نفط العراق 2019: بين تحقيق الاستقرار الإنتاجي ومخاوف هبوط الأسعار

ندى علي

2018-11-27 04:18

بعد موجات الاختلاس وهدر المال وصفقات العقود المشبوهة، وبعثرة الأموال العراقية في انحاء البلاد وفي انحاء العالم، ضاعت فرصة بناء البلد، والأشد قسوة من ذلك، ضاعت فرصة تعويض فقراء البلد وهم السواد الأعظم من الشعب، وتأتي المصاعب الاقتصادية لتزيد الطين بلّة، حينما هبطت أسعار النفط بطريقة غريبة!، لم يضعها الخبراء في البال كمن يدرس سنوات وعندما تحين لحظة الجد، لا يصل الى الهدف الصحيح.

وهناك رابط مشترك بين اسعار النفط والاقتصاد العراقي، لاسيما أن هذا البلد يعتمد اعتمادا شبه تام على مايصدره من النفط لجلب الايرادات التي تديم نشاطات الدولة المختلفة، وبسبب الهبوط لاسعار النفط قد تلجأ الحكومة العراقية الى بدائل عديدة لموجهة النقص الكبير في الايرادات ومنها الاجراءات التقشفية المعلنة، مثل قطع نسبة من رواتب الموظفين وحتى المتقاعدين طالهم القطع بنسبة معينة، فيما لجأت الحكومة الى اسلوب آخر من خلال قيام البنك المركزي العراقي باصدار سندات مالية بدلا من الاوراق النقدية.

ولا تزال وزارة النفط تبحث عن منافذ جديدة للتصدير، من اجل مضاعفة الكميات المصدرة الى الاسواق العالمية، فقد قالت وزارة النفط العراقية إنها بدأت استلام عمليات حقل مجنون النفطي من شركة رويال داتش شل وإنها تخطط لزيادة الإنتاج في المستقبل.

تعتبر العائدات النفطية في العراق المصدر الأوحد للبلاد من العملات الصعبة والمورد شبه الوحيد لإيرادات الموازنة. ولم يسبق للعراق أن حقّق في السنوات الأخيرة هذا المستوى من الإيرادات النفطية في تحسّن يأتي بعد إعلان بغداد الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية ودحر جهادييه من معظم المناطق التي كانوا يسيطرون عليها.

وبالمقارنة مع العام الماضي بلغت عائدات النفط العراقي في تموز/يوليو 2017 4,4 مليار دولار في أيلول/سبتمبر 2017 ما قيمته 4,9 مليار دولار، وسجّلت الصادرات العراقية من الذهب الأسود ارتفاعاً مضطرداً في الأشهر الأخيرة، لكن زيادة العائدات مردّها الأساسي إلى ارتفاع أسعار النفط، ولا تنفك أسعار النفط ترتفع بسبب إعادة فرض الولايات المتحدة عقوباتها على إيران، الأمر الذي يدفع بالمستثمرين للبحث عن مصادر بديلة للنفط الإيراني، والعراق هو ثاني أكبر منتج للبترول في منظمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك) إذ يبلغ مقدار ما ينتجه يومياً حوالى 4,5 مليون برميل يومياً، وتدعو بغداد باستمرار إلى زيادة أسعار النفط كي تتمكن من زيادة عائداتها وضخّ الأموال في ميزانيتها وتحسين الخدمات العامة والبنى التحتية في البلاد.

على هذا الصعيد، أعلنت وزارة النفط العراقية أنّ عائدات البلاد من النفط تضاعفت تقريباً في تشرين الأول/أكتوبر بالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الفائت إذ بلغت 8,55 مليار دولار، في زيادة سببها الرئيسي ارتفاع أسعار الذهب الأسود في الأسواق العالمية.

ويواصل العراق حرق بعض الغاز المصاحب للنفط في حقوله بسبب افتقاره إلى المرافق اللازمة لمعالجته وتحويله إلى وقود. وقال العراق إنه يأمل في التوقف عن حرق الغاز بحلول عام 2021، ومن بين التحديات الفورية التي تواجه الغضبان وباقي أعضاء الحكومة العراقية الجديدة كيفية التعامل مع العقوبات الأمريكية الوشيكة على إيران.

