الطلاق العاطفي: أين موقعي من الاهتمام؟
فهيمة رضا
2016-11-15 09:18
الفوضى عارمة في كل مكان، لا يوجد شيء في مكانه حتى أنا، في بعض الأحيان أشعر أنني أيضا لست في المكان المناسب، بل وُجِدتُ في المكان الخطأ!.
يكمن في داخلي ألم عنيد.. قبل أعوام كنت أحلم بأشياء كثيرة أمنّي نفسي بها، والآن خاب ظني! أتمنى أن أرجع كما كنت، كأنني كنت أحلم بغرابة، وكأن الأحلام أصبحت تعاقبني على إفراطي الكبير .
فبعد يوم طويل وعمل شاق لا يوجد شيء يعكر مزاجي أسوأ من أجواء البيت.. هل قلتُ البيت؟ إنهُ ليس كذلك، يجب أن أسمّيه سجن العذاب!.
أتجول في الشوارع كي أقضي على ساعات العذاب قبل أن تقضي عليّ بقسوتها لئلا أرجع إلى سجني المظلم، لطالما قرأت عن القفص الذهبي في ما يخص النساء ولكن في الآونة الأخيرة أصبح كل شيء للاثنين معا والسجن الذهبي لا يخرج من هذه القائمة أيضا، السجن الذهبي أصبح يخص المرأة والرجل معاً!.
ربما يستهزئ بي أو يقلل من شأني أو يجعل رجولتي تحت المجهر!.
ولكن لا يهمني الأمر، أكتب كي تكون كلماتي كمنبّه ربما يسبب الإيقاظ، كي تفيق النساء من نومهن العميق، ربما أكون قاسيا ولكن القسوة في بعض الأحيان تكون أكثر فائدة من كلمات الحب لأنها توقظك من الغفلة.
لا أحد يشعر بي، لأنني بمثابة الرجل الحديدي، فليس من حقي أن أتكلم عن التعب! ولكن كما أن المرأة تكافح، الرجل أيضا يكافح كي يجعل مصباح البيت منيرا.
يجب أن أخرج من البيت في الصباح الباكر كي أستطيع أن أجلب ما طلبت مني الأميرة، يجب أن أعمل في ثلاثة أماكن كي أؤمِّن للعائلة ما تشتهي أنفسهم ولكن أنا؟ لا أَجِد نفسي أبدا بين كلماتهم وأفعالهم إلا وقت الحاجة إلى المال، أين موقعي من الاهتمام؟ لا يوجد جواب.
أموت كي تحيى عائلتي ولكن في المقابل لم أَجِد سوى توقعات واهية تدفعني إلى متاهة لا متناهية!.
في بعض الأحيان أودّ أن أموت وأرتاح من هذه الفوضى!.
كتائه أنا في ظلمات البر ...
كقنديل أنا في هذا البرد القارس ...
معلق بين الأرض والسماء لا أدري في أية لحظة سوف يقضى عليَّ، قيل إن الزواج سكنْ وراحة ولكن سرعان ما تغير كل شيء الى وجع وآفة !وهل تختفي أجواء الحب من الحياة بهذه السرعة، أين أميرتي التي تزوجت منها؟ أين من كانت لي الحياة وكنت لها الحياة؟.
كأن الحب قد اختفى من حياتنا فجأة، أو بالأحرى أنا اختفيت أو حُذِفتُ من حياتها.
سيدتي أقدّر ما تقومين به، أعرف إنك تبذلين جهدا كي تجعلي مصباح البيت مضيئا على الدوام، أعرف انك عانيت كثيراً مع الأطفال، أقدر جهودك، أعرف إنك تواجهين صعوبة في التعامل معهم، ولكن هل أنّ اسمي مكتوب في قائمتك؟ أم أنه ليس موجوداً أصلا؟.
لِمَ لم أَجِد نفسي بين صفحات كتابك أو كلمات قصتك، لم أَجِد لنفسي أي شيء يربطني بكِ!
هل يحين دوري في يوم ما؟، أم يجب أن أنام كل ليلة وحدي، بينما أنت تقرئين قصص الحب لأطفالنا؟.
