سباق التسلح النووي: العالم على رمال متحركة من القوة التدميرية
عبد الامير رويح
2016-09-20 12:21
تسعى العديد من دول العالم إلى امتلاك التكنولوجيا النووية، التي اصبحت اليوم وفي ظل سباق التسلح والتقدم العلمي المهم من اهم الامور لما تحققه من فوائد كبيرة ومختلفة، ومنذ خمسينيات القرن الماضي وكما تنقل بعض المصادر، تسابق العديد من دول العالم لامتلاك الطاقة النووية، وفى مقدمتها روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، التي كان سباق السلاح جزءاً من الحرب الباردة بين البلدين. وبالإضافة إلى القوى الخمس النووية الكبرى المتمثلة في الولايات المتحدة، وروسيا، وبريطانيا، وفرنسا، والصين، دخلت بعض الدول الاخرى ميدان السباق واصبحت تمتلك اسلحة نووية خطيرة استطاعت من خلالها قلب موازين القوى، ووفقاً لتقديرات سابقة لاتحاد العلماء الأمريكيين، فهناك حوالى 15700 رأس حربى في العالم تمتلكها 9 دول، منها 4100 جاهزة للاستخدام، ونحو 508 مفاعلات نووية، منها 443 مفاعلاً قيد التشغيل، و65 تحت الإنشاء.
ولا يقتصر توزيع وانتشار النووية على الدول التي تمتلك التكنولوجيا النووية فقط، فهناك 5 دول أوروبية لا تملك برنامجاً نووياً، لكنها تنشر أسلحة نووية أمريكية على أراضيها في إطار حلف ناتو، وهى بلجيكا، وألمانيا، وإيطاليا، وهولندا، وتركيا. وهناك ايضا23 دولة أخرى توافق على نشر الأسلحة النووية الأمريكية على أراضيها لتعزيز أمنها القومي، ووفقاً لأرقام عام 2015 الصادرة عن اتحاد العلماء الأمريكيين تمتلك القوى الذرية نحو 16 ألف رأس نووي موجودة في 98 موقعاً داخل 14 دولة، منها 10 آلاف فقط في الترسانات النووية للدول المختلفة، في حين تنتظر البقية التفكيك، ومن هذه المجموعة توجد 4000 جاهزة للاستخدام، و1800 في وضع الاستعداد.
وتعد روسيا الأولى في امتلاك الرؤوس النووية بـ7500 رأس، تليها الولايات المتحدة بـ7300 رأس، وفرنسا بـ300 رأس، والصين بـ250 رأساً. وتقع الكمية الأكبر من السلاح النووي حالياً في روسيا والولايات المتحدة، إذ تمتلكان معاً 93% مما يمتلكه العالم. كما يعتبر موضوع الاستخدام السلمى للطاقة النووية وبحسب بعض الخبراء من الموضوعات الهامة والخطيرة، لما لهذا الأمر من أهمية كبرى، لتأثيره على أهم مبدأ من مبادئ الأمم المتحدة ألا وهو مبدأ الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، كما أن تغيير استخدام الطاقة النووية من الأغراض السلمية إلى الأغراض العسكرية، من أدق المسائل التي تواجه القانون الدولي في الوقت الحالي، لذلك اهتم المجتمع الدولي بآلياته وأشخاصه بتنظيم هذا الموضوع عبر اتفاقات دولية وإنشاء منظمات دولية متخصصة لهذا الشأن، وللطاقة النووية يمكن استخدام الطاقة النووية في حفر الأقنية وإنشاء الموانئ وتعقيمها وإنشاء خزانات المياه الجوفية، وتحلية مياه البحر وإصلاح مياه الصرف الصحي ويمكن استخدامها أيضاً في مجالات أخرى منها المجال الطبي والصناعي، فهى طاقة منتجة وموفرة، وتكفي الإشارة إلى أن احتراق طن واحد من الوقود النووي يعادل احتراق 20 مليون طن من الفحم، ومحطة التوليد المستخدمة للطاقة النووية تنخفض فيها تكاليف إنتاج الطاقة الكهربائية 44% وتكاليف المياه المحلاة 30%، مقارنة بالمحطة التقليدية، كما أن عمر المحطات النووية يصل إلى 60عاماً بينما لا يزيد العمر الافتراضي للمحطة التقليدية عن 30سنة. كما ان مسألة النفايات النووية طرق التخلص منها اصبحت اليوم من اخطر القضايا التي تثير مخاوف الناس خصوصا وانها لا تزال قيد الدرس والبحث منذ عقود من الزمن. يضاف إلى ذلك الأمن النووي و حماية المنشآت النووية التي اصبحت ضرورة ملحة مع تفاقم خطر الارهاب الدولي.
