الاقتصاد المصري.. بين أزمة العملة الصعبة وأمل انتعاش السياحة
ندى علي
2016-03-17 07:24
يوم بعد آخر تطفو على سطح الاحداث الاقتصادية والمالية في مصر أدلة تؤكد انحدار الاقتصاد المصري نحو الأسوأ، بسبب أزمة هبوط الاسعار، ومما ضاعف من مخاطر هذه المصاعب، تراجع ايرادات السياحة بسبب الملفات الامنية الشائكة ومنها ملف الطائرة الروسية التي تم اسقاطها بنبلة كما تناقلت الاخبار ذلك، هذه المشكلات دفعت بمصر الى التفكير الجدي باللجوء الى الاقتراض، ولكن قد تحيط هذه الخطوة بنوع من السرية، لاسيما بعد زيارة وفد من صندوق النقد الدولي لمصر بهذا الخصوص.
فعلى الرغم من جو التكتم والسرية الذي أحاط بزيارة وفد الصندوق مؤخرا لمصر وامتناع البنك المركزي عن التعليق، قال أحد وزراء المجموعة الاقتصادية لرويترز "زيارة وفد صندوق النقد لمصر كانت زيارة روتينية." وفي أحدث خطوة اتخذها المركزي المصري لتجاوز أزمة العملة خفض البنك سعر الجنيه 14.5 بالمئة مقابل الدولار في أول تخفيض رسمي في عهد المحافظ الجديد طارق عامر عقب وصوله مساء الاحد مع محافظ المركزي الأسبق فاروق العقدة من لندن بعد أن التقيا عددا من صناديق الاستثمار الأجنبية.
ومع الخطوات التي لجأ إليها البنك المركزي لتصحيح ومعالجة بعض الاخطاء المالية، إلا أن الاوضاع لا تزال معقدة، فقد قال البنك المركزي المصري في بيان صحفي إنه سينتهج سياسة أكثر مرونة لعلاج التشوهات في منظومة أسعار الصرف واستعادة تداول النقد الأجنبي داخل الجهاز المصرفي بصورة منتظمة ومستدامة. وجاء بيان المركزي بعدما خفض البنك سعر العملة المحلية 1.12 جنيه مقابل الدولار في أول تخفيض رسمي في عهد المحافظ الجديد طارق عامر. وذكر المركزي في البيان الصحفي أن السياسة الجديدة من شأنها "استعادة تداول النقد الأجنبي داخل الجهاز المصرفي بصورة منتظمة ومستدامة تعكس آليات العرض والطلب."
من جهة اخرى يشكو رجال الاعمال في مصر من نقص العملة، ومن تأثير ذلك على التبادلات التجارية ورؤوس الأموال، حيث قال رجال أعمال إن نقص العملة الصعبة في مصر يخنق التجارة والصناعة ويثير مخاوف المستثمرين الأجانب ويضر بالنمو وحثوا البنك المركزي على إنهاء القيود المفروضة على الودائع الدولارية والتحرك صوب سعر صرف تحدده السوق.
ويؤكد خبراء مختصون ان الخط البياني لتدهور الاقتصاد المصري ليس وليد الاحداث الراهنة، انما بدأ مسلسل الهبوط مع الاحداث التي ادت الى ازاحة مبارك من الحكم وتلا ذلك ازمة حكم الاخوان لمصر والصراع بين المؤسسة العسكرية وبينهم على السلط، كل هذه الامور ساهمت بطريقة او اخرى بإنهاك الاقتصاد ومضاعفة العقد والشاكل.
حيث تمر مصر بمصاعب اقتصادية منذ انتفاضة 2011 التي أنهت حكم حسني مبارك الذي استمر 30 عاما. ومنذ ذلك الحين يحجم المستثمرون الأجانب والسياح الذين تعتمد عليهم مصر كمصدر للعملة الأجنبية عن المجيء. وساءت الأوضاع بدرجة أكبر إثر تحطم طائرة روسية في مصر الشهر الماضي تقول موسكو إنه حدث بسبب قنبلة.
وهكذا تجد الحكومة المصية والجهات ذات العلاقة بحركة المال والبنك المركزي، تجد نفسها محكومة باتخاذ اجراءات عاجلة لتفادي مشكلات اكبر قد تكون قادمة في الطريق، وربما يكون لها تأثيرات قاصمة وصاعقة على الاقتصاد المصري، لذا لجأ البنك المركزي الى اسلوب الاقتراض، وإن كان هذا الاجراء لا يزال طي السرية والعمل الخفي.
مصر قد تطلب قرضا من صندوق النقد الدولي
في هذا السياق أثارت زيارة وفد من صندوق النقد الدولي لمصر علامات استفهام عن سببها وتوقيتها، بل ودفعت بعض الخبراء والاقتصاديين للتساؤل: هل حان الوقت للاقتراض من الصندوق في ظل أزمة العملة الصعبة التي تحكم الخناق على البلاد والتي عكف البنك المركزي في الآونة الأخيرة على اتخاذ خطوات لتخطيها؟ وأبلغت مصادر مصرفية رفيعة المستوي رويترز من بينهم مصدر يعمل بالبنك المركزي أن وفدا من صندوق النقد يضم مجموعة من الاقتصاديين زار المركزي المصري خلال الأسبوع الماضي للمساعدة في رسم سياسة سعر الصرف والإجراءات النقدية.
ورغم جو التكتم والسرية الذي أحاط بزيارة وفد الصندوق لمصر وامتناع البنك المركزي عن التعليق، قال أحد وزراء المجموعة الاقتصادية لرويترز "زيارة وفد صندوق النقد لمصر كانت زيارة روتينية." وفي أحدث خطوة اتخذها المركزي المصري لتجاوز أزمة العملة خفض البنك سعر الجنيه 14.5 بالمئة مقابل الدولار في أول تخفيض رسمي في عهد المحافظ الجديد طارق عامر عقب وصوله مساء الاحد مع محافظ المركزي الأسبق فاروق العقدة من لندن بعد أن التقيا عددا من صناديق الاستثمار الأجنبية.
وباع المركزي 198.1 مليون دولار يوم الاثنين في عطاء استثنائي لتغطية واردات سلع استراتيجية أساسية بسعر 8.85 جنيه للبنوك مقارنة مع 7.73 جنيه في العطاء الدوري السابق. ويباع الدولار بسعر 8.95 جنيه رسميا في البنوك بعد العطاء الاستثنائي. وتكافح مصر شديدة الاعتماد على الواردات لإنعاش اقتصادها منذ انتفاضة 2011 التي أعقبتها قلاقل أدت إلى عزوف المستثمرين الأجانب والسياح المصدرين الرئيسيين للعملة الصعبة بجانب انخفاض إيرادات قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج.
وكانت مصر سعت بعد الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك إلى الاقتراض من صندوق النقد وكانت على وشك إبرام اتفاق إبان حكم المجلس العسكري بقيمة 3.2 مليار دولار.
لكن ذلك الاتفاق لم ير النور نظرا لانتقال الحكم في منتصف 2012 إلى الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين الذي سعت حكومته لاحقا لاقتراض 4.5 مليار دولار من صندوق النقد، وإن كان ذلك الاتفاق لم يكتمل أيضا بسبب عزل مرسي في منتصف 2013.
وقال حسين شكري رئيس مجلس إدارة بنك الاستثمار اتش.سي "لا مفر من الاقتراض من صندوق النقد. كنا نعتمد سابقا على المساعدات الخليجية ولكن بعد توقفها لم يعد لدينا إلا الاتجاه للصندوق رغم أن ذلك قد يلزمنا ببرنامج إصلاح اقتصادي نحن نحتاج إليه بالفعل." ويرى هاني جنينة من بلتون المالية أن الميزة الأساسية لقرض صندوق النقد الدولي هي الاشتراطات لأنها تكون بديلا عن ضعف الثقة. وقال لرويترز "عادة ما تكون الدول التي تطلب قروضا من صندوق النقد الدولي هي تلك التي لم تعد تستطيع اللجوء لأسواق المال العالمية نتيجة تطبيق سياسات مالية ونقدية غير ملائمة وتعاني من ضعف ثقة المستثمرين." وجاءت زيارة وفد الصندوق لمصر في وقت تسارعت فيه وتيرة تحركات لمواجهة أزمة العملة الصعبة.
