الموضة أخطر وأقوى سلاح لتدمير المجتمعات
خضير العواد
2020-01-27 04:00
يشير معنى كلمة موضة الفرنسية الأصل الى ابتكار نماذج جديدة من اللباس ووسائل الزينة وغيرها أو نمط يولع به الإنسان مدة ثم يزول، وأما معنى كلمة لباس فيشير الى ما يستر الجسم أو ما يلبس من كسوة وكليهما يمنع الآخر عما لا يحل، فكما يمنع اللباس الحر والبرد فكذلك كل منهما يمنع الآخر ويستره عن الفاحشة.
فالموضة قديمة بقدم معرفة الإنسان باللباس، وقد أخبرتنا الآثار عن موضات الحضارات السابقة وكيف كانت تمتاز الشعوب بملابسها وموضات تلك الملابس وتغيرها من زمن لآخر ومن حضارة لأخرى ومن خلال الملابس يمكنك ان تتعرف على الحضارة والزمن الذي تمثله تلك الملابس ولكن جميعها يتصف بالحشمة والحماية للجسم إن كانت للنساء أو الرجال.
وتظهر الاثار أن الملابس تطورت تطوراً طردياً مع تطور العقل البشري فكلما تقدم العقل البشري حضاريا اصبحت الملابس أكثر حشمة وحماية للجسم، فكان الإنسان البدائي الذي لا يمتلك أي حضارة (متخلف حضارياً) شبه عاري، لهذا اصبحت الملابس مقياسا لتطور عقلية البشر عبر التاريخ فكلما كانت الملابس أكثر حشمة وحماية للجسم كلما كانت الحضارة أكثر تطوراً وتقدماً وهذا ما تخبرنا به أثار الحضارات التي سبقتنا وبالإضافة الى الحشمة والحماية كانت تعطي صورة لهوية الإنسان المكانية والزمنية.
ومع بداية القرن العشرين تغيّرت جميع الموازين التي تتصف بها الملابس فقد تغيّرت الحشمة والستر الى الإغراء وإظهار المفاتن، الشركات العالمية كانت في توسع كبير والعالم يمر في أسوء أزمة اقتصادية بعد الحرب العالمية الأولى لذا احتاجت الشركات الكبرى أفضل الطرق في ترويج بضائعها فلم يجدوا أفضل من جسد المرأة، بعد أن دعموا أفكار رئيس كهنوت الشاكرز المركزي جوزيف مياكام التي طرحها عام 1788 والتي يقول فيها يجب المساواة بين الجنسين وأطروها بعناوين جميلة كحقوق المرأة وحريتها في العمل وباقي حرياتها المسلوبة؟؟؟
فأخرجوا المرأة الى العمل وأخذوا يسلبون قطع اللباس عن جسدها قطعةً قطعة فابتدأوا بغطاء الرأس وبعدها أنزلوا لباس المرأة العصرية المتمدنة الحديثة المتقدمة التي تقابل التخلف والرجعية وغيرها من مصطلحات التسقيط والعزل من أجل طرح الموضة، فابتدأوا بقطع الأكمام بعد غطاء الرأس فكانت موضة العشرينات أغلبها بدون أكمام ولا غطاء رأس مع إظهار مفاتن المرأة.
واستمرت بيوت الأزياء بطرح الموضة التي تظهر مفاتن المرأة وتجعلها سلعة جذابة تعرض بضائع الشركات بأجمل ما يمكن مع استهلاك ما تطرحه بيوت الازياء من موضات تقدمية حديثة؟؟، فتقبل الشارع الغربي الممتعض بل الهارب من الكنيسة وسلوكها التعسفي الذي استمر لمئات السنين تدريجية سلب الحشمة عن ملابس المرأة.
هذه السرقة المطروحة بالعناوين الخلابة والجميلة من حقوق المرأة وحريتها ومساواتها مع الرجل ولكن بالرغم من كل هذا لم تسرق الشركات التجارية كل حياء المرأة وظهر هذا عندما طرح أول مرة البكيني في عام 1947 الذي صممه الفرنسي المهندس لويس رير فلم يجد أي عارضة أزياء تلبسه في احتفال عرض الأزياء لهذا احتاجوا الى راقصة (عاهرة) في الملاهي الليلية لكي تلبسه وتعرضه للجمهور في تلك السنة.
وخلال هذه الفترة من العشرينات الى الخمسينات الشركات التجارية ومن خلفها المنظمة السرية التي تريد ان تجعل العالم كله تحت سيطرة حكومة واحدة تطرح وبكل قوة من خلال الإعلام والسينما والمسرح والتلفزيون والإعلانات التجارية المرأة الحرة الجذابة التي كسرت القيود وقفزت على التعاليم الدينية والتقاليد كالملاك من السعادة والاستقرار النفسي والثقة بالنفس وهي تتجرد من حياءها وحشمتها تدريجياً.
ومع كل هذه الدعايات المشوقة للمرأة التي كانت تعامل كالأَمة النجسة قبل خمسين سنة بل الى الآن بعض الأماكن لا يحق للمرأة ان تدخلها لأنها نجسة كجزيرة أثوس في اليونان فوجدت الموضة مكانها في قلب المرأة الغربية فأخذت الموضة تجرد هذه المرأة من الحياء والخجل والحشمة حتى أصبح البكيني الذي لم تلبسه عارضات الأزياء لباس المرأة على السواحل البحرية في أغلب العالم الغربي بل الأسيوي ومنها الوطن العربي في الخمسينات من القرن العشرين.
وفي الستينات قفزت الموضة المدعومة من الرباعي مؤسسة الحكومة العالمية والشركات التجارية وبيوت الأزياء والإعلام على هتك حياء المرأة بما طرحته من لباس قصير يظهر ما تبقى من جسد المرأة وهي فرحة به نتيجة التدرج في سلب قطع لباسها وحشمتها وأنوثتها وحيائها، حتى أصبحت المرأة اسيرة ما يطرح من موضة سنوياً لأنها عنوان الحداثة والتقدم والرقي والأُنوثة عناوين خلقتها الشركات وتبنتها المؤسسات الإعلامية، وهكذا أصبحت المرأة اليوم كالمُدمِنَة على لبس الموضة ولا يمكن لها أن تتركها أو تتغافل عنها لأنها تمثل وجودها الحقيقي؟؟؟
كما غسلوا أدمغة الكثير من النساء بهذه المعلومة، وبهذا جعلوا المرأة لا تفكر بأي حاجز قد يمنعها من ارتداء الموضة كتعاليم الدين أو التقاليد أو الحياء، وفي العقد الأول بعد الألفين ابتعدت الموضة كثيراً في إظهار مفاتن المرأة بعد أن طرحوا الملابس اللاصقة (سترج) على الجسم أي مع ارتداء هذه الملابس تظهر كل تقاسيم جسد المرأة كأنها عارية ولكن بالألوان، وهكذا اصبحت المرأة كالعارية ما بين اخوتها وأقاربها في بيتها وعندما تخرج الى الشارع اي لم تبقي الموضة شيء من حشمة المرأة إلا ومَزَقَتها ومن الحياء إلا وقطَّعَته.
واستمرت ماكينة الموضة في طرح كل ما هو مُغري لكي يجذب الرجال لجسد المرأة، وهكذا أنتشر الفساد في جميع بقاع العالم وحتى بلدان الشرق الأوسط المحافظة انتشر فيها الفساد بل زنا المحارم بسبب الإغراءات الناتجة عن الموضة ما بين فئات المجتمع العربي والمسلم، وكان ملازماً لطرح الموضة للنساء كانت موضة ملابس الرجال ولكنها كانت أكثر حشمة مما يطرح للنساء ولكن في العقد الأول ما بعد الألفين أصبحت موضة الرجال أيضاً أكثر إغراءاً لأنها تحاول إظهار ما هو مخفي من جسم الرجل لكي يصبح أكثر إغراءاً وجذابية، وبعد كل هذا أصبحت الموضة للنساء والرجال وما يحيط بهما من مستلزمات كالماكياج وقص الشعر والأحذية والحقائب والنظارات والأثاث بالإضافة الى الأكل كالمخدرات للشعوب فلا يمكن للشاب أو الشابة ان يرتدي أو يقص شعره أو ما يحتاج من هذه المستلزمات إلا ويمتثل لآخر موضة قد طرحت.
واستمر طرح ما تصممه بيوت الأزياء في روما ولندن وباريس ونيويورك على جميع بقاع العالم كخيوط بيت العنكبوت مصدر شبكة الخيوط في عدد من العواصم الغربية وامتداداتها في جميع مدن العالم، وبهذا اشتهرت الموضة وانتشرت لكي تكون الشيء الأكثر اشتراكا في سماء المعمورة ولكن المسيّطر على هذه الشبكة بيوت الأزياء والشركات التجارية والإعلام ومن خلفهم جميعاً (المنظمة السرية) صاحبة فكرة الحكومة العالمية الواحدة، وهكذا أصبحوا هم الذين يُلَبسوننا مثل ما يريدون ويؤكلوننا مثل ما يشتهون وحتى ضحكاتنا وكلماتنا ومشيتنا وعلاقاتنا هم الذين يطرحونها من خلال موضاتهم ودعاياتهم وإعلامهم الجذاب المخادع، من خلال ضغط زر يغيّرون ملابس الشعوب وأكلهم وقصات شعرهم وحتى تفكيرهم.
وهكذا جعلوا منا كالدمى يحركون بها مثل ما يريدون وسرقوا منا كل القيّم والمبادئ والعادات والتقاليد حتى أصبحت الأخلاق كالتحف في المتاحف والمبادئ من حكايات الزمن الغابر والصدق والأمانة والشرف والعفة الواجهة التي تخفي خلفها كل الكذب والخيانة والعهر والزنا وهذا نتاج ما طرحته الموضة لقرن من الزمان، فأصبحت الأسرة أكثر تمزقاً وتشتتاً والمجتمع يسبح بمساوئ الأخلاق وأرذل الصفات وكأن الناس وحوش يأكل بعضهم بعضا ويخدع بعضهم بعضا ولكنهم لا يستطيعون فعل شيء لأنهم أسارى شيء اسمه الموضة ظاهراً؟؟
وحقيقتها مؤسسات عملاقة هدفها تدمير الأسرة ومن ثم المجتمع حتى يسهل قيادته والسيطرة عليه، وهكذا هل استطاعت المنظمة السرية (التي تتخذ من العين الواحدة رمزاً لها) والتي تؤمن بفكرة قيام الحكومة العالمية الواحدة ان تسيطر على الشعوب بواسطة كذبة خداعة أسمها الموضة؟؟