باكستان
وفي هذا الشأن افاد خبراء غربيون في مجال الدفاع بعد تحليل صور اقمار اصطناعية تجارية ان باكستان قد تكون بصدد بناء مجمع جديد لتخصيب اليورانيوم في مدينة كاهوتا على بعد نحو 30 كلم شرق اسلام اباد. وقال الخبراء ان بناء منشأة جديدة يوفر دليلا جديدا على سعي باكستان الى تعزيز ترسانتها النووية وهو يتعارض مع مبادىء مجموعة مزودي المواد النووية التي ترغب البلاد في الانضمام اليها. واجرت التحليل نشرة "جاينز للمعلومات" باستخدام صور التقطتها اقمار اصطناعية تابعة لادارة "ايرباص للدفاع والفضاء" في 28 ايلول/سبتمبر 2015 ومن ثم في 18 نيسان/ابريل 2016.
واجرت باكستان اول تجربة نووية في 1998 ويعتقد انها تملك نحو 120 قنبلة نووية اي اكثر من الهند واسرائيل وكوريا الشمالية. وتوقع تقرير يعود للعام 2015 قامت به مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي ومركز ستمسون ان باكستان قادرة على زيادة مخزونها بعشرين راسا نووية في السنة وامتلاك ثالث اكبر ترسانة في العالم خلال عشر سنوات. وتبلغ مساحة المنطقة المعنية 1,2 هكتار وهي ضمن منطقة مغلقة داخل مختبرات خان البحثية في الجزء الشمالي الغربي من المجمع، وفق التقرير.
وقال المحلل لدى "جاينز" كارل ديوي ان المنشأة "تقع ضمن منشأة للطرد المركزي وهي مؤمنة جيدا ولديها مواصفات منشأة جديدة لتخصيب اليورانيوم". واضاف ان هناك تشابها كبيرا بين المنشأة ومنشآت بنتها شركة "ارنكو" للوقود النووي والتي تشغل عددا من المنشآت النووية في اوروبا. ويعتقد ان الامر ليس مجرد مصادفة اذ ان عبد القادر خان الذي يعتبر مؤسس برنامج باكستان النووي عمل لدى "ارنكو" قبل ان يسرق تصاميم الطرد المركزي ويعود الى باكستان، وفق محلل الصور لدى "جاينز" تشارلي كارترايت.
وتسعى باكستان للانضمام الى مجموعة مزودي المواد النووية التي تضم 48 عضوا وتعمل على وقف الانتشار النووي من خلال مراقبة تصدير المواد والمعدات والتكنولوجيا التي يمكن استخدامها لصنع اسلحة نووية. وقال ايان ستيوارت مسؤول مجموعة "بروجكت الفا" البحثية في جامعة كنغز كولدج في لندن "يصعب فهم كيف يمكن ان تتواءم هذه الانشطة مع مبادىء مجموعة مزودي المواد النووية التي تضم مصدرين مسؤولين وترغب باكستان في الانضمام اليها". بحسب فرانس برس.
وقال عالم الفيزياء الباكستاني عبد الحميد نيار انه اذا كان الموقع يحتوي على جهاز للطرد المركزي "اذن، ولانها اساسا تبنى داخل مختبرات خان البحثية، يمكن ان استنتج انها لاغراض عسكرية"، مضيفا ان المحطات النووية تحصل على اليورانيوم من الصين. لكنه حذر من انه لا يمكن الجزم بشأن الغرض من هذه المنشأة بالاعتماد فقط على صور الاقمار الاصطناعية.
