وباء اغتصاب الأطفال في العراق

اسعد عبد الله عبد علي

2019-04-22 05:00

كنت منشغلا لجمع معلومات عن حادثة اغتصاب طفلة في الموصل، فكتبت في محرك البحث "جوجل" كلمة اغتصاب طفلة في العراق، فاذا بكم كبير من الاخبار عن اغتصاب الاطفال في العراق، اطفال بعمر 4 سنوات الى 10 سنوات يتعرضون للاغتصاب الى حد الموت، وفي الاغلب المجرم كبار السن ما بين 25-35 سنة! يبدو ان المجتمع يعيش ازمة اخلاق وازمة دين، فهذه الافعال تحصل نتيجة انحراف شديد عن الفطرة وعن تعاليم الدين وعن الاخلاق.

سأحاول طرح الموضوع من عدة نواحي حسب متطلبات القضية، بعض قصص اغتصاب الأطفال:

القصة الاولى: اغتصاب طفلة توزع (طعام ثواب)

في عام 2018 ارسلت عائلة بنتهم الطفلة ذات الخمس سنوات توزع (طعام ثواب) على بيوت الجيران، وكان في احد البيوت مراهقين يدرسان، فادخلا الطفلة البيت ومنعاها من الخروج ثم تناوبا على اغتصابها، الى ان توفت، وحصل شجار عشائري وفجيعة بعد ذلك، حصل كل هذا في منطقة تكثر فيها الجوامع وكل اشكال الممارسات الدينية.

القصة الثانية: اغتصاب طفلة في كربلاء

في عام 2016 قام شاب كربلائي في منتصف الثلاثينات باغتصاب طفلة، في احد الازقة الفرعية وسط حي (باب الخان)، وهو من الاحياء القريبة من العتبات الدينية في كربلاء، وساعدت كاميرات المراقبة والمثبتة في مدخل احد المنازل على كشف ملابسات الجريمة.

القصة الثالثة: اغتصاب طفلة في شارع فلسطين

في عام 2017 قام شاب باستدراج طفلة (10 سنوات) لهيكل منزل، في منطقة شارع فلسطين، وقام بتهديد الطفلة بالسلاح (حسب ما روت الطفلة)، وهرب الجاني وبقت الضحية وعائلتها تعيش محنة الاغتصاب، حيث الازمنة النفسية الضاغطة التي تعيشها الطفلة، وضغط المجتمع السلبي على عائلة الطفلة.

سؤال اساسي: مع تفشي هذه الظاهرة، اين يكمن الخلل؟

اولا: العلة في السلطة وغياب الردع

ان تزايد اي جريمة يدلل على ضعف الردع، اي ان القانون ضعيف، مما يشجع الجناة على التمادي في تلك الافعال، ولنقل بدائية الاجراءات المنفذة حاليا، مما يجعل الطفل ضحية لجنون الاوباش في مجتمع مريض، حيث لا دوريات للشرطة تجوب الاحياء، ولا ملاحقة حقيقية لعشرات الجناة ممن يفلتون من العقاب، ويستمرون بتكرار جرائمهم في المجتمع، بل والقوانين تحتاج للتحديث مع ما نعيشه من تطور في اساليب الحياة، حيث يجب محاصرة هؤلاء الشواذ الذين يبطشون بالأطفال لإرضاء نفوسهم المريضة، متسببين بحالة من الذعر والخوف لدى العوائل على اطفالها.

نحتاج اليوم لقوانين تحمي الطفولة، وعلى اليات للحماية من قبيل الكاميرات المراقبة ودوريات الشرطة ونشر ارقام للشرطة عبر الاعلام ومنشورات على الجدران، في كل حي، لغرض التبليغ عند الاشتباه باي جريمة ممكن ان تحصل.

ثانيا: الخطاب الديني واهمية التجدد

الرذائل عندما تتفشى في مجتمع ما، فهو دليل على ضعف الخطاب الديني وضعف تأثيره، والحال الان مع انتشار شرب الخمر، والمخدرات، والزنا، وبيوت الدعارة، والخيانة الزوجية، واكل المال الحرام، والرشوة، واللواط، واغتصاب الاطفال، فلا نجد للخطاب الديني تأثير حقيقي لإيقاف هذا المد المخيف، والذي هو في تعاظم، لكن الغريب ان كل هذا الوجود الديني في واقعنا، من كثرة الجوامع والقنوات الدينية والمؤسسات الدينية، وتزايد اعداد رجال الدين والوعاظ، لا يكون مؤثرا في واقع المجتمع!

اعتقد يجب ان تكون هناك مؤتمرات دينية، لغرض فهم الاسباب التي تؤدي لعدم تجاوب المجتمع مع ارشادات الدين، وان تحصل مراجعة شاملة لواقع الخطاب الديني، ومحاولة تجديد الخطاب ومغادرة الاساليب التي لم تعد منتجة، والاهتمام الكبير في البحث عن علة ضعف التأثير الديني، وكيف يمكن للخطاب الديني ان يبني المجتمع والانسان، بعيدا عن الممارسات الدينية الشكلية، والتي غرق بها المجتمع بعيدا عن ترسخ قيم الدين في واقع الانسان.

ثالثا: المنظومة العشائرية والسلبية

للمنظومة العشائرية تأثير كبير في حياة المجتمع العراقي، لكن مع كل القوة التي تملكها لا نجد لها تأثير حقيقي في ردع الجريمة، فالعشائر لا تلاحق ابنائها المجرمين، وتسكت عنهم، فان وقعوا في حادثة ما، وقفت معهم ودافعت عنهم! في اعادة غريبة لحمية الجاهلية، وهذا ما يجعل الانسان المجرم محمي من قبل العشيرة.

لذلك لا يجد المجرم الردع من قبل عشيرته، فيتمادى في غيه، وهكذا تسلك العشيرة سلوكا سلبيا، اعتقد لو تقوم العشائر بالاتفاق فيما بينها على طرد كل فرد يغتصب الاطفال، او كل من ينتهج نهجا اجراميا، عندها يفقد المجرم غطاء الحماية العشائري، امنية نتمنى في يوم ما ان تتحقق.

..........................................................................................................

* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.