حرب غزة والآثار الاجتماعية والاقتصادية المتوقعة

شبكة النبأ

2023-11-15 06:55

يشهد قطاع غزة اضطرابات ودمارا لم يسبق لهما مثيل جراء الهجوم الذي تشنه إسرائيل برا وبحرا وجوا عليه، حيث حذرت دراسة أممية من ارتفاع معدّل الفقر في دولة فلسطين بنسبة 34 في المائة، ووقوع نصف مليون شخص إضافي في براثن الفقر، في حال استمرّت حرب غزة لشهر ثانٍ.

جاء ذلك في دراسة تقييمية سريعة صدرت عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، تحت عنوان "حرب غزة: الآثار الاجتماعية والاقتصادية المتوقعة على دولة فلسطين".

وفقا للدراسة، سينخفض إجمالي الناتج المحلي بمعدل 8.4 في المائة – وهي خسارة قدرها 1.7 مليار دولار. وقدر التقرير ارتفاع الفقر بمعدل 20 في المائة مع مرور شهر على الحرب، وانخفاض إجمالي الناتج المحلي بمعدل 4.2 في المائة.

وتشير الدراسة أيضا إلى تقديرات منظمة العمل الدولية بفقدان 390 ألف وظيفة حتى الآن.

أما في حال استمرّت الحرب شهرا ثالثا، فإن معدل الفقر سيرتفع بنحو 45 في المائة، الأمر الذي سيزيد عدد الفقراء بأكثر من 660 ألف شخص، بينما سيبلغ انخفاض إجمالي الناتج المحلي 12.2 في المائة، مسجّلا خسائر إجمالية تصل إلى 2.5 مليار دولار.

وقال مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر إن هذه الدراسة "تنذرنا بأنّ آثار هذه الحرب ستكون طويلة الأمد ولن تقتصر على غزّة وحدها. فأبعد من الكارثة الإنسانية المباشرة التي نشهدها اليوم، هناك أيضا أزمة إنمائية. فالحرب فاقمت معدلات الفقر في مجتمع كان يعاني مختلف صنوف الهشاشة بالفعل قبل اندلاع الصراع".

تدمير البنى التحتية

وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية نقلا عن بيانات من وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية أن الهجمات الإسرائيلية دمرت أكثر من 41 ألف وحدة سكنية وألحقت أضرارا بأكثر من 222 ألف وحدة أخرى.

وإجمالا، قال المكتب إن 45 بالمئة على الأقل من الوحدات السكنية في غزة قد تعرضت لأضرار أو دُمرت.

وقالت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي أنه إذا استمرت تلك الحرب "فإن غالبية سكان غزة قد يجدون أنفسهم بلا مكان يذهبون إليه يعتبرونه بيتا، أو ليقيموا فيه".

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في تقرير صدر يوم الجمعة إن 279 منشأة تعليمية تضررت، أي أكثر من 51 بالمئة من إجمالي عدد المنشآت التعليمية، مع عدم تمكن أي من طلاب غزة البالغ عددهم 625 ألفا من الاستفادة من الخدمات التعليمية.

وأضاف المكتب أن أكثر من نصف مستشفيات غزة ونحو ثلثي مراكز الرعاية الصحية الأولية أصبحت خارج الخدمة وأن 53 سيارة إسعاف تعرضت لأضرار. وأمر الجيش الإسرائيلي بإخلاء جميع المستشفيات الواقعة في مدينة غزة وشمال القطاع، وعددها 13 مستشفى.

وقال المكتب إن استهلاك المياه انخفض 90 بالمئة منذ بدء الحرب. ويعمل خطان فقط من خطوط أنابيب المياه الثلاثة القادمة من إسرائيل، ولكن يوجد تسريب بنسبة 50 بالمئة في خط الأنابيب الرئيسي بين رفح، على الحدود المصرية، ومدينة خان يونس الجنوبية، حيث فر العديد من اللاجئين من الشمال. وأشار المكتب إلى أن معظم مضخات الصرف الصحي في غزة، وعددها 65 مضخة، أصبحت خارج الخدمة.

وذكر المكتب أن إمدادات القمح في غزة تكفي لمدة 12 يوما، مشيرا إلى أن المطحنة الوحيدة العاملة في القطاع لا تستطيع تحويل القمح إلى طحين (دقيق) بسبب انقطاع الكهرباء.

