لماذا تنطفئ جذوة الشغف فينا؟

عزيز ملا هذال

2021-05-25 10:15

تنطفئ جمرة حماسنا فنغدو كالموقد المهجور، كل الاشياء التي كنا نتحمس اليها تصبح ساذجة في نظرنا ولا نشعر بها، ما كنا نطارد ليلاً ونهاراً من اجله اصبح ثانوياً او غير مهم اطلاقاً، لا نهتم كيف يرانا الناس ناجحين أم فاشلين، عالمنا كله يدور داخل عقولنا، انتصاراتنا لا تفرحنا وهزائمنا لا تؤذينا بالكيفية السابقة، فقدنا الشغف واصبحنا هكذا!

افعل الأشياء بحب أو لا تفعلها هكذا يقولون ومن هنا تأتي اهمية ان يشعر الفرد بالشغف تجاه الاشياء التي يفعلها والاشياء التي يرغب في الوصول اليها مهما صغر حجمها او كبر ومهما كانت قيمتها المادية او المعنوية، فشغف للإنسان وحبه لجزئية من جزئيات حياته وهو ما يوصله يوماً الى تحقيقها.

اختصر (باولو كويلو) الشغف في مقولته: "الشغف هو الإثارة التي يحدثها ما هو غير متوقع، وهو الرغبة في التصرف بورع واليقين أننا سننجح في تحقيق الحلم الذي طالما راودنا فيرسل إلينا إشارات لنهتدي بها في حياتنا ويجب أن نعرف كيف نفك رموز هذه الإشارات".

الشغف في حياتنا بمكانة المحرك الذي يسير عجلة الكون والحياة وفقدانه يعني الإصابة بالخمول والكسل لأن فقداننا للشغف يعني أن نفقد حماسنا تجاه أي خطوة مستقبلية فجميعنا قد صادف في مكان ما اناس يعلمون من اجل قضاء يوم لا من اجل تحقيق هدف او غاية لكونهم لا يمتلكون الوقود النفسي الداخلي الذي يحركهم ويدفعهم للتحدي وممارسة السلوكيات الحياتية بحب واخلاص.

كل شيء اذا ما اردنا له ان ينجح ينبغي ان يصاحبه انجازه شغف، فأنا لم اكتب مقال ليقرأه الناس لو لم امتلك شغفاً وحباً لما اقوم به، والرياضي الذي لم يملك شغفاً في مجاله ستجده يوما قد اعتزل وهو في قمة العطاء بالمقارنة بأبناء جيله وكذا الحال بالنسبة للرياضي والاعلامي والمدرس والفلاح وكل اصناف المهن والممتهنون، ان لم يعيشوا الشغف في ما يفعلون سيصابون بالسكون ويعجزون عن فعل أبسط الأشياء.

الدراسات تبين اننا اذا فقدنا شغفنا فأننا نضمن ان يبقى اداؤنا في الوضع الطبيعي وبذا اصبحنا نشبه الـ80% من الناس العاديين الذين يقضون حياتهم بطريقة نمطية ليس فيها شيء مثير للاهتمام، اما بقائنا تحت تأثير الشغف فأنه يجعلنا من هؤلاء الـ20% الذين يحققون النجاح والشهرة والتفوق.

يتضح فقدان الشغف من خلال تلاشي شعورنا باللهفة في داخلنا وحينها نصبح مجوفين لا نستطيع التفكير في ما كنا نحلم به ونخطط له وكأن عقولنا دخلت في سبات او طلبت هدنة مما حولها، أتعلم كم من الصعب أن تتلاشى البهجة من داخلك؟، وماذا ستصبح بعد ان تفقد الامل او الرغبة في التقدم؟

ان وصلت لهذه المرحلة فذالك يعني انك وصلت الى اسوء شعور واقسى النكبات التي تغتال الارواح ومن الممكن جداً ان تطرق الأفكار الانتحارية أبواب عقلك يوميًا، او يخذلك المقربين فتبقى تدور في دوامة الصمت والتفكير القاتلين وحينها يصعب عليك الخروج من الازمة سيما اذا فضلت العزلة عن المجتمع ومن هنا تبدأ رحلة فقدان الشغف الوحدة والابتعاد عن الجميع.

من اكثر ما يؤدي بنا كبشر الى فقدان شغفنا هو نمط الحياة والطريقة التي نعيش فيها والتي اخذت تتعقد يوماً بعد اخر وهذا التعقيد المستمر حولنا الى اشبه ما نكون بالآلات التي تنتج لتستمر الحياة فقط من دون حيوية او حماس، ويمثل عدم وجود هدف محدد للانسان يصب تركيزه على تنفيذه ثاني الاسباب البرود، ومن ثم يأتي الشعور بالملل أو التوتر أو الإرهاق الجسدي اضافة الى فقدان الإحساس بالإلهام او فقدان الشخص الملهم في الحياة مما يوصل الفرد الى فقدان الشغف، ناهيك عن وعدم تقدير الغير لإنجازنا سواء المدير أو الأصدقاء أو الأهل وفقدان الشعور بالإنجاز، وليس نهايتها مخالطة الاشخاص السلبيين الذين يغيرون طرق تفكير الانسان اضافة الى الحزن العميق الذي يجعل الشخص يرى الأشياء تافهة، مما يُقلل من حماسه لإنجاز الأعمال أو تحقيق الأهداف.

اما لتجديد الشغف في نفوسنا ينبغي ان نقوم بما يلي: أخذ إجازة قصيرة من العمل للحصول على الإلهام عبر تحشيد القوى الداخلية وشحنها، وقد تكون هذه الخطوة هي اكثر ما يحتاجه فاقد الشغف كي يستعيد عافيته، ومن المهم التركيز على المنجز واكباره لا الانتقاص منه وهذا ما سيعيد للفرد الثقة بما يعمل وتأتي هذه الخطوة ضمن الاهتمام الذاتي لاستعادة التوازن الداخلي، ونحتاج الى التنويع في طرق تنفيذ اعمالنا وهواياتنا للتخلص من الملل والخروج عن التكرار الذي يطفئ الشغف ويجعل تنفيذ الأشياء روتينية، والمحاولة قدر الممكن عدم الاستسلام للصعوبات كما ونحاول البحث عن نافذة النور التي تمنحنا القوة للمواصلة، واخيراً من الصحة بمكان ان نبتعد عن الاشخاص الذين يركزون على السلبي ولا يثمنون الايجابي، وبهذه الاشياء التي تبدو بسيطة نستطيع ان نعيد شغفنا الى سابق توهجه.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي