هل يخنق الروبل الروسي امدادات الغاز الى اوربا؟
وكالات
2022-03-30 06:04
نقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزارة الخارجية تحذيرها من حالات إفلاس عالمية إذا رفضت الدول دفع ثمن صادرات الغاز الروسية بالروبل.
وقالت الوزارة أيضا إن خروج روسيا من منظمة التجارة العالمية سيكون له تداعيات سلبية.
وذكر الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمر شركة جازبروم بقبول الدفع بالروبل مقابل صادراتها من الغاز الطبيعي إلى أوروبا، وأن أمام شركة الغاز العملاقة أربعة أيام لتحديد كيفية القيام بذلك.
وقال المشرع الروسي إيفان أبراموف إن رفض مجموعة السبع دفع ثمن الغاز الروسي بالروبل سيؤدي إلى توقف الإمدادات بدون شك، حسبما ذكرت وكالة الإعلام الروسية.
وقالت ألمانيا إن وزراء الطاقة في مجموعة الدول الصناعية السبع يرفضون مطالب الرئيس فلاديمير بوتين بأن تدفع الدول "غير الصديقة" ثمن الغاز الروسي بالروبل.
وأبراموف عضو في لجنة السياسات الاقتصادية لمجلس الاتحاد الغرفة العليا بالبرلمان الروسي.
وقال الكرملين إن روسيا تسعى للتوصل إلى وسائل وسبل تقبل من خلالها قيمة صادراتها من الغاز بعملتها المحلية، وإنها ستتخذ قراراتها في اللحظة المناسبة في حالة امتناع الدول الأوروبية عن الدفع بالروبل.
وخلال اجتماع لزعماء الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة الماضي لم تظهر أرضية مشتركة أو موقف موحد تجاه المطالب التي أعلنت عنها روسيا في الأسبوع الماضي بأن تدفع الدول "غير الصديقة" ثمن الغاز بالروبل وليس باليورو بعد اتفاق الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين على مجموعة من العقوبات على روسيا.
وزادت المخاوف حول أمن الإمدادات بعد المطلب الروسي، في وقت تسارع فيه الشركات ودول الاتحاد الأوروبي لفهم تداعياته.
ويتعين على البنك المركزي الروسي والحكومة وشركة جازبروم التي تمثل إمداداتها 40 بالمئة من واردات الغاز الأوروبية تقديم مقترحاتها بخصوص مدفوعات الغاز بالروبل إلى الرئيس فلاديمير بوتين بحلول يوم الخميس 31 مارس آذار.
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين في مؤتمر صحفي عبر الهاتف "لن نقدم الغاز بالمجان.. هذا شيء واضح.. في وضعنا الراهن، من غير الممكن ولا المناسب أن نقوم بأعمال خيرية (مع العملاء الأوروبيين)".
ونصح وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر في مقابلة مع محطة فيلت الشركات الألمانية التي تقدم خدمات الطاقة بعدم دفع ثمن الغاز الروسي بالروبل.
قال كبير المستشارين الاقتصاديين للحكومة الإيطالية في الأسبوع الماضي إن إيطاليا سوف تظل تدفع الثمن باليورو لروسيا.
وقال كلاوديو ديسكالزي الرئيس التنفيذي لمجموعة الطاقة الإيطالية "إيني" في منتدى للطاقة بالإمارات اليوم "القضية الكبيرة الوحيدة في أوروبا هي الغاز، وروسيا تطلب منا الدفع بالروبل وهو ما لسنا نملكه وغير وارد في العقد".
وقالت شركة بي. جي. نيج البولندية التي أبرمت عقدا مع جازبروم حتى نهاية العام إنها لا تستطيع ببساطة التحول لنظام الدفع بالروبل.
ويضع الاتحاد الأوروبي هدفا يتمثل في خفض اعتماده على الغاز الروسي بمقدار الثلثين هذا العام ووقف واردات الوقود الأحفوري الروسي بحلول 2027.
وقالت الولايات المتحدة إنها ستعمل على توريد 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي هذا العام.
وتعمل منشآت الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة بكامل طاقتها، ويقول محللون إن معظم أي غاز أمريكي إضافي يتم إرساله إلى أوروبا سيتم اقتطاعه من صادرات كانت في طريقها لمناطق أخرى.
وقُدرت صادرات الغاز الروسي للاتحاد الأوروبي بحوالي 155 مليار متر مكعب العام الماضي.
حرب اقتصادية على أكبر قوة نووية
الرئيس فلاديمير بوتين أمر شركة جازبروم، عملاق الطاقة الروسي، بقبول مدفوعات صادراتها من الغاز الطبيعي إلى أوروبا بالروبل وإنه يجب عليها تحديد كيفية تحويل المبيعات التي تقدر بمليارات الدولارات إلى الروبل في غضون الأيام الأربعة المقبلة.
وعقب فرض الغرب عقوبات على روسيا على خلفية الصراع في أوكرانيا، أعلن بوتين أول رد فعل ضمن مجموعة من ردود الأفعال على ما وصفه الكرملين بإعلان حرب اقتصادية على أكبر قوة نووية في العالم.
وقال بوتين إن روسيا، التي تمد أوروبا بأربعين بالمئة من احتياجاتها من الغاز، تتوقع أن تحصل على مقابل بيعها للغاز الطبيعي بالروبل، في واحدة من أقوى التحولات في سياسات الطاقة الروسية منذ قيام السوفييت بمد خطوط أنابيب لنقل الغاز من سيبيريا إلى أوروبا في بداية السبعينات.
وسيمثل ذلك أيضا مشكلة محتملة لجازبروم، أكبر شركة للغاز الطبيعي في العالم من حيث الاحتياطيات.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين "هناك تعليمات أصدرها رئيس الاتحاد الروسي لجازبروم بقبول المدفوعات بالروبل".
وأضاف بيسكوف أن جازبروم، وهي شركة تحظى بنفوذ كبير داخل روسيا لدرجة أنها تعتبر "دولة داخل دولة"، يتبقى أمامها أربعة أيام لتدبير نظام للدفع بالروبل.
وقال بيسكوف "سيتم إبلاغ مشتري منتجات جازبروم بهذه المعلومات".
وفي الوقت الذي تتنازع فيه دول الاتحاد الأوروبي فيما بينها على فرض مجموعة إضافية من العقوبات على روسيا هذا الأسبوع، قال بوتين إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تخلفا عن الوفاء بالتزاماتهما ونسفوا الثقة في الأصول المقومة بالدولار واليورو من خلال قيامهما بتجميد احتياطيات روسيا في الخارج.
وقال بوتين "قطعا ليس هناك أي معنى لإمداد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بالبضائع مقابل الدولارات واليورو والعملات الأخرى".
وقال إن روسيا "ستبدأ" بالغاز. وأضاف بوتين أن المدفوعات ستتحول إلى الروبل في أقصر وقت ممكن.
ولا تزال الآلية، التي سيتم بموجبها دفع صادرات الغاز الروسية التي تصل قيمتها إلى 880 مليون دولار في اليوم، غير واضحة. وتمثل المدفوعات باليورو 58 بالمئة من صادرات جازبروم بينما تشكل المدفوعات بالدولار 39 بالمئة في حين تمثل المدفوعات بالجنيه الاسترليني نحو ثلاثة بالمئة.
وتمثل الخطوة التي اتخذها بوتين ثورة في سوق الغاز، ذلك أن الاتحاد السوفيتي الشيوعي نفسه قبل دفع قيمة صادراته من الطاقة بالعملات الأجنبية. ولم يتضح على الفور ما إذا كان التحول إلى الدفع باليورو سيمثل انتهاكا للتعاقدات.
وقالت كثير من الشركات المستوردة إن العقود طويلة الأجل مع جازبروم تنص على أن يتم الدفع باليورو أو بالدولار الأمريكي وليس بالروبل الروسي.
الدفع بالروبل خرق للعقود
قال زعماء من بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إن مطالبة موسكو بأن تستخدم الدول "غير الصديقة" الروبل لشراء النفط والغاز الروسيين قد يشكل خرقا لعقود التوريد.
وقالت ألمانيا وإيطاليا إن هذه الخطوة قد تشكل انتهاكا لعقود إمدادات الطاقة. وقال المستشار الألماني أولاف شولتس إن العقود تتضمن بنودا محددة بشأن العملة التي يتعين على الشركات الألمانية استخدامها مقابل الوقود الأحفوري الروسي.
وقال شولتس لدى وصوله إلى قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل "هناك عقود ثابتة، والعملة التي سيتم استخدامها للدفع مقابل الواردات جزء من هذه العقود...وفي معظم الحالات تنص على استخدام اليورو أو الدولار".
ودعم هذا الموقف رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي. وقال "هذا في الأساس خرق للعقد، من المهم أن نفهم ذلك".
واتفقت معهما رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وقالت إن هذه الخطوة ليست سوى محاولة من روسيا للالتفاف على عقوبات الاتحاد الأوروبي.
وأضافت "لن نسمح بالالتفاف على عقوباتنا. لقد ولى العهد الذي يمكن فيه استخدام الطاقة لابتزازنا".
واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن مطالبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدفع ثمن شحنات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي بالروبل وليس بالدولار أو اليورو، "غير ممكن" و"لا تنص عليه العقود".
وقال إن الطلب الروسي "لا يتماشى مع ما تم التوقيع عليه، ولا أرى سببا لنطبقه".
وأضاف "نواصل عملنا التحليلي"، لكن "جميع النصوص الموقعة واضحة: هذا محظور. لذا يتعين على الفاعلين الأوروبيين الذين يشترون الغاز ويتواجدون على الأراضي الأوروبية أن يدفعوا باليورو".
وشدد إيمانويل ماكرون على أنه "من غير الممكن القيام بما هو مطلوب، وهو أمر لا تنص عليه العقود".
واعتبر الرئيس الفرنسي أن موسكو تسعى بهذا المطلب إلى إنشاء "آلية التفاف" على العقوبات الاقتصادية والمالية التي فرضها الأوروبيون في أعقاب غزو أوكرانيا.
من جانبها، أعربت ألمانيا المعنية بشراء الغاز الروسي عن استنكارها "خرق العقد" من جانب بوتين الذي أمهل حكومته أسبوعا لوضع نظام الدفع الجديد بالروبل.
وتعتمد ألمانيا بشكل كبير على الغاز الروسي الذي يمثل حوالي 55 بالمئة من إجمالي وارداتها الغازية.
ورغم غزو أوكرانيا، يستمر الغاز الروسي في التدفق إلى الاتحاد الأوروبي الذي يرفض فرض حظر عليه. لكن الدول الأوروبية تعهدت الإسراع في خفض اعتمادها على الغاز الروسي.
وقال الرئيس الفرنسي "نحن مشتر كبير جدا للغاز الروسي وما نعتبره نقطة ضعف بالنسبة لنا هو أيضا نقطة ضعف لروسيا التي لا تستطيع تغيير هيكلية خطوط أنابيبها بين ليلة وضحاها".
استراتيجية لأمن الطاقة
قال كلاوديو ديسكالزي الرئيس التنفيذي لشركة إيني الإيطالية للطاقة إن أوروبا لم تفكر قط في استراتيجية لأمنها للطاقة، مضيفا أن استبدال الطاقة الروسية ليس مهمة سهلة.
ويريد الاتحاد الأوروبي من دوله الأعضاء شراء المزيد من الغاز من دول غير روسيا لتقليل الاعتماد على الإمدادات الروسية التي تواجه خطر الانقطاع بسبب غزو أوكرانيا. ويعتمد الاتحاد المؤلف من 27 دولة على روسيا في 40 بالمئة من حاجاته من الغاز.
وأبلغ ديسكالزي منتدى للطاقة في الإمارات العربية المتحدة "أوروبا صندوق فارغ فيما يتعلق بالطاقة... ليس لدينا استراتيجيتنا الخاصة للطاقة ولم نفكر قط في استراتيجية لأمن الطاقة."
وقال إن إمدادات الغاز تمثل مشكلة كبيرة لأوروبا، مشيرا إلى أن روسيا تطلب من إيني الدفع بالروبل مقابل الغاز وهو أمر غير وارد في العقود القائمة.
وقال ديسكالزي "من الصعب الموافقة على هذا لأننا ليس لدينا هذا النوع من العملة."
وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك إن وزراء مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى ترفض مطلب الرئيس فلاديمير بوتين للدفع بالروبل مقابل الغاز الروسي.
وأبلغ هابيك الصحفيين بعد اجتماع افتراضي لوزراء الطاقة في مجموعة السبع "كل وزراء مجموعة السبع اتفقوا على أن ذلك هو خرق أحادي الجانب وواضح للعقود القائمة."
وأضاف أن الوزراء "أكدوا مجددا أن العقود المبرمة سارية وأن الشركات ينبغي ويجب أن تحترمها... الدفع بالروبل غير مقبول وندعو الشركات المعنية لعدم الانصياع لمطلب بوتين."
"محاولة بوتين لتقسيمنا واضحة، لكن- كما يمكنكم أن تروا من هذه الوحدة والتصميم الكبيرين- فإننا لن يجري تقسيمنا."