ركود غير مسبوق: هل تصمد شركات الطيران امام الازمة الخليجية؟
إيهاب علي النواب
2017-07-29 04:40
صرح الاتحاد الدولي للنقل الجوي (اياتا) إن الطلب العالمي على السفر جوا ارتفع 7.7 في المئة في مايو أيار مع تسجيل جميع المناطق تقريبا، باستثناء الشرق الأوسط وأمريكا الشمالية، مستويات قياسية مرتفعة لمعامل الحمولة، وشهدت شركات الطيران في الشرق الأوسط زيادة في الطلب بلغت 3.7 في المئة في مايو أيار مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي مقتربة من أدنى مستوياتها في ثماني سنوات فيما عزاه اياتا إلى الحظر على حمل أجهزة الكترونية كبيرة في مقصورة الركاب من عشر مطارات في المنطقة على الرحلات المتجهة إلى الولايات المتحدة إضافة إلى الضبابية بشأن مقترح ترامب بفرض قيود على السفر، وانضمت الخطوط الجوية القطرية إلى طيران الإمارات والخطوط الجوية التركية والاتحاد للطيران في الإعلان عن رفع الحظر.
وذكر اياتا إن الطاقة الاستيعابية، التي تقاس بالمقاعد المتاحة والكيلومترات المقطوعة، ارتفعت 6.1 في المئة بوتيرة أبطأ من الطلب وهو ما يعني أن معامل الحمولة، وهو مؤشر على مدى امتلاء الطائرات، زاد 1.2 نقطة مئوية إلى 80.1 في المئة، في حين أفاد المدير العام لاياتا ألكسندر دو جونياك أنه من المرجح أن تتضاءل قدرة شركات الطيران على تحفيز الأسواق بأسعار منخفضة في الأشهر القادمة نظرا لارتفاع أسعار الوقود وتكاليف مدخلات أخرى.
من جهة اخرى ستحتاج شركات الطيران إلى 637 ألف طيار في السنوات العشرين المقبلة لمواكبة النمو في قطاع الطيران الدولي، حسب ما ذكرت شركة بوينغ الأمريكية لصناعة الطيران في تقرير سنوي، وارتفع تقدير الشركة الأخير عن الحاجة للطيارين بـ3,6 بالمئة من تقرير العام الفائت، وستحتاج شركات الطيران في منطقة آسيا المحيط الهادئ وحدها 253 ألف طيار جديد، وهو ما يمثل ثلث العدد المطلوب، بحسب التقرير الذي اعده قسم الخدمات الدولية في الشركة.
وقدرت الشركة احتياج شمال أمريكا إلى 117 ألف طيار وأوروبا إلى 106 الاف طيار في الفترة من 2017 وحتى 2036، وتوقع التقرير الحاجة إلى 648 ألف فني جديد في قطاع صيانة الطائرات، بتراجع قدره 4,6 بالمئة عن تقدير العام الماضي بسبب تخفيض ساعات الصيانة المطلوبة من "بيونغ 737 ماكس".
وبالنسبة لأطقم الرحلات، ذكر التقرير الحاجة إلى توظيف 839 ألف مضيف جوي حتى العام 2036، منهم 173 ألف في منطقة آسيا-المحيط الهادئ، 173 ألف في اوروبا، 154 ألف في شمال اميركا، و96 ألف في الشرق الأوسط، وذكرت دراسة من شركة "سي آيه إي"، المتخصصة في تدريبات الطيرات المدني، أن شركات الطيران ستحتاج 255 ألف طيار إضافي خلال السنوات العشرة المقبلة، ويحذر عدة خبراء من ان شركات الطيران ستواجه قريبا نقصا في عدد الطيارين.
مطار أبوظبي الدولي يتوقع تباطؤ وتيرة نمو الركاب في 2017
ذكر الرئيس التنفيذي بالإنابة لمطارات أبوظبي إن مطار أبوظبي الدولي يتوقع تباطؤ وتيرة نمو عدد الركاب العام الجاري، وذكر عبد المجيد الخوري إن ثاني أكثر مطارات الإمارات ازدحاما يتوقع 25 مليون مسافر في 2017 مقارنة مع 24.5 مليون في المئة 2016 بنسبة زيادة نحو اثنين في المئة مقارنة مع نمو 5.1 في المئة في 2016، واضافت متحدثة باسم مطارات أبوظبي أن هذا عام صعب لأنشطة الطيران حول العالم بل وللمنطقة أيضا، رأينا شيئا من التباطؤ في شركات الطيران التي تعمل في مطار أبوظبي فضلا عن الوضع السياسي الإقليمي وكل هذه العوامل تقود لنمو ابطأ قليلا، وفي العام الجاري تباطأت وتيرة نمو شركات الطيران في الشرق الأوسط في ظل أوضاع اقتصادية صعبة بعد أن كانت تسجل نموا سريعا. وتفاقمت الضغوط جراء قيود السفر التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والأزمة السياسية في الخليج.
وتجري شركة الاتحاد للطيران، الناقلة الرئيسية في مطار أبوظبي الدولي، مراجعة لاستراتيجيتها وتسعي لتعيين رئيس تنفيذي جديد خلفا لرئيسها المخضرم جيمس هوجان الذي ترك منصبه في الأول من يوليو تموز، من جهة أخرى ألغت الولايات المتحدة حظرا كانت قد فرضته على حمل المسافرين أجهزة الكمبيوتر المحمول داخل الطائرات على متن الرحلات القادمة من العاصمة الإماراتية أبوظبي. لكن رحلات الطيران بين أبوظبي والدوحة معلقة منذ الشهر الماضي بعد أن قطعت الإمارات وثلاث دول عربية أخرى العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر، واستقبل مطار أبوظبي الدولي 10.1 مليون مسافر في أول خمسة أشهر من العام الجاري بزيادة 1.8 في المئة على أساس سنوي، ومطار دبي الدولي هو الأكثر ازدحاما في الإمارات العربية المتحدة وهو مركز لطيران الإمارات كما أنه الأكثر ازدحاما في العالم، حيث بلغ عدد المسافرين عبر مطار دبي الدولي 36.97 مليون مسافر في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2017 بزيادة نسبتها 6.7 بالمئة على أساس سنوي.
وعلى نحو غير معتاد يبدو وضع طيران الإمارات صعباً أيضاً. فللمرة الأولى منذ عام 1996 لا توزع الشركة أرباحاً على المساهمين بعد أن تراجعت الأرباح بنسبة 82 بالمئة. وقد حملت السنة الماضية معها مشاكل كثيرة بالنسبة لطيران الإمارات: "تسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لوحده بخسائر تقدر بـ18 بالمئة"، كما يذكر مدير الشركة تم كلارك. وعلاوة على انخفاض أسعار النفط تسبب عوامل أخرى طويلة الأمد خسائر، منها ضعف الدرهم الإماراتي أمام الدولار وخسارة أسواق مهمة كالعراق وسوريا وليبيا أو الرحلات رخيصة الثمن طويلة السفر كالتي تأتي من النرويج.
المقاطعة الخليجية تتسبب بخسائر للخطوط الجوية القطرية
الشركة الخليجية الوحيدة التي لم تمر بأزمة هي شركة الخطوط الجوية القطرية. فقد نمت أرباحها بثبات وبلغت في السنة المالية الماضية 22 بالمئة. وكانت الأمور تسير على ما يرام حتى اندلعت الأزمة الخليجية قبل أكثر من أسابيع ففرضت دول عربية مقاطعة على قطر. وبالنسبة للشركة القطرية المعتادة على الأرباح فيشكل هذا مصيبة؛ فهي لا تستطيع تسير رحلات للدول المجاورة، والتي يشكل زبائنها خمس ركاب القطرية. كما يتحتم على الشركة القطرية تغير خطوط طيرانها بعيداً عن المجال الجوي لدول المقاطعة، مما يرتب أعباء مالية إضافية، كما يتوقع محللون ارتفاع أسعار الكيروسين نتيجة المقاطعة بنسبة 10 بالمئة مما يرتب خسائر أخرى على القطرية. الا انه لم يتم الغاء أي من الطلبات على الطائرات الجديدة وأنه وبدلاً من الرحلات الملغاة إلى دول المقاطعة يرغب بتسيير رحلات إلى إيران وأنه عازم على تشغيل خطوط جديدة، بأسرع مما كان مخططاً له، إلى كل من مقدونيا وسلوفينيا والبوسنة، وكل ما ذكره أكبر الباكر لا يضمن استمرار "الخطوط الجوية القطرية" على قيد الحياة.
في الحقيقة فإنّ سنوات العز بالنسبة لشركات الطيران الخليجية، وفي مقدمتها طيران الإمارات وطيران الاتحاد والخطوط الجوية القطرية، قد ولّت وبشكل غير متوقع. وقد حدثت سلسلة من التطورات أدت إلى تلك الحال. بدأت تلك السلسلة بانخفاض أسعار البترول عام 2014، الذي يشكّل بالنسبة لكثير من دول الخليج أهم مصدر للإيرادات . كما أنّ الركود في القطاع النفطي أدى إلى تراجع الطلب على مقاعد الدرجة الممتازة. ويبدو انّ وضع طيران الاتحاد هو الأسوأ؛ فهي الأحدث سناً والأصغر بين شركات الطيران الخليجية وقد قامت بالمناورة عن طريق إستراتيجية عقد الشراكات. غير أنه تبين أن كل تلك الشراكات كارثية.