بريطانيا
الى جانب ذلك صوت النواب البريطانيون الاثنين بغالبية كبيرة لصالح استبدال غواصات البلاد النووية الاربع "ترايدنت" بكلفة لا تقل عن 41 مليار جنيه (49 مليار يورو). ولمناسبة اول خطاب لها أمام البرلمان دافعت رئيسة الوزراء تيريزا ماي عن تجديد البرنامج النووي الذي وصفته بانه "الضمانة الاكيدة" لامن البلاد. وبعد نقاشات دامت ست ساعات، تم المصادقة على القرار بموافقة 472 نائبا في مقابل 117. وأيد أكثر من 70 في المئة من نواب حزب العمال (138 نائبا) على قرار حكومة المحافظين، رغم مواقف زعيم الحزب جيريمي كوربن السلمية.
ولن يساهم التصويت بالتالي في تهدئة الازمة التي تعصف بحزب العمال منذ تصويت البريطانيين للخروج من الاتحاد الاوروبي. ويعارض كوربن تجديد البرنامج النووي لكنه قرر ان يترك نوابه يصوتون بحرية. وقبل بدء النقاشات قالت ماي "من المستحيل ان نؤكد بان اي مخاطر كبرى لن تظهر خلال السنوات الثلاثين او الاربعين المقبلة وتهدد امننا ونمط عيشنا". وبريطانيا بين الدول الثلاث الاعضاء في حلف شمال الاطلسي التي تملك السلاح النووي مع فرنسا والولايات المتحدة. بحسب فرانس برس.
ويوجد مقر اسطول البلاد النووي المتهالك في فاسلان غرب اسكتلندا وسيتم استبداله بغواصات "ساكسيسور" يبدأ تشغيلها مطلع العام 2030. واحدى الغواصات الاربع البريطانية في مهمة في مكان ما في العالم وغواصتان في ميناء تستعدان للابحار والرابعة في الصيانة. وفي شباط/فبراير تظاهر عشرات الالاف في لندن احتجاجا على تجديد برنامج ترايدنت تلبية لدعوة حركات معارضة للنووي. واكدت الحملة المؤيدة لنزع السلاح النووي ان برنامج ترايدنت في الواقع سيكلف 205 مليارات جنيه.
الى جانب ذلك حصلت شركة كهرباء فرنسا على الضوء الأخضر من السلطات البريطانية للبدء في إنشاء مشروع عملاق ممول جزئيا من الصين، ويتمثل في بناء مفاعلين نوويين يعملان بالمياه المضغوطة في موقع "هينكلي بوينت" جنوب غرب إنكلترا، بقيمة إجمالية تبلغ 18 مليار جنيه (21 مليار يورو، 23 مليار دولار). ويثير هذا المشروع الجدل في بريطانيا، حيث اتخذت رئيسة الوزراء تيريزا ماي قرارا مفاجئا في تموز/يوليو الماضي بتأجيل المشروع بعد أن أعطت في وقت سابق الشركة الفرنسية موافقتها للبدء فيه. ولم تقدم ماي سببا واضحا لقرارها.
وقالت وسائل إعلام بريطانية وقتها أن ماي علقت المشروع لأسباب تتعلق بالأمن القومي بسبب مخاوف دفعت أستراليا إلى وقف اتفاق لبناء محطة كهرباء ضخمة مع تحالف شركات صينية الشهر الماضي. وينتقد البعض الكلفة الهائلة للمشروع ويتحدثون عن مخاوف أمنية حول مشاركة شركة "س جي إن" الصينية العملاقة للطاقة. ودعا سفير الصين في لندن ليو شياومينغ السلطات البريطانية إلى الموافقة على المشروع، محذرا من أن العلاقات بين البلدين هي عند "منعطف تاريخي حاسم".
اسرائيل
في السياق ذاته يثير الكشف عن عيوب في مفاعل ديمونا، اقدم مفاعل نووي في اسرائيل، مخاوف متزايدة حول سلامته وتساؤلات حول مصيره ومعضلة حول السرية التي تحيط بها الدولة العبرية ترسانة اسلحتها النووية. واوردت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية ان دراسة حديثة كشفت وجود 1537 عيبا في اسس الالمنيوم في مفاعل ديمونا النووي في صحراء النقب بجنوب اسرائيل. وافاد التقرير ان العيوب التي عثر عليها في المفاعل، الذي يقال انه يتم تطوير الاسلحة النووية داخله، لا تعتبر خطيرة، وان خطر حدوث تسريب نووي محدود للغاية.
ومع ذلك، تزايدت الدعوات الى الحصول على ضمانات جديدة وحتى اقامة مركز بحثي جديد، ما قد يضع الدولة العبرية امام منعطف لاتخاذ قرار ان كانت ستعترف للمرة الاولى بحيازتها اسلحة نووية. وقدر معهد العلوم والامن الدولي ومقره الولايات المتحدة في عام 2015 ان اسرائيل تملك 115 رأسا نوويا. وبحسب الرواية الرسمية الاسرائيلية، فان مركز ديمونا النووي يركز على الابحاث والطاقة. ولكن في الثمانينات كشف الخبير التقني السابق في ديمونا مردخاي فعنونو "اسرارا" نشرتها صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، منها ان المفاعل يستخدم لانتاج اسلحة نووية.ةوامضى فعنونو عقوبة بالسجن 18 عاما بتهمة التجسس.
وكانت فرنسا قدمت قلب المفاعل في اواخر الخمسينات من القرن الماضي، وبدأ المفاعل بالعمل بعد سنوات عدة. وفي العادة، تكون المفاعلات النووية صالحة للاستخدام لاربعين عاما، مع امكانية تمديد فترة الصلاحية بادخال بعض التعديلات. ويعرب استاذ الكيمياء في جامعة تل ابيب عوزي ايفين الذي شارك في تأسيس المفاعل، عن قلقه ازاء سلامة الموقع، وهو يقود منذ عشر سنوات حملة لاغلاقه، "من دون اي جدوى حتى الآن"، بحسب قوله. ويؤكد ايفين ضرورة اغلاق المفاعل لاسباب امنية قائلا "هذا المفاعل يعد واحدا من اقدم المفاعلات العاملة في العالم".
ودعت النائبة ميخال روزين من حزب "ميرتس" اليساري الى تغيير جذري في السياسة الاسرائيلية بسبب المخاوف حول السلامة. وكتبت روزين في رسالة الى لجنتي الخارجية والدفاع في البرلمان الاسرائيلي ان "المفاعل النووي لا يخضع لاي اشراف سوى من الجسم الذي يديره، لجنة الطاقة الذرية الاسرائيلية". واضافت "لسنا بحاجة لانتظار وقوع كارثة لاحداث تغيير".
واكدت لجنة الطاقة الذرية الاسرائيلية من جهتها في بيان ان الدولة العبرية تملك "اعلى المعايير الدولية" للامن والسلامة، مؤكدة ان هناك امكانية لاستمرار المفاعلات النووية بالعمل لفترة اطول بكثير من اربعين عاما. ويقول رئيس قسم الهندسة النووية في جامعة بنسلفانيا الاميركية ارثر موتا انه على الرغم من التحدي الذي يشكله اغلاق مفاعل نووي بأمان وافتتاح آخر جديد، فهو ليس امرا مستحيلا. ويضيف "من ناحية تقنية، ليست مشكلة صعبة"، موضحا ان "الطاقة النووية امر كثيف للغاية، وحجم المفاعل الذي يوفر الطاقة لمدينة باكملها يماثل (حجم) مبنى"، معتبرا "انها مسألة سياسية". ويقول ايفين ان هناك العديد من الاسباب السياسية التي تساهم في ابقاء المفاعل النووي مفتوحا، منها عدم الرغبة بتعريض الاف الوظائف للخطر.
كما ان بناء مفاعل جديد قد يعني ان على اسرائيل ان تعلن رسميا عن قدراتها النووية. وبحسب موتا، فان على اسرائيل ان توقع، في حال اتخاذ قرار ببناء مفاعل جديد على معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية، ما قد يعني ان مفاعلاتها ستخضع لعمليات تفتيش منتظمة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ورفضت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التعليق على الموضوع. ويتابع ايفين "لا اعتقد ان لدينا القدرة على بناء مفاعل نووي جديد"، و"لن يقوم احد ببيعنا مفاعلا قبل التوقيع على اتفاقية عدم انتشار الاسلحة". بحسب فرانس برس.
ويرى خبير الشؤون الامنية في صحيفة "معاريف" يوسي ميلمان ان هذا يمثل "معضلة استراتيجية من الدرجة الاولى". ويقول "في حال التوقيع على الاتفاقية، ستكون اسرائيل قادرة على الحصول على مفاعلات نووية، ولكن سيكون عليها ايضا الاعلان والكشف عما لديها في المجال النووي، وعن احتكارها المزعوم (للاسلحة النووية) في الشرق الاوسط".
كوريا الشمالية
على صعيد متصل اعتبر مركز ابحاث اميركي ان كوريا الشمالية قد تكون صنعت ست قنابل نووية او اكثر في الاشهر ال18 الماضية ما يمكن ان يرفع ترسانتها الى 21 قنبلة نووية على الاقل. وركز معهد العلوم والامن الدولي الذي يوجد مقره في واشنطن تقديراته على تقييم كمية البلوتونيوم العسكري واليورانيوم العالي التخصيب التي قد تكون انتجتها كوريا الشمالية في مجمع يونغبيون النووي شمال بيونغ يانغ.
واستنادا الى تحليل صور الاقمار الاصطناعية، اعلن الامين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا امانو انه يبدو ان بيونغ يانغ اعادت تشغيل مصنع يونغبيون المستخدم لمعالجة البلوتونيوم بهدف تصنيع اسلحة نووية. وفي نهاية 2014 قدر المعهد عدد القنابل النووية الكورية الشمالية بما بين 10 و 16. ومنذ ذلك الحين، صنعت كوريا الشمالية ما بين اربع وست قنابل ما يرفع ترسانتها الاجمالية الى ما بين 13 و 21 او اكثر كما قدر المعهد. وهذه الحسابات تاخذ في الاعتبار القنبلة التي قامت بيونغ يانغ بتجربتها في 6 كانون الثاني/يناير. وهذه التقديرات تستثني ما يمكن ان يزوده مصنع تخصيب ثان قد تكون بنته بيونغ يانغ لانتاج يورانيوم عسكري.
واعلن امانو ان "المؤشرات التي حصلنا علينا تدل على انشطة مرتبطة بالمفاعل بقوة 5 ميغاواط وتوسيع البنى التحتية للتخصيب وانشطة مرتبطة بمعالجة البلوتونيوم" في مجمع يونغبيون ما يؤكد تحاليل اخرى مماثلة اعلن عنها خبراء اميركيون. واضاف امانو خلال مؤتمر صحافي في فيينا "لكن بما انه ليس لدينا خبراء على الارض، نكتفي بمراقبة صور الاقمار الاصطناعية". وبين المؤشرات على انشطة رصدت في يونغبيون "تحركات آليات وبخار والتخلص من مياه ساخنة ونقل مواد". بحسب فرانس برس.
وكان المفاعل بقوة 5 ميغاواط اغلق في 2007 في اطار اتفاق ينص على نزع للاسلحة مقابل مساعدات غذائية. لكن كوريا الشمالية بدأت اعمال تجديده بعد تجربتها النووية الثالثة في 2013. في كانون الثاني/يناير اعتبر باحثو معهد العلوم والامن الدولي الاميركي كذلك استنادا الى صور اقمار صناعية ان المفاعل لا يعمل بكامل قدرته. في 6 كانون الثاني/فبراير نفذت بيونغ يانغ تجربتها النووية الرابعة معلنة تفجير اول قنبلة هايدروجين، التي تفوق القنبلة الذرية العادية قوة. لكن الخبراء شككوا انذاك بشدة في صحة الطبيعة المعلنة للقنبلة نظرا لضعف الطاقة المنبعثة منها.
فنلندا
من جانب اخر وعلى ضفاف بحر البلطيق، حفرت في الصخور مقبرة "اونكالو" لتكون المثوى الاخير للنفايات النووية التي تنتجها المصانع الفنلندية. وعلى مرمى حجر من الموقع الذي سيقام عليه مفاعل "اي بي ار" الذي صممته شركة "اريفا" الفرنسية العملاقة في مجال الذرة، سيكون "اونكالو" اول موقع في العالم تدفن فيه النفايات النووية ذات النشاط الاشعاعي العالي، في طبقة جيولوجية عميقة. وستبلغ كلفة هذه المقبرة ثلاثة مليارات و500 مليون يورو، وهي الكلفة الاعلى في العالم لمقبرة نووية.
وتعتزم فنلندا ان تبدأ باستخدام هذه المقبرة اعتبارا من العام 2020، وعلى مدى مئات السنوات. وسيدفن فيها خمسة الاف و500 طن من النفايات النووية على عمق 420 مترا تحت سطح الارض. ويأخذ موقع "اونكالو" زواره الى اعماق مذهلة، الى ما تحت الطبقات الرسوبية التي تشكل حاجزا طبيعيا يحول دون تسرب الاشعاعات، ويبلغ عمر هذه الطبقات ملياري سنة. ويتعين على المشاركين في الزيارة المنظمة التي يشرف عليها ايسمو التونين عالم الجيولوجيا المسؤول في شركة "بوزيفا" المكلفة بالمشروع، وضع خوذات واقية على الرؤوس. ويقول "مقارنة بالمناجم، يمكن القول ان هذا المكان جاف، وكان يمكن ان نجد كميات اكبر من المياه لو اننا لم نضغط الجوانب لجعلها اكثر مقاومة للتسرب". ويشرف مهندسون حاليا على حفر هذه الشبكة من الانفاق التي ستوضع فيها النفايات النووية.
وتوضع نفايات الوقود النووي اولا في عبوات، ثم توضع هذه العبوات في صوامع نحاسية يفترض انها ستبقي ما بداخلها معزولا مئة الف عام. والصوامع ستكون في حفر عمودية مختومة بنوع من الطين يطلق عليه اسم "بنتونيت". وتنوي دول اخرى، مثل فرنسا والمانيا، اعتماد هذه الطريقة في دفن النفايات النووية، رغم انها ومع كل الاحتياطات المتخذة تثير القلق حول السلامة. ويقول يوها اروما المتحدث باسم منظمة "غرينبيس"" في فنلندا "لا شك انه ينبغي فعل شيء ما للنفايات النووية، لكن يجب التعمق في الدراسات حول بعض عوامل الخطر" مثل التسرب تحت الارض على المدى الطويل.
ومن الاسئلة التي تشغل بال المعنيين بالبيئة، كيف سيكون شكل الموقع بعد مئة الف عام؟ ماذا سيجري لو ضرب المنطقة زلزال او تعرضت لهجوم ارهابي؟ ويقر الخبير التونين انه من المستحيل حاليا التنبؤ بما ستكون عليه الظروف في اوكالو بعد وقت طويل، فقبل مئة الف عام كان انسان نيانديرتال يصطاد الماموث في هذا المكان...واليوم انقرض انسان نيانديرتال ولم يعد للماموث وجود. وحذرت دارسة لجامعة توركو في فنلندا نشرت في العام 2015، من الاثار التي قد تنجم عن حلول عصر جليدي جديد على هذا القبر النووي وعلى عزله المحكم. بحسب فرانس برس.
ويقول ماتي راسانين الباحث في جامعة توركو "نحن نعلم انه ابان العصر الجليدي الاخير، وصل الجليد في المناطق الواقعة في شرق فنلندا وروسيا، الى ما بين 400 متر و600 متر، اي اكثر عمقا من مستوى دفن النفايات". وتنتظر السلطات الفنلندية نتائج ابحاث تتعمق في دراسة هذه المخاوف، قبل ان تعطي الضوء لاستخدام هذه المقبرة. ومن الامور التي تشغل الخبراء ايضا التفكير في ما ان كان ضروريا وضع علامات دالة على وجود هذه المقبرة، وبأي لغة سيكون ذلك. ويقول راسانين "نفكر في وضع علامات انذار" للتحذير من الدخول اليه. لكن هناك امثلة في التاريخ عن علامات تحذير، مثل التحذير من لعنة الفراعنة، لمنع الناس من الدخول الى اماكن معينة كالقبور، لكن هذه الاماكن تحديدا هي التي تجذب الداخلين، بحسب راسانين.
المغرب
الى جانب ذلك يعيش الرأي العام المغربي على وقع قضية بيئية انتشر الجدل بشأنها على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يفلح الرد الحكومي من قبل الوزارة الوصية على البيئة في وضع حد لهذا التوتر. وفجرت القضية عقب وصول سفينة إيطالية محملة بـ2500 طن من النفايات إلى ميناء الجرف الأصفر في الجديدة، وهي مدينة ساحلية تطل على المحيط الأطلسي. وكانت إحدى الجمعيات البيئة المحلية، المركز الجهوي للبيئة والتنمية المستدامة بالجديدة، سباقة لدق ناقوس الخطر عبر الصحافة المغربية الإلكترونية والمكتوبة.
وكان المركز استنكر في بلاغ للرأي العام "نقل شحنة هي عبارة عن نفايات سامة وخطيرة، قدرت بـ2500 طن من المواد البلاستيكية وبقايا العجلات، من إيطاليا إلى المغرب عبر سفينة ضخمة". وأكد المركز أن هذا "سيتسبب في إلحاق الضرر بالإنسان والحيوان والنبات، ويؤدي إلى ظهور العديد من الأمراض الخطيرة والمزمنة، وإصابة المتضررين بتشوهات خلقية وعاهات مستديمة". واحتدت الانتقادات للحكومة من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي المغاربة، الذين أجمعوا على خطورة العملية، وندد بها كل منهم بطريقته الخاصة. فدعوا في الوقت نفسه إلى التراجع عن العملية ومحاسبة الجهات التي أشرفت عليها.
وانتقد رواد هذه المواقع بحدة وزيرة البيئة حكيمي الحيطي في حكومة عبد الإله بن كيران، بلغت بالفيسبوكيين إلى المطالبة باستقالتها، فيما طالبت المعارضة تحت قبة البرلمان بالتوضيحات الكافية حول القضية. ووجه النائب أحمد المهدي مزواري، عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض، سؤالا شفويا إلى رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، انتقد فيه "تعامل الحكومة بوجهين متناقضين، الأول يحمل شعار حماية البيئة ضد الأكياس البلاستيكية الوطنية، والثاني تخريب البيئة بواسطة السماح بجعل المغرب مقبرة للنفايات الأجنبية السامة"، في إشارة لحملة حكومية ضد الأكياس البلاستيكية".
كما أطلق ناشطون مغاربة عريضة احتجاجية على مواقع التواصل الاجتماعي، تطالب الحكومة بعدم حرق النفايات الإيطالية على الأراضي المغربية. ولفتت العريضة إلى أن هذه النفايات جمعت في منطقة كامبانيا الإيطالية منذ عام 2007 وتضم مواد سامة. وتأتي هذه القضية عشية قمة المناخ المقرر تنظيمها في 22 نوفمبر/تشرين الثاني في مراكش، ما يضع الحكومة المغربية في موقف حرج خاصة أنها تجد صعوبة في إقناع الرأي العام بالعملية. بحسب فرانس برس.
وحاولت الحكومة من خلال بيان لوزارة البيئة تهدئة مخاوف المغاربة، وقالت في بيان إنها "رخصت لاستيراد نفايات غير خطيرة مصدرها إيطاليا"، موضحة أنها "ستستعمل كمكمل أو كبديل للطاقة الأحفورية في مصانع الإسمنت"، مشيرة إلى ما "تتميز به من قوة حرارية مهمة". وأكدت وزارة البيئة أن استيراد هذه النفايات أتى في إطار شراكة مع جمعية مهنيي الإسمنت لاستخدامها "في أفران مصانع الإسمنت، المجهزة بالمصفاة التي تحد من الانبعاثات الغازية".