الاقتصاد المصري: بين حبال الإصلاحات ومقص الديون

ندى علي

2018-11-29 04:43

بعدما أشاحت مصر بوجهها عن الأسواق المالية الدولية، ربما تجد نفسها مضطرة للجوء إليها تحت ضغط احتياجاتها التمويلية الكبيرة، في الوقت الذي تدفع فيه اضطرابات بالأسواق أسعار الفائدة للصعود، وهو ما ينذر بتقويض طموحات القاهرة في تقليص عجز الميزانية.

وتواجه مصر، التي تقترض بكثافة من الخارج منذ اتفقت على برنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي في 2016، التزامات أجنبية صعبة مستحقة السداد على مدى العامين القادمين، إضافة إلى ارتفاع فاتورة وارداتها النفطية.

صحيح أن الإقبال على ديون الأسواق الناشئة أخذ يتراجع بالفعل، إلا أنه ازداد تراجعا في أعقاب أزمات العملة في تركيا والأرجنتين في أغسطس آب، والتي حفزت بدورها نزوحا للمستثمرين الأجانب من مصر يتعين عليها سداد التزاماتهم أيضا.

وبمقتضى الاتفاق مع صندوق النقد، خفضت مصر قيمة عملتها وتقلص تدريجيا الدعم للوقود، وهي تحركات زادت الفقر في البلد العربي الأكثر سكانا، وساعدت الإصلاحات في تحسين الاقتصاد مع توقعات بنمو عند حوالي 5.2 بالمئة في السنة المالية الحالية التي بدأت في أول يوليو تموز.

لكن خبراء يقولون إن البلاد تحتاج إلى تنفيذ إعادة هيكلة رئيسية للحكومة وكبح معدل النمو السكاني إذا كانت تريد أن تجني ثمار الإصلاحات الاقتصادية، المالية الحالية التي تنتهي في يونيو حزيران 2019، من 9.89 في المئة في السنة المالية السابقة. لكن ذلك يشير ضمنا إلى تمويل جديد يزيد على 20 مليار دولار، وربما يتم جمع جزء كبير من هذا التمويل بالجنيه المصري، لكن ستظل هناك متطلبات كبيرة بالعملة الأجنبية.

وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاع غير النفطي بالاقتصاد المصري في الربع الثاني إلى أدنى مستوياته منذ الفترة التالية مباشرة لبدء تطبيق خطة تقشف يدعمها صندوق النقد الدولي قبل نحو عامين، في مؤشر على أن هناك مزيدا من المعاناة ربما تنتظر المصريين قبل البدء في جني الثمار.

وتعول مصر على استثمارات القطاع الخاص الجديدة لتحفيز الاقتصاد وتوفير فرص عمل لسكانها الذين يزداد عددهم سريعا، لكن إجراءات التقشف قلصت الطلب المحلي وأضعفت الحافز للاستثمار.

وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، لم تنخفض الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلا في الربع الأول المضطرب من 2017، والذي بدأ بعد أسابيع قليلة من توقيع مصر اتفاقها مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر تشرين الثاني 2016. وفي ذلك الربع، انخفض الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 478 مليون دولار.

ومن المنتظر أن يتلقى الطلب المحلي دفعة مع بدء تدفق الإيرادات من اكتشافات الغاز الطبيعي الجديدة وتعافي قطاع السياحة في الآونة الأخيرة، لكن بعض رجال الأعمال يقولون إن هناك الكثير مما يمكن القيام به للتشجيع على ضخ مزيد من الاستثمار، بما في ذلك تقليص الإجراءات الروتينية في مصر.

على هذا الصعيد قال محللون اقتصاديون السندات الدولية مهمة.... فهي أقل تكلفة من الاقتراض بالجنيه المصري. لكن من ناحية أخرى، فإنك تلزم نفسك بعبء دين مكلف لخمس سنوات، ويبلغ العائد حاليا على سندات دولية مصرية متوسطة الأجل تستحق في فبراير شباط 2023 نحو 6.29 في المئة في السوق الثانوية. ويقول محللون إن هذا هو الحد الأدنى المرجح الذي يمكن أن تتوقعه الحكومة.