فقد أخذ البنك المركزي خلال الأسبوع الماضي سلسلة إجراءات لتحرير حركة التدفقات الدولارية من وإلى البنوك حيث ألغى سقف الإيداع والسحب المصرفي بالعملة الصعبة لمستوردي السلع الأساسية والأفراد كما أطلق شهادات ادخار بالعملة الأجنبية ذات عوائد مرتفعة بل ولجأ للتدخل الشفهي لكبح سعر صرف الجنيه أمام الدولار في السوق الحرة عند 9.25 جنيه للدولار.
وآتت تحركات المركزي أكلها سريعا إذ هبط الدولار بشدة في السوق السوداء ليصل يوم الاثنين إلى 9.20 جنيه قبل إعلان المركزي خفض قيمة العملة المصرية مقارنة مع 9.60 جنيه. كما أخذ محافظ المركزي طارق عامر عددا من التدابير لتوفير الدولار والحفاظ عليه ومن بينها تقييد الاستيراد العشوائي تقييد عمليات السحب من بطاقات الائتمان بالدولار والتحويلات عبر ويسترن يونيون. وطرحت مصر شهادات ادخارية دولارية وباليورو للمصريين في الخارج بجانب رفع العائد على شهادات الاستثمار بالدولار داخل مصر في محاولة لجذب أي عملات أجنبية وسط الشح الشديد الذي تعانيه في المعروض من العملة الخضراء بحسب رويترز.
سياسة مالية أكثر مرونة
من جهته قال البنك المركزي المصري في بيان صحفي إنه سينتهج سياسة أكثر مرونة لعلاج التشوهات في منظومة أسعار الصرف واستعادة تداول النقد الأجنبي داخل الجهاز المصرفي بصورة منتظمة ومستدامة. وجاء بيان المركزي بعدما خفض البنك سعر العملة المحلية 1.12 جنيه مقابل الدولار في أول تخفيض رسمي في عهد المحافظ الجديد طارق عامر. وذكر المركزي في البيان الصحفي أن السياسة الجديدة من شأنها "استعادة تداول النقد الأجنبي داخل الجهاز المصرفي بصورة منتظمة ومستدامة تعكس آليات العرض والطلب." وأضاف أنه يتوقع "أن تؤدي تلك القرارات (الأخيرة) إلى مستويات لأسعار الصرف تعكس القوة والقيمة الحقيقية للعملة المحلية في غضون فترة وجيزة."
وتكافح مصر شديدة الاعتماد على الواردات لإنعاش اقتصادها منذ انتفاضة 2011 التي أعقبتها قلاقل أدت إلى عزوف المستثمرين الأجانب والسياح المصدرين الرئيسيين للعملة الصعبة. وقال المركزي إنه يستهدف أن يسجل الاحتياطي النقدي الأجنبي "حوالي 25 مليار دولار في نهاية 2016 نتيجة لجذب الاستثمار الأجنبي بعد الاطمئنان إلى إنهاء القيود ووجود خروج آمن لتلك الاستثمارات واستعادة الاقتصاد المصري لقدراته التنافسية."
وتهاوت الاحتياطيات من 36 مليار دولار في 2011 إلى 16.5 مليار دولار في فبراير شباط ويعاني البلد من أزمة عملة أدت إلى نضوب السيولة الدولارية في القطاع المصرفي. وألغى البنك المركزي المصري الأسبوع الماضي سقف الإيداع والسحب المصرفي بالعملة الصعبة لمستوردي السلع الأساسية والأفراد بحسب رويترز.
في السياق ذاته خفض البنك المركزي المصري قيمة الجنيه بنسبة 14,3% ليصبح السعر الرسمي لبيع الدولار في المصارف 8,95 جنيها بدلا من 7,83 مؤكدا عزمه على اعتماد "سياسة اكثر مرونة" في تحديد سعر الصرف. وقال البنك المركزي في بيان انه "قرر انتهاج سياسة أكثر مرونة في ما يتعلق بسعر الصرف والتي من شأنها علاج التشوهات في منظومة أسعار الصرف واستعادة تداول النقد الأجنبي داخل الجهاز المصرفي بصورة منتظمة ومستدامة تعكس آليات العرض والطلب". وتصاعدت الضغوط على الدولار في الشهرين الاخيرين وكان يتم التداول به في السوق السوداء بسعر يفوق السعر الرسمي وصل في بعض الاحيان الى اكثر من 10 جنيهات. واوضح البنك المركزي ان قراره انتهاج سياسة اكثر مرونة يأتي في ظل "التحديات التي واجهتها الدولة وخاصة خلال الأشهر الأربعة الماضية والتي تمثلت في تراجع ملحوظ في تدفقات النقد الأجنبي، ومن أبرزها السياحة والاستثمار المباشر ومحافظ الاستثمار المالية وتحويلات المصريين بالخارج".
