احترام البيئة: دليل الإنسان المتحضر
عزيز ملا هذال
2025-07-27 04:29
كل ما في هذا الكون وُجد لخدمة الإنسان وتوفير الراحة له، فالبيئة المادية هي بيئة مهمة لراحة الإنسان وتوفير متطلبات عيشه الرغيد. لكن بعض البشر، ولجهلهم بأهمية البيئة المادية، يعبثون فيها أو أنهم لا يهتمون بها على أقل تقدير، فيُفسدونها ويُغيبون جمالها ويُحوّلونها إلى بيئات غير مريحة للنفس، وبالتالي يُنتزع من الإنسان راحته بدلًا من أن تكون هذه البيئة هي مفاتيح الراحة والأمن النفسي له. فكيف نحافظ على البيئة؟
المفترض أن الإنسان، وكدلالة من دلالات رقيه وتحضره، أن يحافظ على البيئة التي يعيش فيها. لكن المؤسف أن الكثير من البشر ما أن يَحلّون بمكان حتى يتركون آثارًا أشبه بالآثار الحيوانية عليه. والمؤسف أن الكثير من الذين يعبثون بالبيئة هم ممن لديهم شهادات وخبرات حياتية كبيرة، لكنهم ينقصهم الوعي البيئي للعناية بالبيئة واحترامها. لكنهم ذاتهم حين يرون بيئة نظيفة ومرتبة في بلدان أخرى يتحدثون عنها وعن جمالها، فلماذا لا تهتمون ببيئاتكم أنتم؟
بما أننا خلفاء في الأرض، فإننا يقع على عاتقنا كمسلمين العناية بالبيئة. فهناك غرض محدد وراء وجود أنواع مختلفة، سواء كان ذلك نباتات أو حيوانات، لذا يتوجب على المسلمين التفكير في العلاقة بين الكائنات الحية وبيئتها والحفاظ على التوازن البيئي الذي خلقه الله، فحماية البيئة أمر أساسي للمعتقدات الإسلامية، والبشرية لديها مسؤولية لتضمن الحفاظ الآمن للبيئة.
مثال واقعي من التاريخ
لكي يتم الحفاظ والموازنة بين المدنية والمحافظة، حين أراد النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله بناء سوق في المدينة المنورة بعد الهجرة، أمر بأن يكون مكانه في أطرافها واختار بمحاذاة السوق مكانًا لذبح الأضاحي. والغاية من اختيار هذا المكان هو أن تبقى بيئة المدينة نظيفة بعيدة عما تنتجه الأسواق من فضلات وضوضاء. ومن هنا فقد كان هذا نهجًا متبعًا، فقد كان من شروط الاختيار لمواقع المدن، ومنها سعة المياه المُستعذَبة واعتدال المكان وجودة الهواء والقرب من المراعي والاحتطاب وغيرها، وهو ما يؤكد الاهتمام من قبل الرسول بالبيئة والحفاظ على نظافتها.
ما هي حقوق البيئة علينا؟
للبيئة التي نستوطنها حقوق كثيرة علينا من أهمها ما يلي:
الابتعاد عن الإسراف: أول حقوق البيئة علينا نحن البشر هو الابتعاد عن الإسراف، إذ يحث الإسلام على عدم الإسراف في استهلاك الموارد الطبيعية، فلا يُجيز الإسلام الإسراف في الماء على سبيل المثال ولو كنا نهرًا جاريًا، فواحدة من أهم الاعتناء بالبيئة وحمايتها هو الامتناع عن الإسراف.
الابتعاد عن قطع الأشجار أو العبث بالمساحات الخضراء: أما الحق الثاني للبيئة فهو الابتعاد عن قطع الأشجار أو العبث بالمساحات الخضراء سواء كانت في الأماكن العامة مثل الحدائق والمتنزهات أو الحدائق والمساحات الخضراء التي تُحاذي الطرق، لكون العبث فيها سيقتلها ويحرم الآخرين من منظرها الطيب، لذا من الأفضل الابتعاد عن مثل هذه السلوكيات المضرة بالبيئة والإنسان معًا.
حماية الحيوانات: ومن حقوق البيئة أن نحمي الحيوانات الموجودة فيها، إذ يُحرّم الإسلام قتل الحيوانات دون سبب، ويحث على الرفق بها، فقتل الحيوانات وملاحقة الطيور لغرض الأكل أو العبث فقط يعد خرقًا لحقوق البيئة التي يُفترض أن تُحمى لضمان استقرار الفرد في بيئته التي تأويه.
الابتعاد عن رمي المخلفات في المياه: ومن حقوق البيئة علينا الابتعاد عن رمي المخلفات في المياه مثل مخلفات الأكل والشرب وسواها، كما من حق المياه الابتعاد عما يجعلها بيئة ناقلة للأمراض مثل التبول فيها أو غير ذلك، لأن ذلك يعد خروجًا عن قوانين حماية البيئة واحترامها.
في الخلاصة
إن الإسلام يعتبر الحفاظ على البيئة جزءًا لا يتجزأ من العقيدة والشريعة، وهو يحث على حماية البيئة بكل الوسائل المتاحة، ويدعو إلى استغلال مواردها بشكل مستدام، مع مراعاة حق الأجيال القادمة في التمتع بخيراتها.