كامالا هاريس تحتاج إلى سياسة اقتصادية من ابتكارها
بروجيكت سنديكيت
2024-08-17 05:52
بقلم: مايكل آر سترين
واشنطن، العاصمة- كانت واحدة من أكبر العقبات التي عرقلت محاولة الرئيس الأمريكي جو بايدن إعادة انتخابه أن الناخبين اعتبروه مديرا سيئا للاقتصاد. وقد تبين أن الأميركيين قد لا يرون ذات الرأي بشأن نائبة الرئيس كامالا هاريس، التي أصبحت المرشحة الديمقراطية المفترضة بعد انسحاب بايدن.
يشير استطلاع رأي جديد أجرته فاينانشال تايمز وجامعة ميشيجان إلى أن الرئيس السابق دونالد ترمب يتخلف عن المنافس في الإدارة الاقتصادية لأول مرة منذ بدأ مستطلعو الآراء يتتبعون القضية قبل عام تقريبا. يسأل الاستفهام الجيد التصميم المستجيبين عن المرشح الذي يثقون به بدرجة أكبر في إدارة الاقتصاد، بصرف النظر عن رأيهم العام في المرشحين وكيف يخططون للتصويت في عام 2024. من فبراير/شباط إلى يوليو/تموز، كان ما بين 40% إلى 43% من المستجيبين يثقون في ترمب أكثر من بايدن، الذي لم يتجاوز تأييده قَـط 37%. لكن مكانة هاريس كانت أعلى بسبع نقاط مئوية كاملة من أرقام بايدن في يوليو/تموز، حيث أعرب 42% من المستجيبين عن ثقتهم فيها أكثر من ترمب.
لم تسحب هاريس الدعم من ترمب، الذي اعتبره 41% من المستجيبين ــ وهو ذات رقم يونيو/حزيران ويوليو/تموز ــ أكثر جدارة بالثقة. بدلا من ذلك، انخفضت حصة المستجيبين الذين ذكروا أنهم لا يثقون في أي من المرشحين من 18% في يوليو/تموز إلى 10% في أغسطس/آب. ولا تزال نسبة 10% من الناخبين مُـتاحة لأي من المرشحين، وكذا نسبة 5% من المستجيبين الذين أفادوا بعدم تأكدهم من أي المرشحين أفضل.
يتعين على حملة هاريس أن تركز بشِدّة على كسب نسبة الـ15% هذه من الناخبين. لتحقيق هذه الغاية، بدءا بالخطاب الذي يركز على الاقتصاد والذي تخطط لإلقائه هذا الأسبوع في ولاية كارولينا الشمالية، يتعين على هاريس أن تنهي على الفور جهود البيت الأبيض المتنافرة لإقناع الأميركيين بأن تخوفاتهم إزاء إدارة بايدن للاقتصاد غير مبررة، وأن تعترف بدلا من ذلك بصحة مخاوف الناخبين.
مع وصول التضخم إلى أعلى مستوياته في أربعة عقود خلال سنوات بايدن، تراجعت رفاهة الأسر الأميركية. فمنذ تولى بايدن منصبه، ارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 19%، في حين زادت أجور العامل العادي بنسبة 17%. وكان دخل الأسرة المتوسطة المعدل حسب التضخم أقل في عام 2022 (أحدث عام تتوفر عنه بيانات مكتب الإحصاء) مما كان عليه في عام 2021، وأقل في عام 2021 مما كان عليه في عام 2020، وأقل في عام 2020 مما كان عليه في عام 2019.
يتعين على هاريس أن تعترف بالتحديات التي يواجهها الأميركيون العاديون وأن تُـفـصِـح بوضوح عن الكيفية التي ستختلف بها عن بايدن في معالجة هذه التحديات. ما يدعو إلى التفاؤل أن هاريس، باعتبارها المرشحة المفترضة، تتمتع بفرصة مشروعة لإعادة اختراع نفسها. وليس في هذا استخفاف، تماما كما لم يكن جورج بوش الأب مُـستَـخِفّا عندما أعرب عن رغبته في "أمة أكثر لطفا وودّا" عند قبوله ترشيح الحزب الجمهوري له لمنصب الرئاسة عام 1988 بعد أن شغل منصب نائب الرئيس في إدارة ريجان الواقعية القاسية لمدة ثماني سنوات. من الطبيعي أن تعمل هاريس بشكل مختلف عن بايدن (أو أي شخص آخر) كرئيسة تنفيذية، وينبغي لها أن توضح الطبيعة المحددة لهذه الاختلافات.
الواقع أن الأميركيين يتحرقون شوقا لاتجاه جديد من جانب الحزب الديمقراطي. إذ يعتقد ستة من كل عشرة من المشاركين في استطلاع فاينانشال تايمز/ميشيجان أن هاريس يجب أن تتبنى نهجا مختلفا تماما أو تُـدخِـل تغييرات كبيرة على سياسات بايدن الاقتصادية. والتضخم هو أكبر همومهم، حيث ذكر 39% من المستجيبين للاستطلاع السياسات الديمقراطية كواحدة من قضايا ثلاث مسؤولة في المقام الأول عن التضخم خلال الأشهر الستة الأخيرة. ويقول 24% فقط ذات الشيء عن سياسات الجمهوريين.
أما عن الكيفية التي ينبغي أن يكون عليها نهج نائبة الرئيس الجديد، فلدي أربعة اقتراحات.
بادئ ذي بدء، إذا قررت هاريس توسيع شبكة الأمان الاجتماعي أو استحقاقات الطبقة المتوسطة، فينبغي لها أن تتبنى نهجا موجها. كان بايدن يرسل شيكات تحفيزية إلى الأسر التي يتكون دخلها من ستة أرقام (كما فعل ترمب) وضاعف تقريبا مدفوعات التأمين ضد البطالة، وقد ساهم ذلك في زيادة التضخم. ربما يرحب الأميركيون مرة أخرى بالرأي القائل بأن برامج الإنفاق ــ الممولة بالطبع بأموال آخرين ــ ينبغي أن تقدم فقط لأولئك الذين يحتاجون حقا إلى الدعم العام.
ثانيا، ينبغي لهاريس أن تقدم نفسها كرئيسة عازمة على معالجة المشكلات التي تواجه الاقتصاد الأميركي، وليست رئيسة تريد إحداث تغييرات جذرية. ذلك أن الشعب الأميركي ــ الذي يقول مرة أخرى بوضوح إنه يريد نهجا مختلفا عن نهج بايدن ــ ربما يكره حالة عدم اليقين التي قد يُـحـدِثها رئيس ثان يَـعِـد بثورة اقتصادية.
وقد يكون تخوفهم أكثر عملية أيضا. فالحكومة لا تمتلك الكفاءة اللازمة لإعادة تشكيل الاقتصاد، وهو ما بات واضحا مع محاولتها القيام بذلك على وجه التحديد. تَـوَصَّـل تحقيق جديد أجرته صحيفة فاينانشال تايمز إلى أن 40% من أكبر الاستثمارات في التصنيع والمرتبطة بقانون خفض التضخم الشامل وقانون الرقائق الإلكترونية والعلوم اللذين أقرهما بايدن جرى إرجاؤها لمدد تصل إلى عدة سنوات أو توقفت إلى أجل غير مسمى.
ثالثا، ينبغي لهاريس أن تعترف بالقيود المالية. كانت خطة الإنقاذ الأمريكية لعام 2021، بتكلفتها المذهلة التي بلغت 1.9 تريليون دولار، السياسة المالية الأكثر تهورا التي تلاحقها الحكومة الأمريكية في عقود من الزمن. لو كان بايدن أكثر مسؤولية من الناحية المالية، لكان التضخم الأمريكي أكثر اعتدالا، وكان الرئيس ليحظى في الأرجح بمعدل تأييد أعلى.
أخيرا، ينبغي لهاريس أن توضح لمجتمع الأعمال والأميركيين ذوي الدخل المرتفع أنها تنظر إليهم كمواطنين، وليس كخصوم. ينبغي لها أن تشير إلى نهاية النهج التنظيمي الذي يثبط عقد الصفقات وأن توضح أن السياسة الضريبية لن تستخدم كإجراء عقابي.
يشكل برنامج السياسة الاقتصادية الذي يعلنه أي مرشح رئاسي مخططا عريضا للحكم. لكنه يُـعَـد أيضا بيانا للقيم والنهج والنمط. يريد الأميركيون نمطا جديدا من الإدارة الاقتصادية، نمطا أكثر استقرارا، وأقل إثارة للانقسامات، وأعظم تحملا للمسؤولية، وأشد رسوخا.