بينما يرى اخرون”التطورات الأخيرة تشعرنا بالارتياح... حيث أقرت الحكومة بأن البيئة الخارجية تزداد صعوبة، وبأنها بحاجة للالتزام بسياستها الخاصة بالإصلاح وربما تسرع بعضا من أهدافها“.

ويجب على الحكومة أيضا أن تسدد للأجانب الذين يتخارجون من سوق الأوراق المالية المحلية، وأن تمدد أيضا أجل الديون القائمة بالفعل.

الى ذلك يقول خبراء اقتصاديون إن الخفض الحاد لدعم الوقود الذي أجرته مصر هذا الأسبوع، في إطار برنامج للإصلاح الاقتصادي يدعمه صندوق النقد الدولي، هو مغامرة تأمل القاهرة بأن تساهم في استقرار الاقتصاد وجذب استثمارات للقطاع الخاص، وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى ارتفاع مستويات المعيشة.

لكن هناك مخاطر بأن ثمار الإصلاح قد تأتي بخطى بطيئة. ويخشى بعض الخبراء الاقتصاديين من أن إجراءات التقشف الأخيرة، التي أغضبت المصريين، قد تثير أيضا زيادة في التضخم تقلص الاستهلاك وتؤجل تعافيا سريعا وتردع مستثمرين محتملين.

وقبل ذلك رفعت مصر، التي وصلت إلى منتصف الطريق في برنامج لصندوق النقد الدولي مدته ثلاث سنوات، أسعار الكهرباء بنحو 26 بالمئة في المتوسط. وفي الثاني من يونيو حزيران زادت مصر أسعار مياه الشرب بنسبة 46.5 في المئة، بعدما رفعت في العاشر من مايو أيار أسعار تذاكر مترو الأنفاق بما يصل إلى 350 في المئة.

ويرى هؤلاء الخبراء ان حكومة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لابد لها المضي قدما في إصلاحات طال انتظارها في مواجهة سخط ء شعبي متزايد.

تقليص موظفي القطاع العام ومجلس الوزراء

قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي يوم الخميس إنه يعمل على إعادة هيكلة للحكومة تتضمن تخفيض عدد مجلس الوزراء وموظفي القطاع العام لتقليص البيروقراطية وإجتذاب الاستثمار الأجنبي، ومتحدثا أثناء اجتماع للغرفة التجارية الأمريكية في القاهرة، قال مدبولي إن التحديات الرئيسية التي تواجه لمصر تكمن في البيروقراطية المزمنة وارتفاع معدلات الإنجاب، وأبلغ مدبولي رجال أعمال أمريكيين ”لدينا خطة لإصلاح الحكومة“. بحسب رويترز.

”نحن نعمل الآن من خلال وزارة التخطيط... ووزارة الإتصالات لإصلاح هيكلي للحكومة“، مضيفا أن يعتقد أن هناك حاجة إلى خفض عدد المناصب في مجلس الوزراء وأن ”38 بالمئة على الأقل من الموظفين في القطاع العام سيحالون إلى التقاعد في السنوات العشر القادمة، وقال مدبولي إن مقترحات إعادة الهيكلة مرتبطة بخطط لنقل مقر الحكومة إلى عاصمة إدارية جديدة قيد الإنشاء على مبعدة حوالي 45 كيلومترا شرقي القاهرة من المقرر افتتاحها في العام القادم، وأضاف أنه بدءا من بداية 2019 فإن الكثير من الخدمات الحكومية ستكون متاحة عبر الانترنت، وقال مدبولي، الذي تولى منصبه في يونيو حزيران بعد أن بدأ الرئيس عبد الفتاح السيسي فترة رئاسته الثانية، إن النمو السكاني في مصر هو تحد رئيسي آخر.

ووفقا لأرقام حكومية، فإن عدد سكان مصر يبلغ حوالي 100 مليون نسمة ومن المتوقع أن يصل إلى 128 مليونا بحلول 2030 إذا استمرت معدلات الإنجاب عند 4.0 لكل ألف إمرأة سنويا، وقال مدبولي إن حكومته تعمل على خطة لكبح معدل المواليد في البلاد. وأضاف دون أن يذكر تفاصيل ”ليس لدينا أي خيار آخر“.

وصول الدين الخارجي لنحو 102.86 مليار دولار

كشفت وثيقة حكومية اطلعت عليها رويترز أن الحكومة المصرية تتوقع أن يبلغ إجمالي الدين العام الخارجي نحو 102.863 مليار دولار في السنة المالية المقبلة 2019-2020 مقابل 98.863 مليار دولار متوقعة في السنة الحالية 2018-2019.

وبلغ الدين الخارجي لمصر 92.64 مليار دولار في نهاية السنة المالية 2017-2018 بزيادة 17.2 بالمئة على أساس سنوي، وأظهرت الوثيقة أن مصر تستهدف سقفا للاقتراض الخارجي للسنة المالية 2019-2020 عند نحو 14.326 مليار دولار، منها 10.326 مليار دولار لسداد أقساط الدين الخارجي ونحو أربعة مليارات دولار صافي في رصيد المديونية الخارجية، وتتوقع مصر سقفا للاقتراض في السنة المالية الحالية عند 16.733 مليار دولار، منها 10.510 مليار دولار لسداد أقساط الدين الخارجي، ونحو 6223 مليار دولار صافي في رصيد المديونية الخارجية. ولا تشمل تلك الأقساط وديعة مستحقة بقيمة 3.3 مليار دولار لدولة الكويت التي كان يزورها محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر الشهر الماضي.

تراجع الاستثمار الأجنبي

قال محمد أبو باشا الخبير الاقتصادي لدى بنك الاستثمار المصري المجموعة المالية هيرميس ”الاستهلاك المحلي منخفض... والآن لا توجد حاجة ملحة لضخ رؤوس أموال“، وقدرت دراسة لصندوق النقد الدولي نشرت في ديسمبر كانون الأول أن حوالي 700 ألف مصري سينضمون إلى سوق العمل في كل عام من الأعوام الخمسة القادمة.

وقال هاني فرحات الخبير الاقتصادي لدى بنك الاستثمار المصري سي.آي كابيتال ”أعتقد أن الأمر يتعلق أكثر بالاتجاهات العالمية في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر والأسواق الناشئة ككل، ولا يتعلق بمصر على وجه التحديد“، وأضاف ”صُنفت مصر في المرتبة الأولى بأفريقيا في تلقي الاستثمارات الأجنبية المباشرة عام 2017“.

ومن بين إجراءات التقشف التي جرى الاتفاق عليها في إطار برنامج صندوق النقد الدولي فرض ضريبة قيمة مضافة بنسبة 14 بالمئة وزيادات حادة في أسعار الطاقة وتحرير سعر صرف العملة الذي أدى لخفضها 50 بالمئة، وقدر أبو باشا معدل استغلال الطاقة الإنتاجية عند نحو 40-50 بالمئة في 2017 وحوالي 70-75 بالمئة هذا العام، وأضاف ”إنه يتسارع في عدد من القطاعات... أعتقد أنه في 2019 سيبدأ الناس في التفكير في الاستثمار“.

ويقول المحللون إن المستثمرين ينتظرون ليروا كيف ستتأقلم مصر مع الإصلاحات والتغيرات في الأسعار، كما يترقبون تشغيل محطات الكهرباء والموانئ والطرق وغيرها من البنية التحتية قيد الإنشاء، وقال ألين سانديب رئيس قسم البحوث لدى نعيم للوساطة إن الأمر يستغرق عادة أربع أو خمس سنوات كي تتدفق الاستثمارات بعد إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وضرب مثلا بالهند والبرازيل، وأضاف ”الاستثمار الأجنبي المباشر يستغرق وقتا، لكن فور أن يبدأ في التدفق، يصير مستداما“، وقال هاشم العبد وهو مستشار أعمال كثيرا ما يعمل مع الشركات الصينية ”الحكومة والوزراء والرئيس يريدون جميعا حدوث ذلك، غير أن البيروقراطيين يقولون ’لكن هناك هذه اللائحة وتلك اللائحة‘“.

صندوق النقد والإصلاحات الهيكلية

أشادت كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي بالاقتصاد المصري وقالت إنه يبدي علامات قوية على التعافي في ظل خطة إصلاح مدتها ثلاثة أعوام مؤكدة علي أ‭‭‬همية الإصلاحات الهيكلية لتحقيق المزيد من التنمية المستدامة.

وطبقت مصر إصلاحات قاسية بموجب برنامج قرض جرى الاتفاق عليه في أواخر 2016 وانطوى على خفض كبير لدعم الطاقة وضرائب جديدة وتحرير سعر صرف الجنيه سعيا لجذب المستثمرين الذين نزحوا عقب انتفاضة 2011.

وتراقب الأسواق المالية عن كثب كيفية التزام الحكومة بشروط القرض لصرف دفعات القرض في موعدها، وفي بيان عقب اجتماعها مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في نيويورك يوم الأحد، قالت لاجارد إن الصندوق مازال متلزما بدعم مصر.

وقالت في البيان الصادر بتاريخ 23 سبتمبر أيلول ”يبدي اقتصاد مصر دلائل قوية على التعافي ومعدل النمو الاقتصادي من بين الأعلى في الشرق الأوسط“، وتابعت أنها اتفقت مع السيسي على أهمية ”استثمار مكاسب الاقتصاد الكلي لدعم الإصلاحات الهيكلية التي وضعتها السلطات“ وأضافت في البيان ”هذه الإصلاحات ستسهم في تحقيق نمو مستدام وشامل يقوده القطاع الخاص ويسهم في توفير الوظائف للشبان في مصر ويضمن إتاحة موارد كافية للحماية الاجتماعية“، وتراجع معدل التضخم في مصر إلى أقل مستوى في عامين في مايو أيار بعد أن سجل مستوى قياسيا مرتفعا فوق 33 بالمئة في يوليو تموز 2017 عقب تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر تشرين الثاني 2016، وبلغ معدل التضخم الأساسي في أغسطس آب 8.83 بالمئة بينما سجلت احتياطيات النقد الأجنبي 44.419 مليار دولار مقارنة مع 36.143 مليار قبل عام، ورفعت مصر أسعار الوقود والكهرباء في إطار الإصلاحات المتفق عليها مع الصندوق مما زاد من الصعوبات التي يواجهها المواطن المصري لتلبية احتياجاته. ومن المقرر رفع أسعار الوقود مرة أخرى العام المقبل.

اضطرابات الأسواق الناشئة

قال وزير المالية المصري محمد معيط إن اقتصاد مصر ”صامد“ أمام اضطرابات الأسواق الناشئة، وإن وهناك مصادر إضافية للتمويل يمكن اللجوء إليها عند الحاجة، وذكر معيط أن الحكومة ستسعى لبيع سندات بالعملة الأجنبية قيمتها نحو خمسة مليارات دولار في الأشهر المقبلة، وذلك إلى جانب مليارات الدولارات التي تعهد بها بالفعل صندوق النقد الدولي وغيره من المانحين الدوليين لدعم الموازنة.

واهتزت الأسواق الناشئة بصفة عامة جراء تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين فضلا عن زيادات أسعار الفائدة الأمريكية التي تجذب الأموال من جديد إلى الولايات المتحدة، وتعتبر تلك الاضطرابات أحد العوامل التي هزت سوق الأسهم المصرية، التي هبطت 3.8 في المئة يوم الأربعاء مسجلة أدنى مستوى إغلاق لها منذ بداية العام، وسط شح في السيولة، وأقر معيط بأن مصر تواجه مستحقات سداد ديون كبيرة، وأن ارتفاع أسعار النفط وهبوطا طفيفا في قيمة الجنيه المصري ربما ”يعرقل“ هدف مصر بخفض عجز ميزانيتها إلى 8.4 في المئة في السنة المالية الحالية التي تنتهي في 30 يونيو حزيران 2019، من 9.8 في المئة في السنة السابقة، لكنه قال إن الاقتصاد، الذي تلقى دعما من تعافي قطاع السياحة وتنفيذ برنامج إصلاح يدعمه صندوق النقد الدولي منذ أواخر 2016، استطاع أن يصمد أمام الضغوط الخارجية.

تشديد السياسة النقدية لكبح التضخم

قال صندوق النقد الدولي في بيان أشاد فيه بالتقدم الذي تحققه الإصلاحات المرتبطة ببرنامج قرض لمصر بقيمة 12 مليار دولار إن على القاهرة أن تُبقي على تشديدها للسياسة النقدية من أجل احتواء مخاطر التضخم نتيجة لخفض دعم الوقود والكهرباء.

ويأتي تعليق الصندوق بعد أيام من قرار البنك المركزي المصري بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير مستندا إلى مخاطر تضخمية، وبعد أن أعلن المجلس التنفيذي للصندوق أن مصر حققت تقدما كبيرا في الإصلاحات الاقتصادية لتحصل على الدفعة التالية من برنامج القرض.

وبدأت مصر برنامج القرض البالغة مدته ثلاث سنوات أواخر عام 2016، حيث وافقت على إصلاحات قاسية كان من بينها خفض كبير في دعم الطاقة وفرض ضرائب جديدة وتحرير سعر صرف العملة في مسعى لإعادة المستثمرين الذين عزفوا عن البلاد بعد انتفاضة عام 2011.

وقال ديفيد ليبتون النائب الأول للمدير العام لصندوق النقد الدولي في البيان إن ”التنفيذ القوي للبرنامج والأداء الإيجابي بوجه عام كان له دور فعال في الوصول إلى استقرار الاقتصاد الكلي“، وأشار إلى أن توقعات النمو لمصر في الأجل القريب جيدة ”بدعم من تعافي السياحة وزيادة إنتاج الغاز الطبيعي“.

في الوقت ذاته فإن الاحتياطي النقدي القوي من العملات الأجنبية لدى مصر يمكنها على الأرجح من الصمود في مواجهة ”الأوضاع المالية العالمية الضاغطة“ التي شهدت ”تحولا في تدفقات رأس المال“ في الأسواق الناشئة خلال الأشهر الأخيرة.

وقال ”المستوى الجيد للاحتياطيات الأجنبية ومرونة سعر الصرف يجعلان مصر في وضع جيد يمكنها من إدارة أي تسارع في نزوح التدفقات، لكن هذا يعزز أهمية وجود إطار سليم للاقتصاد الكلي وتطبيق متسق للسياسة“.

مخاطر بعد تخفيضات حادة للدعم

قال محمد أبو باشا الخبير الاقتصادي لدى المجموعة المالية هيرميس في القاهرة إن تنفيذ إصلاحات كثيرة دفعة واحدة ربما يخفق في إنعاش سريع للاقتصاد المنهك، وتابع قائلا ”في العادة فإن عامل الخطر في ضبط وترسيخ المالية العامة يتمثل في أنك تدخل فترة يتوقف فيها النمو، ”أنت تنفذ الكثير من الإصلاحات لكنها تؤثر بشدة في قدرة الاقتصاد على النمو“، وارتفع سعر البنزين أوكتين 80 بنسبة 51 في المئة إلى 5.50 جنيه مصري (0.31 دولار) للتر، ويغطي هذا السعر الجديد 57 في المئة فقط من تكلفة الإنتاج، بحسب مذكرة بحثية لبنك الاستثمار بلتون المالية.

وقال هاني فرحات كبير الخبراء الاقتصاديين لدى بنك الاستثمار المصري سي.آي كابيتال ”بشكل عام فإن الإجراءات التقشفية التي تطبق الآن، وأيا كانت صعوبتها، ستضع أساسا قويا جدا لنمو يقوده القطاع الخاص على مدى السنوات الخمس القادمة“.

وأضاف أن حكومة البلد العربي الأكثر سكانا كانت في حاجة إلى إتخاذ إجراءات تصحيحية بعد تراخ مالي وإنفاق مفرط وعدم استقرار نقدي، وهو ما إتسمت به السنوات التي سبقت الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.

وقال فرحات ”لن يأتي مستثمر إلى مصر... إذا كانت هناك مخاطر لإنفاق زائد أو اقتراض زائد، وهو ما قد يسبب ضغوطا لخفض قيمة العملة ونزوح لرؤوس الأموال“،وقال فرحات ”قبل برنامج صندوق النقد الدولي، هم كانوا يطبعون النقود. والآن ومع تنفيذ البرنامج فإن هذا توقف بالتأكيد“.

وقال خبير اقتصادي مقيم خارج مصر طلب عدم نشر اسمه ”تتمثل المخاطر في أن الجولة الثانية من التأثير التضخمي ستكون أعلى وأكثر استدامة هذه المرة عن سابقتها، لأن الشركات في حاجة لاستعادة هامش الأرباح، وهو ما يلقي بشكوك على الاستهلاك وخفض أسعار الفائدة وتعافي الاستثمار“.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا