دومينو الانهيار المصرفي يقلق العالم
وكالات
2023-03-20 06:10
طلب ائتلاف يضم بنوكا أميركية متوسطة الحجم من الهيئة الناظمة الفدرالية للمصارف ضمان جميع ودائع عملائهم لمدة عامين، حتى لمبالغ تفوق الحد البالغ 250 ألف دولار، لتفادي انتقال عدوى إفلاس بنك سيليكون فالي، على ما قالت وكالة بلومبرغ.
وقال "ائتلاف البنوك المتوسطة الحجم في أميركا" (MBCA) في رسالة إلى السلطات، وفق تقرير الوكالة، إن ذلك الإجراء من شأنه أن "يوقف على الفور هروب الودائع من بنوك أصغر حجما، ويؤدي إلى استقرار القطاع المصرفي ويقلل بشكل كبير من احتمالات انهيار مزيد من البنوك".
تسبب إفلاس مصرفي سيليكون بنك (SVB) وسيغنتشر بنك بأزمة ثقة في هذا القطاع.
وقام العديد من زبائن البنوك ذات الأحجام المماثلة بسحب أموالهم وإيداعها في مؤسسات أكبر مثل جي بي مورغان أو بنك أوف أميركا، والتي تعد أكبر من أن تتجاهل الحكومة إنقاذها في حال مواجهة انهيار.
هذا الأسبوع تدهورت القيمة السوقية لمصرف فيرست ريبابليك بنك، الذي يخدم العملاء ذوي الملاءة المالية العالية بشكل أساسي، بنسبة 80 بالمئة وسط مخاوف من عدوى الانهيار. ويحتل البنك المرتبة 14 بين أكبر البنوك الأميركية من حيث الأصول.
حاليا في الولايات المتحدة، تتم حماية الودائع من قبل الهيئة الناظمة للمصارف، المؤسسة الفدرالية لتأمين الودائع (FDIC)، حتى مبلغ 250 ألف دولار.
ونقلت بلومبرغ عن ائتلاف المصارف أنه "على الرغم من صحة وسلامة القطاع المصرفي بشكل عام، فقد تآكلت الثقة في جميع البنوك باستثناء أكبرها".
ودعا الائتلاف على وجه الخصوص مؤسسة التأمين FDIC ومجلس الاحتياطي الفدرالي ووزيرة الخزانة جانيت يلين للعمل على "استعادة الثقة على الفور".
وتقترح مجموعة البنوك تمويل هذا الإجراء بنفسها عن طريق زيادة مبلغ المساهمات التي تدفعها المصارف لمؤسسة FDIC.
تعهد 11 مصرفا أميركيا رئيسيا الخميس إيداع ما مجموعه 30 مليار دولار في حسابات فيرست ريبابليك.
وتأمل مصارف بنك أوف أميركا وسيتي غروب وجيه بي مورغان تشيس وثماني مؤسسات أخرى في إظهار ثقتها في النظام المصرفي للبلاد، وفقا لبيان مشترك.
قلق المستثمرين يتواصل
وساهم تمويل تلقاه بنك فيرست ريبابلك الأمريكي وبلغت قيمته 30 مليار دولار في تهدئة مخاوف السوق من انهيار مصرفي وشيك، لكن تراجع سهم البنك المتعثر أظهر أن المستثمرين ما زالوا قلقين بشأن اضطرابات القطاع.
وضخت بنوك أمريكية كبيرة التمويل في بنك فيرست ريبابلك ومقره سان فرانسيسكو بعدما هرعت البنوك لإنقاذ المصرف المتعثر الذي صار أحدث المتضررين في أزمة مصرفية آخذة في الاتساع إثر انهيار اثنين من المصارف الأمريكية متوسطة الحجم خلال الأسبوع الماضي.
ووفقا لمصدر مطلع فقد جرت عملية الإنقاذ بتنسيق من كبار المسؤولين بما في ذلك وزيرة الخزانة جانيت يلين ورئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) جيروم باول والرئيس التنفيذي لجيه.بي مورجان تشيس جيمي ديمون، الذين ناقشوا الحزمة هذا الأسبوع.
وجاءت الحزمة بعد أقل من يوم من حصول كريدي سويس على قرض طارئ من البنك المركزي السويسري يصل إلى 54 مليار دولار لتعزيز السيولة.
وساعد هذا الدعم في إعادة الهدوء للأسواق العالمية يومي الخميس والجمعة بعد أسبوع محتدم لأسهم البنوك.
وأغلق سهم فيرست ريبابلك على ارتفاع بعشرة في المئة على خلفية أنباء الإنقاذ، إلا أنه تراجع 17 بالمئة في تداولات ما بعد إغلاق السوق بعد أن قال البنك إنه سيعلق توزيعات الأرباح وأحجم عن الكشف عن مركزه النقدي ومقدار السيولة الطارئة التي يحتاجها.
ويرى المحللون أن السلطات تبدو حريصة على التعامل بسرعة مع المخاطر النظامية، لكنهم قلقون من أن احتمال حدوث أزمة في القطاع المصرفي لا يزال قائما.
ووفقا لبيان فإن عددا من أكبر المصارف الأمريكية شارك في عملية الإنقاذ، من بينها جيه.بي مورجان تشيس آند كو وسيتي جروب وبنك أوف أمريكا وويلز فارجو آند كو وجولدمان ساكس ومورجان ستانلي.
ورغم أن الدعم حال دون حدوث انهيار وشيك، فقد شعر المستثمرون بالصدمة إزاء الإفصاحات المتأخرة عن المركز النقدي لفيرست ريبابلك.
وأظهرت بيانات أن البنوك في الولايات المتحدة سعت للحصول على كميات قياسية من السيولة الطارئة من الاحتياطي الاتحادي في الأيام الأخيرة.
ولا تزال هناك مخاوف قائمة على نطاق أوسع من انتشار العدوى.
البنوك طلبت سيولة غير مسبوقة
وأظهرت بيانات من مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) أن البنوك سعت للحصول على سيولة طارئة بمبالغ قياسية خلال الأيام القليلة الماضية في أعقاب انهيار بنكي سيليكون فالي وسيجنتشر، مما أدى بدوره لتبديد جهود بذلها البنك المركزي على مدار أشهر لتقليص حجم ميزانيته.
وحصلت البنوك على 152.9 مليار دولار، وهو مبلغ مرتفع غير مسبوق، من نافذة الخصم لدى البنك المركزي الأمريكي، وهي تسهيل تقليدي يعمل كملاذ أخير. كما حصلت على قروض بقيمة 11.9 مليار دولار من برنامج الإقراض البنكي لأجل الذي استحدثه المركزي الأمريكي في الآونة الأخيرة. وتجاوز الاقتراض من نافذة الخصم الرقم القياسي السابق البالغ 112 مليار دولار في خريف عام 2008، خلال المرحلة الأسوأ من الأزمة المالية.
ومع أن مبالغ الاقتراض تعد كبيرة، شعر بعض المحللين بالارتياح إزاءها وقالوا إن الأمر يقلص المخاوف من تفاقم الأحداث التي شهدتها الأيام الماضية إلى مستوى يمكن أن يؤدي إلى انهيار الاقتصاد بأكمله.
وقال توماس سيمونز، خبير اقتصاد سوق المال لدى بنك جيفريز الاستثماري "الأرقام، كما نراها هنا، أكثر اتساقا مع فكرة أن هذه مجرد مشكلة فردية لدى عدد قليل من البنوك".
وأضاف أن جهود الدعم التي تبذلها الحكومة تبدو ناجعة، كما أن حجم المبالغ التي كشف عنها مجلس الاحتياطي الاتحادي الخميس تشير إلى "أنها ليست مشكلة ضخمة على مستوى النظام".
وأدت زيادة الإقراض الطارئ إلى توقف انكماش ميزانية مجلس الاحتياطي الاتحادي، بل والنمو بشكل ملحوظ.
فبعد أن بلغت ذروة قرب تسعة تريليونات دولار في الصيف الماضي قبل أن يبدأ البنك المركزي اتخاذ إجراءات لتقليل حيازاته من سندات الخزانة والسندات المدعومة بالرهن العقاري، انخفض إجمالي الحيازات إلى 8.39 تريليون دولار في الثامن من مارس آذار، قبل أن يرتفع إلى نحو 8.7 تريليون دولار يوم الأربعاء، وهو الأعلى منذ نوفمبر تشرين الثاني.
القطاع المصرفي يتراجع
رغم تدابير الدعم التي تعهدت بها السلطات السويسرية والأميركية، سجّل القطاع المصرفي في البورصات خسائر مجددا الجمعة، بعد الانتعاش التي حققته أسواق الأسهم في وقت سابق من اليوم.
وكما كانت الحال طوال هذا الأسبوع، تمحورت المخاوف خصوصا حول كريدي سويس في أوروبا الذي انخفض سهمه نحو 10 في المئة وفيرست ريبابليك في الولايات المتحدة التي خسر سهمه 20 في المئة.
وخسر مؤشر المصارف الأوروبية 2 في المئة لتصبح خسائره الإجمالية 11 في المئة خلال الأسبوع.
وأثر هذا الاتجاه على المؤشرات الأوروبية التي افتتحت مع ذلك على ارتفاع. قرابة الساعة 14,00 بتوقيت غرينتش، انخفضت بورصات باريس بنسبة 1,11% وفرانكفورت 1,04% وميلانو 1,33% ولندن 0,67%.
كما انخفضت وول ستريت بنسبة 0,48% على مؤشر داو جونز و0,14% على مؤشر إس اند بي رغم تحقيق مؤشر ناسداك ارتفاعا بنسبة 0,30%.
وفي السياق، أعلنت "إي في بي فاينانشل"، الشركة الأم لمصرف "سيليكون فالي بنك" أنها أشهرت إفلاسها.
وكان الارتياح ساد لفترة وجيزة الأسواق الآسيوية الجمعة غداة انفراج بورصات وول ستريت والبورصات الأوروبية، فعاودت الارتفاع على وقع التدابير المتخذة دعما لمصرف كريدي سويس والمصارف الأميركية والرسالة المطمئنة الصادرة عن البنك المركزي الأوروبي.
وتعهدت 11 من كبرى المصارف الأميركية مساعدة مصرف فيرست ريبابليك، الرابع عشر بين مصارف الولايات المتحدة من حيث حجم الأصول، لإخراجه من وضع صعب بعد انهيار بنك سيليكون فالي وسيغنتشر بنك وسيلفرغايت، لا سيما أن زبائنه من الاثرياء بشكل أساسي.
وأتاح هذا التحرك تقليص انهيار المصرف الكاليفورني من أكثر من 30% إلى حوالى 10%، ولقي ترحيبا من السلطات الأميركية ووزارة الاقتصاد والاحتياطي الفدرالي وهيئتين ضابطتين للقطاع المالي.
وأوضح الاحتياطي الفدرالي أنه أقرض حوالى 12 مليار دولار للمصارف منذ الأحد من خلال برنامج جديد يسمح لهذه البنوك بتفادي مشكلات السيولة والاستجابة لطلبات عملائها سحب ودائعهم.
أما القروض الاعتيادية لآجال قصيرة جدا، فسجلت ارتفاعا كبيرا خلال أسبوع من حوالى خمسة مليارات دولار إلى 152 مليار دولار.
كما أقرض الاحتياطي الفدرالي 164,8 مليار دولار إلى الكيانين اللذين أنشأتهما الهيئات الضابطة لخلافة سيليكون فالي بنك وسيغنتشر بنك.
لكن ذلك لم يكن كافيا لتهدئة المستثمرين. خلال أسبوع، انخفض سهم فيرست ريبابليك 66% وكريدي سويس 25%.
وقالت ماريس أوغ من مكتب تاور بريدج أدفايزرز للخدمات المالية إن وول ستريت "تأمل أن الأسوأ بات خلفنا" مضيفة "إذا سحبتم فرضيات إفلاس فيرست ريبابليك وكريدي سويس، فهذا يطمئن الناس".
وأوضحت "لا أعتقد أننا سنكرر 2008 لأن المشكلة لا تأتي من محفظات الاعتمادات بل من أن (الاحتياطي الفدرالي) رفع معدلات فائدته من صفر إلى 4,50% خلال تسعة أشهر.
وكانت البورصات الأوروبية عاودت الارتفاع الخميس بعد رسالة الثقة التي وجهها البنك المركزي الأوروبي إلى القطاع المصرفي.
ورفع البنك الذي يتخذ مقرا في فرانكفورت معدل فائدته الرئيسية نصف نقطة مؤكدا استعداده للتدخل عند الحاجة من أجل "الحفاظ على الاستقرار المالي" في منطقة اليورو.
وتمت السيطرة على بؤرة مخاطر أخرى الأربعاء مع تعهد البنك المركزي السويسري إقراض ما يصل إلى 50 مليار فرنك سويسري من السيولة لمصرف كريدي سويس الذي كان يواجه وضعا خطيرا مع انتقال عدوى المصارف الأميركية.
اقبال على الملاذات الآمنة من العملات
وسط مخاوف من حدوث أزمة مصرفية عالمية، شهدت العملات التي تعد ملاذات آمنة مثل الدولار والين، إقبالا، وذلك بعد انتقال تأثير انهيار بنك "سيليكون فالي" بالولايات المتحدة عبر المحيط الأطلسي إلى بنك "كريدي سويس" بسويسرا.
ففي أحدث ضربة لثقة المستثمرين في القطاع المالي، هوت أسهم "كريدي سويس" بما يصل إلى 30%، بعدما قال أكبر مساهم في البنك إنه لا يمكنه تقديم المزيد من الدعم إليه.
ودفع تراجع أسهم المقرض المتعثر البنك الوطني السويسري (البنك المركزي) إلى مده بإنقاذ مالي، في خطوة غير مسبوقة. وأعلن بنك "كريدي سويس" في بداية التعاملات الآسيوية أنه سيقترض ما يصل إلى 50 مليار فرنك سويسري (54 مليار دولار) من البنك المركزي.
وأقبل المتعاملون على العملات التي تمثل ملاذات آمنة تقليدية، ما أدى إلى دعم الدولار والين، وسط مخاوف متزايدة من أن الضغوط التي بدأت تتكشف بين البنوك في الولايات المتحدة وأوروبا قد تكون نذيرا لأزمة واسعة النطاق.
وقفز الين نحو 0.5% في التعاملات الآسيوية المبكرة، وسجل في أحدث تداول 132.73 مقابل الدولار، بعد تحقيق مكاسب الأربعاء بلغت 0.6%.
ومقابل الفرنك السويسري، خسر الدولار بعضا من الارتفاع الذي سجله في الجلسة السابقة وبلغ 2.15%، وهو أكبر مكسب يومي منذ عام 2015، لكنه أبقى الفرنك السويسري قريبا من أدنى مستوى في أسبوع.
وقالت كارول كونغ محللة العملات في بنك الكومنولث الأسترالي: "لدينا بعض الاضطرابات الجديدة في القطاع المصرفي الأوروبي، ولا تزال الأمور شديدة التقلب في الوقت الحالي".
وأضافت: "نظرا للضبابية الشديدة والمخاوف إزاء عدوى مالية أوسع نطاقا، سيكون الدولار والين المستفيدين الرئيسيين بسبب الطلب على الملاذات الآمنة".
وعوض اليورو بعض خسائره في التعاملات الآسيوية المبكرة، إذ ارتفع في أحدث تعاملات 0.04% إلى 1.0582 دولار، بعد أن تراجع 1.4% في الجلسة السابقة.
كما زاد الجنيه الإسترليني 0.18% إلى 1.20775 دولار، بعد أن هبط نحو 0.9% أمس الأربعاء.
وتراجع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل مجموعة من العملات، 0.07% إلى 104.58 بعد أن قفز نحو واحد% في الجلسة السابقة.
وبنك "كريدي سويس"، الذي يكافح للتعافي من سلسلة من الفضائح التي قوضت ثقة المستثمرين والعملاء، هو أحدث ضحية لأزمة الثقة بعد انهيار بنك "سيليكون فالي" الأمريكي الأسبوع الماضي.
وأدى إغلاق سيليكون فالي، الذي تلاه انهيار بنك سيغنتشر بعد يومين، إلى إسراع الرئيس الأمريكي جو بايدن لتأكيد أن النظام المالي آمن، ودفع إلى اتخاذ إجراءات طارئة في الولايات المتحدة لإتاحة مزيد من التمويل للبنوك.
ولكن لا يزال المستثمرون يشعرون بقلق بالغ، بينما ينتظرون مزيدا من الوضوح حول مدى انتشار التداعيات.
ويتحول التركيز أيضا إلى الطريقة التي ستتحرك بها البنوك المركزية بالنسبة لرفع أسعار الفائدة في المستقبل، إذ أصبح صانعو السياسة في مأزق فيما يتعلق بالمدى الممكن لرفع الأسعار لكبح التضخم دون التسبب في هزة بالقطاع المالي.
الاستحواذ على كريدي سويس
من جهتها ذكرت صحيفة فايننشال تايمز أن مجموعة يو.بي.إس، عملاق الخدمات المصرفية، تجري محادثات للاستحواذ على بنك كريدي سويس بالكامل أو جزئيا، ومن المتوقع أن يجتمع مجلسا إدارة أكبر بنكين في سويسرا كل على حدة مطلع هذا الأسبوع.
ونقل التقرير عن مصادر مطلعة أن البنك الوطني السويسري (المركزي) وهيئة الإشراف على الأسواق المالية في سويسرا ينظمان المحادثات في محاولة لاستعادة الثقة في القطاع المصرفي بالبلاد.
وأضاف التقرير أن جهات تنظيمية سويسرية أبلغت نظيراتها في الولايات المتحدة وبريطانيا مساء الجمعة بأن اندماج البنكين هو "الخطة أ" بالنسبة لها لاستعادة الثقة في بنك كريدي سويس.
وقال التقرير إن تركيز البنك المركزي السويسري ينصب على الاتفاق على حل مباشر قبل فتح الأسواق يوم الاثنين، مضيفا أنه لا يوجد ضمان بالتوصل إلى اتفاق.
وامتنع بنكا كريدي سويس ويو.بي.إس عن التعليق على التقرير. ولم يرد البنك الوطني السويسري والهيئة حتى الآن على طلب رويترز التعقيب.
كانت بلومبرج قد ذكرت أن مجموعة يو.بي.إس وكريدي سويس يعارضان الاندماج الإجباري، إذ يفضل يو.بي.إس التركيز على استراتيجيته الخاصة التي تركز على إدارة الثروات ويحجم عن تحمل المخاطر المتعلقة بمنافسه الأصغر.
كريدي سويس هو أكبر بنك يقع ضحية اضطرابات السوق في أعقاب انهيار المصرفين الأمريكيين سيليكون فالي وسيجنتشر بنيويورك، مما أجبر البنك السويسري على اقتراض ما يصل إلى 54 مليار دولار من البنك المركزي السويسري لدعم السيولة.
دور جولدمان ساكس في انهيار سيليكون فالي
قال مكتب النائب الأمريكي آدم شيف إن مجموعة من المشرعين الديمقراطيين وجهوا رسالة إلى الجهات التنظيمية ووزارة العدل يطلبون فيها التحقيق في دور مجموعة جولدمان ساكس في انهيار بنك سيليكون فالي.
ووجه شيف و19 عضوا من ممثلي كاليفورنيا في الكونجرس الرسالة إلى ميريك جارلاند وزير العدل الأمريكي، وجاري جينسلر رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات، ومارتن جروينبيرج رئيس المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع.
وجاء في الرسالة "نرغب في إثارة مخاوفنا بشأن دور مجموعة جولدمان ساكس في تقديم المشورة لبنك سيليكون فالي وفي شراء محفظة السندات الخاصة به".
وأغلق المنظمون في كاليفورنيا بنك سيليكون فالي الماضي وأعلنوا أن المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع استلمته. وكان هذا أكبر انهيار منذ إفلاس واشنطن ميوتشوال خلال الأزمة المالية عام 2008.
وقال مصدر لرويترز هذا الأسبوع إن مدعين أمريكيين يحققون في انهيار بنك سيليكون فالي.
ولم يرد بنك جولدمان ساكس بعد على طلب للتعليق على رسالة المشرعين.
وقال المشرعون في الرسالة إن بنك سيليكون فالي كشف عن دور جولدمان ساكس كمستحوذ على محفظة السندات الخاصة به يوم الثلاثاء 14 مارس، وهو اليوم الأخير من نافذة لأربعة أيام عمل تتيحها هيئة الأوراق المالية والبورصات لمثل هذه الإفصاحات.
وأضافت الرسالة "نظرا لأنه كان من شأن بنك جولدمان ساكس أن يستفيد من انهيار سيليكون فالي، فإننا نحثكم بشدة على تحليل دور بنك جولدمان ساكس كمستشار لبنك سيليكون فالي".
وخسرت الأسهم المالية مليارات الدولارات من قيمتها منذ انهيار بنكي سيليكون فالي وسيجنتشر الأسبوع الماضي.
وضع البنوك الأوروبية
بدوره أعلن حاكم البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيلوروا دي غالو أنّ "المصارف الفرنسية والأوروبية قوية للغاية"، وذلك غداة رفع البنك المركزي الأوروبي معدل الفائدة في ظلّ الاضطرابات التي يشهدها النظام المصرفي.
وقال عبر إذاعة "بي اف ام بيزنس" إنّ "المصارف الأوروبية ليست في وضع بعض المصارف الأميركية لسبب بسيط للغاية وهو أنّها لا تخضع للقواعد ذاتها"، في إشارة إلى انهيار بعض المصارف الإقليمية مؤخراً في الولايات المتحدة، ما أحدث اضطرابات في الأسواق.
وفي السياق، سلّط الحاكم الضوء على معايير "بازل 3" التي تمّ وضعها بعد الأزمة المالية في العام 2008، والتي "انتُقدت في بعض الأحيان" لكنّها أثبتت "فعالية" قواعدها "على سيولة (المصارف) وأصولها الصافية".
وأوضح أنّ 400 مجموعة مصرفية أوروبية تخضع لهذه المعايير في مقابل 13 في الولايات المتحدة، هي من كبرى المؤسسات في البلاد.
كذلك، أشار فيلوروا دي غالو إلى قرار "اتُخذ خلال إدارة (الرئيس الأميركي السابق دونالد) ترامب في العام 2019... قضى بإعفاء المصارف المتوسّطة والصغيرة من قواعد بازل 3"، لافتاً إلى أنّ المصارف الإقليمية التي انهارت الأسبوع الماضي في الولايات المتحدة تعدّ من بينها.
وأدّت حالات الإفلاس هذه إلى تراجع أسواق الأسهم، التي تعافت في بداية الأسبوع قبل أن تتراجع مرة أخرى مع مخاوف بشأن استقرار بنك كريدي سويس. وحاول ثاني أكبر مصرف سويسري طمأنة الأسواق في منتصف الأسبوع معلنا اقتراض 50 مليار فرنك سويسري (50,6 مليار يورو) من البنك المركزي للبلاد لإعادة هيكلته.
وفي هذا الإطار، أشار فيلوروا دو غالو إلى أنّ "كريدي سويس" يعدّ "حالة خاصة معروفة منذ عدّة سنوات".
وأضاف "إنه مصرف يعاني في الوقت ذاته من صعوبات في نموذج العمل... وإخفاقات في نظام الرقابة الداخلية"، مشجّعاً المؤسسة على "القيام بكلّ ما يلزم" للتعافي.
لم تمنع هذه الأزمة البنك المركزي الأوروبي من الاستمرار في مكافحة التضخّم عبر رفع معدّلات الفائدة 0,5 نقطة مئوية الخميس كما كان مخطّطاً له.
وقال حاكم البنك المركزي الفرنسي "أؤكد أولوية مكافحة التضخّم". وأضاف "أظن أنّنا أرسلنا إشارة ثقة قوية ومضاعَفة، إنها ثقة في استراتيجيتنا لمكافحة التضخّم وثقة في صلابة المصارف الأوروبية والفرنسية".