هل تؤيد الزواج عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟

مصطفى ملا هذال

2024-02-24 08:06

تروي لنا شيماء حسين احدى موظفات القطاع العام قصة زواجها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تقول، "تحدث معي أحد الأشخاص الذي أصبح زوجي فيما بعد على تطبيق الانستغرام، طلب مني الاستمرار على التواصل لدواعي كنت اجلها لكنه يعرف الى أين يريد الوصول".

تواصل شيماء الحديث عن مسار الاحداث التي حصلت مع الشخص الذي طلب الحديث معها، "اعتدنا الكلام بشكل يومي، اذ يستمر الحديث والنقاش بالأمور العامة قبل الخاصة لشهور عدة، بدأت الرغبة في الحديث المطوّل تنتابني، واشعر بالانزعاج حين انتهاء المحادثة اليومية، وبعد فترة دامت لأقل السنة فاتحني بموضوع الزواج وانتهى الامر الى اننا نعيش تحت سقف واحد".

وتقول اسراء احدى ناشطات المجتمع المدني، "لقد تعرفت على شخصية الشاب الذي تقدم لي بالزواج عن طريق حساباته الشخصية، اذ اعطتني منشوراته قبول اولي بطريقة تفكيره وأسلوب تعامله مع الاحداث المحيطة، وقد كانت كتاباته بمثابة الضوء الأخضر الذي أكملنا بعده المشوار ليكون شريك حياتي لغاية الآن".

تجربة شيماء واسراء لم تكن هي التجارب الأولى ولا الأخيرة فكثير من حالات الزواج حصلت عن طريق الشبكات الاجتماعية، حيث أعلن ابطال تلك القصص عن طريقتهم في التعارف والاختيار دون الشعور بالحرج والتردد نظرا للعادات والأعراف الاجتماعية السائدة، ولم يتوانى البعض عن الاشهار بهذا النوع من العلاقة التي اُختتمت بالزواج وإنجاب الأطفال وتكوين اسرة.

الاطلاع على هذه التجارب يؤكد الدور الذي الاجتماعي الذي لعبته وتلعبه الشبكات الاجتماعية، ففي جزء من وظيفتها هو تعزيز القيم والروابط الاجتماعية، لذا يأتي موضوع الزواج والتقارب بين الأشخاص في صلب الهدف المعلن عنه حين ظهورها.

الارتباط عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا يخلو كما نظيره في العالم الحقيقي من مشاكل وإشكاليات يمكن تشخيصها والنظر فيها، أبرز هذه الملاحظات هي تخفي الشخصين المُقدمين على الارتباط وراء المثالية المفرطة، مثالية في الإيجابية والتعامل مع المواقف الحياتية، ومثالية في الاستعداد للتخلي عن الاشياء غير الضرورية والاكتفاء بالحاجات الأساسية.

وبعد الدخول بالمحظور والشروع بالخطوة الأولى نحو الزواج يظهر الوجه الحقيقي وتأخذ الطلبات بالتزايد وارتفاع سقف الامنيات، حتى يصل الامر لنكران جميع الاتفاقات وعدم الرجوع الى كل التفاهمات حول القضايا العامة والخاصة، وكأن مرحلة التعارف بدأت بعد الإعلان الرسمي للارتباط.

وقد يكون الخلل بمثل هذه الحالة بالطرفين الذين ركزوا في أوقات الحديث الماضية على الشكليات متناسين الأشياء الجوهرية التي على أساسها يرتفع البناء الاسري القائم على القواعد والاتفاقات الرصينة.

بخلاف هذه الاتفاقات تبدأ العيوب بالخروج واحد تلو الآخر حتى تتطور الحالة وتصل الى طريق مسدود، فالزواج عن طريق الشبكات الاجتماعية لا يختلف مطلقا عن الزواج التقليدي الا من حيث طريقة التعارف، وبالتالي ينسحب عليه كل ما ينطبق على النوع الأول من الزواج.

فهو أيضا بحاجة الى التأني والبحث جيدا والاختبار كثيرا لشريكة حياته وام أولاده المستقبلية، فالاختيار الصحيح يعني ان التخلص من نسبة كبيرة من المشكلات العائلية التي عادة ما تظهر بعد الزواج، وربما يستطيع الزوجين من السيطرة عليها وتلافيها منعا للتفاقم والوصول الى اللاعودة.

قد يعاب على الزواج الذي يتم بهذه الطريقة في الوقت الحالي، وقد يتعرض الزوجين الى جملة من الانتقادات والتهكم الاجتماعي، لكن ومع مرور الوقت ستتمكن الشبكات الاجتماعية بصورة أكثر من حياة الافراد ويكون الارتباط عبر هذه المواقع هو السائد تماشيا مع روح العصر والمستحدثات الوافدة الى مجتمعاتنا.

فهل تؤيد الزواج عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ام ترفض الوصول الى هذه المرحلة؟

ذات صلة

مستقبل عضوية فلسطين في الأمم المتحدة وآثارهاالتعليم العالي: المشهد المحذوفضرورة الشراكة العراقية التركيةالخواطر النفسانية والوساوس الشيطانيةالسياسية الامريكية في المنطقة فقاعة ضارة