أوبك والتعايش الاستراتيجي مع نمو النفط الصخري
إيهاب علي النواب
2017-05-31 05:30
تسعى الولايات المتحدة الى الاستغناء عن النفط الخليجي عبر زيادة انتاجها من النفط الصخري، لاسيما وان تكلفة استخراجه العالية أخذه في الانخفاض، ويرى خبراء ان الهند والصين ستأخذ مكان الصدارة من الولايات المتحدة كأكبر مستهلك عالمي للنفط، في حين يرى اخرون الى ان امريكا ستضطر الى خفض انتاجها بعد اتفاقية باريس، خاصة ان النفط الصخري يتطلب عمليات كيميائية معقدة لتحويله الى الحالة السائلة وينتج عنه كميات هائلة من الملوثات، من جهة أخرى أظهرت وثائق للإدارة الأمريكية أن البيت الأبيض يريد بيع نصف مخزونات النفط الاستراتيجية التي لدى البلاد والسماح بالتنقيب في محمية للحياة البرية في ألاسكا في إطار خطط تحقيق التعادل بين الإيرادات والمصروفات في الميزانية على مدار السنوات العشر القادمة، والميزانية التي سيقدمها البيت الأبيض للكونجرس مسودة وقد لا تطبق بصورتها الحالية ولكنها تكشف عما ترنو إليه سياسة الإدارة وتشمل زيادة إنتاج الطاقة الأمريكية، ويبلغ الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي، وهو الأعلى على مستوى العالم، نحو 688 مليون برميل من الخام وتحتفظ به في خزانات تحت الأرض في لويزيانا وتكساس.
وقرر الكونجرس في عام 1975 تكوين الاحتياطي بعدما أثار حظر عربي لصادرات النفط مخاوف من ارتفاع أسعار وقود السيارات في الأجل الطويل مما يضر بالاقتصاد الأمريكي، وتقترح ميزانية ترامب بدء البيع في السنة المالية 2018 التي تبدأ في الأول من أكتوبر تشرين الأول وتدر هذه المبيعات 500 مليون دولار بحسب الوثائق، وسترتفع المبيعات من الاحتياطي تدريجيا على مدار السنوات التالية لتصل إلي ما قيمته 3.9 مليار دولار في عام 2027 وبإجمالي يبلغ نحو 16.6 مليار دولار في الفترة من 2018 إلى 2027، وفاجأ الإعلان أسواق النفط ودفع أسعار الخام الأمريكي للتسليم الفوري للهبوط إلى ما يزيد على 50 دولارا بقليل في التعاملات الآسيوية.
وينظر لمسودة الميزانية التي صدرت بعد مغادرة ترامب المملكة العربية السعودية على أنها تقوض الخطط التي تقودها أوبك لكبح تخمة المعروض في الأسواق العالمية من خلال خفض الإنتاج وتشير إلى استمرار وفرة الإمدادات في المستقبل، كما تهدف ميزانية ترامب إلى جمع 1.8 مليار دولار على مدى العقد المقبل من خلال عقود تنقيب في المحمية الطبيعية في ألاسكا، وهي أكبر محمية طبيعية في الولايات المتحدة ويعتقد أنها غنية باحتياطيات الخام، وستؤدي زيادة الإنتاج من ألاسكا إلى تعزيز الإنتاج النفطي الأمريكي الذي قفز عشرة في المئة منذ منتصف 2016 إلى 9.3 مليون برميل ويرجع الفضل الأكبر للنفط الصخري.
إدارة معلومات الطاقة ترفع توقعاتها لنمو انتاج النفط والغاز الأمريكي في 2017
تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن انتاج النفط الخام في الولايات المتحدة في 2017 سيزيد بأعلى من تقديراتها السابقة لكنها خفضت توقعاتها لنمو الانتاج في 2018، وذكرت الإدارة في تقريرها الشهري لتوقعات الطاقة للأجل القصير إن انتاج النفط الأمريكي هذا العام سيرتفع إلى 9.31 مليون برميل يوميا من 8.87 مليون برميل يوميا في 2016 بزيادة قدرها 440 ألف برميل يوميا. وفي الشهر الماضي توقعت الإدارة زيادة قدرها 350 ألف برميل يوميا.
وخفضت الإدارة توقعاتها لنمو الانتاج في 2018 إلى 650 ألف برميل يوميا مقارنة مع زيادة قدرها 680 ألف برميل يوميا في تقديراتها السابقة. وتستند تقديراتها للنمو للعام 2018 إلى تعديل صعودي للتوقعات للعام 2017، من ناحية أخرى توقعت الإدارة أن يرتفع الطلب على النفط في الولايات المتحدة في 2017 بمقدار 290 ألف برميل يوميا مقارنة مع زيادة قدرها 250 ألف برميل يوميا في توقعاتها السابقة، وان من المتوقع أن يزيد الطلب في 2018 بمقدار 300 ألف برميل يوميا أو أقل من تقديراتها السابقة البالغة 340 ألف برميل يوميا.
من جهة أخرى ذكرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إن انتاج الغاز الطبيعي الجاف في الولايات المتحدة هذا العام سيرتفع إلى 74.07 مليار قدم مكعبة يوميا من 72.29 مليار قدم مكعبة يوميا في 2016، وهذه التوقعات أعلى من تقديرات الإدارة التي صدرت في أبريل نيسان والبالغة 73.09 مليار قدم مكعبة يوميا لكنها تبقى أقل من المستوى القياسي المرتفع لمتوسط الانتاج في 2015 والبالغ 74.14 مليار قدم مكعبة يوميا، وتوقعت الإدارة أيضا في تقريرها الشهري لتوقعات الطاقة للأجل القصير أن استهلاك الغاز في الولايات المتحدة سيهبط إلى 73.38 مليار قدم مكعبة يوميا في 2017 من مستوى قياسي مرتفع بلغ 75.13 مليار قدم مكعبة يوميا في 2016 والذي كان المستوى القياسي السنوي السابع على التوالي، وتوقعات الاستهلاك للعام 2017 الواردة في تقرير مايو أيار متماشية مع تقديراتها في تقرير أبريل نيسان والبالغة 73.34 مليار قدم مكعبة يوميا.
توقع نمو قوي لإنتاج النفط الصخري الأمريكي
أظهرت بيانات حكومية أن من المتوقع أن يزيد إنتاج النفط الصخري الأمريكي 109 آلاف برميل يوميا في ابريل نيسان إلى 4.96 مليون برميل يوميا مسجلا أكبر زيادة شهرية منذ أكتوبر تشرين الأول حيث من المنتظر تحقيق مستوى قياسي مرتفع جديد لإنتاج حوض برميان أسرع مناطق النفط الصخري نموا بالولايات المتحدة، ومن المتوقع بحسب تقرير الإنتاجية الصادر عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يزيد إنتاج النفط بحوض برميان 79 ألف برميل يوميا إلى 2.29 مليون برميل يوميا وهو ما سيكون أعلى مستوى في السجلات التي ترجع إلى عام 2007، ومن المتوقع أن يزيد إنتاج منطقة إيجل فورد نحو 28 ألف برميل يوميا إلى 1.14 مليون برميل يوميا أي أعلى مستوى منذ نوفمبر تشرين الثاني.
لكن من المتوقع تراجع الإنتاج في باكن عشرة آلاف برميل يوميا إلى 964 ألف برميل يوميا وهو ما سيكون التراجع الشهري الوحيد بالأحواض السبعة التي يغطيها التقرير. وسيكون هذا التراجع الشهري الثالث على التوالي في إنتاج الحوض الواقع بنورث داكوتا، في غضون ذلك من المتوقع أن يزيد إنتاج الغاز الطبيعي بالولايات المتحدة إلى مستوى قياسي مرتفع عند 49.6 مليار قدم مكعبة يوميا في ابريل نيسان حسبما ذكرت إدارة المعلومات.
ويعني ذلك زيادة بنحو 0.6 مليار قدم مكعبة يوميا عن مارس آذار مواصلا الارتفاع للشهر الرابع على التوالي، وتوقعت الإدارة ارتفاع إنتاج الغاز بجميع الأحواض الصخرية في ابريل نيسان بما في ذلك إيجل فورد الذي يتراجع إنتاجه منذ يناير كانون الثاني 2016، وأفادت إدارة معلومات الطاقة إن المنتجين حفروا 807 آبار وأكملوا 719 بأكبر الأحواض الصخرية في فبراير شباط ليزيد إجمالي الآبار غير المكتملة 91 بئرا إلى 5443 وهو أعلى مستوى منذ ابريل نيسان 2016.
من جهة أخرى صرحت أكبر شركة روسية لإنتاج النفط إن تعافي إنتاج النفط الأمريكي قد يثني منظمة أوبك والمنتجين من خارجها عن تمديد تخفيضات الإنتاج بعد يونيو حزيران وقد يؤدى إلى حرب أسعار جديدة، وتراجع إنتاج النفط الصخري الأمريكي في الوقت الذي هوت فيه أسعار النفط من مستوى يزيد على 100 دولار للبرميل في 2014 إلى أقل من 30 دولارا في 2015 مما قلص ربحية الإنتاج الصخري عالي التكلفة، ورفع اتفاق توصلت إليه منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) مع روسيا ومنتجين آخرين لخفض الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميا لمدة ستة أشهر اعتبارا من أول يناير كانون الثاني الأسعار لكنه شجع أيضا الشركات الأمريكية على زيادة الإمدادات.
وتواصل روسيا تنفيذ التخفيضات التي تعهدت بها بينما قلصت السعودية إنتاجها بمستويات تزيد كثيرا على تلك التي تعهدت بها لتعوض امتثالا أضعف من بقية دول أوبك، وتوقع وزير النفط السعودي السابق علي النعيمي انهيار الإنتاج في حقول النفط الروسية القديمة. لكن الإنتاج زاد في العامين الأخيرين إلى 11.2 مليون برميل يوميا وهو الأعلى على الإطلاق لأسباب من بينها انخفاض قيمة الروبل مما قلص تكاليف الإنتاج، ويرى البعض إن المسار الوحيد المضمون لتحقيق التوازن في السوق لجميع المنتجين هو كبح الإنتاج لكنها أقرت بأن هذا لن يحدث بسبب عدم مشاركة منتجي النفط الصخري الأمريكي في أي اتفاق مماثل، ويمنع القانون الأمريكي الشركات من القيام بخطوة مماثلة.