وقال إنه لم يعد هناك مخزون من الزيت النباتي والبقول والسكر والأرز.

ويصطف السكان لمدة تتراوح من أربع إلى ست ساعات في المتوسط للحصول على نصف حصة الخبز التي كانوا يحصلون عليها في الأيام العادية.

وكان يدخل قطاع غزة في المتوسط 500 شاحنة محملة بالأغذية والسلع يوميا قبل اندلاع الصراع. وتوقفت جميع الواردات بعد السابع من أكتوبر تشرين الأول ولم تُستأنف إلا في 21 من الشهر ذاته. وعبرت 861 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية إلى غزة منذ 21 أكتوبر تشرين الأول حتى يوم الجمعة الماضي.

وقالت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقرير مشترك يوم الأحد الماضي إن نحو 390 ألفا فقدوا وظائفهم منذ بداية الحرب.

وكان الوضع الاجتماعي والاقتصادي في غزة يئن بالفعل قبل الحرب، وتشير التقديرات إلى أن معدل الفقر وصل إلى 61 بالمئة في عام 2020.

وفي تقدير أولي، قالت وكالات تابعة للأمم المتحدة إنه من المتوقع أن يرتفع معدل الفقر بين 20 بالمئة و45 بالمئة على حسب المدة التي ستستغرقها الحرب. كما توقعت الوكالات انخفاض الناتج المحلي الإجمالي في غزة بين أربعة و12 بالمئة في العام الجاري بسبب الحرب.

ولم يتسن التحقق من هذه الأرقام من مصادر مستقلة، لكن صحفيين من رويترز في غزة يقولون إن الدمار على نطاق واسع.

وذكر صحفي إسرائيلي أخذه الجيش لرؤية بلدة بيت حانون في غزة يوم الأحد أنه "لم يبق مبنى واحد صالحا للسكن". وكان يعيش هناك أكثر من 52 ألف شخص قبل الحرب.

وأفادت دشتي بأن 96 في المائة من سكان غزة يواجهون الآن "حرمانا غير مسبوق" من جميع الخدمات الأساسية، وسقطوا في "فقر متعدد الأبعاد".

ونبهت إلى أن التداعيات السلبية للحرب وصلت بالفعل إلى البلدان المجاورة مثل لبنان والأردن ومصر، مما أدى إلى تفاقم التحديات الاجتماعية والاقتصادية والمالية.

بدوره، قال الأمين العام المساعد ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عبد الله الدردري: "أن يخسر الاقتصاد الفلسطيني 4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال شهر واحد، هذا أمر لا يمكن مقارنته بأي صراع شهدناه من قبل".

وأضاف الدردري في نفس المؤتمر الصحفي أن الاقتصاد السوري (على سبيل المثال) كان يخسر واحدا في المائة من الناتج المحلي الإجمالي شهريا بسبب الصراع هناك.

وأوضح أنه بعد شهرين من القتال، "ستخسر فلسطين وليس غزة فحسب، 16 عاما من التنمية البشرية"، مضيفا أنه سيتم القضاء على الصحة والتعليم والبنية التحتية والنمو الاقتصادي، و"ستعود فلسطين إلى عام 2005".

وشدّدت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي على ضرورة وقف إطلاق النار وضمان التدفق المستدام للمساعدات الإنسانية بهدف التخفيف من المعاناة بشكل فوريّ وملموس

وقالت إن عدم معالجة الأسباب الجذرية للصراع طويل الأمد، وتحديدا الاحتلال المستمر، يجعل جهود التعافي غير كافية وقصيرة الأمد.

وقالت الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) إن عدد الأطفال الذين قتلوا في غزة خلال أربعة أسابيع تجاوز العدد الإجمالي للأطفال الذي قضوا في الصراعات المسلحة في 22 دولة في أي عام منذ سنة 2020.

وأشارت رولا دشتي، الأمينة التنفيذية للإسكوا، إلى مقتل أكثر من 4300 طفل في غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر وفق وزارة الصحة في القطاع.

وتتوقع الدراسة أن يفاقم الانكماش الاقتصادي الوضع الإنساني الكارثي أكثر وأن يصعّب احتمالات التعافي.

القضاء على ثمار 16 عامًا من التنمية البشرية

أمام هذا الواقع، أكّد مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر أنّ "الخسائر المتواصلة في الأرواح بشكل غير مسبوق والمعاناة الإنسانية والدمار في قطاع غزة، كلها أمور غير مقبولة. ويكرّر البرنامج مناشدات الأمين العام للأمم المتحدة للتوصل إلى وقف فوري إنساني لإطلاق النار، ولتحرير جميع الرهائن، ولإتاحة وصول المساعدات الإنسانية على النطاق المطلوب لإنقاذ أرواح المدنيين". وأضاف: "تنذرنا هذه الدراسة بأنّ آثار هذه الحرب ستكون طويلة الأمد ولن تقتصر على غزّة وحدها. فأبعد من الكارثة الإنسانية المباشرة التي نشهدها اليوم، هناك أيضًا أزمة إنمائية. فالحرب فاقمت معدلات الفقر في مجتمع كان يعاني مختلف صنوف الهشاشة بالفعل قبل اندلاع الصراع.".

وبحسب توقّعات الدراسة، في حال استمرّت الحرب شهرًا ثالثًا، سيرتفع معدل الفقر بنحو 45%، ما سيزيد عدد الفقراء بأكثر من 660,000، بينما سيبلغ انخفاض إجمالي الناتج المحلي 12.2%، مسجّلًا خسائر إجمالية تصل إلى 2.5 مليار دولار. وتحذّر الدراسة من التدني الكبير في دليل التنمية البشرية، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لقياس الرفاه، الذي يقدر أن التنمية ستتراجع في دولة فلسطين بما يتراوح بين 11 و16 سنة، وفي غزة بين 16 و19 سنة، وفق حدّة النزاع.

وبينما هناك نحو مليون ونصف من سكان غزة نزحوا داخلها منذ اندلاع الحرب، وفي ظلّ الدمار الهائل للمنازل المهدّمة أو المتضررة، تتوقع الدراسة أنّ الانكماش الاقتصادي سيفاقم الوضع الإنساني الكارثي أكثر وسيصعّب احتمالات التعافي ويبطِئها.

وقد طال انعدام الأمن الغذائي الحاد أو المتوسط 62.9 في المئة من الأسر في غزة، في عام 2022. وأفادت نسبة تتجاوز 73 في المئة من الأسر أنها تلقت مساعدات إنسانية في الأشهر الستة السابقة للتقييم، في حين ذكرت أكثر من 50.5 في المئة من الأسر أن المساعدات غير الحكومية أو الخيرية هي مصدر دخلها الرئيسي.

وقد تسببت الحرب حتى الآن في ارتفاع أسعار المواد الغذائية في غزة، وفي استمرار نفاد مخزونات المواد الغذائية. وأدى ذلك إلى تفاقم خطر سوء التغذية، لاسّيما بين الرضع والأطفال الصغار، مما قد يفضي إلى إصابتهم بالضعف الإدراكي، وإلى ظهور الأمراض، وتفشي الأوبئة في نهاية المطاف، وفق التقييم الأممي.

وفي عام 2021، أصاب التقزم في غزة أكثر من 10.3 في المئة من الأطفال دون سن الخامسة، في حين أصاب نقص الوزن والهزال 2.5 في المئة و2.4 في المئة من الأطفال على التوالي.

وبحلول 3 نوفمبر عام 2023، أفيد بأن مخزونات الأغذية تكفي لمدة تقل عن أسبوع، وأن المطحنة الوحيدة العاملة، لا تستطيع طحن القمح بسبب انقطاع الكهرباء.

ومن المتوقع أن يعود ارتفاع معدلات الفقر وانعدام الأمن الغذائي بتداعيات شديدة على الأسر التي أصبحت تعيلها نساء منذ عهد قريب. فمنذ اندلاع الحرب الحالية، انضّمت 1725 أسرة جديدة إلى الأسر التي تعيلها نساء في غزة، لمقتل الرجال الذين كانوا يعيلونها، بينما فقدت نتيجة 23181 أسرة تعيلها نساء منازلها، وفق التقييم.

ويشير إلى أن حالة هذه الأسر ستكون صعبة جدًا ًإذا كانت معيلة العائلة الجديدة عاطلة عن العمل، أو ما لم تكن قد شاركت في سوق العمل من قبل.

ومن المتوّقع أن تتفاقم تحت وطأة الأضرار التي تلحقها الحرب بالتعليم والصحة والخدمات الأساسية، وفي ظّل ترّّدي كفاءة برامج الحماية الاجتماعية القائمة، نتيجة لتدهور الحّّيز المالي المحدود أصلاً، مما يترك السكان المعرضين لمخاطر متزايدة دون دعم كاف لمواجهة تداعيات الحرب.

وتشير التقديرات إلى أّنه بحلول بداية الأسبوع الثالث من الحرب، أصبح جميع سكان غزة تقريبا يعيشون في فقر بنسبة 96 في المئة، وذلك استنادا إلى الدليل الوطني للفقر متعدد الأبعاد الذي يحسب أوجه الحرمان المتزامنة التي يعاني منها السكان في سبعة أبعاد للرفاه.

بعبارة أخرى، يعاني جميع الفلسطينيين المقيمين في القطاع تقريبا وعددهم 3.2 مليون نسمة، من الفقر متعدد الأبعاد، وهم في حاجة إلى الحد الأدنى من الدعم للبقاء على قيد الحياة.

ويحذّر التقييم من التدني الكبير في دليل التنمية البشرية، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لقياس الرفاه، الذي يقدر أن "التنمية ستتراجع في دولة فلسطين بما يتراوح بين 11 و16 سنة، وفي غزة بين 16 و19 سنة"، وفق حدّة النزاع.

وسيأتي ذلك بسبب تراجع مستويات التحصيل العلمي وانخفاض العمر المتوّقع، وتدني نصيب الفرد من الدخل، ونقص التغذية.

وقد تراجع دليل التنمية البشرية من 0.703، في عام 2013، إلى 0.698 في عام 2014، ومن 0.716، في عام 2020، إلى 0.715 في عام 2021، في أعقاب التصعيد العسكري في الفترة من يوليو إلى أغسطس عام 2014، والتصعيد العسكري، في مايو عام 2021، على التوالي.

وفي عام 2014، انخفض متوسط العمر المتوقع بمقدار 1.4 سنة. ويقول التقييم إنه نظرا إلى فداحة الحرب الحالية، التي أسفرت لغاية الآن عن أكثر من ثلاثة أضعاف عدد القتلى في أقل من نصف المدة الزمنية، وعن أضرار أكبر في البنى التحتية عموما، وفي ضوء تقديرات نموذج بكثير التوازن العام القابل للحوسبة بشأن انخفاض الناتج المحلي الإجمالي، من المتوقع أن تكون للحرب الحالية تداعيات جسيمة على دليل التنمية البشرية.

البطالة ترتفع والناتج ينخفض

وكانت البطالة في غزة في الأصل أعلى بثلاثة مرات ونصف (46 في المئة) مما كانت عليه في الضفة الغربية (13 في المئة). وسجلت المنطقتان اللتان أمرت السلطات الإسرائيلية بإخلاء المدنيين منهما، أي شمال غزة ومدينة غزة، 56.2 في المئة من إجمالي نسبة التشغيل في القطاع.

وتبلغ البطالة أعلى مستوياتها بين النساء 66.2 في المئة في غزة مقابل 29 في المئة في الضفة الغربية ونسبة الخريجين الشباب في غزة تبلغ 74 في المئة مقابل 29 في الضفة الغربية.

ويوّظف قطاع الخدمات أعلى نسبة من العاملين، تليه مباشرة الأنشطة التجارية والمطاعم والفنادق.

وعادة ما يكون التوظيف في الخدمات، مثل السياحة، شديد التأّثر بالصدمات. وأشار التقييم إلى أن "دولة فلسطين تعاني من ارتفاع معدل العمل في الاقتصاد غير النظامي أيضًا 53 المئة من جميع العاملين في عام 2022".

وأوضحت أن العاملين يفتقرون إلى الضمان الاجتماعي والمزايا وتقديمات الحماية الأخرى. ويعمل حوالي 14 في المئة من القوى العاملة الفلسطينية في إسرائيل أو في المستوطنات الإسرائيلية، ومن بينهم حوالي 20 ألف عامل من غزة، وفقا لمنظمة العمل الدولية.

وفي اليوم الأول من الحرب الحالية، ألغت السلطات الإسرائيلية تصاريح العمل لآلاف العمال الفلسطينيين في إسرائيل، فبقي العديد منهم عالقا في الضفة الغربية أو محتجزا في إسرائيل.

وتم إطلاق سراح العمال أو المحتجزين وإعادتهم إلى غزة في 3 نوفمبر، مع الإشارة إلى أن هؤلاء العمال يحققون دخًلا يقدر بثلاث مليارات دولار سنويا.

كما تخلق القيود التي تفرضها إسرائيل على التنقل داخل الضفة الغربية صعوبات لـ 67 ألف عامل فلسطيني لديهم وظائف في محافظات غير أماكن إقامتهم، مما يعرضهم لخطر فقدان وظائفهم.

وخلصت دراسات إلى أن تداعيات العنف والقيود على الحركة كبيرة على الأجور والتوظيف والناتج المحلي الإجمالي لدى الفلسطينيين، وفق التقييم.

فقدان أكثر من 60 بالمئة من فرص العمل في غزة

وتشير تقديرات تقرير جديد لمنظمة العمل الدولية إلى فقدان ما لا يقل عن 61 في المئة من فرص العمل، أي ما يعادل 182 ألف وظيفة، في قطاع غزة منذ بداية الحرب الحالية بين إسرائيل وحماس. وللوضع المأساوي في غزة أيضًا تأثير غير مباشر على الضفة الغربية، حيث تم فقدان ما يقدر بنحو 24 بالمئة من فرص العمل، أي ما يعادل 208,000 وظيفة، خلال الفترة نفسها.

ويترجم إجمالي فقدان الوظائف المقدر بـ 390,000 وظيفة في المنطقتين اللتين تشكلان الأرض الفلسطينية المحتلة إلى خسائر يومية في دخل العمل تبلغ 16 مليون دولار أمريكي. ومن المتوقع أن ترتفع هذه الأرقام إذا تم تكثيف العمليات العسكرية في غزة واستمرت الأزمة الإنسانية في القطاع.

وقالت د. ربا جرادات، المدير الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية: "إن تقييمنا الأولي لتداعيات الأزمة الحالية المأساوية على سوق العمل الفلسطيني قد أسفر عن نتائج فظيعة للغاية، والتي سوف تتفاقم إذا استمر الوضع الكارثي في التدهور في قطاع غزة ". وأضافت: "إن الأعمال العدائية المستمرة لا تمثل فقط أزمة إنسانية هائلة من حيث الخسائر في الأرواح والاحتياجات الإنسانية الأساسية، بل تمثل أيضًا أزمة اجتماعية واقتصادية تسببت في أضرار جسيمة للوظائف والشركات، وستكون تداعياتها ملموسة لسنوات عديدة قادمة."

ورددت د. جرادات دعوة مجلس إدارة منظمة العمل الدولية في دورته الحالية إلى السماح وتسهيل الوصول الفوري للمساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن ودون عوائق، بما يتوافق مع القانون الإنساني الدولي، من أجل إيصال المساعدات الإنسانية بشكل مستدام إلى المدنيين في جميع أنحاء غزة.

وأضافت المدير الإقليمي جرادات: "نعمل بلا كلل مع شركائنا من الحكومة والعمال وأصحاب العمل ووكالات الأمم المتحدة الأخرى والجهات الإنسانية الفاعلة لتقديم المساعدة الفورية للعمال والاعمال المتضررة. سندعمهم أيضًا على المدى الطويل من أجل استعادة الوظائف والمؤسسات وجمع معلومات حيوية عن سوق العمل، إلى جانب مبادرات الحماية الاجتماعية، وذلك إلى أقصى حد من امكانياتنا".

وتشير النشرة إلى أن أحياء بأكملها في غزة دمرت، وتضررت البنية التحتية بشدة، وأغلقت الشركات أبوابها، وحدث نزوح داخلي واسع النطاق، كما أدى نقص المياه والغذاء والوقود إلى إصابة النشاط الاقتصادي بالشلل.

وكان وضع سوق العمل في غزة سيئ للغاية حتى قبل النزاع الحالي، إذ يعاني سكان غزة منذ فترة طويلة من استمرار ارتفاع معدلات الفقر والهشاشة وأحد أعلى معدلات البطالة في العالم، والتي بلغت 46.4 في المائة في الربع الثاني من عام 2023.

ذات صلة

التقية المداراتيّةأثر التعداد السكاني على حقوق المواطنينبناء النظرية الدينية النقديةأهمية التعداد العام للسكان في داخل وخارج العراقالأيديولوجية الجندرية في عقيدة فرويد