سمات المجتمع المتخلّف حضارياً
محمد عبد الجبار الشبوط
2025-08-24 04:11
التخلف الحضاري ليس شعارًا سياسياً ولا شتيمة اجتماعية، بل هو توصيف علمي لحالة تعيشها مجتمعات تفقد التوازن في عناصر مركبها الحضاري: الفكر، السياسة، الاقتصاد، الاجتماع، والثقافة. ومن المفيد أن تُدرك الشعوب سمات هذا التخلف حتى تعي موقعها الحقيقي في السلم الحضاري، فتسعى بوعي للتغيير.
أولاً: على الصعيد الفكري
1. جمود الفكر: غياب الإبداع وسيادة التقليد، حيث يُعاد إنتاج نفس الأفكار دون نقد أو تطوير.
2. هيمنة الخرافة: انتشار التفكير الغيبي واللاعقلاني على حساب العلم والتحليل.
3. رفض النقد: اعتبار النقد عداءً أو خروجًا على الجماعة بدلاً من اعتباره وسيلة إصلاح.
ثانياً: على الصعيد السياسي
1. الاستبداد: احتكار السلطة في يد فرد أو فئة ضيقة، وغياب المشاركة الشعبية.
2. ضعف المؤسسات: غياب الفصل بين السلطات، وسيادة شخص الحاكم على حساب الدستور والقانون.
3. ثقافة الطاعة: ميل الناس إلى الانقياد العاطفي واعتبار المعارضة خيانة.
ثالثاً: على الصعيد الاقتصادي
1. الريع والاعتماد: الاقتصار على مورد واحد (نفط مثلاً) بدلاً من بناء اقتصاد إنتاجي متنوع.
2. الفساد المستشري: نهب المال العام وتحويل الثروة إلى غنيمة للسلطة والنخب المقرّبة.
3. الفقر والبطالة: غياب العدالة في توزيع الثروة، وضعف فرص العمل الكريم.
رابعاً: على الصعيد الاجتماعي
1. الانقسام والتشرذم: تغليب الانتماءات العشائرية والطائفية والمناطقية على الانتماء الوطني.
2. ضعف المواطنة: النظر إلى الناس كـ”رعايا” لا كـ”مواطنين” متساوين في الحقوق والواجبات.
3. التمييز ضد المرأة: إقصاء نصف المجتمع من المشاركة الفاعلة في البناء.
خامساً: على الصعيد الثقافي والقيمي
1. تقديس الماضي: العيش على أمجاد التاريخ دون قدرة على إنتاج جديد.
2. اللامسؤولية الجماعية: ضعف روح المبادرة والاكتفاء بلوم الآخرين على الفشل.
3. الاستهلاك المفرط: تقليد الآخر في المظاهر دون استيعاب جوهر الحضارة (العلم، النظام، الإبداع).
خاتمة
المجتمع المتخلّف حضارياً هو الذي يعاني في فكره من الجمود، وفي سياسته من الاستبداد، وفي اقتصاده من الفساد، وفي اجتماعه من الانقسام، وفي ثقافته من الاستهلاك والتقليد. إدراك هذه السمات بوعي هو الخطوة الأولى في تجاوزها. فالاعتراف بالمرض شرط للعلاج، ومعرفة موقعنا على السلم الحضاري شرط لتصحيح المسار.