لماذا كان الزلزال في تركيا وسوريا من أقوى الزلازل في التاريخ؟

مروة الاسدي

2023-02-07 06:19

استيقظت كل من تركيا وسوريا، فجر امس الإثنين، على وقع زلزال مدمر بلغت قوته 7.9 درجة بمقياس ريختر، تسبب بمقتل آلاف الضحايا، وبحسب الخبراء كان الزلزال العنيف الذي ضرب جنوب تركيا وسوريا المجاورة مدمراً بسبب مجموعة من العوامل تتمثل في توقيته وموقعه وخط صدع هادئ نسبياً منذ قرنين ومبان مشادة بشكل سيئ، وتزامن الزلزال مع عاصفة ثلجية وتساقط الأمطار، ما زاد من هول الكارثة، إذ واجهت فرق الإنقاذ صعوبات في الوصول إلى الضحايا، لا سيما في الشمال السوري.

وهذه الهزة الأرضية هي الأشد على تركيا منذ زلزال أرزينجان عام 1939، بحسب ما ذكره الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وقد أودى زلزال أرزينجان وقتها بحياة أكثر من 32 ألف شخص، ويخشى خبراء أن تكرر تلك الحصيلة في هذه المرة.

وضرب زلزال أولا ولاية كهرمان مرعش التركية وتبعته هزات ارتدادية عنيفة طالت ولاية غازي عنتاب ومعظم مناطق الجنوب التركي، إضافة لعدة محافظات سورية، أبرزها إدلب وحلب وطرطوس واللاذقية وحماة، كما شعر به سكان قبرص ولبنان والأردن والعراق ومصر، وقد تضررت قلاع تاريخية ومبان أثرية في تركيا وسوريا نتيجة الزلزال المدمر. ومن بينها قلعة غازي عنتاب التاريخية التي تهدمت أجزاء منها، وفق ما ذكرته وكالة رويترز، كما تعرضت منازل عتيقة في مدينتي بيروت وطرابلس للعديد من التصدعات، ما اضطر الناس للاحتماء بالشوارع، ومن لم يشعر بارتدادات تلك الهزة الأرضية لا بد أنه تابعها عبر منصات التواصل الاجتماعي التي ضجت بمقاطع مصورة نقلت آلام وصدمة المتضررين.

وبحسب الخبراء كان الزلزال العنيف الذي ضرب جنوب تركيا وسوريا المجاورة مدمراً بسبب مجموعة من العوامل تتمثل في توقيته وموقعه وخط صدع هادئ نسبياً منذ قرنين ومبان مشادة بشكل سيئ، اذ تعود الحصيلة المرتفعة للضحايا في المقام الأول إلى شدة الزلزال غير المسبوق في كما أن بنية المساكن لعبت دوراً أيضاً في ارتفاع عدد القتلى.

بحسب حصيلة غير نهائية قتل ما لا يقل عن 3600 شخص، إثر زلزال عنيف بلغت قوته 7.8درجات أعقبه بعد ساعات زلزال آخر بلغت قوته 7.5 درجات، وتعود هذه الحصيلة المرتفعة في المقام الأول إلى شدة الزلزال، غير المسبوق في تركيا منذ زلزال عام 1939 الذي ضرب منطقة مكتظة بالسكان.

ووقع الزلزال عند الساعة 4:17 بالتوقيت المحلي (01:17 بتوقيت غرينتش) ووجد النائمون أنفسهم "عالقين عندما انهارت منازلهم"، بحسب روجيه موسون، الباحث في هيئة المسح الجيولوجي البريطانية.

كما أن بنية المساكن "لا تتوافق بالفعل مع منطقة معرضة لخطر الزلازل العنيفة"، على ما أوضح لوكالة "فرانس برس" هذا الباحث الذي ألف كتاباً حول الهزات الأرضية. ويمكن تفسير ذلك بأن الصدع الزلزالي، حيث هذه المساكن، كان هادئاً نسبياً في الماضي.

وتقع تركيا على خط صدع زلزالي رئيسي في العالم. وتسبب زلزال في إزميت على بعد حوالي 100 كلم جنوب شرق اسطنبول بمقتل 17 ألف شخص في 1999، والاثنين، وقع الزلزال على الطرف الآخر من البلاد، قرب الحدود السورية، على امتداد خط الصدع الشرقي للأناضو، ولم يشهد هذا الخط أي زلزال تفوق قوته 7 درجات منذ أكثر من قرنين، مما حدا بالسكان إلى "الاستخفاف بخطورته"، بحسب موسون. وتشير هذه المدة أيضاً إلى "أن كمية كبيرة نسبياً من الطاقة تراكمت" على طول الصدع. وما يؤكد ذلك، بحسب الباحث، حدوث هزة ارتدادية عنيفة بعد الزلزال الرئيسي.

زلزال الاثنين هو "تقريباً تكرار" للزلزال الذي ضرب المنطقة في 13 آب/أغسطس 1822 والذي قُدرت قوته بنحو 7.4 درجات، وأوضح موسون أنه تسبب حينها في "دمار هائل وتهدمت مدن بأكملها وقضى جراءه عشرات الآلاف".

وضرب زلزال الاثنين على عمق نحو 17.9 كيلومتراً بالقرب من مدينة غازي عنتاب البالغ عدد سكانها مليوني نسمة. ووقع نتيجة تحرك الصفيحة التكتونية العربية التي "تتقدم نحو تركيا" باتجاه الشمال، على ما أوضح عالم الزلازل.

وأضاف أنه عندما تنشط الحركة، تتقدم اللوحة فجأة و"ينتج من هذه الحركة زلزال كبير، مثل الزلزال الذي شهدناه اليوم"، ويتعلق مدى الدمار أيضاً بطول الصدع الأرضي على امتداد خط الصدع الزلزالي (مئة كيلومتر بالنسبة لزلزال الاثنين)، بحسب العالم الذي أشار إلى أن "هذا يعني أن أي نقطة قريبة من المئة كيلومتر هذه، هي فعلياً في مركز الزلزال".

من جهتها أوردت كارمن سولانا، عالمة البراكين في جامعة بورتسموث البريطانية، أن تشييد المباني يشكل عاملاً رئيسياً عند حدوث الزلزال، وأوضحت لوكالة "فرانس برس" أن "مقاومة البنية التحتية ويا للأسف متفاوتة في جنوب تركيا وخصوصاً في سوريا.

لذلك، فإن إنقاذ الأرواح يعتمد الآن على سرعة الإغاثة"، وأدى زلزال عام 1999 في تركيا إلى إصدار تشريع في عام 2004 يلزم جميع المباني الجديدة بالامتثال لمعايير مقاومة الزلازل، ومن المتوقع أن يدفع حجم الدمار المسجل الاثنين السلطات التركية إلى التحقق من مدى احترام القانون، بحسب جوانا فور ووكر من معهد الحد من المخاطر والكوارث في جامعة كلية لندن البريطانية.

كما أشار عالم البراكين بيل ماكغواير، من هذه الجامعة البريطانية أيضاً، إلى أن العديد من المباني "انهارت على شكل طبقات"، موضحاً أن "ذلك يحدث عندما لا تكون الجدران والأرضيات متصلة بشكل كافٍ، فينهار كل طابق عمودياً على الطابق السفلي"، الأمر الذي يترك للسكان فرصة ضئيلة للبقاء على قيد الحياة، وأضاف "أن يكون أحد المباني قائماً بدون أضرار جسيمة إلى جانب مبنى منهار بالكامل ليس أمراً نادراً، بسبب البناء غير الموثوق به أو المواد السيئة".

لماذا كان الزلزال مدمرا لهذه الدرجة؟ وماذا سيحدث بعده؟

وفيما يلي تفسير العلماء لما حدث تحت سطح الأرض وما يمكن توقعه في أعقاب ذلك:

أين كان منشأ الزلزال؟

كان مركز الزلزال على بعد 26 كيلومترا تقريبا شرقي مدينة نورداي التركية وعلى عمق نحو 18 كيلومترا عند فالق شرق الأناضول. وأطلق الزلزال موجات باتجاه الشمال الشرقي، مما تسبب في حدوث دمار في وسط تركيا وسوريا.

وخلال القرن العشرين، لم يتسبب فالق شرق الأناضول في نشاط زلزالي كبير. وقال روجر موسون، وهو باحث فخري في هيئة المسح الجيولوجي البريطانية "إذا تتبعنا الزلازل (الكبيرة) التي سجلتها مقاييس الزلازل، فلن نجد شيئا يذكر".

ولم تسجل المنطقة سوى ثلاثة زلازل فقط بقوة ست درجات منذ عام 1970، وفقا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية. لكن في عام 1822، تعرضت المنطقة لزلزال بقوة سبع درجات، مما أدى إلى مقتل نحو 20 ألف شخص.

ما مدى قوة هذا الزلزال؟

بلغ متوسط الزلازل التي تتجاوز قوتها سبع درجات أقل من 20 زلزالا على مر التاريخ، مما يجعل زلزال اليوم حدثا خطيرا.

وبالمقارنة مع الزلزال الذي ضرب وسط إيطاليا في عام 2016 بقوة 6.2 درجة وأودى بحياة نحو 300 شخص، فإن الطاقة المنبعثة عن الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا اليوم تزيد بمقدار 250 مرة عن زلزال إيطاليا، وفقا لجوانا فور والكر رئيسة كلية لندن الجامعية للحد من المخاطر والكوارث، ولم يسجل نفس قوة زلزال اليوم سوى زلزالين فقط من أكثر الزلازل فتكا في الفترة من 2013 إلى 2022.

لماذا كان الأمر شديد الخطورة؟

صدع شرق الأناضول هو خط زلزالي عبارة عن كسر في الصخور يؤدي إلى انزلاقات زلزالية تتدافع بموجبها ألواح صخرية صلبة على امتداد خط الصدع الرأسي، مما يؤدي إلى زيادة الضغوط حتى تنزلق إحداها في النهاية في حركة تفضي إلى إطلاق قدر هائل من الطاقة التي يمكن أن تتسبب في حدوث زلزال، ربما يكون صدع سان أندرياس في كاليفورنيا أشهر هذه الصدوع في العالم، ويحذر العلماء منذ وقت طويل من احتمال وقوع زلزال كارثي هناك،وبدأ وقوع الزلزال التركي السوري على عمق ضحل نسبيا، وقال ديفيد روثيري عالم جيولوجيا الكواكب في الجامعة المفتوحة في بريطانيا "ربما كان الاهتزاز على سطح الأرض أشد من تأثير زلزال على مستوى أعمق بنفس القوة عند المصدر".

ما نوع الهزات الارتدادية التي يمكن توقعها؟

بعد 11 دقيقة من الزلزال الأول، تعرضت المنطقة لهزة ارتدادية بلغت قوتها 6.7 درجة. ووقع زلزال بقوة 7.5 درجة بعد ساعات، تلاه هزة أخرى بقوة ست درجات في فترة ما بعد الظهر، قال موسون "ما نراه الآن هو أن النشاط يمتد إلى فجوات مجاورة... نتوقع استمرار الزلازل لبعض الوقت".

ماذا قد تكون الحصيلة النهائية للقتلى؟

تسببت الزلازل ذات الحجم المماثل في المناطق المأهولة بالسكان في مقتل الآلاف. وأودى زلزال نيبال الذي بلغت قوته 7.8 درجة في عام 2015 بحياة ما يقرب من تسعة آلاف شخص،قال موسون "لن تكون الأمور جيدة... سيكون (الضحايا) بالآلاف وربما يصل عددهم إلى عشرات الألوف"، وأضاف أن طقس الشتاء البارد يعني أن المحاصرين تحت الأنقاض لديهم فرص أقل في البقاء على قيد الحياة.

زلزال يهز سوريا.. كأنه يوم القيامة

وسط الدمار الهائل الذي يمكن أن تراه العين المجردة لما خلفه زلزال سوريا.. آلاف القصص الحزينة تولدت من رحم هذه المأساة الفظيعة. جثث غطاها ركام المباني المهدمة وعالقون يحاول المسعفون الوصول إليهم، وجرحى نقلوا إلى المستشفيات للمعالجة.

فداخل مستشفى في شمال غربي سوريا، لا يقوى أحد الجرحى ويدعى أسامة عبد الحميد على حبس دموعه بينما تعلو جروح جبينه، جراء تهدّم المبنى الذي يقطن فيه مع عائلته فوق رؤوسهم، ونجوا منه بأعجوبة.

ويقول الرجل المقيم في بلدة حدودية مع تركيا بينما يرتدي عباءة شتوية بنيّة اللون بتأثر شديد لوكالة فرانس برس "كنا ننام بأمان وإذ شعرنا بهزة أرضية قوية جداً"، ويضيف من مستشفى الرحمة في بلدة دركوش في محافظة إدلب حيث يتلقى العلاج "أيقظت زوجتي واصطحبنا أولادنا وركضنا باتجاه باب المنزل في الطابق الثالث، وما إن فتحنا الباب حتى سقطت البناية كلها"، خلال لحظات، وجد عبد الحميد نفسه تحت ركام المبنى المؤلف من أربع طوابق في قريته عزمارين الحدودية، لكنّ "الله الحامي" أنقذ حياته وعائلته بأعجوبة.

ويضيف بتأثر شديد "سقطت الجدران علينا، لكنّ ابني تمكّن من الخروج وبدأ الصراخ، تجمّع الناس حينها لمعرفتهم أن ثمة أحياء وأخرجونا من تحت الأنقاض". وبينما نجا عبد الحميد مع عائلته، قتل جميع جيرانه في المبنى.

ونُقل عبد الحميد إلى مستشفى الرحمة، الذي يبعد نحو تسعة كيلومترات من قريته، وقد ضاق بضحايا تمّ نقلهم تباعاً بما فاق قدرة الطاقم الطبي على الاستجابة بمجرد وصول أكثر من مئة جريح وجثث ثلاثين شخصاً إليها خلال ساعات الصباح الأولى.

وشاهد مراسل فرانس برس سيارات إسعاف تصل تباعاً، وتقل جرحى بينهم عدد كبير من الأطفال، داخل قاعة في المستشفى، تمدد المصابون على أسرة متجاورة، بعضهم لُفّت رؤوسهم بضمائد وآخرين عولجوا بعد إصاباتهم بكسور أو رضوض، على أحد الأسرّة، ينام طفل وضعت ضمادة على جبينه إلى جانب رجل.

وفي غرفة أخرى، يعلو صراخ طفلة صغيرة، بينما تتلقى حقنة مصابة بكسر في يدها. وبالقرب منها يجلس فتى مضمّد الرأس.

ويقول طبيب الجراحة العامة في المستشفى، مجيد إبراهيم، لفرانس برس "الوضع سيئ للغاية مع وجود أشخاص كثيرين تحت أنقاض المباني السكنية"، أحصت منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني العامل في مناطق سيطرة الفصائل الجهادية والمعارضة في شمال وشمال غربي سوريا) مقتل 221 قتيلاً وإصابة أكثر من 340 جريحاً في "إحصائية غير نهائية". ورجّحت "ارتفاع عدد الوفيات بشكل كبير لوجود مئات العائلات تحت الأنقاض"، في مستشفى الرحمة، يتلقى محمّد بركات (24 عاماً) وهو أب لأربعة أطفال العلاج بعد إصابته بكسر في رجله.

ويقول لفرانس برس بينما يتمدد على السرير وجروح تغطي وجنته وأنفه "سحبت أولادي وخرجنا من المنزل لأنه منزل أرضٍ وقديم، وإذ بجدران الأبنية المجاورة بدأت تسقط علينا ونحن نقف في الشارع". وأصيب بركات بكسر في رجله جراء سقوط جدار عليه بينما نجا أفراد عائلته.

في مدينة سرمدا في ريف إدلب الشمالي، دُمّرت كتلة أبنية متلاصقة وسُويت بالأرض، بينما بقيت ألواح الطاقة الشمسية وخزانات المياه صامدة فوقها. وتناثرت الفرش والأغطية، وشاهد مصور فرانس برس عمال إنقاذ يحاولون رفع الركام ويعملون على استحداث فتحات عبر استخدام المعاول والمطارق، بحثاً عن ناجين، بينما تعمل آليات وجرافة على رفع الأسطح والجدران.

ضرب الزلزال الذي بلغت قوته 7,8 درجة قرب غازي عنتاب في جنوب شرقي تركيا الاثنين عند الساعة 04,17 بالتوقيت المحلي على عمق حوالي 17,9 كلم، وفق المعهد الأميركي للمسح الجيولوجي. وشعرت به دولة عدة مجاورة، أبرزها سوريا لا سيما المناطق الحدودية.

عند شعوره بالهزة الأرضية، حمل أنس حبش (37 عاماً) طفله وطلب من زوجته الحامل أن تجاريه في الركض إلى مدخل شقتهما الواقعة في الطابق الثالث والأخير في مبنى في مدينة حلب (شمالا)، التي صدعت سنوات الحرب مئات الأبنية فيها.

ويقول "نزلنا الدرج كالمجانين بعدما غطيت وجه طفلي بوشاح لحمايته، وما إن وصلنا إلى الشارع حتى رأينا عشرات العائلات وهي في حالة خوف ورعب". ويضيف "ثمة من ركع على الأرض وبدأ الصلاة، وثمة من كان يبكي، كما لو أنه يوم القيامة".

وسجلت الحكومة السورية أكثر من 370 قتيلاً في مناطق سيطرتها وأكثر من ألف إصابة، في محافظات حلب (شمالا) واللاذقية (غربا) وحماة (وسط) وطرطوس (غربا) في حصيلة غير نهائية، ويقول حبش بتأثر شديد "لم أشعر بهذا الإحساس طيلة سنوات الحرب، كان الوضع أصعب بكثير من القذائف والرصاص".

مخاوف من تكراره بدرجة أخطر

رغم الآثار المدمرة التي أحدثها الزلزال الذي ضرب مدن جنوب وسط تركيا وشمال سوريا، لكنه كان متوقعا وفقا للعديد من المختصين، في حين يتخوف علماء وخبراء من وقوع زلازل أخرى بنفس الشدة وبقوة تدميرية عالية، داعين إلى أخذ الحذر في المناطق عالية الكثافة السكانية والسيطرة على السدود.

بلغت قوة الزلزال فجر اليوم الاثنين 7.8 درجات على مقياس ريختر، وتبعته عشرات الهزات الارتدادية وصل بعضها إلى قوة 6.7 درجات، مسببة المزيد من الدمار ومخلفة المزيد من القتلى والمصابين.

وحذرت وكالة الطوارئ والكوارث الحكومية "آفاد" من المزيد من الهزات الارتدادية التي قد يرقى بعضها إلى قوة زلازل بشدة تتراوح بين 6.5 و6.7 درجات على مقياس ريختر.

ووصف خبراء الزلزال بأنه الأكبر في تاريخ تركيا منذ زلزال عام 1999 المدمر، الذي ألحق أضرارا كبيرة بمدينة إسطنبول وولاية "كوجالي" التي احتضنت مركز الزلزال.

ورغم فداحة الخسائر التي تسبب بها الزلزال الأخير جنوب تركيا، فإنه لم يكن مفاجئا بالنسبة للعديد من الجيولوجيين الأتراك وخبراء الزلازل، الذين لم يفتؤوا يحذرون خلال السنوات القليلة الماضية من زلازل مدمرة، وإن كانت معظم التحذيرات تتجه إلى مدينة إسطنبول، بسبب الكثافة السكانية العالية فيها، والتي تجعل أي زلزال كبير فيها يهدد أرواح الملايين.

وصدرت بعض التحذيرات المماثلة خلال الأيام الماضية من احتمالية حدوث زلزال في المنطقة التي شهدت زلزال "كهرمان مرعش" تحديدا.

وكان مركز "إس إس جي إي أو إس" (SSGEOS) المختص بالتنبؤ بالزلازل، قد حذر في 30 يناير/ كانون الثاني الماضي من احتمالية حدوث نشاط زلزالي قوي في تلك المنطقة، وأعاد الكثيرون مشاركة تلك التغريدات بعد وقوع الزلزال.

ويخترق تركيا صدعان رئيسيان، الأول هو صدع شمال الأناضول ويمتد من أطراف بحيرة "وان" في أقصى الشرق إلى إسطنبول غربا. في حين ينطلق الثاني من نقطة الالتقاء مع صدع شمال الأناضول شرقا ويمتد جنوب شرق عبر ولايات "بينغول وإلازيغ وكهرمان مرعش" وصولا إلى "هاتاي".

من جهته، ذكر البروفيسور المختص بعلم الزلازل في تركيا ناجي غورور في مقابلات تلفزيونية، أنه حذر مرارا في السابق من احتمال وقوع زلازل شديدة على طول الصدع الزلزالي المسمى "فالق جنوب الأناضول".

وقال غورور إن صدع شمالي الأناضول شهد في السنوات الأخيرة عدة زلازل متوسطة الشدة وكان عدد منها في محيط إسطنبول، وهو ما يجعل احتمال وقوع زلزال شديد على امتداد هذا الصدع أقل.

أما المناطق الواقعة على أطراف صدع جنوب الأناضول، فهي معرضة بشدة -وفق غورور- لزلازل مدمرة "بسبب تراكم الطاقة الكامنة بين الطبقات التكتونية التي تلتقي عند الصدع الزلزالي"، ولفت إلى أن مجموعة باحثين في جامعة إسطنبول التقنية حذروا -في دراسة نشرت لهم مؤخرا- من أن منطقة صدع "ملاطية" المتفرع عن الصدع الرئيسي لجنوب الأناضول، لم تشهد زلازل ذات شدة عالية منذ نحو 1500 عام، ما يعني أنها معرضة لزلازل من هذا النوع، وقال العالم التركي إن منطقة كهرمان مرعش وجوارها وكذلك المنطقة الواقعة بين ولاية "إلازيغ" وخاصة منطقة "سيفيرجه" وولاية "أديمان" هي منطقة شهدت زلازل عنيفة تاريخيا وبوتيرة متكررة، وأضاف "نتيجة انقضاء مدة طويلة على آخر موجة من الزلازل، ولكونها أصبحت معرضة بشكل جدي وخطير لمثل هذه الزلازل فإنني طالبت بأخذ الحذر ومضاعفة متانة الأبنية في المناطق الحضرية في هذه المناطق".

وحذر البروفيسور غورور، في حسابه على تويتر، من أنه بعد زلزال "كهرمان مرعش" فإن على سكان "أضنة وهاتاي" -الواقعتين إلى الغرب منها قليلا- أن يأخذوا حذرهم، مطالبا المسؤولين المحليين بأن يبقوا متيقظين، كما أطلق نداء للمسؤولين الأتراك بالعمل على السيطرة والتحكم بالسدود الموجودة في المنطقة.

خطوات محسوبة.. كيف تتصرف إذا وقع الزلزال وأنت داخل البيت؟

تقع كوارث الطبيعة على نحو مباغت، فلا يدري الناس في العادة، كيف ينبغي التصرف، في حين يوصي الخبراء بخطوات محسوبة عند وقوع الزلازل، مثلا، لا سيما أن ارتكاب بعض الأخطاء قد يعرقل مهمة الإنقاذ ويقلل احتمال النجاة من موت محقق.

وبحسب منصة "getprepared" الكندية المختصة في إرشادات الطوارئ والكوارث، فإن التعامل مع الزلازل يقتضي معرفة خطوات ضرورية لتفادي الأسوأ.

ويوضح المصدر أن هناك خطوات ينبغي القيام بها بشكل مسبق، لا سيما في الدول التي تقع في مناطق معروفة بالنشاط الزلزالي، مثل جنوب شرق آسيا.

وفي حال، شعر شخص ما باهتزاز الأرض وحدوث الزلزال من حوله، فإنه يحتاج إلى التالي:

ابق في داخل البيت، ولا تخرج، تفاديا لسقوط الأنقاض فوق رأسك.

اختبئ تحت أثاث صلب مثل الطاولة أو المكتب.

احرص على حماية رأسك بدرجة أولى، أو النصف العلوي من الجسم، تفاديا لسقوط أغراض وأشياء من السقف.

تحرك حيثما تحركت تلك الأشياء إلى حين أن تتأكد من أن الهزة الأرضية قد انتهت.

إذا لم تجد ما يمكن أن تختبئ تحته، فعليك أن تقف منتصبا أمام الجدار مباشرة، مع وضع ذراعيك حول منطقة الرأس والعنق.

في حال كنت داخل مركز تجاري كالمول، أسرع نحو أقرب محل، وابتعد عن النوافذ والرفوف التي توجد عليها أغراض ثقيلة.

إذا كان الشخص على كرسي متحرك لأنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، ينصحه الخبراء بأن يجعل الكرسي في حالة "قفل" حتى لا يتحرك، فيما ينبغي أن يضع يديه وذراعيه حول الرأس.

في غضون ذلك، ثمة خطوات استباقية يمكن القيام بها، تحسبا للزلازل، لا سيما في البلدان التي تشهد وقوع الكارثة بين الفينة والأخرى:

الحرص على تثبيت الأغراض بشكل قوي في البيت، مثل التلفزيون والرفوف، حتى لا تقع بسهولة في حال وقوع زلزال.

المسارعة إلى إصلاح أي تشققات قد تظهر في ركن من أركان البيت، تفاديا لأن تنهار بسرعة في حال وقوع كارثة.

لا تقم بتعليق لوحات أو ديكورات فوق سرير النوم.

إبقاء الأشياء القابلة للاشتعال بعيدا عن مصادر الحرارة.

في حال وقع زلزال وأنت في الخارج، احرص على الآتي:

ابتعد عن الأنقاض والجدران المتصدعة حتى لا تقع عليك في أي لحظة.

اذهب إلى المناطق المفتوحة، بعيدا عن المباني.

إذا كنت وسط حشد من الناس، فاحرص على أن تبتعد حتى لا يدوسوا عليك، في حال أصيبوا بالفزع وتحركوا، بشكل مفاجئ.

إذا كنت داخل سيارة لحظة وقوع الزلزال:

اتجه نحو مكان آمن، وتأكد من أنك لا تعرقل الطريق، لا سيما أن سيارات الإنقاذ ستحضر إلى المكان.

تجنب عبور الجسور والأنفاق والأماكن التي قد تنهار في أي لحظة.

أوقف محرك السيارة في منطقة مفتوحة، وابق في الداخل.

ضع علامة طلب المساعدة على النافذة إذا كنت تحتاج إلى ذلك.

إذا كنت داخل حافلة، ابق في مقعدك إلى أن تتوقف المركبة بشكل كامل.

احرص على تغطية رأسك والرقبة بالذراع، تفاديا لسقوط أي أشياء.

بخسائر فادحة.. زلازل مروعة هزت العالم

تكتسب الزلازل صفتها الكارثية الواسعة، على اعتبار أنها من الظواهر البيئية التي تخلف دمارا واسعا في وقت قصير؛ لسهولة ضربها عدة بلدان في وقت واحد، كما فعل زلزال كهرمان مرعش الذي ضرب تركيا وسوريا صباح الإثنين.

وتتكالب الخسائر على الدول المتضررة، ما بين خسائر بشرية، تصل أحيانا لمقتل وإصابة مئات الآلاف في الزلزال الواحد، وانهيار البنية التحتية، ويزيد الأمر دمارا إذا ما تسبّب في حدوث موجات مد مرتفعة داخل البحار والمحيطات (تسونامي)؛ ما تتبعه فيضانات تبتلع بدورها أعدادا هائلة من البشر والمباني والمحاصيل الزراعية.

وسجّل زلزال كهرمان مرعش 7.9 درجة على مقياس ريختر، ويرصد موقع "سكاي نيوز عربية" أمثلة لأشهر الزلازل و أقساها في العالم، التي سجّلت ما بين 7- 9 درجات على مقياس ريختر، وخلفت نتائج تدميرية خلال الـ100 عام الأخيرة.

زلزال تشيلي 1960

الخسائر البشرية: 6.000 قتيل

القوة: 9.5 ريختر

نتائج أخرى: موجات تسونامي ضخمة

زلزال ألاسكا العظيم 1964

الخسائر البشرية: 130

القوة: 9.3

نتائج أخرى: موجات تسونامي وهزات ارتدادية

زلزال سومطرة في إندونيسيا 2004

الخسائر البشرية: 226 ألف شخص ومليون مشرد

القوة: 9.1

نتائج أخرى: موجات تسونامي ضخمة ضربت 14 دولة

زلزال اليابان 2011

الخسائر البشرية: 15 ألف قتيل

القوة: 9.0

نتائج أخرى: 50 هزة ارتدادية

زلزال كامتشاتكا في روسيا 1952

لم يسجل خسائر بشرية

القوة: 9.0

نتائج أخرى: هزات ارتدادية وموجات تسونامي وصلت للولايات المتحدة

زلزال مولي في تشيلي 2010

الخسائر البشرية: 600 قتيل

القوة: 8.8

نتائج أخرى: 100 ألف مشرد وموجات تسونامي عاتية تسبّبت في تدمير عشرات القرى

زلزال الإكوادور وكولومبيا 1906

الخسائر البشرية: 1500 قتيل

القوة: 8.8

نتائج أخرى: موجات تسونامي على طول ساحل أميركا الوسطى

زلزال التبت 1950

الخسائر البشرية: 780 قتيلا

القوة: 8.6

نتائج أخرى: انهيارات أرضية ضخمة وتشققات كبيرة

زلزال تركيا 1939

الخسائر البشرية: 30 ألف شخص.

القوة: 7.8

زلزال إسطنبول بتركيا 1999

الخسائر البشرية: 17 ألف قتيل

القوة: 7.6

نتائج أخرى: تشريد مئات الآلاف، وانهيار عشرات الآلاف من المباني، وتحوّل مدينة أزميد إلى منطقة منكوبة.

يُضاف لما سبق زلازل ضربت الكثير من البلدان، على مقياس درجات أقل، لكن خلفت تدميرا واسعا، منها في الشرق الأوسط زلزال مصر عام 1992، بدرجة 5.8، تسبب في وفاة 545 شخصا وتدمير مئات المباني.

ذات صلة

الإمام علي عليه السلام وتحجيم الجبروت والطغيانعلى حكومة السيد السوداني ان تكون أكثر حذراالمطلوب فهم القرآن بشكل جديد!مَعرَكَةُ بَدر هِيَ يَومُ الفُرقَانِ العَظِيمِ حَقَاًتعلم ثقافة السؤال بداية التعليم