الإقصاء والتهديد عاصفة تقلع جذور الزواج
اخلاص داود
2021-10-25 02:04
(أطلقك وأخذ أولادي)، يتردد هذا التهديد الذي يتوعده بعض الازواج ليحمل شريكته على الاستسلام والسكوت والتقبل، وفرض سيطرته عليها، لمعرفته بالخوف المتجذر في نفسها من الفقدان الذي يعطل جميع الاختيارات والمطالب في حال تعارضها مع رغباته وتنفيذ ما هو مطلوب منها.
ان التلويح بهذه التهديدات مثل (سأتزوج ثانية) او (اطلقك واحرمك من اولادك)، وغيرها هو السبيل الوحيد لتحقيق ما يريده في كل مرة تتخاصم معه، واضفاء الاهمية المنطقية والحجة لضرورة الاخذ بها، وهذا الضغط الذي تتلقاه الزوجة يسبب ايذاءا معنويا يكاد يكون اشد ايلاما من الايذاء الجسدي، والخوف من تحقيق ما يتوعد به يجعلها منصاعة تماما له وكلما امتثلت لكلامه يصبح على يقين من ان هذه الطريقة هي الطريقة الناجحة فيتمادى بتهديداته ويستمر بها.
عندما يرفض عقل الزوجة شيئا وتفعله مجبورة من قلة حيلتها وتدبيرها وخوفها من ان تكون مطلقة او خسارة اولادها وغيرها من المخاوف التي تجعلها تعيش في متاهة التفكير والرغبات والارباك، وانعدام قوة المقاومة، وتلك المؤشرات تدلّ على أنّ الزوجة فقدت الامان في حياتها مع الشريك مما يولد حزنا عميقا بداخلها ربما لا تعرف كيف تفسره لغيرها او حتى لنفسها، وان كانت تتصرف بشكلٍ طبيعي مع من حولها.
ينمي فقدان الامان وانعدام الثقة بشريكها فكرة أنها لا تستطيع الاعتماد عليه والبوح له بكل شيءٍ يخصّها من هموم ومشاكل تواجهها خوفا ان يستخدمها ضدها، وهي بمثابة عاصفة تقلع جذور العلاقة حتى لو اظهر حبه واحترامه لها في ايام الصلح، فمشاعر الشك الدائم به تترسخ بداخلها، كما ان تراكم المواقف السلبية ومشاعر الخوف والحزن الناتجة منها يؤدي إلى تدهور العلاقة الزوجيّة تصل الى عدم القدرة على اصلاحها.
ان تكرار هذا الاسلوب من أبشع الأمور التي قد يتصف بها الزوج، وتبين قلت حيلته وعدم معرفته في حل المشاكل الزوجية، وجهله في فنون التواصل السليم والمفاوضة، والبحث عن أصل المشكلة بينهم في اختيار وسيلة تعبير لها نتائج ايجابية، فيلجأ لتخويفها وتوعدها بالعقوبات كفعل يهدد كرامتها بطريقة يجرح مشاعرها ويرعبها، ويسعى في جعلها خائفة من خلال تلاعبه بالكلام ليرغمها على عدم المواجهة والمقاومة والرضوخ الدائم لكل قراراته وافعاله.
ويلقى على الزوجة ايضا المسؤولية في الوصول الى هذه المرحلة لعدم التنبّه لهذا الأمر قبل ان يتطور وهو يتعود عليه وهي تألفه فتنعكس سلبا على علاقتهم، وكذلك مسؤوليتها لعدم المواجهة والبحث لإيجاد الحلول ومن هذه الحلول:
اولا، من الممكن أن يكون بحاجة إلى تنبيه شديد ليتوقف، الخوف والتقبل كردة فعل، هو ما يجعل لديه قناعة أنها لا تفهم وتستوعب ما يريده إلا من خلال هذا الاسلوب، فيجب ان تكوني قادرة على فهمه وفتح باب النقاش بطريقة مختلفة لمنعه من اللجوء لهذا الاسلوب.
ثانيا، عدم الخوف من التهديدات خصوصا اذا اصبح الاسلوب الوحيد الذي يستند عليه لفض الخلافات، وافساح الطريق له لتحقيق تهديده واغلاق باب الوعيد والتهديد بالرفض التام وعدم إظهار خوفها لربما سيتراجع اذا كان شخصا غير سيء ومحبا أو يتكلم دون معرفة مدى الاساءة التي يوجهها لزوجته.
ثالثا، وضع الخطوط الحمراء أو حدود الكلام والتصرفات، والثبات على تطبيقها حتى لا يحاول اعادة تعامله المؤذي في المستقبل، ومساعدته في تقبل هذه الافكار والتدرب للتعامل بها، من اجل تقويم العلاقة بينهم بالمسار الذي يضمن استمراريتها.
ان الاختلاف بين المتزوجين مهما تعددت اسبابه سواء كانت فكرية، اجتماعية، دينية، ثقافية، هو امر طبيعي وصحي في حال وجود إدراك أن لكل إنسان حرية شخصية ومن حقه ان يتمتع بها ضمن حدوده التي كفلها القانون والاخلاق الانسانية.
ومع وجود الوعي في الحوار والنقاش الذي يرتكز على الاستماع الجيد وتبادل التنازلات في المستوى المتكافئ واستخدام اسلوب التسامح والعفو، وعدم اقصاء رأي وفرض رأي الطرف الاخر بقوة التهديد بالعقوبات، يستطيع الشريكين الوصول الى نقطة وسط يقفون عليها ومواصلة الحياة بيسر وهناء.