رفع طاقة إلانتاج وتصدير النفط

قال وزير النفط العراقي ثامر الغضبان إن العراق يخطط لزيادة طاقته الإنتاجية والتصديرية النفطية في 2019، مع التركيز على حقوله الجنوبية، وإنه اقترب من التوصل إلى اتفاق مع شركات عالمية.

وذكر الوزير الجديد أن نقص المعروض النفطي الناجم عن العقوبات الأمريكية الجديدة على إيران لم يجر قياسه بعد قبل أن يقرر العراق وبقية أعضاء أوبك الإجراء الذي سيتخذونه في اجتماع المنظمة المقرر الشهر القادم.

وقال العراق، ثاني أكبر منتج للخام في أوبك بعد السعودية، إنه يستهدف طاقة إنتاجية قدرها خمسة ملايين برميل يوميا في 2019، حيث من المتوقع أن يصل متوسط صادراته إلى نحو 3.8 مليون برميل يوميا.

ويضخ العراق حاليا 4.6 مليون برميل يوميا، ويصدر الجزء الأكبر من نفطه عبر مرافئه الجنوبية، وتشكل صادرات الخام عبر تلك الموانئ ما يزيد على 95 في المئة من إيرادات الحكومة.

وأبلغ الغضبان رويترز في أول مقابلة له منذ تولي حقيبة النفط الشهر الماضي، متحدثا عن زيادة الطاقة الإنتاجية وخصوصا في الجنوب ”هذه أولوية الأولويات. لدينا حوار مع شركات عالمية، وهي استغرقت فترة، لكننا على وشك أن نتفق. سوف نحسم هذا الموضوع قريبا“، وذكر الغضبان أن العراق يخطط لزيادة طاقته التصديرية إلى 8.5 مليون برميل يوميا في ”السنوات القادمة“ بعد تحديث بنيته التحتية.

وسيشمل ذلك 6.5 مليون برميل يوميا من الحقول النفطية في جنوب البلاد، مع توافر مليون برميل يوميا عقب استكمال إنشاء خط أنابيب جديد يمتد من مدينة كركوك في شمال العراق إلى ميناء جيهان التركي المطل على البحر المتوسط، ومن بين التحديات العاجلة أمام العراق قياس حجم النقص في إمدادات النفط العالمية الناجم عن العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها على قطاع النفط الإيراني.

وقال الغضبان إن العراق يريد معرفة ”الانخفاض الفعلي“ قبل أن تقرر بغداد وسائر أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول كيفية التعامل مع تراجع الشحنات الإيرانيةن وأضاف ”كيف ستكون زيادة الطلب على النفط العراقي في السوق الحاضرة... وإذا لم يكن هناك طلب، فكيف لي أن أقول إننا سنعوض؟“

العراق والسعودية يتفقان على تحقيق استقرار أسواق النفط

قال المتحدث باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد إن العراق والسعودية اتفقا على العمل معا من أجل تحقيق الاستقرار في أسواق النفط دون ذكر المزيد من التفاصيل، وأضاف أن وزير النفط العراقي ناقش مع وزير الطاقة السعودي خلال اجتماع في بغداد ربط شبكة كهرباء بين البلدين لتلبية احتياجات العراق من الكهرباء، والتقى وزير الطاقة السعودي خالد الفالح أيضا مع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي.

ويضخ العراق حاليا نحو 4.6 مليون برميل نفط يوميا وهو ثاني أكبر منتج بعد السعودية في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). ويصدر العراق معظم نفطه عبر الموانئ الجنوبية وهو ما يمثل أكثر من 95 بالمئة من إيرادات الدولة.

وقال وزير النفط العراقي ثامر الغضبان الأسبوع الماضي إن العراق يخطط لزيادة إنتاج النفط وطاقة التصدير في العام المقبل مع التركيز على الحقول الجنوبية مضيفا أنه يقترب من إبرام اتفاق مع شركات عالمية، ويستهدف العراق الوصول لطاقة إنتاج خمسة ملايين برميل يوميا في 2019 في حين من المتوقع أن يسجل متوسط الصادرات نحو 3.8 مليون برميل يوميا، والخميس منحت الولايات المتحدة العراق إعفاء من العقوبات المفروضة على إيران لمدة 45 يوما. ويتيح هذا الإعفاء للعراق مواصلة شراء الغاز الطبيعي والكهرباء من إيران، وقالت السفارة الأمريكية في بغداد على صفحتها بموقع فيسبوك ”يقدم هذا الإعفاء الوقت للعراق للبدء في أخذ خطوات نحو الاستقلالية في مجال الطاقة“.

الاتفاق مع شركات أجنبية

قال وزير النفط العراقي ثامر الغضبان يوم إن العراق يجري محادثات مع شركات عالمية لمساعدته في تحديث طاقاته الإنتاجية والتصديرية للنفط، وسيتم التوصل إلى اتفاق قريبا، وأبلغ الغضبان رويترز قائلا ”هذه أولوية الأولويات. لدينا حوار مع شركات عالمية، وهي استغرقت فترة، لكننا على وشك أن نتفق. سوف نحسم هذا الموضوع قريبا“.

وقال إن من المقرر إضافة طاقة تصديرية إضافية قدرها مليون برميل يوميا من خط أنابيب سيربط في نهاية المطاف بين مدينة البصرة بجنوب العراق وميناء العقبة الأردني المطل على البحر الأحمر، مشيرا إلى أن بناء خطوط أنابيب جديدة يهدف إلى ”تنويع منافذ التصدير“، وذكر أن من المتوقع التوصل لاتفاق نهائي مع شركة بي.بي لتعزيز الإنتاج من حقول نفطية حول مدينة كركوك في شمال البلاد، وتابع ”التقيت مع ممثلهم (بي.بي) أمس، وآمل أن نتوصل إلى اتفاق قريبا جدا... إنها إحدى الأولويات“.

عقوبات إيران والصادرات الكردية

صوت البرلمان على تعيين الغضبان وزيرا للنفط بعدما رشحه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي للمنصب، وقال الوزير الجديد إنه سيدرس سبلا لإصلاح وزارة النفط بما في ذلك القضاء على المحسوبية، وذكر الغضبان أنه سيسعى لتطوير المصافي النفطية عن طريق زيادة طاقتها الإنتاجية وتقليل حرق الغاز.

وقال الغضبان إن العراق سيُغلب مصلحته الوطنية، و“يراجع“ صادرات النفط الحالية إلى إيران، التي تقدر بأقل من 30 ألف برميل يوميا، مضيفا أن هذه مشكلة بسيطة في ضوء تلك الكمية، وفيما يتعلق باستئناف تصدير النفط عبر إقليم كردستان، قال الغضبان ”ليست لدينا مواقف مسبقة تجاه الإقليم. بالعكس، سيكون هناك عمل دؤوب لتذليل كافة العقبات“.

وتوقفت الصادرات من حقول كركوك النفطية بعد هجوم شنته القوات العراقية لاستعادة الأراضي المتنازع عليها التي سيطر عليها الأكراد في 2014، حيث جاء الهجوم عقب استفتاء كردي فاشل على الاستقلال عارضته بغداد.

ويصدر العراق معظم نفطه عبر مرافئه الجنوبية، وهو ما يشكل ما يزيد على 95 في المئة من الإيرادات الحكومية للبلاد، وقال مسؤولان تنفيذيان بقطاع النفط لرويترز إن متوسط الصادرات النفطية من جنوب العراق بلغ 3.488 مليون برميل يوميا في أكتوبر تشرين الأول، وأضاف المسؤولان أن الصادرات تراجعت من المتوسط البالغ 3.560 مليون برميل يوميا في سبتمبر أيلول بسبب سوء الطقس الذي أدى لتباطؤ الشحنات في بعض الأيام.

لماذا كركوك بهذه الأهمية؟

الحجم والإيرادات. وقف الصادرات من كركوك عطل تدفق نحو 300 ألف برميل يوميا من العراق صوب تركيا والأسواق العالمية - مما تسبب في صافي فاقد إيرادات بنحو ثمانية مليارات دولار منذ التوقف العام الماضي.

معظم صادرات العراق يأتي من الحقول الجنوبية، لكن كركوك من أكبر وأقدم حقول النفط في الشرق الأوسط، إذ يقدر النفط القابل للاستخراج فيه بحوالي تسعة مليارات برميل.

تنظر الولايات المتحدة أيضا إلى كركوك كخيار للمساعدة في تعويض نقص المعروض النفطي العالمي الناجم عن عقوباتها على إيران، والتي تحظر استيراد النفط الإيراني.

وتضغط الولايات المتحدة على بغداد لتعليق جميع شحنات النفط من إيران واستئناف الضخ من كركوك إلى تركيا، حسبما تقول مصادر بالقطاع.

ما الذي أوقف الصادرات، وما العقبات الباقية، الصادرات متوقفة منذ أكتوبر تشرين الأول 2017 عندما انتزعت قوات الحكومة العراقية السيطرة على كركوك من السلطات الكردية شبه المستقلة في شمال العراق ردا على تنظيم استفتاء على استقلال إقليم كردستان.، سيطر الأكراد على كركوك وحقولها النفطية بعد أن طرد مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية الجيش العراقي من المنطقة في 2014، ومن ثم طردت القوات الكردية مقاتلي التنظيم لاحقا، يتوقف استئناف الصادرات من كركوك على المفاوضات بين بغداد والأكراد.

من يسيطر على تدفقات نفط كركوك؟

على الورق، بغداد. لكن إذا قرر العراق استخدام خط الأنابيب الكردي لتصدير النفط، فسيحتاج إلى التفاوض، من المرجح أن يسعى الأكراد في المقابل لنيل حصة أكبر من إيرادات الحكومة العراقية من النفط. وقد يتعين على بغداد أيضا أن تتفاهم مع روسنفت الروسية التي اشترت الجزء الكردي من خط الأنابيب العام الماضي.

الأردن والعراق بحثا تعزيز التعاون النفطي والإقتصادي

بحث عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني والرئيس العراقي برهم صالح الخميس تعزيز التعاون الإقتصادي خصوصا مد أنبوب نفط من مدينة البصرة إلى العقبة، وتأهيل الطريق البري بين البلدين، وبحسب بيان صادر عن الديوان الملكي، اجرى الملك مباحثات مع الرئيس العراقي في عمان اتفقا خلالها على "توسيع التعاون بين الأردن والعراق في شتى الميادين، خصوصا الاقتصادية والتجارية والإستثمارية والطاقة والنقل".

وأكد الجانبان "ضرورة المضي قدما في تنفيذ عدد من المشاريع الإقتصادية المشتركة، خصوصا خط أنبوب النفط من مدينة البصرة الى ميناء العقبة، وتأهيل الطريق البري بين عمان وبغداد، وإنشاء منطقة صناعية مشتركة على الحدود بين البلدين".

ويفترض أن ينقل الأنبوب النفط الخام من حقل الرميلة العملاق في البصرة (545 كلم جنوب بغداد) الى مرافئ التصدير في العقبة (325 كلم جنوب عمان) ويزود الأردن بجزء من احتياجاته من النفط، من جهته، أكد صالح خلال المباحثات أن "تنفيذ المشروع (...) يعتبر استراتيجيا بالنسبة للعراق".

وكانت الحكومة الأردنية وافقت في شباط/فبراير الماضي على اتفاق اطار بخصوص مشروع مد انبوب النفط، ووقع الاردن والعراق في 9 نيسان/ابريل 2013 اتفاق اطار لمشروع أنبوب بطول 1700 كلم لنقل النفط بكلفة تقارب نحو 18 مليار دولار وسعة مليون برميل يوميا، ويأمل العراق الذي يملك ثالث احتياطي نفطي في العالم يقدر بنحو 143 مليار برميل بعد السعودية وايران، بأن يؤدي بناء هذا الانبوب الى زيادة صادراته النفطية وتنويع منافذه.

من جهتها، تأمل المملكة التي تستورد 98 بالمئة من حاجاتها من الطاقة بأن يؤمن الانبوب احتياجاتها من النفط الخام التي تبلغ نحو 150 الف برميل يوميا والحصول على مئة مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي يوميا.

ويرتبط البلدان باتفاق سابق يتضمن تزويد الأردن 10 آلاف برميل يوميا من النفط العراقي الخام ترتفع لاحقا إلى 15 ألف برميل، ثم إلى 30 ألف برميل فضلا عن ألف طن من الوقود الثقيل، إلا أن الاتفاق متوقف نتيجة الأوضاع الأمنية المتدهورة بالعراق، وكان العراق يزود الاردن بكميات من النفط بأسعار تفضيلية وأخرى مجانية ابان عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا