السماح بالرحيل طريق نحو السلام وتشكيل جديد للنفس
اخلاص داود
2021-06-01 07:25
ديدن النفس البحث عن السعادة، وسر السعادة تفويض الأمر بيد الله تعالى والتسليم بحكمه، فهو السلاح لمواجهة الازمات والالم، والنجاة من الامراض النفسية والجسدية، والشعور بالتوازن في خضم الاحداث والصراعات التي اذا مرت على الأخرين أحدثت القلق والتوتر والخوف.
عندما يقدر الانسان الحجم الصحيح للمشاكل ويعرف حجم البشر سيمتلك شعور عميق اسمه التسليم بما كتبه الله يوصله الى السلام الداخلي، تطبيقا لقول الله عز وجل ((لِّكَيْلا تَأْسَوا عَلَى مَا فَاتَكُم وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ)).
وهو ليس قلة اهتمام او عدم الإحساس او برود او احباط وانما هي مشاعر تجعل الانسان لا يفاجئ او يهتز او يقلق بقوة، ولا يفرح او يحزن بعمق، كل المشاعر الجامحة ترفع من قاموسه، فإذا وقع ينهض ويقف اقوى من قبل لأنه مؤمن بقضاء الله وقدره، وفهم الدنيا وطبيعتها وحجمها.
التسليم هو تشكيل جديد للنفس، تجعل الأنسان لا يصعب الامور بالتفكير السلبي، ولا يدخل حياته في صراع، رفيقاً بنفسه وبعيد عن التشنج، ولا يملك الصوت الداخلي للقلق ليقاومه، ولا يخاف من المستقبل، ويعيش اللحظة الحالية بكل ما فيها.
التسليم يجعله لا يستميت للحصول على شيء، (لله الأمر من قبل ومن بعد) فلا يتمسك بشيء ولا يخاف من الفقدان، هو مبدأ السير بصبر ورضا وقناعة بأن لا شيء يبقَ على حاله، وهو اسلوب حياة وانسجام مع الذات وشعور براحة البال، يساعده على اتخاذ التجاهل منهجا، وتبعده عن الأفكار المحبطة التي تثير الخوف بنفسه، فيكون أكثر جراءة واقل خوفا واكثر ثقة بالنفس واستعدادا للتغيير.
فكيف يمكن الوصول للتسليم؟، يضع الطبيب النفسي العالمي ديفيد هاوكنز في كتابه المترجم الى العربية (السماح بالرحيل)، التقنية النفسية للتسليم، لأزالت المعوقات الداخلية للسعادة والفرح والحب والنجاح والصحة، وهو التخلي والسماح بالرحيل من اجل التحرر من جميع أشكال المعاناة التي سببها التعلق بالأشياء أو بالأشخاص أو المواقف، وعدم الخوف من الخسارة، يعني ان لا يكون هناك مشاعر قوية للتمسك والخوف من الفقد نحو اي شيء، والتخلي عن كل ما يعيق راحة البال والتقدم والتطور والتطلع الى الأمام والسماح لها بالرحيل، والتفكير والتعامل وفق معتقد أنه لا مشكلة في أن يحدث هذا الشيء أو لا يحدث، فيكون البعد بهدوء والقرب بهدوء، دون كبت او قمع المشاعر.
ويبين هاوكنز، الفرق بين التنازل والتخلي وعدم الخلط بينهما، فقرار التنازل مرتبط بعدم القدرة على الاستمرار، ولا خلاص من اجترار الم الموقف رغم المماطلة للنسيان وعدم تأنيب النفس، ولكن في التخلي تحرر من مصادر الألم وتجاهل الذكريات السلبية حتى نسيانها.
ويؤكد هاوكنز، اذا استمرينا بالتمسك بالأشخاص أو الأشياء سنبقى سجناء للمشاعر التي يمنحونها لنا، ومهما كانت المشاعر يجب السماح لها بالرحيل.
والتسليم يجعلك تفهم معنى الحب "حب الآخرين وحب النفس". عند تعرض أي منا لأي مشكلة، فقد عزيز أو فقد منصب او الحزن، عصبية، حقد او كراهية سيسلك ثلاث طرق اما أن يكتم الشعور بداخله، أو أن يخبر الآخرين بشعوره او أن يهرب من هذا الشعور، وكل هذه الطرق ستسمح للطاقة السلبية بالنمو داخلك، وبالتالي ستسمح للإكتئاب و الشعور باللامبالاة و الخوف بالدخول لحياتك، الطريقة الأفضل يشرحها كتاب السماح بالرحيل و هي الإعتراف بوجود هذه المشاعر السلبية و السماح لها بالرحيل، و السماح برحيلها يكون على المستوى العقلي او الفكري و الجسدي.