مركز الفرات يناقش تطوير القطاع المصرفي في العراق، كربلاء أنموذجا
انتصار السعداوي
2015-04-26 03:07
عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية بالتعاون مع اللجنة الاقتصادية في مجلس محافظة كربلاء المقدسة حلقة نقاشية متخصصة بعنوان: (تطوير القطاع المصرفي في العراق كربلاء أنموذجا) على قاعة مجلس المحافظة يوم الخميس المصادف 24/4/2015 والتي ابتدأت من العاشرة صباحاً، وحتى السعة الثانية بعد الظهر..
افتتحت الحلقة النقاشية بكلمة لمركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية القاها مدير المركز الدكتور خالد عليوي العرداوي ركز فيها على أهمية التعاون بين المراكز البحثية والمؤسسات الحكومية وعلى الدور الفاعل الذي تلعبه مراكز الأبحاث والدراسات في توفير الحلول، والمعالجات، والرؤى الصائبة لصانع القرار في تخطى الصعاب وتجاوزها في المؤسسات الحكومية كما شكر العرداوي مجلس المحافظة واللجنة الاقتصادية التابعة له على تبنيهما التعاون مع المركز، بعد انتهاء كلمة مدير المركز سلمت إدارة الحلقة النقاشية للدكتور هاشم مرزوك الشمري التدريسي في كلية الإدارة والاقتصاد، جامعة كربلاء، وقدم مدير الحلقة باحثين مهمين في الشأن الاقتصادي هما: الدكتور احمد ابريهي علي نائب محافظ البنك المركزي سابقا، والدكتور عبد الله البندر مستشار هيئة الاستثمار الوطنية.
تحديات القطاع المصرفي في العراق
ابتدأ الدكتور احمد بريهي ورقته البحثية التي كانت تحت عنوان:" تحديات القطاع المصرفي في العراق " تناول فيها اهم المشاكل المالية والاقتصادية في العراق ومن خلالها اوضح ان الاقتصاد العراقي بشكل عام يعاني من مشكلات معروفة للجميع، وفي هذا العام بالذات يعاني من أزمة مالية وليس أزمة سيولة نقدية، وقد أوضح للحضور الفرق بين الأزمة المالية والأزمة في السيولة. وبين ان المشكلة هي في عدم كفاية الإيرادات وتعني مشكلة في المالية العامة وأكد ان الاقتصاد العراقي يعاني من عجز مالي وليس في السيولة. وهذا العجز كان سببه الانخفاض الكبير في أسعار النفط. واستعرض عدد المرات التي انخفض فيها سعر النفط منذ الثمانينات ولغاية 2014، وأوضح الأزمات الاقتصادية والمالية التي مرّ بها الاقتصاد العراقي خلال هذه السنوات.
وأضاف ان تزايد الإنفاق الحكومي بمرافقة انخفاض أسعار النفط يشكل هذه الأزمات. وشرح سببا آخر ومهما للازمة الاقتصادية في العراق، وهي انخفاض الإنتاج الزراعي والصناعي وتدهوره المستمر مع توقف وتردي دوافع الاستثمار؛ ويعود ذلك إلى استمرار تدهور قدرات العراق التنافسية الدولية مما يؤدي إلى تضائل قدرات الاستثمار. ثم تطرق إلى الأسباب الاجتماعية والمؤسسية لهذا التدهور قائلا ان الإنسان العراقي تعود على التعامل مع الحكومة والشأن العام بذهنية الأخذ، والاستيلاء، والاقتطاع، والانتفاع. والحكومة هي مكان الثروة بالنسبة له وعليه ان يقتطع جزء منها. وهذا المنطق الذي يحكم علاقة المواطن بالدولة يجعله يتهرب من التزاماته الضريبية. وكلما طرح مشروع للضريبة يعد نفسه وطنيا، ويعارض هذا المشروع.
وأشار ابريهي إلى اعتماد اقتصاديات اغلب الدول الغربية على الضرائب، التي قد تصل إلى 40% من الدخل القومي، وقد تشكل في الدول 60% من الدخل الفردي. وأشار إلى ان الفساد الإداري والمالي هو أهم أسباب الأزمة المالية العراقية، وهذا الفساد بدا ينتقل من القطاع الحكومي إلى القطاع الأهلي.
وعرج على محور النقود والمصارف في العراق وبموجب الجداول والإحصائيات الموثقة والمعروضة للجمهور حيث بين أن معنى الأساس النقدي في البنك المركزي العراقي يتكون من صافي الموجودات الدولية للبنك من ذهب وحقوق سحب خاصة وصافي الموجودات الأجنبية زائدا صافي الائتمان المحلي، ويقابله جدول المطلوبات ويتكون احتياطيات المصارف (ودائع لدى البنك، عملة يحتفظ بها لدى المصارف) إضافة إلى عملة التداول. وبين ان الموجودات الأجنبية في المصارف هي اكبر من العملة المصدرة، وهي أكثر من 200% في عام 2014. إذ ان الأساس النقدي الذي يتكون من إيرادات النفط مع تراكم العملة الأجنبية انخفض بانخفاض أسعار النفط وأدى إلى عدم وجود تكاثر في النظام المصرفي.
وعن أسعار الفوائد المرتفعة (31-14)% بين الحكومية والأهلية، قال: إن أسعار الفوائد المفروضة على القروض، هي عالية جدا بسبب تقدير المصارف للمخاطر يكون كبير جدا ؛ بسبب فشل تلك القروض ولكن هذا لا يقابله إجراءات نقدية للقضاء على هذه المخاطر.
الواقع المصرفي في العراق وكربلاء
بعد اتمام الدكتور احمد بريهي ورقته البحثية بدأ الدكتور عبد الله البندر مستشار الهيئة الوطنية للاستثمار مداخلة تطرق فيها الى الواقع المصرفي في العراق وكربلاء. وبين ان المعضلة الأساسية هي المشكلة الاقتصادية، وان القرار الاقتصادي، والفني، والمهني يصطدم بقرارات المحاصصة السياسية، ونحن بحاجة إلى معالجات وهذه المعالجات يجب ان تفرض بقانون وعرج على مشكلة قلة الإيرادات وكيفية معالجة النقص فيها وزيادتها وتطرق الى إقامة مشاريع خاصة بالاستثمار. وكيفية تطوير الاستثمار المحلي وتغيير الهيكل الاقتصادي في المحافظة، وتعرض الى مشاكل المستثمرين في المحافظة وكيفية تذليلها والفرق بين الفائدة على الإيداعات الأجنبية المنخفضة وسعر الصرف او المزاد.
المداخلات
بعد اكمال الدكتور عبد الله البندر مداخلته تحدث الأستاذ ناصر الخزعلي رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس محافظة كربلاء، وقال: نحن في اللجنة الاقتصادية نعاني من عدة أمور ونحتاج إلى مزيد من العون حيث لم نستطع أن نحقق خلال السنتين الماضيتين ولا 60% من المشاريع والخطط الاقتصادية. وأضاف الخزعلي: "حاولت ان اعمل على توفير الإيرادات لمحافظة كربلاء من عدة مصادر منها السياحة أو المقالع؛ وذلك بسبب قلة التخصيصات المالية، علما إن محافظتنا تستقطب الزائرين وهذا ممكن ان نفرض عليه رسوم بموجب قانون 21 للمحافظات غير المنتظمة بإقليم. وأكد الخزعلي على وجود تدهور اقتصادي واضح في كربلاء ولدينا 15 معملا متوقفا او شبه متوقف في كربلاء. ونحن بحاجة الى مساعدة حقيقية وأي نهوض اقتصادي للقطاع الصناعي في كربلاء يواجه حرب ضروس وكأن الجميع متكالب على إخماد الواقع الاقتصادي في كربلاء.
بعد اكمال الاستاذ ناصر الخزعلي عرض المشاكل الاقتصادية في المحافظة فتح الدكتور هاشم مرزوك الشمري مدير الحلقة باب الحوار والنقاش مع الحضور من الاقتصاديين والباحثين في ذات الشأن:-
- السيدة حوراء عبد الله عباس مديرة اتحاد الصناعات العراقي، والتي تحدثت عن أهم المشاكل التي يواجهها الاستثمار العراقي؛ والمتمثلة بعدم حماية المنتج المحلي، والسماح لدخول منتجات رديئة تصل بدون رقابة لتنافس المنتج المحلي منافسة غير شريفة.
- الباحث الاقتصادي محمد السوداني، أكد أن النهوض بتنمية الأقاليم بما هو مخصص الآن وبسبب ازدياد النمو السكاني غير كافٍ وأشار إلى دراسات قدمها إلى عدة جهات أفادت بعدة توصيات منها: الاعتماد على نظام الشركات القابضة، والمشاركة، والمرابحة، والتنمية المستديمة. واقترح السوداني تفعيل القطاع الخاص لكي ينافس القطاع الحكومي.
- الدكتور عباس كاظم الدعمي من جامعة كربلاء كلية الإدارة والاقتصاد، قال: إن لدينا مشكلات في القطاع الخاص، والقطاع المصرفي ودوره في التنمية لازال ضعيفا؛ وبسبب الثقة المتدنية بين المصارف والأفراد نلحظ وجود مدخرات منخفضة والأفراد يفضلون الاحتفاظ بمدخراتهم بمنازلهم، وهذا يؤدي إلى تدني في السيولة المصرفية بسبب هذه المخاوف كما ان المدخرين يصطدمون ببعض التشريعات والقوانين المنظمة لهذه العملية، كما أشار إلى ضعف في الأنظمة المحاسبية، وعدم استعمال التكنلوجيا في العمل المصرفي بشكل كافٍ.
- الأستاذ احمد الشمري مدير قسم القانونية في هيئة الاستثمار في كربلاء أشار إلى إن علاقة المصارف بالمستثمرين رديئة؛ لان المستثمر عندما يحصل على إجازة استثمار يتوجه للمصارف فيصطدم بالضمانات التعجيزية المفروضة عليه. علما إن المصرف الصناعي يقرض المستثمر الحاصل على إجازة تنمية صناعية وليس إجازة استثمار.
- الدكتور خالد العرداوي مدير مركز الفرات قال: إن العراق فيه 30% تحت مستوى خط الفقر والباقي محدودي الدخل في هذه الحالة الاستثمار للفقراء ام للأغنياء؟. وأضاف إن صانع القرار يجب ان يكون مبادرا لتذليل العقبات؛ ولكنه في الواقع لا يبذل الجهد المناسب لتجاوز الخطوط الحمر الذي يحتاج إلى جرأة لتجاوزها، وأكد إن قتل الاقتصاد وإضعافه هو عملية إرهابية وتساءل: كيف نحمي اقتصادنا ؟ وليس لدينا سياسة لحماية المنتج المحلي.
بعد انتهاء المداخلات من قبل الباحثين الاقتصاديين والعاملين في القطاع الاقتصادي العراقي في كربلاء، عقب الباحثان الدكتور احمد بريهي علي والدكتور عبد الله بندر على الاسئلة التي طرحت والاستفهامات حول القطاع الاقتصادي والمصرفي في الخصوص في كربلاء وسبل معالجتها، وقال الدكتور ابريهي: إننا يجب ان نقصد الإصلاح فعلا ولا نمثله مسرحا، وتحديد العقبات التي حالت دون وجود مستثمر أجنبي؛ وهذا عمل يحتاج إلى سنوات وليس أشهر والى نية حقيقية في مباشرة الإصلاح.
وفي نهاية الحلقة النقاشية قدمت عدد من التوصيات التي تخص الواقع الاقتصادي العراقي في العموم والكربلائي في الخصوص وهي:
1- أن تتبنى الدولة العراقية برامج وخطط فعلية للإصلاح.
2- على الجميع أن يقنع قطاع الأعمال بان يتعاملوا بالحسنى مع المصارف في قضية الاقتراض.
3-على الحكومة إن تفرض القانون والمهنية للقضاء على الفساد الإداري والمالي.
4- تطوير إدارة الائتمان وإدارة المخاطر بكل أنواعها.
5-أن تذهب الحكومة إلى تطوير (سوق الأوراق المالية في العراق)، وهو سوق متخلف جدا ولا يستطيع مساعدة المصارف لتسديد الديون؛ لان مجموع قيمة الأسهم لا تتناسب مع قيمة الإنتاج المحلي.