وأنا من يقرأ لي كلمات الحب كي أغفو وأرتاح من عذاب النهار الطويل والعمل المضني، أين أميرتي التي كانت تسمعني تراتيل الحب؟، أين ملهمتي التي عشتُ معهى أجمل لحظات حياتي، كيف تحوّلتْ تلك الأميرة الى جمادٍ لا روح فيه؟؟.
أليس من الأحسن أن تقرئين القصص لأطفالنا في وقت مبكر، حتى يحين دوري، ألا تعنيكِ سعادتي؟.
لماذا لا أجدكِ كلما احتجتُ إليك؟ هل تعرفين هذا الشعور؟ لا بالطبع، فأنت مدللة دائما، لا تعرفين شعور رجل يستجدي الحب ممن يجب أن تسقيه بماء الحب.
لا تقولي لي إنكَ أناني ومغرور كالعادة، فقط فكري بي قليلا.. هل بيتك ملجأ أمان لي؟
كل رجل لابد أن ينكسر في العمل عندما يتعامل مع أناس تعاني من الاضطرابات العصبية، لابد أن ينظر فجأة إلى نساء جميلات دون أن يقصد ذلك ويشعر بلهفة، لابد أن يتكلم مع أناس يرتلون على مسامعه أجمل أنغام الحياة، لابد أن يشعر بالتيه والتعب في يوم ما، لابد أن يحتاج أن يرجع الى ملجأ آمن كي ينام مرتاحا، كي يروي ظمأه!
ولكن ماذا لو ارتوى بالسمّ بدلا من الماء؟ ماذا لو أُهْمِل وتُرِك وحيدا دون أية لمسة حب، ماذا لو رَأىٰ امرأة عصبية ثرثارة أمامه بدلا من أولئك النساء الجميلات!؟
أنا رجل ولكن ضخامة كتفي وخشونة يدي لا تعني أنني لن أحتاج الحب والاهتمام .
لأنني رجل لا يجب أن تتوقعي أن أكون مبادراً دائما، في بعض الأحيان أرجع خطوات إلى الوراء كي أرى مدى اهتمامكِ بي، ولكن لم أَجِد سوى امرأة منهكة من العمل أو منشغلة بنفسها فقط، برأيك كيف يجب أن أستعيد قواي؟ كيف أنفض غبار التعب عن جسدي الهزيل وروحي المهمشة؟
كما تتوقعين أفضل الأشياء والملابس وأثاث البيت، هل فكرتِ بأن تكوني أفضل زوجة؟
كما تتوقعين أن أغازل وجهك الشاحب هل فكرت أن تغازلي تعبي، وتخلصيني من ساعات الإرهاق المرير في العمل؟
امنحيني الفرصة كي أحلق في سماء حبك عاليا، لا تكسري جناحي بخنجر قسوتك أو اهتمامك الزائد عن الحد، كوني امرأة بمعنى الكلمة، تدللي، ابتسمي بلطف كي تضحك لي الحياة مِن جديد، كوني أميرتي الفريدة، احترمي رجولتي وأنوثتك!.
ثقي بنفسك لا تكوني ضعيفة الى هذه الدرجة، لا تبكي كل مرة نتكلم فيها عن مشاكلنا، بل ابحثي عن حل، أنا لست طفلاً كي أفعل ما تريدين وتراقبين كل حركة أقوم بها!، أنا لست شيئا بلا روح كي تغيّري بي ما شئتِ!.
أنا لست لغزاً كي تبحثي عن حلول ما لكيفية معاملتي، أنا رجل فقط يكفي أن تحترمي رجولتي وتعامليني باحترام كي أذوب في حبكِ، ولا أشتاق لأميرة غيركِ، كي لا أبحث عن طعام دافئ خارج البيت ينقذني من التجمّد في البرد القارس!.
قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: {الصلاة قربان كل تقي والحج جهاد كل ضعيف، وجهاد المرأة حسن التبعل} نهج البلاغة ج4 ص34.