وتعتمد مصر في مواردها من النقد الاجنبي اساسا على عائدات قناة السويس التي تراجعت بسبب التباطؤ العالمي وتراجع حركة الملاحة الدولية، وعائدات السياحة التي تلقت ضربة جديدة بعد اسقاط الطائرة الروسية في سيناء في نهاية تشرين الاول/اكتوبر الماضي، وكذلك تحويلات المصريين في الخارج التي يقول الخبراء ان معظمها صار يتم من خلال السوق السوداء اي خارج النظام المصرفي. وبسبب عدم الاستقرار الامني والسياسي الذي تشهده مصر منذ اسقاط حسني مبارك في العام 2011، انخفضت احتياطياتها من النقد الاجنبي من اكثر من 36 مليار دولار نهاية العام 2010 الى قرابة 16 مليار دولار حاليا رغم المساعدات الخارجية التي حصلت عليها الحكومة المصرية من دول الخليج خلال العامين الماضيين والتي تقارب 20 مليار دولار.
واكد البنك المركزي في بيانه انه يتوقع ان يؤدي قراره بخفض قيمة الجنيه الى "مستويات لأسعار الصرف تعكس القوة والقيمة الحقيقية للعملة المحلية في غضون فترة وجيزة". واضاف انه يتوقع كذلك ان يكون للسياسة الجديدة "آثار إيجابية على الاقتصاد المصري متمثلة في الكثير من المؤشرات ومن أهمها احتياطي النقد الأجنبي الذي يستهدف البنك المركزي أن يسجل حوالي 25 مليار دولار في نهاية عام 2016 نتيجة لجذب الاستثمار الأجنبي بعد الاطمئنان إلى إنهاء القيود ووجود خروج آمن لتلك الاستثمارات واستعادة الاقتصاد المصري لقدراته التنافسية" بحسب رويترز. ويقول بعض الخبراء ان خفض قيمة الجنيه سيؤدي الى زيادة الصادرات نتيجة خفض سعرها وبالتالي ارتفاع قدرتها التنافسية في الاسواق الخارجية.
كبح الواردات
من جهتها تواجه مطبعة سامي الخانجي مشكلة: العثور على الورق. فنقص الدولار والقيود المفروضة على الاستيراد يفرزان شح المعروض. الأسعار ترتفع والأرباح تنخفض وضبابية مصير العملة المصرية تخيم على خطط الاستثمار. وقال الخانجي وهو يحتسي القهوة بمكتب في مصنعه بغرب القاهرة "يريدون خفض الواردات لكن في البلد مصنعي ورق فقط والجودة رديئة. "نشتري الورق المستورد من التجار. يعانون لتدبير الدولار ويرفعون السعر من أسبوع لآخر... لتثبيت السعر الآن يحتاجون إلى الدولار لكن من معه دولارات؟"
ولا يماري أحد بمجتمع الأعمال في مصر في أهمية مسعى الحفاظ على الدولارات الشحيحة عن طريق تقليص العجز التجاري لكن كثيرين يقولون إن عددا من السياسات التي أعلنت في الأشهر الأخيرة فرضت على نحو متعجل وقد تقوض النمو الاقتصادي الذي تحتاجه مصر لتوفير فرص العمل لسكانها الذين تتزايد أعدادهم. وتعاني مصر من نقص في العملة الصعبة منذ انتفاضة 2011 التي أطاحت بحكم حسني مبارك وأعقبتها سنوات من القلاقل التي أدت إلى عزوف المستثمرين الأجانب والسياح مصدري النقد الأجنبي الضروري لتمويل شتى وارداتها من القمح إلى السلع الاستهلاكية. وتراجعت الاحتياطيات الأجنبية أكثر من النصف منذ 2011 إلى 16.53 مليار دولار في فبراير شباط بما لا يغطي واردات أكثر من ثلاثة أشهر.
وفي ظل التراجع الحاد للاحتياطيات وانهيار الأسواق الناشئة العام الماضي خفضت مصر قيمة الجنيه نحو عشرة بالمئة. لكنها رفعت قيمة العملة بعد ذلك بمقدار 20 قرشا إلى 7.73 جنيه للدولار في نوفمبر تشرين الثاني وهو السعر الذي حافظت عليه منذ ذلك الحين. وبغية القضاء على السوق السوداء التي انتعشت في أجواء عدم التيقن فرض البنك المركزي قيودا على حركة النقد الأجنبي مما امتص السيولة الدولارية من السوق وزاد صعوبة فتح خطابات الائتمان وتخليص الواردات التي تكدست في الموانئ. ولاحتواء الطلب على النقد الأجنبي الذي يقول إنه يضيع على سلع غير ضرورية يريد البنك خفض الواردات بمقدار الربع هذا العام.
وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة فحسب فرضت مصر قواعد تلزم المستوردين بتسجيل مصانع المنشأ وتقديم وثائق استيراد من البنوك الأجنبية ودفع ودائع نقدية بكامل القيمة في خطابات الائتمان. وتقرر رفع الرسوم الجمركية على أكثر من 500 سلعة تعتبر كمالية مثل التفاح ومزيل رائحة العرق بحسب رويترز.
بحث الأزمة المالية مع شركات صرافة
من جهة اخرى اجتمع البنك المركزي المصري مع مكاتب صرافة للمرة الثانية في أقل من شهر في محاولة أخرى لوضع سقف لسعر الدولار في السوق الموازية مع اشتعال السعر خلال الأسبوع الأخير دون أي بوادر على انحسار الأزمة رغم طرح شهادات دولارية للمصريين العاملين في الخارج ووصول قروض بالعملة الصعبة للبلاد. وقال محمد الأبيض رئيس شعبة شركات الصرافة لرويترز "نعم كان هناك اجتماع مع المركزي."
وقال مصدران لرويترز من سوق الصرافة أحدهما حضر الاجتماع مع المركزي والآخر أطلع على ما دار فيه إنه تم الاتفاق على تقييد الحد الأقصى لسعر الدولار في السوق الموازية عند 9.25 جنيه بعد القفزات الحادة التي وصل فيها إلى 9.85 جنيه مقارنة مع السعر الرسمي البالغ 7.83 جنيه. وأضاف أحد المصدرين اللذين تحدثا لرويترز بشرط عدم نشر اسميهما "الاتفاق كان بعدم تجاوز سعر الدولار في السوق الموازية عن 9.25 جنيه مقابل عدم تعرض المركزي لشركات الصرافة." لكن الأبيض قال "لم يكن هناك أي حديث عن الأسعار في الاجتماع اطلاقا. الاجتماع كان تحضيريا فقط لاجتماع أكبر خلال هذا الشهر يضم جميع شركات السمسرة لمناقشة مشكلات الشركات والاتهامات التي توجه إليها وكيفية المساعدة في حل الأزمة الحالية." ولم يتسن على الفور الاتصال بالمركزي للحصول على تعقيب.
وبدا أن المحافظ الحالي للمركزي طارق عامر الذي خلف هشام رامز في نوفمبر تشرين الثاني 2015 يتبنى نهجا مختلفا إذ حاول العمل مع مكاتب الصرافة من قبل للسيطرة على السوق وأتاح لها التحرك في نطاق بين 8.60 و 8.65 جنيه للدولار. لكن شركات الصرافة سرعان ما تجاوزت هذا النطاق. وقفز سعر الدولار سريعا في السوق السوداء ليقترب من مستوى عشرة جنيهات. وتحرك البنك المركزي لشطب عدد من شركات الصرافة المخالفة وسحب تراخيص العمل نهائيا منها في فبراير شباط.
ويسمح البنك رسميا لمكاتب الصرافة ببيع الدولار بفارق 15 قرشا فوق أو دون سعر البيع الرسمي. لكن السوق السوداء في العملة تنشط مع شح الدولار من إيرادات السياحة وتحويلات المصريين في الخارج وقناة السويس والاستثمارات الأجنبية المباشرة. وقال متعامل في السوق الموازية لرويترز إن الدولار انخفض يوم الثلاثاء إلى 9.80 جنيه من 9.85 يوم الاثنين.
ويأتي التدهور في سعر العملة المحلية رغم دخول إجمالي 1.4 مليار دولار خزينة البنك المركزي المصري في صورة قرضين من الصين والبنك الافريقي للتنمية منذ بداية العام. كما أطلقت مصر الأسبوع الماضي برنامجا جديدا لتشجيع ملايين المصريين المقيمين بالخارج على استثمار مدخراتهم الدولارية في شهادات خاصة من شأنها تخفيف أزمة نقص العملة الأجنبية.
ولم يعلن البنك المركزي أو أي من البنوك المشاركة في المبادرة حتى الآن أي معلومات عن مدى الإقبال على الشهادات وألغى البنك المركزي المصري سقف الإيداع والسحب المصرفي بالعملة الصعبة للأفراد في خطوة تهدف إلى تعزيز السيولة بالسوق العطشى للدولار.
وأبلغ عامر صحيفة اليوم السابع المحلية أن سقف إلغاء سقف الإيداع والسحب المصرفي بالعملة الصعبة للأفراد "سيسهم بشكل كبير في زيادة أرصدة الاحتياطي الأجنبي لمصر خلال الفترة المقبلة" متوقعا أن تصل إلى 25 مليار دولار بنهاية هذا العام. وهبطت احتياطيات مصر من النقد الأجنبي من 36 مليار دولار في 2011 إلى حوالي 16.5 مليار دولار في نهاية فبراير شباط. وضغط ذلك على سعر الصرف الذي تراجع من حوالي 5.8 جنيه للدولار قبل نحو خمس سنوات. وقال عامر للصحيفة "السعر المرتفع للدولار ليس السعر العادل... الوضع الحالي لا يعكس حالة الاقتصاد المصري." ولم يخض عامر مع الصحيفة في أي تفاصيل عن السعر الحقيقي للدولار أو وضع الاقتصاد المصري. وتواجه مصر المعتمدة على الاستيراد نقصا حادا في الدولار منذ انتفاضة 2011 والقلاقل السياسية التي أعقبتها وأدت إلى عزوف السياح والمستثمرين الأجانب وتحويلات المصريين في الخارج وهي المصادر الرئيسية للعملة الصعبة.
دعوة لإنهاء القيود الرأسمالية
في سياق مقارب قال رجال أعمال إن نقص العملة الصعبة في مصر يخنق التجارة والصناعة ويثير مخاوف المستثمرين الأجانب ويضر بالنمو وحثوا البنك المركزي على إنهاء القيود المفروضة على الودائع الدولارية والتحرك صوب سعر صرف تحدده السوق.
وتمر مصر بمصاعب اقتصادية منذ انتفاضة 2011 التي أنهت حكم حسني مبارك الذي استمر 30 عاما. ومنذ ذلك الحين يحجم المستثمرون الأجانب والسياح الذين تعتمد عليهم مصر كمصدر للعملة الأجنبية عن المجيء. وساءت الأوضاع بدرجة أكبر إثر تحطم طائرة روسية في مصر الشهر الماضي تقول موسكو إنه حدث بسبب قنبلة. وتراجعت احتياطيات العملة الأجنبية من 36 مليار دولار قبل انتفاضة 2011 إلى حوالي 16.4 مليار دولار في أكتوبر تشرين الأول مما لا يتيح للبنك المركزي الذخيرة الكافية للدفاع عن الجنيه المصري في مواجهة الضغوط المتزايدة. وفي فبراير شباط قام محافظ البنك المركزي المنتهية ولايته هشام رامز بفرض قيود على المبالغ الدولارية التي بوسع الشركات إيداعها في البنوك لتضييق الخناق على السوق السوداء.
ويقول رجال الأعمال إن تلك السياسة أتت بنتائج عكسية حيث جعلت من الصعب على الشركات فتح خطابات الائتمان لتمويل الواردات وأثارت مخاوف المستثمرين الأجانب المحتملين من عدم إمكانية تحويل الأرباح إلى الخارج. وانتقد رؤوف غبور الرئيس التنفيذي لشركة جي.بي أوتو لتجميع السيارات وتوزيعها قيود البنك المركزي التي لا تسمح بإيداع أكثر من 50 ألف دولار شهريا وتجبر البنوك على إعطاء الأولوية لسلع مثل المواد الغذائية عند توزيع الدولارات الشحيحة. واضطرت جي.بي أوتو إلى تعليق النشاط 20 يوما هذا العام بسبب عجزها عن توفير الدولارات لتمويل واردات المكونات. وقال غبور في تصريحات نارية خلال ورشة عمل عن السياسة النقدية نظمتها برايس ووتر هاوس كوبرز وانجيدج الاستشارية "الحكومة أعطتني تراخيص لإقامة مصانع... ونتيجة لهذه التراخيص استثمرنا خمسة أو ستة مليارات جنيه. قمنا بتعيين عشرة آلاف موظف... لا يمكنك... أن تقول لي إنني لست بأولوية. "هذه السياسة ستؤدي إلى انهيار اقتصادي... هذا العام إيرادات الجمارك كارثة بالفعل."
وشأنه شأن آخرين يأمل غبور أن يصلح محافظ البنك المركزي الجديد طارق عامر الذي يتولى مهام منصبه في 27 نوفمبر تشرين الثاني السياسة النقدية. ولم يعلن عامر خططه بعد لكن مصرفيين يعزون إليه الفضل في توفير 1.8 مليار دولار في الأسابيع الأخيرة للإفراج عن واردات كانت مكدسة في الموانئ وفي زيادة عائدات شهادات الإيداع بالجنيه المصري. ورحب رجال الصناعة والمستوردون والمصرفيون بتلك الخطوات لكن يقولون إنه ينبغي عمل المزيد لحل الأزمة. وعلى رأس القائمة إزالة القيود الرأسمالية. وهم يقولون إن جهود المحافظة على العملة عند سعر قوي مصطنع قد استنزفت احتياطيات العملة الأجنبية ونالت من القدرة التنافسية للصادرات وهي مصدر مهم للعملة الصعبة. وارتفع العجز التجاري لمصر لثلاثة أمثاله في العشر سنوات الأخيرة إلى حوالي 39 مليار دولار في ظل تضخم الواردات وركود الصادرات. وتؤدي القيود الرأسمالية إلى عزوف المستثمرين الأجانب عن اقتصاد من المتوقع على نطاق واسع أن يشهد خفضا لقيمة العملة ويعانون فيه من صعوبة تحويل الأموال.
وقال أشرف الإبراشي مؤسس الإبراشي وشركاه "الحل هو تشجيع الاستثمار ولن يحدث هذا إلا في ظل عملة مستقرة وهو ما يعني عملة يتحدد سعرها على أساس قيمتها الحقيقية." وبسبب تراجع عملات الأسواق الناشئة هذا العام يبدو الجنيه المصري مقدرا بأعلى من قيمته الحقيقية رغم تراجعه نحو عشرة بالمئة على مدار السنة. وقال محمد ماهر الرئيس التنفيذي لشركة السمسرة برايم القابضة للمؤتمر إن هذا يجعل الأسهم المصرية تبدو غير مغرية للمستثمرين الأجانب بينما ينال تأثير ذلك على الصناعة والتجارة من أرباح بعض الشركات المدرجة بحسب رويترز.
فقراء مصر يكافحون للحصول على الأرز
وتقول المصادر ان لدى مصر من الأرز كميات أكثر من احتياجاتها لكن القليل منه متاح لمن هم أشد احتياجا إليه. وقفز السعر الذي تدفعه الحكومة للأرز حوالي 50 بالمئة في الشهرين الماضيين لأن التجار يقيدون الإمدادات ويتوقع مزيدا من الارتفاع في الأسعار عقب تقاعس الحكومة عن تجديد مخزوناتها.
ويوجد نقص منذ أسابيع في السلع المستوردة مثل زيت الطهي في المتاجر التي تبيع السلع المدعومة للمصريين نظرا لأن نقص الدولار يصعب على المستوردين الحكوميين توفير إمدادات منتظمة. لكن الأرز يزرع على نطاق واسع في مصر كما ينتج المزارعون محصولا فائضا بالفعل. ويقدر مصطفى النجاري رئيس لجنة الأرز بالمجلس التصديري للحاصلات الزراعية في مصر أن الدولة أنتجت 3.75 مليون طن من الأرز في موسم 2015 ورحلت 700 ألف طن من العام 2014. وبما أن الاستهلاك 3.3 مليون طن فهذا يترك فائضا يتجاوز المليون طن.
لكن النجاري قال إن إخفاق الحكومة في تجديد مخزونات الأرز تركها تحت رحمة التجار الذين لا يرغبون في البيع في وقت ترتفع فيه الأسعار يوميا. وفي ضوء الفائض الإجمالي في الأرز في البلاد سمحت الحكومة باستئناف الصادرات لكن تقاعسها عن بناء مخزوناتها شجع التجار على تقليل المعروض توقعا لارتفاع الأسعار وتعطل الصادرات. في الوقت نفسه فرضت الحكومة رسوما قدرها 2000 جنيه (255 دولارا) للطن وهو ما قلص الصادرات.
وقال النجاري "كان من أهم توصياتنا للحكومة قبل فتح باب تصدير الأرز في أكتوبر أن تقوم هي بتخزين نحو نصف مليون طن." وتابع يقول "لكن هذا لم يحدث وبالتالي وجدنا أنفسنا في الوضع الذي نحن فيه اليوم."
وكانت الحكومات السابقة تخزن ما يتراوح بين 200 ألف و500 ألف طن من الأرز. لكن النجاري قال إن وزير التموين خالد حنفي رفض شراء أي احتياطيات. ويقول منتقدون لحنفي إنه تجاهل نصيحة تخزين الأرز بدعوى أنه متاح بوفرة ويمكنه الشراء عندما يحتاج. ولم يرد حنفي ووزارة التموين على اتصالات طلبا للتعليق.
ويحمل تزايد النقص وارتفاع الأسعار في طياته مخاطر سياسية كبيرة على الرئيس عبد الفتاح السيسي نظرا لأن عشرات الملايين من الفقراء في البلاد يعتمدون على الدعم الحكومي لشراء الأغذية الأساسية. وكان السخط بشأن الوضع الاقتصادي عاملا رئيسيا في تأجيج الاضطرابات الشعبية التي أطاحت بالرئيسين السابقين حسني مبارك ومحمد مرسي خلال السنوات الخمس الماضية بحسب رويترز.
ويوجد نقص منذ أسابيع في السلع المستوردة مثل زيت الطهي في المتاجر التي تبيع السلع المدعومة للمصريين نظرا لأن نقص الدولار يصعب على المستوردين الحكوميين توفير إمدادات منتظمة. لكن الأرز يزرع على نطاق واسع في مصر كما ينتج المزارعون محصولا فائضا بالفعل. ويقدر مصطفى النجاري رئيس لجنة الأرز بالمجلس التصديري للحاصلات الزراعية في مصر أن الدولة أنتجت 3.75 مليون طن من الأرز في موسم 2015 ورحلت 700 ألف طن من العام 2014. وبما أن الاستهلاك 3.3 مليون طن فهذا يترك فائضا يتجاوز المليون طن، لكن النجاري قال إن إخفاق الحكومة في تجديد مخزونات الأرز تركها تحت رحمة التجار الذين لا يرغبون في البيع في وقت ترتفع فيه الأسعار يوميا. وفي ضوء الفائض الإجمالي في الأرز في البلاد سمحت الحكومة باستئناف الصادرات لكن تقاعسها عن بناء مخزوناتها شجع التجار على تقليل المعروض توقعا لارتفاع الأسعار وتعطل الصادرات. بحسب رويترز.
في الوقت نفسه فرضت الحكومة رسوما قدرها 2000 جنيه (255 دولارا) للطن وهو ما قلص الصادرات. وقال النجاري "كان من أهم توصياتنا للحكومة قبل فتح باب تصدير الأرز في أكتوبر أن تقوم هي بتخزين نحو نصف مليون طن." وتابع يقول "لكن هذا لم يحدث وبالتالي وجدنا أنفسنا في الوضع الذي نحن فيه اليوم".