على العالم والذي لا يقل عن انكار التبادل الانساني.
وهناك نتيجة اخرى مربكة لإستعمال العقل الفعال في التفكير الاخلاقي، أعني، تجاهل الفرد او الذات القادرة على الاختيار الاخلاقي.
هذا الاعلان الجريء يحتاج الى بعض التبرير. انه يستلزم تفسيرا للأخلاق يرى التفكير الاخلاقي او التفكير بالقيم الاخلاقية له اربعة عناصر هامة.
اولا، كما لاحظنا توا، لكي يكون التفكير الاخلاقي مرشدا للفعل، فهو يتطلب موافقة وقبولا فرديا. فمثلا، عندما نريد الانضمام الى منظمة العفو الدولية، يكون التحفيز الفردي العميق قيد العمل، بينما لايعمل التحفيز في استنتاج مساحة الدائرة.
ثانيا، الوعي الاخلاقي هو شكل من الفهم والمعرفة. انه ليس مجرد ايمان وانما استجابة تفرض ذاتها علينا.
ثالثا، يتبع ذلك ان الفهم الاخلاقي يخلق الذات الى حد ما. رؤية الخير كشكل من الفهم الذاتي بمعنى ان الموافقة على الخير كخير، او رفضه، يعني الاعتراف بالطبيعة الاخلاقية للخير وخلق الذات استجابة له. الذات تبدو كأنها تصنع الخيار ليس فقط بالمعرفة النظرية للخير: "معرفة الخير ومن ثم السمات المميزة للفهم الاخلاقي ذاته، تصبح متوفرة فقط عند بلوغها كآداء" (Adorno p.28).
رابعا، اذا كانت الذات ولأسباب نظرية تنسحب باعتبارها غير ملائمة، فان ما يتم اختياره في العقل التطبيقي او الاخلاقي هو الذات.
حينما نتبنّى هذه الرؤية للاخلاق سيبرز استنتاج هام. اذا كانت الذات تعتمد على الاستجابة للخير، والخير غير مرئي او مفقود، فان الذات تصبح تحت الضغط. وبالمثل، عندما تضيق البدائل للأخلاق لتقتصر على الرغبة الخاصة او المنطق الشكلي، فان محفزات الذات عادة تُختزل الى المتعة او الكسب المادي. هذه فقط واحدة من بين عدة اتجاهات لكنها هامة جدا: حينما تؤخذ الخيرات الكبرى للحياة بدون مشكلة اخرى لتكون متعة وثروة، فان طبيعة الغاية- الوسيلة للعقلانية البيروقراطية تبدو كافية تماما للتعامل مع الحياة اليومية. وعندما تبدو العقلانية البيروقراطية كافية للحياة تماما، فان قيمنا تكون قد تم اختيارها لنا ومعها الذوات التي تنطوي عليها. عبر مأسسة العقلانية البيروقراطية في الأخلاق والسياسة، بدأ المجتمع الحديث باستبدال العقل التطبيقي بعقل فعال. العقل التطبيقي الحقيقي الذي فيه يُنظر الى الخير ويُختار اصبح في الخفاء.
هذه رؤية شديدة القتامة، وهي احادية الجانب تماما. ولكن مع ذلك، فان تقييم كهذا قد شغل القسم الاكبر من الفلسفة الاوربية والثقافة العليا لما يقرب من قرنين، كما ان ذهنية الحداثة ستبقى هي السياق الرئيسي لمعظم الفكر السياسي والاخلاقي.